تنامي ظاهرة الصور التذكارية مع الجثث والدمار في سوريا

لم يعد لوزارة الإعلام دور في رسم السياسة الإعلامية بعد أن باتت «إعلامًا حربيًا»

صور تذكارية لرواد معرض الكتاب الأخير في طهران على خلفية صور من دمار سوريا (مواقع إيرانية)
صور تذكارية لرواد معرض الكتاب الأخير في طهران على خلفية صور من دمار سوريا (مواقع إيرانية)
TT

تنامي ظاهرة الصور التذكارية مع الجثث والدمار في سوريا

صور تذكارية لرواد معرض الكتاب الأخير في طهران على خلفية صور من دمار سوريا (مواقع إيرانية)
صور تذكارية لرواد معرض الكتاب الأخير في طهران على خلفية صور من دمار سوريا (مواقع إيرانية)

تتدفق يوميا على صفحات التواصل الاجتماعي في «تويتر» و«فيسبوك» صور لجنود النظام وإعلاميين مرافقين لهم وهم يدوسون على جثث قتلاهم، في لقطات مروعة، آخرها صور للعميد عصام زهر الدين، قائد عمليات قوات النظام في دير الزور، وقد ظهر فيها إلى جانب أشلاء جثث معلقة قيل إنها تعود لمقاتلين من «داعش»، وقد تبقى منها الجزء الأعلى من الجسد فقط، مما يرجح أنه تعود لانتحاريين نفذوا عملياتهم الهجومية بأحزمة ناسفة.
ويأتي نشر الصور لقيادات قوات النظام وتداولها على نطاق واسع بين مؤيدي النظام في محاولة مستميتة لبث الرعب في المجتمع الحاضن للمعارضة، «ورسالة بأن نظام الأسد متوحش لا يرحم مناهضيه»، وهي «رسالة وصلت للسوريين منذ اليوم الأول لاندلاع الثورة ضد بشار الأسد»، بحسب رأي الناشط السوري أحمد الدوماني الذي يعيش في دمشق، والذي يضيف أن «توحش النظام مع مناهضيه رسالة وصلتنا مبكرا، ولذلك خرجنا ضد الأسد». ويعقب معلقا على صور العميد عصام زهر الدين الذي اشتهر بتباهيه بالأعمال الوحشية في دوما وفي بابا عمرو بحمص، بالقول: «ليست المرة الأولى التي يظهر فيها المجرم عصام زهر الدين إلى جانب الجثث، ففي عام 2012 وقف على جثامين أهلنا من المدنيين الذين قتلهم في دوما، وكذلك فعل في حمص، واليوم في دير الزور». إلا أن أحمد يشير إلى تنامي ظاهرة التقاط الصور مع الجثث بين صفوف قوات النظام والموالين له خلال الشهر الأخير، الأمر الذي فسره بمحاولتهم «التغطية على شعورهم بالخوف والهزيمة»، واصفا هذه الممارسات بأنها «رد فعل مذعور».
وكانت مراسلة قناة تلفزيونية محلية موالية للنظام قد نشرت صورة «سيلفى» لها مع جثث مقاتلين سقطوا في حلب بمعارك مع قوات النظام أواخر شهر أبريل (نيسان) الماضي، في استفزاز سافر للمشاعر الإنسانية وانتهاك لأدبيات المهنة الإعلامية. إلا أنها بررت تفاخرها بتلك الصور، بأن الجثث لإرهابيين يحاربهم النظام. ولم يكن سلوكها غريبا عن سلوك إعلاميي النظام الآخرين؛ إذ إن مراسل التلفزيون الرسمي في حلب الذي تعرض لمحاولة اغتيال قبل يومين، دأب على نشر صور له مع الجثث ومع الأسرى، ولا يتورع في تقاريره عن المطالبة بسحق قرى بكاملها.
ويقول إعلامي معارض في دمشق إن هذا السلوك غير الأخلاقي لإعلاميين سوريين يعملون مع النظام، يتم بتوجيه من المسؤولين عن العملية الإعلامية السورية، التي باتت «تابعة بشكل كامل للقيادتين الأمنية والعسكرية عبر إدارة التوجيه المعنوي. ولم يعد لوزارة الإعلام دور يذكر في رسم السياسة الإعلامية السورية منذ عام 2012، بعد أن باتت إعلاما حربيا، فالتلفزيون الرسمي يبث يوميا صور الجثث والأشلاء دون أي مراعاة للمشاعر. كما تظهر المراسلات الحربيات السوريات في التلفزيون الرسمي والتلفزيونات الخاصة بساحات القتال بالماكياج الكامل». ويتابع الإعلامي السوري المعارض، أنه لن ينسى أحد من السوريين تقرير قناة «الدنيا» عن مجزرة داريا عام 2012، و«قد ظهرت فيه مراسلتها بكامل أناقتها بين جثث الأطفال، تحمل مايكروفونا وتحاور طفلة ناجية بصفاقة: (خفتي شي؟) ثم تحاول استنطاق امرأة تحتضر كانت قد اختبأت في المقبرة. كما لا ينسى السوريون مراسل التلفزيون السوري في الحسكة حاملا ساطورا على طريقة (داعش)».
استدعت تلك الصور صورا مماثلة من الضفة الأخرى، حيث صدم السوريون بصور لمقاتلين في تنظيمات معارضة يدوسون على جثث قتلى في قرية الزارة بريف حماه الأسبوع الماضي، سبقتها صور نشرها ناشطون في المعارضة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لجثث جنود النظام في مناطق عدة.
ولم يخل السباق المحموم في تصوير الجثث من مشاهد استعراضية مروعة، حيث بثت ميليشيات كردية نهاية أبريل الماضي في الشمال السوري، مقاطع فيديو لسيارات عسكرية محملة بعشرات الجثث من مقاتلي المعارضة تجوب شوارع مدينة عفرين شمال حلب.
أما الأكثر غرابة، فقد كان تحويل المأساة السورية بكل ما فيها من فظاعة إلى مشهد سياحي يصلح لالتقاط الصور التذكارية في ظله. وعلى خطى مقاتلي الميليشيات التابعة للنظام بالتقاط صور الأفراح والأعراس وسط المناطق المدمرة، فقد نشر الصحافي الإيراني علي نوراني عبر حسابه في «تويتر»، صورا تذكارية التقطها رواد معرض الكتاب في طهران على خلفية صور من دمار حلب وسوريا. وقد أثارت الصور حفيظة السوريين، لما فيها من استخفاف بمعاناتهم. والأكثر ترويعا في دائرة الدم السورية، أن من يقف مع عروسه بفستان الزفاف وسط الدمار سواء الفعلي أو صوره، يريد أن يقول: «انتصرنا رغم الدمار». أما صاحب المنزل المهدم الذي يظهر في الصورة التذكارية، فيقول: إنه بيتي وأنتم تقيمون أعراسكم على جثث أهلي.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».