تنظر المرأة عموماً إلى كيت ميدلتون، أميرة ويلز، وأنجلينا جولي، ومونيكا بيلوتشي على أنهن قدوة في الجمال، وبالنسبة للرجل، فإن صورتهن تُمثل المرأة المثالية، سواء برقيِها، أو بأنوثتها. لكن هل اكتفين بما حباهن الله من جمال؟ بالتأكيد لا. كأي امرأة عادية، شعرن بالملل، ورغبن في التغيير بعد الأربعين. ثلاثتهن غيَرن لون شعرهن من البني الغامق إلى البني الفاتح، أو الأصفر الذهبي. قد يكون الأمر مختلفاً بالنسبة لمونيكا بيلوتشي، لأنها اضطرت إلى ذلك لتؤدي دوراً سينمائياً لتعود إلى طبيعتها فيما بعد.

الضجة التي أثارتها كيت ميدلتون مؤخراً بعد ظهورها بشعر أشقر فاتح هزَّت بعض المعتقدات التي كانت حتى وقت قريب تُعتبر بديهية، مثل مقولتي: «الرجال يفضلون الشقراوات»، و«الشقراوات يستمتعن بالحياة أكثر». السبب يعود إلى أن اللون الأشقر قد لا يحمل نفس التأثير الجمالي للشعر الغامق بسبب تغير الثقافة الاجتماعية، ووضع المرأة عموماً.
فبينما تُمجِّد المقولتان الشعر الأشقر باعتباره رمزاً للجمال والجاذبية، وتشيران في الوقت ذاته إلى أن الشقراوات أقل جدية وذكاء من ذوات الشعر الأسود والبني، فإن هذه الإيحاءات أكل عليها الدهر وشرب، ولم تعد سارية في زمن أصبحت فيه المرأة تسعى لإرضاء نفسها أولاً وأخيراً.
في هذا السياق، كشفت دراسة كورية بعنوان: «دراسة حول تغيّرات تسريحات الشعر لدى النساء والرضا النفسي الناتج عنها» «A Study on Women’s Changes of Hair Style and Psychological Satisfaction» أن تغيير تسريحة الشعر أو لونه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالرضا النفسي. وأوضحت الدراسة أن النساء في الثلاثينات وما فوق يغيرن تسريحاتهن باعتباره وسيلة لتعزيز الثقة بالنفس، والتعامل مع الضغوط الاجتماعية، والنفسية.

وفي بعض الحالات، يكون تغيير لون الشعر أو قصته بشكل جذري ومفاجئ وسيلة لتغيير الصورة الذهنية للذات، لا سيما عندما يرتبط ذلك بذكريات مؤلمة، أو تجارب صعبة. في حالة كيت ميدلتون جاء مرتبطاً بتجربة المرض، وفي حالة أنجلينا جولي كان لاستعادة السيطرة على حياتها، وتحقيق توازنها النفسي.
كيت ميدلتون
بعد ظهور أميرة ويلز بشعر أشقر فاتح، قامت وسائل التواصل الاجتماعي ولم تقعد بين مستحسن لـ«اللوك» الجديد على أساس أنه ينسجم مع إيقاع العصر السريع لاندماجه بنعومة مع الشيب، وتأخيره عملية صبغ الجذور، ومتحامل رأى أن اللون لا يناسب بشرتها، وأضفى عليها شحوباً هي في غنى عنه، خصوصاً في هذه الفترة التي تبدو فيها متعبة، وشاحبة، ولا تزال تتعافى من مرض السرطان. ومع ذلك لم تصمد طويلاً. بدت وكأنها استغنت عن لونها الأشقر في غضون يومين فقط، وكأنها لم ترَ أنه يستحق الحفاظ عليه وسط كل هذه الضجة. على الأقل هذا ما اعتقده البعض. فالانعكاسات اللونية في كل ظهور لها تقول إن للإضاءة دوراً كبيراً.

كان أول ظهور لها بشعر أشقر في الرابع من سبتمبر (أيلول) خلال زيارتها لمتحف التاريخ الطبيعي رفقة زوجها ولي العهد البريطاني. بعد يومين، أي في السادس من نفس الشهر ظهرت مرة ثانية فيما يبدو أنه درجة أغمق قليلاً. كانت تتراقص على نغمات عسلية توحي كما لو أنها قامت بعملية «رانساج» Rancage لتوحيد اللون. هذا التراجع السريع جعل البعض يذهب للقول بأنها كانت تستخدم «باروكة».
ما أثارته الضجة من جدل أقرب إلى التنمر أثار حفيظة مصفف شعر الأميرة الراحلة ديانا الذي دافع عنها بمنشور على «إنستغرام» عبَّر فيه عن غضبه واستيائه. كتب فيه: «لقد صدمت من التعليقات السلبية الكثيرة حول شعر أميرة ويلز، لأنني أعتبر شعر المرأة أمراً شخصياً جداً يعزز أسلوبها، وثقتها بنفسها».

لم تمضِ سوى أيام معدودات حتى عاد اللون الأشقر للواجهة مجدداً، وذلك خلال حضورها مراسم تأبين جنازة دوقة كِنت. رغم أن القبعة السوداء كانت تغطي رأسها، فإن الخصلات المنسدلة كانت تكشف عن لون أشقر قمحي واضح.
مونيكا بيلوتشي

إلى جانب كيت ميدلتون، اعتمدت النجمة الإيطالية مونيكا بيلوتشي اللون الأشقر. لكن تجربتها كانت مختلفة. تبنِيها الشعر الأشقر الذهبي جاء لدواعٍ سينمائية. كان ذلك عندما قامت بدور البطولة في فيلم «الفتاة في النافورة» للمخرج الإيطالي أنطونجيليو بانيزي، والذي لعبت فيه دور أنيتا إكبرغ. شقراء سويدية الأصل تطفح أنوثة ظهرت في فيلم للمخرج فدريكو فيليني «الحياة الحلوة» عام 1960. اللقطة التي ظهرت فيها أنيتا بفستان سهرة أسود وهي تنزل إلى نافورة «تريفي» في روما بشعرها الذهبي الأقرب إلى البلاتيني، أصبحت من أشهر المشاهد في السينما العالمية. لكي تؤدي دورها في الفيلم، كان على مونيكا بيلوتشي التخلي عن شعرها الأسود الطويل، والظهور بشعر أشقر.

وسائل التواصل آنذاك ضجت مطالبة بعودتها إلى جذورها الأصلية. فرغم أنها لا تقل أنوثة عن أنيتا، فإن اللون لأشقر سحب منها شيئاً من سحرها المعهود، وأفقدها نسبة من جاذبيتها. معظم التعليقات على موقع «ريديت» اتفقت على أنها «بدت كأي امرأة شقراء جميلة لا أكثر ولا أقل». فهي من النساء اللواتي يناسبهن الشعر الغامق أكثر، لأن بشرتها زيتونية فاتحة، وعينيها بنيتان. وهذه مواصفات تتناسب مع اللون الأسود والبني الغامق أكثر.
أنجلينا جولي

أنجلينا جولي أيضاً ارتبط جمالها بالشعر البني لعقود. كشفت في إحدى المقابلات أنها وُلدت شقراء، لكن والدتها صبغته لها وعمرها لا يتعدى الرابعة، ليصبح ماركتها المسجلة. مؤخراً، غيَّرته إلى اللون الأشقر الفاتح، ومع ذلك لم تُثر جدلاً بمعنى الاستنكار، كما كان الحال بالنسبة لكيت ميدلتون. فاللون الأشقر انسجم مع بشرتها البيضاء، ولون عينيها الخضراوين. لكن هذا لا يعني أن الأغلبية لم تُفضلها باللون البني. فقد ميَّزها أكثر بأن أضفى على ملامحها دفئاً، وغموضاً. أما اللون الأشقر، فرغم جمالها، جعل بشرتها تبدو شاحبة، وأقل إشراقاً، وهو ما يحتاج إلى ماكياج قوي.
التدرج

أنجلينا كانت حذرة في تعاملها مع التغيير. فهي لم تعتمد اللون الأشقر الفاتح بشكل مفاجئ، ومن دون مقدمات مثل كيت أميرة ويلز، بل قامت بالعملية بتدرج. في الصيف الماضي استخدمت تقنية «البالاياج»، ثم زادت من جرعة العسلي الفاتح، وأخيراً اعتمدت الأشقر الذهبي بجذور قمحية فاتحة.
الأشقر موضة الموسم... لكن ليس لكل النساء

هذا الاهتمام بلون الشعر، على الأقل في حالتي كيت ميدلتون وأنجلينا جولي، يشير إلى أن تدرجات الأشقر الكريمي والقمحي الفاتح ستكون من أبرز صيحات الشعر لهذا العام. لكن في الوقت ذاته، يُذكِّرنا بأن توخي الحذر واجب، كونه لا يناسب جميع البشرات. مصفف الشعر الشهير سام بيرنت يؤكد هذه الفكرة بقوله إن «اختيار الدرجة المناسبة من اللون يمكن أن يكون له تأثير السحر... أو العكس تماماً». قد يُضفي دفئاً وإشراقاً على البشرة، أو قد يجعلها تبدو باهتة وشاحبة». إضافة إلى ذلك، يشير خبراء التجميل إلى أن الخصلات الشقراء قد تناسب إيقاع العصر السريع، وتندمج مع الشيب بسهولة بعد الأربعين، إلا أنها تتطلب عناية خاصة حتى لا يبدو جافاً، وأيضاً اعتماد ألوان ماكياج قوية. خلاصة الأمر أنه كما للذهبي ناسه للبني ناسه.
















