تعاني البرازيل حاليًا من الكثير من المشكلات، ما بين أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها منذ 30 عامًا، إلى تنامي المخاوف من فيروس «زيكا» وتأثيراته على السياحة والأولمبياد، مرورًا بالفساد والمحاكمات السياسية. لكنها في السبت الماضي، وليوم واحد على الأقل، نسيت مشكلاتها وركنت اختلافاتها جانبًا، لترحب بدار «لوي فويتو» الفرنسية وأكثر من 500 من ضيوف الدار من كل أنحاء العالم حطوا الرحال فيها. منهم 220 من زبائنها المهمين ذوي الإمكانيات العالية، كانت نسبة 60 في المائة منهم من البرازيل.
نسبة لا يستهان بها تؤكد أهمية هذه السوق، ونظرية «لوي فويتو» المستقبلية، بأن الأزمات تنجلي مع الوقت، وبالتالي فإن مشكلات البرازيل الحالية لا بد وأن تنجلي في يوم ما. المهم في هذه الفترة الحرجة أن تُوطد علاقتها مع زبائنها هنا، حتى وإن كانت تعرف جيدًا أنهم يفضلون شراء منتجاتها من أوروبا وأميركا الشمالية، بسبب غلاء الأسعار في البرازيل، إذ يمكنهم شراء نفس المنتج في باريس أو لندن بنصف السعر تقريبًا.
في تصريح له لموقع «بيزنيس أوف فاشن» قال مايكل بيرك، الرئيس التنفيذي لـ«لوي فويتو»: «لسنا هنا للتشمس بل للاستثمار وبناء أسس للمدى البعيد.. والبرازيل له إمكانيات هائلة»، وهو ما تؤكده أرقام المبيعات، في جانب المنتجات المترفة تحديدًا، فالبرازيل، وحتى في عز أزماتها الحالية، تعتبر أهم أسواق أميركا الجنوبية.
وبالفعل فإن اختيار بيوت الأزياء العالمية وجهات بعيدة جدًا لخط الـ«كروز»، ليس عملية اعتباطية، كما كان يعتقد البعض في البداية، فهو الأكثر مبيعًا، من جهة لأنه يبقى في الأسواق مدة أطول، كما أنه أكثر ما يثير لهذه البيوت أنظار العالم من جهة ثانية. وهذا ما يفسر أنها لا تبخل على عروض هذا الخط، حيث تتكفل بكل مصاريف زبائنها المهمين فضلاً عن باقة من النجوم ووسائل الإعلام، يقضون في ضيافتها يومين أو ثلاثة أيام في فنادق خمس نجوم. والدافع كما قال مايكل بورك، ليس البحث عن الشمس أو اسم مكان يمكن أن يثير الاستغراب أو الإعجاب فحسب، بل هو استراتيجية تسويقية أولاً وأخيرًا. الهدف منها ربط علاقة مع زبائنها في المنطقة، وفي الوقت ذاته استقطاب زبائن جدد من كل أنحاء العالم، يثيرهم المكان وتداعب خيالهم ألوان التشكيلة المعروضة وخطوطها وتجعلهم يحلمون بالسفر. طبعًا تحتاج هذه الاستراتيجية إلى جرأة وبعد نظر، كما تحتاج إلى لغة سلسلة وذكية لمخاطبة ثقافات بعيدة في زمن أصبح فيه الكل مفتوحًا على الغير بفضل وسائل التواصل الاجتماعي. ولا بأس من الإشارة هنا إلى أن هذا يروق لـ«لوي فويتو» ويناسب شخصيتها المتجذرة في ثقافة السفر والترحال أساسًا.
مصمم الدار الفني نيكولا غيسكيير يعرف هذا جيدًا، ويحاول منذ التحاقه بها أن يرسم لها خطوطًا جديدة تأخذ السفر بعين الاعتبار، سواء من خلال أسلوب «سبور» منطلق، أو من خلال نظرة عالمية تروق للمرأة أيًا كانت بيئتها وثقافتها. هذه المرة، وبحكم وجوده في البرازيل، كان لا بد أن يقدم في تشكيلته لعام 2017، تحية للبلد ليس باستلهام خطوطه الهندسية وألوانه من الفنانين المعاصرين، هيليو أوتيشيكا وألديمير مارتنيز، بل أيضًا باختيار مكان مميز.
هذا المكان هو متحف «نيتروي» للفن المعاصر الذي صممه المعماري الشهير أوسكار نيمايير على بعد ساعة من ريو دي جانيرو. غيسكيير استلهم أيضًا بعض النقشات من الطبيعة، أحيانًا من دفء الشمس وأحيانًا أخرى من الطبيعة الجبلية لأن «المدينة والطبيعة هنا متشابكان إلى حد ما وقريبًا من بعض» حسب قوله. وطبعا لا ننسى أن أقل من 70 يومًا تفرقنا عن انطلاق الأولمبياد، ما يجعل الأسلوب الـ«سبور» حاضرًا وبقوة.
يذكر أن نيكولا غيسكيير ليس وحده الذي يميل إلى الفن المعاصر والبنايات المعمارية المثيرة، فالمعروف عن مالك الدار، برنار أرنو، أنه يعشق الاثنين، الأمر الذي تؤكده معارض «منظمة لوي فويتو»، التي صممها فرانك غيري لهذه الغاية، على شكل سفينة فضائية بأجنحة.
بالنسبة لمتحف «نيتروي» الذي اختارته الدار لعرضها يوم السبت الماضي، فهو أيضًا مصمم بطريقة مستقبلية على شكل طبق طائر يبدو وكأنه حط على جانب هضبة تطل على خليج غوانابارا، مقابل «ريو». وكان قد تم بناؤها سنة 1991، وافتتحت سنة 1996. وتعتبر هذه المرة الأولى التي يسمح فيها المتحف باستضافة عرض للموضة.
دار «لوي فويتو» للأزياء تُنسي البرازيل مشكلاتها
قدمت عرضًا كبيرًا مستلهمًا من الفن المعاصر والأولمبياد
دار «لوي فويتو» للأزياء تُنسي البرازيل مشكلاتها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة