التغيير بعد الأربعين له شروطه

أميرة ويلز وأنجلينا جولي ومونيكا بيلوتشي… لماذا غيَرن لون شعرهن؟

التغيير بعد الأربعين قد يكون لتعزيز الثقة بالذات إلا أنه لا يناسب جميع البشرات
التغيير بعد الأربعين قد يكون لتعزيز الثقة بالذات إلا أنه لا يناسب جميع البشرات
TT

التغيير بعد الأربعين له شروطه

التغيير بعد الأربعين قد يكون لتعزيز الثقة بالذات إلا أنه لا يناسب جميع البشرات
التغيير بعد الأربعين قد يكون لتعزيز الثقة بالذات إلا أنه لا يناسب جميع البشرات

تنظر المرأة عموماً إلى كيت ميدلتون، أميرة ويلز، وأنجلينا جولي، ومونيكا بيلوتشي على أنهن قدوة في الجمال، وبالنسبة للرجل، فإن صورتهن تُمثل المرأة المثالية، سواء برقيِها، أو بأنوثتها. لكن هل اكتفين بما حباهن الله من جمال؟ بالتأكيد لا. كأي امرأة عادية، شعرن بالملل، ورغبن في التغيير بعد الأربعين. ثلاثتهن غيَرن لون شعرهن من البني الغامق إلى البني الفاتح، أو الأصفر الذهبي. قد يكون الأمر مختلفاً بالنسبة لمونيكا بيلوتشي، لأنها اضطرت إلى ذلك لتؤدي دوراً سينمائياً لتعود إلى طبيعتها فيما بعد.

كيت ميدلتون في أول إطلالة لها باللون الأشقر الفاتح والذي أثار جدلاً (رويترز)

الضجة التي أثارتها كيت ميدلتون مؤخراً بعد ظهورها بشعر أشقر فاتح هزَّت بعض المعتقدات التي كانت حتى وقت قريب تُعتبر بديهية، مثل مقولتي: «الرجال يفضلون الشقراوات»، و«الشقراوات يستمتعن بالحياة أكثر». السبب يعود إلى أن اللون الأشقر قد لا يحمل نفس التأثير الجمالي للشعر الغامق بسبب تغير الثقافة الاجتماعية، ووضع المرأة عموماً.

فبينما تُمجِّد المقولتان الشعر الأشقر باعتباره رمزاً للجمال والجاذبية، وتشيران في الوقت ذاته إلى أن الشقراوات أقل جدية وذكاء من ذوات الشعر الأسود والبني، فإن هذه الإيحاءات أكل عليها الدهر وشرب، ولم تعد سارية في زمن أصبحت فيه المرأة تسعى لإرضاء نفسها أولاً وأخيراً.

في هذا السياق، كشفت دراسة كورية بعنوان: «دراسة حول تغيّرات تسريحات الشعر لدى النساء والرضا النفسي الناتج عنها» «A Study on Women’s Changes of Hair Style and Psychological Satisfaction» أن تغيير تسريحة الشعر أو لونه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالرضا النفسي. وأوضحت الدراسة أن النساء في الثلاثينات وما فوق يغيرن تسريحاتهن باعتباره وسيلة لتعزيز الثقة بالنفس، والتعامل مع الضغوط الاجتماعية، والنفسية.

تظهر أميرة ويلز بشعر أشقر فاتح خلال حضورها مراسم تأبين جنازة دوقة كنت (أ.ب)

وفي بعض الحالات، يكون تغيير لون الشعر أو قصته بشكل جذري ومفاجئ وسيلة لتغيير الصورة الذهنية للذات، لا سيما عندما يرتبط ذلك بذكريات مؤلمة، أو تجارب صعبة. في حالة كيت ميدلتون جاء مرتبطاً بتجربة المرض، وفي حالة أنجلينا جولي كان لاستعادة السيطرة على حياتها، وتحقيق توازنها النفسي.

كيت ميدلتون

بعد ظهور أميرة ويلز بشعر أشقر فاتح، قامت وسائل التواصل الاجتماعي ولم تقعد بين مستحسن لـ«اللوك» الجديد على أساس أنه ينسجم مع إيقاع العصر السريع لاندماجه بنعومة مع الشيب، وتأخيره عملية صبغ الجذور، ومتحامل رأى أن اللون لا يناسب بشرتها، وأضفى عليها شحوباً هي في غنى عنه، خصوصاً في هذه الفترة التي تبدو فيها متعبة، وشاحبة، ولا تزال تتعافى من مرض السرطان. ومع ذلك لم تصمد طويلاً. بدت وكأنها استغنت عن لونها الأشقر في غضون يومين فقط، وكأنها لم ترَ أنه يستحق الحفاظ عليه وسط كل هذه الضجة. على الأقل هذا ما اعتقده البعض. فالانعكاسات اللونية في كل ظهور لها تقول إن للإضاءة دوراً كبيراً.

أميرة ويلز لدى استقبالها ميلانيا ترمب مؤخراً... شعر ذهبي أخفت القبعة بعض توهجه (أ.ف.ب)

كان أول ظهور لها بشعر أشقر في الرابع من سبتمبر (أيلول) خلال زيارتها لمتحف التاريخ الطبيعي رفقة زوجها ولي العهد البريطاني. بعد يومين، أي في السادس من نفس الشهر ظهرت مرة ثانية فيما يبدو أنه درجة أغمق قليلاً. كانت تتراقص على نغمات عسلية توحي كما لو أنها قامت بعملية «رانساج» Rancage لتوحيد اللون. هذا التراجع السريع جعل البعض يذهب للقول بأنها كانت تستخدم «باروكة».

ما أثارته الضجة من جدل أقرب إلى التنمر أثار حفيظة مصفف شعر الأميرة الراحلة ديانا الذي دافع عنها بمنشور على «إنستغرام» عبَّر فيه عن غضبه واستيائه. كتب فيه: «لقد صدمت من التعليقات السلبية الكثيرة حول شعر أميرة ويلز، لأنني أعتبر شعر المرأة أمراً شخصياً جداً يعزز أسلوبها، وثقتها بنفسها».

لا يزال العديد من المتابعين يرون أن البني يناسب أميرة ويلز أكثر (رويترز)

لم تمضِ سوى أيام معدودات حتى عاد اللون الأشقر للواجهة مجدداً، وذلك خلال حضورها مراسم تأبين جنازة دوقة كِنت. رغم أن القبعة السوداء كانت تغطي رأسها، فإن الخصلات المنسدلة كانت تكشف عن لون أشقر قمحي واضح.

مونيكا بيلوتشي

مونيكا... جميلة الستين بدرجة من اللون البني الكستنائي (مدام فيغارو)

إلى جانب كيت ميدلتون، اعتمدت النجمة الإيطالية مونيكا بيلوتشي اللون الأشقر. لكن تجربتها كانت مختلفة. تبنِيها الشعر الأشقر الذهبي جاء لدواعٍ سينمائية. كان ذلك عندما قامت بدور البطولة في فيلم «الفتاة في النافورة» للمخرج الإيطالي أنطونجيليو بانيزي، والذي لعبت فيه دور أنيتا إكبرغ. شقراء سويدية الأصل تطفح أنوثة ظهرت في فيلم للمخرج فدريكو فيليني «الحياة الحلوة» عام 1960. اللقطة التي ظهرت فيها أنيتا بفستان سهرة أسود وهي تنزل إلى نافورة «تريفي» في روما بشعرها الذهبي الأقرب إلى البلاتيني، أصبحت من أشهر المشاهد في السينما العالمية. لكي تؤدي دورها في الفيلم، كان على مونيكا بيلوتشي التخلي عن شعرها الأسود الطويل، والظهور بشعر أشقر.

لم يعجب لونها الأشقر جميع المعجبين بمونيكا بيلوتشي رغم أنها لا تعتمده في حياتها اليومية (موقع ريديت)

وسائل التواصل آنذاك ضجت مطالبة بعودتها إلى جذورها الأصلية. فرغم أنها لا تقل أنوثة عن أنيتا، فإن اللون لأشقر سحب منها شيئاً من سحرها المعهود، وأفقدها نسبة من جاذبيتها. معظم التعليقات على موقع «ريديت» اتفقت على أنها «بدت كأي امرأة شقراء جميلة لا أكثر ولا أقل». فهي من النساء اللواتي يناسبهن الشعر الغامق أكثر، لأن بشرتها زيتونية فاتحة، وعينيها بنيتان. وهذه مواصفات تتناسب مع اللون الأسود والبني الغامق أكثر.

أنجلينا جولي

أنجلينا جولي ولدت بالأصل شقراء ومع ذلك يرى العديد من المعجبين أنها أكثر سحراً وغموضاً بالبني (أ.ف.ب)

أنجلينا جولي أيضاً ارتبط جمالها بالشعر البني لعقود. كشفت في إحدى المقابلات أنها وُلدت شقراء، لكن والدتها صبغته لها وعمرها لا يتعدى الرابعة، ليصبح ماركتها المسجلة. مؤخراً، غيَّرته إلى اللون الأشقر الفاتح، ومع ذلك لم تُثر جدلاً بمعنى الاستنكار، كما كان الحال بالنسبة لكيت ميدلتون. فاللون الأشقر انسجم مع بشرتها البيضاء، ولون عينيها الخضراوين. لكن هذا لا يعني أن الأغلبية لم تُفضلها باللون البني. فقد ميَّزها أكثر بأن أضفى على ملامحها دفئاً، وغموضاً. أما اللون الأشقر، فرغم جمالها، جعل بشرتها تبدو شاحبة، وأقل إشراقاً، وهو ما يحتاج إلى ماكياج قوي.

التدرج

النجمة أنجلينا جولي بشعرها البني الغامق... بالنسبة للبعض يضفي عليها سحراً وتميزاً (رويترز)

أنجلينا كانت حذرة في تعاملها مع التغيير. فهي لم تعتمد اللون الأشقر الفاتح بشكل مفاجئ، ومن دون مقدمات مثل كيت أميرة ويلز، بل قامت بالعملية بتدرج. في الصيف الماضي استخدمت تقنية «البالاياج»، ثم زادت من جرعة العسلي الفاتح، وأخيراً اعتمدت الأشقر الذهبي بجذور قمحية فاتحة.

الأشقر موضة الموسم... لكن ليس لكل النساء

الممثلة الإيطالية مونيكا بيلوتشي بلون بني يقارب البني الغامق ماركتها المسجلة (غيتي)

هذا الاهتمام بلون الشعر، على الأقل في حالتي كيت ميدلتون وأنجلينا جولي، يشير إلى أن تدرجات الأشقر الكريمي والقمحي الفاتح ستكون من أبرز صيحات الشعر لهذا العام. لكن في الوقت ذاته، يُذكِّرنا بأن توخي الحذر واجب، كونه لا يناسب جميع البشرات. مصفف الشعر الشهير سام بيرنت يؤكد هذه الفكرة بقوله إن «اختيار الدرجة المناسبة من اللون يمكن أن يكون له تأثير السحر... أو العكس تماماً». قد يُضفي دفئاً وإشراقاً على البشرة، أو قد يجعلها تبدو باهتة وشاحبة». إضافة إلى ذلك، يشير خبراء التجميل إلى أن الخصلات الشقراء قد تناسب إيقاع العصر السريع، وتندمج مع الشيب بسهولة بعد الأربعين، إلا أنها تتطلب عناية خاصة حتى لا يبدو جافاً، وأيضاً اعتماد ألوان ماكياج قوية. خلاصة الأمر أنه كما للذهبي ناسه للبني ناسه.


مقالات ذات صلة

راما دواجي... سيدة نيويورك الأولى كيف جعلت صمت الأناقة موقفاً وبياناً سياسياً

لمسات الموضة كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)

راما دواجي... سيدة نيويورك الأولى كيف جعلت صمت الأناقة موقفاً وبياناً سياسياً

راما منذ الآن هي سيدة نيويورك الأولى... في ملامحها ظِلّ من الشرق وحضور غربي في آن معاً... ثنائية لا تخفيها، بل تفخر بها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)

أوليفييه روستينغ يغادر دار «بالمان» بعد 14 عاماً

بعد 14 عاماً، أعلنت دار «بالمان» ومديرها الإبداعي أوليفييه روستينغ إنهاء علاقة تجارية وفنية أثمرت على الكثير من النجاحات والإنجازات. صرحت دار الأزياء الفرنسية…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلتان هدى المفتي وسلمى أبو ضيف خلال حفل الافتتاح ومجوهرات من عزة فهمي (إنستغرام)

مجوهرات الفيروز والذهب... زواج يتجدد بلغة العصر

افتتاح المتحف المصري الكبير الذي تابعنا فعالياته مؤخراً أعاد لنا ذلك الافتتان لدرجة الهوس بكل ما هو مصري في مجالات فنية وإبداعية متنوعة. كما أعاد وهج حضارة…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تمت ترجمت الفكرة في مجوهرات ناعمة بأحجار كريمة (أختين)

علامة «أختين» المصرية تنقش من الحناء مجوهرات عصرية

لم تكن نقوش الحناء يوماً مجرد زينة. كانت ولا تزال أيضاً لغة بصرية تجسد البركة التي تشهد على كل الاحتفالات، وتُنقش بلغة فنية تُعبر عن الهوية والانتماء، وأحياناً…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة قلادة «سويتر برستيج» من «شانيل» الفائزة بالجائزة الأولى (شانيل)

«شانيل» تفوز بالجائزة الكبرى للمجوهرات الرفيعة في إمارة موناكو

حدث جديد شهدته إمارة موناكو وسينضم إلى روزنامتها الحافلة بالفعاليات العالمية المهمة، مثل سباق «فورمولا 1» ومعرض اليخوت، والأمسية الخيرية Bal De La Rose. …

«الشرق الأوسط» (لندن)

«صالون المجوهرات» يخطف الأضواء وألق الذهب والأحجار الكريمة يُزيّن الرياض

يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)
يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)
TT

«صالون المجوهرات» يخطف الأضواء وألق الذهب والأحجار الكريمة يُزيّن الرياض

يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)
يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)

بتصميمات فريدة جمعت بين الابتكار والأناقة، يستعرض معرض «صالون المجوهرات 2025»، المُقام في «إيه إن بي أرينا»، ضمن «موسم الرياض»، لزوّاره، أحدث تصميمات المجوهرات والأحجار الكريمة والساعات والمقتنيات النادرة والثمينة.

وتُشارك فيه أكثر من 600 علامة تجارية فاخرة من 50 دولة، وسط أجواء تعكس الفخامة وتنوُّع المعروضات، إذ تتنافس الدُّور المُشاركة على تقديم تصميمات استثنائية تبرز دقّة الصنعة وفنّ التكوين، وسط حضور لافت يشهده المعرض مع انطلاقته في العاصمة السعودية، ضمن الموسم الترفيهي الأضخم في المنطقة والعالم.

يشهد المعرض مشاركة دُور مجوهرات عالمية تمتد جذورها لأكثر من قرنين (موسم الرياض)

كما يشهد مشاركة دُور مجوهرات عالمية عريقة تمتد جذورها لأكثر من قرنين، من بينها «دار بريجيه»، التي انطلقت في القرن الثامن عشر، وكذلك «شوبار»، و«فرنك مولر»، إلى جانب «الفردان للمجوهرات»، و«جوهان»، و«ليدا دايموند آند جولري».

وهو يُعدّ وجهة عالمية تجمع المُصمّمين والمُوزّعين والمُهتمين في تجربة حسّية متكاملة تمتزج فيها الإضاءة الفنّية والموسيقى الهادئة، ويعرض قِطع مجوهرات تُطرح للمرة الأولى عالمياً.

المعرض وجهة عالمية يتيح تجربة حسّية متكاملة (موسم الرياض)

وحضرت هيئة المواصفات السعودية «تقييس»، لتعريف الزوّار بأهمية موثوقية موازين المجوهرات والذهب، في الوقت الذي يُقدّم فيه الحدث تصميمات استثنائية راقية.

وشهدت نُسخ المعرض السابقة تسجيل مبيعات تجاوزت 53.3 مليون دولار (200 مليون ريال سعودي)، وقِطعاً استثنائية أثارت اهتمام خبراء المجوهرات، من بينها قناع مُرصّع بأكثر من 3600 ألماسة بلغت قيمته نحو مليون ونصف مليون دولار.

قِطع مجوهرات تُطرح للمرة الأولى عالمياً (موسم الرياض)

المعرض يستمر حتى 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، مُقدّماً تجربة فريدة لعشّاق المجوهرات والجمال الراقي، ومُحتفياً بتنوّع الذوق السعودي وقدرته على مواكبة أحدث اتجاهات التصميم العالمية.


راما دواجي... سيدة نيويورك الأولى كيف جعلت صمت الأناقة موقفاً وبياناً سياسياً

كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)
كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)
TT

راما دواجي... سيدة نيويورك الأولى كيف جعلت صمت الأناقة موقفاً وبياناً سياسياً

كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)
كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)

صورة عمدة نيويورك الجديد، زهران ممداني، وزوجته، راما دواجي، تبدو لأول وهلة جديدة على المشهد السياسي الأميركي... ثنائي شاب من أصول مسلمة، ينتمي إلى جيل «زد» ويتحدث لغته بفصاحة وشجاعة لم ترَ لها نيويورك مثيلاً. فهما لم يتنازلا في أي مرحلة من مراحل الرحلة الانتخابية عن مبادئهما الإنسانية والسياسية والفكرية الداعمة للأقليات والضعفاء.

لكن من الناحية البصرية، لا تبدو هذه الصورة جديدة تماماً. تُذكّر بالرئيس الأميركي الراحل جون كيندي وزوجته جاكي... ثنائي لا يقل كاريزما وتأثيراً على جيل كامل كان يحلم وينتظر التغيير للأفضل. فضل كبير في تجميل صورة جون كيندي يعود إلى جاكي؛ السيدة الأولى التي وظّفت الجمال والأناقة سلاحاً ناعماً ومؤثراً في الوقت ذاته.

ملكت راما بجمالها ونعومتها وثقافتها قلوب ناخبي نيويورك (رويترز)

وكما شكّلت جاكي كيندي في ستينات القرن الماضي مرآة جيل آمَن بالحلم الأميركي، تبدو راما دواجي اليوم امتداداً لذلك الإرث وأكثر... فهي تنقله إلى مرحلة أعمق وعياً وصدقاً يمكن أن تتحول فيها الموضة صوتاً للإنسانية والأقليات.

راما من الآن هي سيدة نيويورك الأولى... في ملامحها ظِلّ من الشرق وحضور غربي في آن معاً... ثنائية لا تخفيها، بل تفخر بها. مثل جاكي؛ تتمتع راما بكاريزما وجمال فريد من نوعه، ومثلها أثرت على جيل كامل من الناخبين في زمنها؛ أي من جيل «زد»، وفق تصريح من زوجها، الذي استقطب المؤثرين في حملته الانتخابية للوصول إلى هذه الشريحة.

لم يكن لأصول راما العربية والمسلمة، فهي من والدين سوريين ووُلدت في الولايات الأميركية، تأثير سلبي على الناخبين. على العكس؛ ملكت قلوبهم بصدق مواقفها أولاً، وجمالها وأناقتها ثانياً.

وقفت راما إلى جانب زوجها تنظر إليه بصمت... لكن كل ما فيها كان يتكلم... من نظرات العيون إلى الأزياء (أ.ف.ب)

الصورة التي ستبقى خالدة في الذاكرة والتاريخ، وهي تظهر إلى جانب زوجها زهران ممداني بصفته أول مسلم وأصغر عمدة يتولى هذا المنصب منذ عام 1892، جذبت اهتمام الولايات المتحدة، كما شدّت أنفاس العالم بأسره... كان فيها تصالح مع الماضي واستقبال للحاضر... وقفت فيها راما، ذات الـ28 عاماً، إلى جانبه صامتة، تنظر إليه بين الفينة والأخرى بنظرات إعجاب، شبّهها البعض على مواقع التواصل الاجتماعي بنظرات الأميرة الراحلة ديانا.

بلاغة الصمت

صمتها لم يَشفِ غليل البعض؛ لأنهم لم يجدوا فيه سمات الصورة النمطية للزوجة المسلمة التابعة لزوجها من دون أن يكون لها كيان خاص أو استقلالية... فراما فنانة لها وجود وتأثير على الساحة الفنية، وقالت بصمتها كل ما يلزم قوله عن هذه الاستقلالية، إضافة إلى انتمائها الثقافي والسياسي. فما ارتدته لم يكن مجرد اختيار عادي يليق بمناسبة يفترض فيها أن تكون بكامل أناقتها، بل كان بياناً سياسياً وإنسانياً وفنياً لا يعتذر عن أفكارها ورؤيتها ودعمها القضية الفلسطينية. إطلالتها أكدت أن الجيل الذي تنتمي إليه أعلى شجاعة من الجيل الذي سبقه في صدق تعبيره عن القضايا السياسية ونبل المشاعر الإنسانية.

عبّرت راما عن ثنائية انتمائها باختيار إطلالتها من مصمم فلسطيني - أردني ومصممة نيويوركية (رويترز)

قد تبدو إطلالتها بسيطة أول وهلة، لا سيما أنها بالأسود؛ «اللون الذي لا يخيب» وتلجأ إليه المرأة عندما تكون خائفة وتريد أن تلعب على المضمون، إلا إن بساطتها كانت خادعة وعميقة في آن؛ لأنها كانت محملة بالأفكار. اختارت «بلوزة» دون أكمام من الدينم الأسود، مطرزة بتخريمات منفذة بالليزر، من تصميم الفلسطيني - الأردني زيد حجازي، الذي أبرز فيها تفاصيل التطريز الفلسطيني التراثي وزخارف القرى الفلسطينية. زيد حجازي، الذي تخرج في معهد «سنترال سان مارتينيز» بلندن، يصف علامته بأنها «استكشاف لـ(الثقافات القديمة والمعاصرة)».

نسّقت دواجي «البلوزة» مع تنورة من المخمل والدانتيل، أيضاً بالأسود، من تصميم إيلا جونسون، وهي مصممة نيويوركية تشتهر بأسلوبها الرومانسي والحرفي، الذي يستهوي النخب الفنية والبوهيمية في بروكلين. الجمع بين مصمم فلسطيني ومصممة نيويوركية يشير إلى جذورها وانتمائها إلى ثقافتين: العربية والأميركية، ويقول إن الموضة ليست مجرد مظهر أنيق وأداة جذب أو قناع واقٍ، بل هي مواقف وأفعال، وترمز أيضاً إلى جيل من المهاجرين لم يعد يكتفي بالاندماج، بل يحلم بالتأثير والمشاركة في رسم ملامح الواقع الذي يعيشه.

ما أسلوب راما دواجي؟

تتميز راما بأسلوبها الخاص وإن كانت تميل إلى الأسود في المناسبات الرسمية (أ.ف.ب)

إلى جانب أنها فنانة ورسامة ومصممة رسوم متحركة، فهي تتمتع بأسلوب بوهيمي تعبر من خلاله عن شخصية مستقلة ومتحررة فكرياً، فهي تنتمي إلى جيل الإنترنت، والـ«تيك توك» وغيرها من المنصات الشبابية. هذا الجيل يراقب العالم بعين ناقدة... يُحلله ويحلم بتغييره للأفضل، بما في ذلك صناعة الموضة، التي يفهمها ويعشقها، لكنه في الوقت ذاته يريد إخراجها من قوالبها النخبوية والتقليدية. يبدو أن دواجي توافقهم الرأي، وإذا كانت إطلالتها ليلة النصر هي المقياس، فإن المتوقع منها طيلة فترة عمدية زوجها أن تتعامل مع الموضة بوعي إنساني بوصفها جسراً تلتقي عليه الحضارات والثقافات بصدق وشفافية.


أوليفييه روستينغ يغادر دار «بالمان» بعد 14 عاماً

أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)
أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)
TT

أوليفييه روستينغ يغادر دار «بالمان» بعد 14 عاماً

أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)
أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)

بعد 14 عاماً، أعلنت دار «بالمان» ومديرها الإبداعي أوليفييه روستينغ إنهاء علاقة تجارية وفنية أثمرت على الكثير من النجاحات والإنجازات.

صرحت دار الأزياء الفرنسية في بيان أصدرته بالمناسبة بأنها «تُعرب عن امتنانها العميق لأوليفييه على كتابته فصلاً مهماً من تاريخها».

من جهته، أعرب روستينغ عن مشاعره قائلاً في بيانه الخاص: «أنا ممتن لفريقي الاستثنائي في (بالمان)، كانوا عائلتي التي اخترتها في مكان كان بمثابة بيتي طوال الـ14 سنة الماضية... سأظل دائماً أحتفظ بهذه التجربة الثمينة في قلبي».

أوليفييه روستينغ يودع دار «بالمان» بعد 14 عاماً (أ.ف.ب)

لم يكن تعيين «بالمان» لروستينغ «تقليدياً» في عام 2011. كان في الرابعة والعشرين من عمره، أي كان أصغر مدير إبداعي في باريس منذ إيف سان لوران، وأول مدير إبداعي من أصول أفريقية في دار أزياء أوروبية.

صغر سنه ساهم في إدخال الدار العالم الرقمي، حيث أطلقت في عهده أحد أول «فلاتر سناب تشات» الخاصة بالعلامات التجارية، وتطبيق خاص بها، وشراكة مبكرة مع «إنستغرام» للتسوق في عام 2019، من دون أن ننسى أنه أعاد إحياء خط الأزياء الراقية في «بالمان» بعد انقطاع دام 16 عاماً.

من تصاميمه لدار «بالمان» (غيتي)

من بين إنجازاتها الكثيرة أنه نشر ثقافتها لجيل كامل وقع تحت سحر جرأته الفنية، وإن كان البعض يرى أن السحر يكمن في تعاوناته مع نجمات عالميات، نذكر منهن كيم كارداشيان وجيجي حديد وكندال جينر وبيونسي وغيرهن.

روستينغ في عرضه الأخير لخريف وشتاء 2025 مع عارضاته (غيتي)

ولد أوليفييه في مدينة بوردو الفرنسية لأبوين أفريقيين تخليا عنه ليتم تبنيه في سن مبكرة من قبل زوجين فرنسيين. على المستوى المهني، درس في معهد «إسمود» في باريس قبل أن ينضم إلى دار «روبرتو كافالي» بعد التخرج، حيث تولى في نهاية المطاف قيادة قسم الأزياء النسائية. في عام 2009، التحق بدار «بالمان» ليعمل تحت إشراف المصمم كريستوف ديكارنين، وبعد عامين خلفه بصفته مديراً إبداعياً، وفي عام 2016، قاد الدار بسلاسة خلال عملية استحواذ مجموعة «مايهولا» القطرية عليها.

رغم أن صورة وجه المصمم وإطلالاته الاستعراضية ستبقى محفورة في الذاكرة، فإن تصاميمه المبتكرة هي أكثر ما يميزه في انتظار الفصل التالي من مسيرته.