تباين روسي ـ أميركي حول ملفات سوريا يضاعف تعقيدات الأزمة

آخرها اتهامات موسكو بضرب معتدلين موالين لواشنطن قرب الحدود مع العراق

تباين روسي ـ أميركي حول ملفات سوريا يضاعف تعقيدات الأزمة
TT

تباين روسي ـ أميركي حول ملفات سوريا يضاعف تعقيدات الأزمة

تباين روسي ـ أميركي حول ملفات سوريا يضاعف تعقيدات الأزمة

عكست السجالات بين المسؤولين الأميركيين والروس، حول ملفات مرتبطة بالأزمة السورية، تباينات عميقة بين الطرفين، ظهرت بعد نحو أسبوعين على وصول التنسيق بين الطرفين المعنيين بالأزمة المستمرة إلى «أعلى درجات التنسيق» والانسجام، ما يشير إلى «اختلافات بوجهات النظر والأولويات الميدانية» بين الطرفين، بموازاة غياب أي أفق حالي للتوصل إلى حل سياسي للأزمة.
يبدو أن الخلاف على مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد، يتصدر التباينات بين موسكو وواشنطن اللتين تتوليان رئاسة «المجموعة الدولية لدعم سوريا»، بدليل ظهور التصعيد بعد تصريح وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي قال قبل أيام: «على روسيا أن تفهم أن صبرنا ليس بلا حدود، وفي الواقع هو محدود جدا فيما يتعلق بمعرفة ما إذا كانت ستتم محاسبة الأسد أم لا». وبعدها، خرجت إشارات أخرى اضطرت موسكو إلى القيام بردة فعل سواء بالنفي أو الاستنكار.
وبرزت من تلك الملفات إعداد خمسين دبلوماسيا وموظفا أميركيا في وزارة الخارجية برقية يطالبون فيها الإدارة الأميركية بشن ضربات عسكرية ضد النظام السوري، وهو ما دفع موسكو للتنديد بالخطوة. وجاء ذلك بموازاة اتهامات واشنطن موسكو باستهداف مجموعات عسكرية معارضة موالية لها في شرق البلاد قرب الحدود مع العراق، ويُضاف ذلك إلى الخلاف بين الطرفين على تصنيف المجموعات الإرهابية في سوريا، وضربها.
غير أن ملف استهداف المقاتلين على معبر التنف (جنوب شرقي سوريا) من شأنه أن يوتر العلاقة بين روسيا وبريطانيا أيضًا، رغم أن موسكو نفت تنفيذ ضربات في تلك المنطقة. فأفراد ميليشيا «جيش سوريا الجديد» الذين تعرضوا للاستهداف عبر الغارة الجوية «يلقون دعمًا بريطانيًا»، كما قال مصدر سوري معارض لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أن عدد المنضمين إلى تلك الميليشيا «لا يزال يُعد بالمئات، ويتلقى تدريبًا في معسكرات أقيمت قرب معبر التنف الحدودي مع العراق». وللعلم «جيش سوريا الجديد»، انطلق قبل أشهر قليلة، حين نفذ عملية لانتزاع معبر التنف الحدودي مع العراق من قبضة «داعش» والسيطرة عليه، وذلك بعد العبور من الأردن إلى داخل الأراضي السورية وتنفيذ العملية.
هذا، وأعلن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الخميس، أن طائرات روسية شنت «سلسلة غارات» في جنوب سوريا على مقاتلين من المعارضة تلقى بعضهم دعما من الولايات المتحدة. وقال المسؤول، طالبا عدم نشر اسمه، إن هذه الغارات التي استهدفت المقاتلين قرب معبر التنف الحدودي مع العراق «تثير مخاوف جدية بشأن النيات الروسية» في سوريا. لكن الكرملين، قال: «من الصعب التمييز بين المعارضة المعتدلة ومقاتلي (جبهة النصرة)». وذكر دميتري بيسكوف، الناطق الصحافي باسم الرئيس الروسي، أن هناك مشكلة كبيرة تتمثل في «التلاحم» والاختلاط بين «المعارضة المعتدلة» وتنظيم «جبهة النصرة». وتابع أن «هذه الظاهرة لم تعد سرا على أحد، وهي تعرقل بقدر كبير الجهود لمحاربة الإرهاب».
جدير بالذكر، أن ملف «النصرة» التي تدفع موسكو باتجاه إنهائه، يعتبر أحد الملفات العالقة مع الولايات المتحدة التي تمنع موسكو من قصف مناطق مختلطة بين متشددين ومعتدلين. لكن الخلافات حول هذا الملف، هو أحد أربعة ملفات ميدانية تعد نقاط تباين بين واشنطن وموسكو، تجددت خلال الأسبوع الأخير.
ويقول مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، إن الخلافات الميدانية بين الطرفين «تتركز في مدينة حلب حيث يظهر أن هناك إصرارًا من الروس والنظام والإيرانيين على إطباق الحصار على أحياء المعارضة فيها، فيما تردع موسكو في أحيان كثيرة النظام والإيرانيين عن استكمال حملاتهم العسكرية، بسبب اتفاقات مع الولايات المتحدة ومحاولات استرضائها». ويشرح عبد الرحمن أن هذا الملف «أزعج النظام كثيرًا من الروس الذين ينفذون ما يفرضه الأميركيون (أن حلب خط أحمر)، وذلك بناء على توازنات وتقاطعات إقليمية ودولية، وبدا أن هناك فيتو دوليا على حصار حلب، إثر سحب قوات النظام لقوات رديفة ومقربة من موسكو هي (صقور الصحراء) من جبهة حلب باتجاه جبهة ريف اللاذقية». كذلك، أشار عبد الرحمن إلى أن الخلافات الميدانية «تتسع لتطال الرقة ودير الزور أيضًا».
ومن جانبه، ذكر أن جون برينان، مدير وكالة الاستخبارات المركزية (السي آي إيه)، قال أول من أمس، الخميس، إن «الروس عززوا قوات النظام ويشاركون حاليا في ضربات ضد المعارضة». وأضاف: «أشعر بخيبة أمل لأن الروس لم يلعبوا دورا بناء أكثر لاستخدام نفوذهم في سوريا» من أجل دفع النظام والجيش إلى «طريق المفاوضات» مع المعارضة.
التباينات الروسية الأميركية يُنظر إليها على أنها تتجه إلى مزيد من التعقيد في العلاقات بين راعيي الملف السوري وأبرز لاعبين فيه. وترعى روسيا والولايات المتحدة عملية دبلوماسية وسياسية لتسوية الأزمة في سوريا، تراوح مكانها بعد خمس سنوات من بدء النزاع. ومن ثم، فإن الاتجاه إلى تسوية سلمية للأزمة السورية، لا يبدو قريبًا، إذ يؤكد مصدر بحثي جيد الاطلاع أن مرحلة الحسم في سوريا «لم تدخل بعد»، مؤكدًا أنها «لا تزال حرب استنزاف لجميع الأطراف». ويضيف: «الاختلاف بين وجهات النظر الأميركية والروسية يخلق تلك التباينات التي تنعكس على الميدان كما على مسار العملية السياسية»، مشيرًا إلى أن «نقطة الصراع الأساسية بين الطرفين تتمثل في الخلافات حول مصير الأسد وحول مدينة حلب والجهة التي تسيطر عليها».
وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أعلنت أن تسوية الأزمة السورية بالقوة «ليست طريقتنا»، وأكدت أن موقف روسيا بشأن الأزمة السورية معروف جيدا، قائلة إن «عملية المفاوضات وتشكيل مجموعة دعم سوريا وإطلاق الحوار السياسي بين السوريين بوساطة الأمم المتحدة وغيرها من اللاعبين الدوليين خير دليل على ذلك».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.