جامعة عاليا الهندية.. من مدرسة إسلامية أسسها البريطانيون إلى الحداثة

أنشئت عام 1780 لإعداد الطلاب الهنود للعمل موظفي إدارة وقضاء

الحرم الخاص بجامعة عاليا في كلكتا
الحرم الخاص بجامعة عاليا في كلكتا
TT

جامعة عاليا الهندية.. من مدرسة إسلامية أسسها البريطانيون إلى الحداثة

الحرم الخاص بجامعة عاليا في كلكتا
الحرم الخاص بجامعة عاليا في كلكتا

رغم حداثة عهد جامعة «عاليا» المرموقة في كلكتا، التي أُسست عام 2008، فالمؤسسة ذاتها لها تراث غني يضرب بجذوره في التاريخ كمركز قديم للتعليم العالي والثقافة منذ 236 عامًا.
وتعود بدايات المؤسسة المعروفة شعبيًا باسم «مدرسة العاليا» أو «مدرسة كلكتا»، إلى القرن الـ18 كأول مؤسسة تعليمية في الهند يؤسسها البريطانيون والحاكم العام للهند حينئذ وارين هاستينغز.
وقد حُولت تلك المدرسة القديمة إلى جامعة عصرية متكاملة في عام 2008، ليُدرس بها جميع المقررات التعليمية الحديثة جنبًا إلى جنب مع الدين الإسلامي واللغة العربية.
* السنوات المبكرة
تأسست مدرسة كلكتا عام 1780 من أجل إعداد الطلاب الهنود للعمل كموظفي إدارة وقضاء تحت الحكم البريطاني، وكانت الدراسة تتم باللغة الفارسية والعربية والإنجليزية أيضًا. وكانت تولى الأهمية بالمقررات التعليمية للغة الفارسية عن اللغة العربية، لأن الفارسية كانت لغة القضاء في ظل الحكم المغولي.
وجدير بالذكر أن ثمة تعليمات صدرت إلى نائب نظام (النائب عن النظام البريطاني) بأن يُوظف طلاب المدرسة في الوظائف المتاحة في المحاكم العسكرية (آنذاك)، فور حصولهم على شهادات الكفاءة. وقد طُبّعت كل القوانين والعهود والتشريعات الحكومية باللغة الفارسية، كما استخدمت اللغة العربية أيضًا، لأن القوانين الإسلامية مدونة باللغة العربية.
وقد كان على المولويين وشيوخ الإفتاء في المحاكم الحكومية الإلمام بمعرفة اللغة الإنجليزية واللغة البنغالية. وكان يتم تدريس كلتا اللغتين في المدرسة، مع العلم أن الملا مجد الدين كان أول مدير للمدرسة، وكان يحمل لقب «مولانا».
ومع ذلك، فبعد مرور عقد على تأسيس المدرسة، أضيف إلى مناهجها علوم الحساب والجبر والهندسة والفلك والدراسات الشرقية والفلسفة الطبيعية والدراسات الجيولوجية والقانون والمنطق والبلاغة والنحو والخطابة.
وجدير بالذكر أن المدرسة كانت تُدار بواسطة مجلس أمناء، جميع أعضائه من البيض، من عام 1781 إلى عام 1819. وأُسس مجلس أمناء جديد تحت إدارة سكرتير إنجليزي وسكرتير مساعد مسلم من عام 1819 إلى 1850. كما استحدث منصب مدير للمدرسة عام 1850، وعُين د. سبرنجر كأول ناظر للمدرسة. وكانت الخدمة المدنية البريطانية في الهند تقوم بتعيين جميع المديرين، من عام 1850 إلى 1927، وكان كثير منهم مستشرقين. وعُين شمسول علامة خاجة كمال الدين أول مدير مسلم للمدرسة في عام 1927.
وفي عام 1821، عُقد أول امتحان سنوي في المدرسة بحضور كثير من الوجهاء والمسؤولين البارزين في مجتمع كلكتا، وكان ذلك أول اختبار عام يُعقد في الهند البريطانية. ودُرس علم الطب على يد أستاذ الطب د. برتون في عام 1826 لأول مرة في الهند البريطانية. وأُعطى ترخيصًا له لشراء هيكل عظمي وشراء الكتب الطبية، إضافة إلى ترجمة كتاب تشريحي لجون تايلور إلى اللغة العربية.
واستمر تدريس علم الطب في المدرسة حتى تأسيس كلية الطب في كلكتا عام 1836. ومع ذلك، تم السماح لطلبة المدرسة بدراسة الطب في كلية الطب بكلكتا، مما يدل على مستوى التعليم العالي الذي بلغته المدرسة في تلك الأيام.
ويدل هذا بوضوح أن المناهج التي تُدرس في المؤسسة كانت عبارة عن مزيج من الدراسات الدينية والعلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية، كما هو السائد بنظام التعليم المدرسي في جميع أنحاء العالم التي أخرجت كوكبة من العلماء الذين أسهموا بشكل أساسي في علوم الفلك والرياضيات والكيمياء والفيزياء والطب والجيولوجيا والفن والعمارة وغيرها من العلوم.
وفي عام 1837، استبدلت الحكومة الاستعمارية باللغة الفارسية اللغة الإنجليزية لتكون اللغة الرسمية في البلاد. ومن ثم، افتتح القسم الأنجلو - عربي بالمدرسة عام 1839 من أجل تدريس اللغة الإنجليزية. إلا أنه تم إلغاء ذلك القسم بناء على إرشادات من لجنة التوصيات في عام 1854، وأُسست مدرسة إنجليزية تحت اسم القسم الأنجلو - فارسي تحت الإدارة المباشرة من مدير مدرسة كلكتا. وقد أخرجت مدرسة كلكتا الرائد الإصلاحي نواب عبد اللطيف (1828 - 1893)، الذي لعب دورًا مهمًا في تأسيس ذلك القسم حتى يتيح للطلاب المسلمين تلقي التعليم الإنجليزي بالغ الأهمية.
* التهديد بالإغلاق
بعد ثورة الهند في عام 1857، التي توصف بأنها أول حرب استقلال في الهند ضد الحكم الاستعماري، بدأ الحكام البريطانيون بالنظر إلى المسلمين بعين الريبة، وأثيرت التساؤلات بشأن صيانة المدرسة بتكلفة الحكومة. كما كانت هناك مقترحات بإلغاء المدرسة، أو على الأقل القسم العربي بها، والإبقاء فقط على القسم الأنجلو - فارسي. وقد عارضت الحكومة في الهند فكرة الإلغاء عام 1860، وأوصت بإدخال التعديلات على هيئة إدارتها، ومن ثم، استمرت في العمل. وعلى مدار السنين، أُدخلت بعض التعديلات على مناهج المدرسة.
* ما بعد الاستقلال
سدد تقسيم الهند عام 1947 ضربة كبيرة لهذا الصرح التاريخي. ووفقًا لقرار مجلس الانفصال، إذ نُقلت جميع المواد القابلة للنقل، متضمنة المكتبة التي تضم آلاف الكتب النادرة إلى مدرسة دكا، التي تقع في بنغلاديش الآن، بحيث توقفت أنشطة مدرسة كلكتا بشكل شبه كامل. إلا أنه استجابة لمطالب المسلمين في ولاية البنغال الغربية، أخذ أول وزير للتعليم في الهند المستقلة بزمام المبادرة في إعادة فتح مدرسة كلكتا في 4 أبريل (نيسان) 1949. وفي السنوات التي تلت ذلك، انخرط الكثير من العلماء والمربيين ممن شاركوا في حركة تحرير الهند بالعمل في هذه المؤسسة كمديرين ومدرسين. واحتفل بيوم التأسيس الـ205 عام 1984 بحماسة بالغة. وفي عام 1985، اقترح اعتبار مدرسة كلكتا كمؤسسة تعليمية قومية شديدة الأهمية، وكذلك رفع مستواها، لأن تكون جامعة، الأمر الذي حدث بالفعل مع خروج جامعة عاليا إلى النور في 2007. ومن بين علماء المدرسة، رؤساء الوزراء السابقون في باكستان محمد علي تشودري وحسين شهيد سهروردي، ورئيس وزراء بنغلادش عطاء الرحمن خان، والعالم محمد قدرة الخودي، ووزير العدل محجوب مرشد وغيرهم.
* الأوراق البحثية التي أُعدت عن المدرسة
أشارت الورقة البحثية التي أعدتها الأستاذة نيلانجانا غوبتا في جامعة جادافبور لاستكشاف تاريخ مدرسة كلكتا التي أسسها وارن هاستنغ، مستخدمة عددًا لا يُحصى من المصادر، إلى أنها أول مؤسسة تعليمية يؤسسها البريطانيون. وألقت الضوء على التنقلات المعقدة للسلطة ما بين شركة الهند الشرقية والسكان المسلمين المتعلمين والقوة النسبية للغات في أنحاء المدينة والمحاكم. وقد تعارض بحثها مع الدراسات الإنجيلية والشرقية التي صدرت عن المؤسسة.
وتوضح الأستاذة غوبتا الدور الذي قامت به المدرسة قبل المشروع البريطاني، قائلة إن المراكز التعليمية في أنحاء الهند كانت مواقع مهمة لنقل المعرفة لكل من العلماء الهنود والمسلمين. وتسلط غوبتا الضوء على طرق التعليم الشفهية التي اتبعتها مثل تلك المؤسسات. أما بالنسبة للتدريب على الموسيقى والرقص الهندي التقليدي، تقول غوبتا إنها كانت تدرس بشكل شفهي بدائي عن طريق الممارسة والتقليد. وتظهر السجلات الأرشيفية من المناهج التي دُرست في المدرسة قديمًا أن تدريس القانون كان شيئًا أساسيًا مثل تدريس الكتابات المقدسة، حيث عملت المؤسسة كرافد قضائي يتكامل مع مؤسسات كلكتا القانونية.
وعلى هذه الخلفية، سردت غوبتا الطلب الذي قدمه هاستنغ عام 1781، طالبًا دعم الشركة في تأسيس المدرسة، واشترط إمداد المدرسة بـ40 عالمًا مسلمًا، وأن تُدفع لهم رواتب. وتضيف غوبتا بأن المدارس كانت تفصل بين الطالبات والطلاب على الأرجح، وإن كانت مختلطة بالطلاب الهنود والمسلمين معًا.
* رؤية الجامعة
استهلت جامعة عاليا رحلتها المرموقة منذ العام الأكاديمي 2008 - 2009 بجهود عظيمة وفرص هائلة. وقد منح قانون جامعة عاليا مكانة لها كمؤسسة تعليمية للأقلية المسلمين وكجامعة مستقلة تحت إشراف وزارة شؤون الأقليات والتعليم المدرسية في حكومة غرب البنغال. ويوضح دستور الجامعة أنها ستقوم بدور قيادي وحاسم للنهوض بالتعليم العالي للمسلمين من الطبقات الأدنى اجتماعيًا وتعليميًا، فضلاً عن جميع البشر من كل الأعراق والعقائد والطوائف والطبقات.
ومن ثم، فإن الجامعة تسير قدمًا برؤية تهدف إلى استعادة أجواء وديناميكية التراث الثقافي لنظام المدرسة، من أجل توسيعه وتعميقه، إضافة إلى تطويره بشكل ناجح في الفروع الناشئة من العلوم الحديثة والتكنولوجيا والدراسات الاجتماعية والعلوم الإنسانية.
* التيارات التعليمية
وتقدم الجامعة كثيرًا من البرامج الجامعية الحديثة وبرامج الدراسات العليا في فروع الهندسة والفنون والعلوم والإدارة، على التوالي. مع العلم أن نائب رئيس الجامعة الحالي هو الأستاذ أبو طالب خان.
ويتم التقديم على الدراسة الجامعية والدراسات العليا بجامعة عاليا من خلال امتحانات قبول مكتوبة.
وتُدرس جميع الدورات بالجامعة في ظل نظام الفصل الدراسي، وفقًا لما تنادي به لجنة المنح الجامعية الهندية، وكما هو سائد في الجامعات الحديثة في جميع أنحاء العالم.
وإضافة إلى الدورات والدراسات الدينية التقليدية والدورات المهنية التي بدأت بالفعل، توفر جامعة عاليا درجات الماجستير، مدة الدراسة بها 5 سنوات، في التاريخ البنغالي والأردي والفارسي والإسلامي، والتاريخ الحديث وعلم الاجتماع والإدارة العامة والتجارة، إضافة إلى دبلوم دراسات عاليا لمدة عامين في التجارة الإسلامية والأعمال المصرفية، ودبلوم دراسات عاليا لمدة عام واحد في التأمين الإسلامي من كلية التجارة والأعمال.
تضم جامعة عاليا أربعة حرم جامعية لمختلف أنواع المناهج التعليمية، تقع في ذا بارك سيركس وتالتالا ونيو تاون (راجارهات). ويستخدم طلاب الفنون المعمارية والتمريض حرم ذا برك سيركس، بينما يستضيف حرم تالتالا طلاب الدراسات الإسلامية والمكتب الرئيسي.
وشيد حرم الجامعة في راجاهات على مساحة شاسعة تشمل فدانين من الأرض في زمن قياسي (19 شهرًا)، ويشمل 1156 حجرة دراسة ويسع 12000 طالب.
ويضم الحرم أيضًا مساكن منفصلة للطالبات والطلبة من الدارسين، وهي قيد الإنشاء حاليًا. وكذلك، ملحق بحرم نيو تاون ثلاثة مبانٍ مخصصة لمختلف المعامل، إضافة إلى المكتبة المركزية.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.