واصلت ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» ذات الغالبية الكردية تقدمها في ريف محافظة الرقة الشمالي، بشمال وسط سوريا، مدعومة بطيران التحالف الدولي الذي نفذ خلال الساعات القليلة الماضية ما يزيد عن 150 غارة جوية استهدفت مواقع «داعش» في محيط بلدة عين عيسى ومدينة تل أبيض. وساعدت هذه الغارات تقدم الميليشيا المذكورة ومكنتها من السيطرة على نحو 10 قرى، في وقت شدد التنظيم المتطرف من إجراءاته الأمنية داخل مدينة الرقة، فحفر الخنادق والأنفاق وجهز مئات السيارات المفخخة تأهبا للمعركة الكبرى داخل معقله.
في واشنطن، أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، بيتر كوك، يوم أمس، وجود قوات أميركية خاصة في سوريا، لم يحدد موقعها، تقدم المساعدة والمشورة لمقاتلين سوريين يواجهون «داعش»، لكنه نفى أن تكون في الخطوط الأمامية. وفي المقابل، كان لافتا التناقض الذي يطبع المواقف التي يدلي بها مسؤولون أكراد، فبعدما أعلن غريب حسو، ممثل «حزب الاتحاد الديمقراطي» في كردستان العراق، بوقت سابق، أن مدينة الرقة بعد تحريرها من «داعش» ستضم للنظام الفيدرالي الذي أسسه الأكراد في شمال سوريا، اعتبر صالح مسلم، رئيس «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي السوري، أن الحديث عن وجود «مؤامرة» تستهدف ضم محافظ الرقة، بعد تحريرها من سيطرة تنظيم داعش، لمناطق سيطرة الأكراد بسوريا هو «نوع من الأحاديث الدعائية التي لا صحة لها ولا تعقل». وقال مسلم لوكالة الأنباء الألمانية «د.ب.أ»: إن «الحديث عن وجود تلك المؤامرة على النحو الذي يردده قادة ائتلاف المعارضة غير وارد إطلاقا ولا نؤمن أو نعمل من أجله». وأضاف: «نعم حدث اتفاق بين (قوات سوريا الديمقراطية) والولايات المتحدة التي تقود التحالف الدولي ضد تنظيم داعش على تحرير الرقة والطرق المؤدية للمحافظة، ولكن باقي الأحاديث التي تتردد لا صحة لها».
وعلى الرغم من كل المؤشرات التي توحي بأن وجهة ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» بعد السيطرة على الريف الشمالي للرقة، ستكون المدينة نفسها معقل «داعش»، شدد نواف خليل، مدير «المركز الكردي للدراسات»، على أن الهدف المعلن والحالي للقوات المذكورة هو الريف الشمالي وحده. ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المدينة «هدف استراتيجي كبير للقوات كما للتحالف، لكنه ليس الهدف الآني». وأوضح خليل أنه تم في الساعات الماضية استقدام المزيد من «قوات سوريا الديمقراطية» للمشاركة في «معركة تحرير الريف الشمالي».
في هذه الأثناء، قال رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إن الاشتباكات المستمرة في ريف الرقة الشمالي بين تنظيم داعش وميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» ترافقت في الساعات الماضية مع تنفيذ طائرات التحالف الدولي 150 غارة على الأقل استهدفت مواقع عناصر التنظيم المتطرف في ريفي بلدة عين عيسى ومدينة تل أبيض، وتحدث عن سيطرة هذه الميليشيا في شمال الرقة على «نحو عشر قرى ومزارع منها النمرودية وقرتاجة وحضريات الخليل والوسطى وفاطسة، بالإضافة إلى مزارع أخرى قريبة منها».
وللعلم، بدأت ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية»، وهي عبارة عن تحالف فصائل كردية أبرزها ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية، بالإضافة إلى فصائل صغيرة عربية، هجوما شمالي الرقة الثلاثاء، غداة إعلان السلطات العراقية إطلاق عملية «تحرير» مدينة الفلوجة. وأسفرت المعارك والغارات منذ الثلاثاء وفق عبد الرحمن «عن مقتل 31 عنصرا على الأقل من التنظيم، بالإضافة إلى معلومات عن خسائر بشرية مؤكدة في صفوف (قوات سوريا الديمقراطية)» لم تُعلن حصيلتها. وأوضح عبد الرحمن أن «لا قتلى من المدنيين نظرا إلى أن القرى والحقول التي تشهد معارك شبه خالية من السكان».
هذا، ويعيش 300 ألف شخص حاليا في مدينة الرقة ظروفا صعبة، ولاسيما، بعدما توقف التنظيم عن إعطاء «تصاريح خروج للسكان الراغبين بمغادرة الرقة أو حتى المرضى، وتمكنت بعض العائلات من الهروب باتجاه محافظة إدلب (شمال غربي سوريا) الخاضعة لسيطرة تحالف «جيش الفتح» الذي يضم فصائل إسلامية أبرزها «جبهة النصرة». وقال الناشط «أبو محمد»، وهو أحد مؤسسي حملة «الرقة تذبح بصمت» الموثقة لانتهاكات التنظيم، لوكالة الصحافة الفرنسية «أ.ف.ب»: «إن السكان يدفعون للمهربين مبلغ 400 دولار عن كل شخص لإخراجهم من المدينة».
أما بالنسبة إلى «داعش»، فقالت وكالة «آرا نيوز» التي تُعنى بالشأن الكردي، إن تنظيم داعش أقدم على حفر خنادق في المناطق التي تقطنها عوائل قياداته في مدينة الرقة وزرع الألغام والعبوات الناسفة في ريف المدينة الشمالي لإعاقة تقدم ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية»، لافتة إلى أن التنظيم لجأ أيضا إلى «تجهيز المئات من السيارات المفخخة في مدينة الرقة وذلك لتحصين مواقعه تخوفا من هجمات قريبة على المدينة بدعم من التحالف الدولي - العربي». ومن جهتها، تحدثت مصادر في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» عن «معركة حتمية مرتقبة في الرقة»، لافتة إلى أنها «لن تكون سهلة على الإطلاق، خاصة أنه لا بيئة حاضنة للقوات المهاجمة»، في إشارة إلى الميليشيا الكردية. وتابعت المصادر «أكثر من 2000 مقاتل من (داعش) سيشاركون في المعركة ومعظمهم يتمتع بكفاءات عالية، ما يرجح فرضية أن الرقة ستكون محرقة للطرفين المتصارعين».
«داعش» يستنفر أمنيًا في الرقة.. وواشنطن تؤكد أن قواتها ليست في الصفوف الأمامية
التحالف الدولي يشن 150 غارة لمساندة ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية»
«داعش» يستنفر أمنيًا في الرقة.. وواشنطن تؤكد أن قواتها ليست في الصفوف الأمامية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة