ضربة قوية تعرض لها تنظيم داعش الإرهابي في قيادته المركزية بسوريا، بعد أن حطمت قوات الأمن السعودية آمال التنظيم بعد عمليتين كبيرتين في بيشة وقرب مكة المكرمة خلال أقل من أسبوع واحد، أسقطت الأولى وسيطها العملياتي عقاب العتيبي، وأنهت الثانية خلية كانت سببا في عدد من الأعمال والجرائم الإرهابية.
يحاول تنظيم داعش الذي يتلقى ضربات على معاقله في سوريا والعراق، أن يعكس جزءا من تلك الفوضى وعدم الاستقرار الأمني والسياسي في محيط مواقعه إلى الداخل السعودي، لكنه أصبح ضعيفا في جمع مؤيدين له في البلاد؛ نتيجة الحماية الكبرى المحيطة بالسعودية أمنيا وسياسيا، ودخول الأجهزة الأمنية حربا لا هوادة فيها ضد المنتمين أو المتعاطفين مع الإرهاب.
وعمل «داعش» ومعاونيه من قوى إقليمية، على محاولات اختراق النسيج السعودي، وخاصة إيران، كما يريد التنظيم استثمار حالة التجاذب والصراع الطائفي في المنطقة ليدخل عبرها ويوظفها لصالحه، حيث أظهرت قوائم العقوبات المالية لوزارة الخزانة الأميركية مدى الدعم الإيراني لتنظيم داعش؛ حيث تبين أن كثيرًا من المؤسسات والشركات والأشخاص الإيرانيين، كانوا ينقلون الأسلحة والمقاتلين للتنظيم، وبعلم السلطات الإيرانية، بالإضافة إلى الدور اللوجستي والاستشاري الذي تعترف به طهران في إدارة الحرب السورية؛ حيث تتباهى القيادات الإيرانية بدورها الذي تعده ناجحا في وصول الكارثة السورية إلى ما هي عليه اليوم.
الضربات الأمنية، وفي أسبوع واحد، بدأ في وادي النعمان المنطقة الواقعة بين مكة المكرمة ومحافظة الطائف، أسقطت أسماء بارزة في قائمة المطلوبين للجهات الأمنية، ومنها عقاب العتيبي، الذي قُبض عليه، بعد استسلامه ضمن العملية التي نفذت خارج محافظة بيشة الجمعة الماضية، التي ارتدى فيها حزاما ناسفا وحمل أسلحة لم يتمكن من استخدامها، وكان حليق الذقن في محاولة منه لإخفاء معالم وجهه مع المطلوبَين اللذين قتلا في العملية، بعد تمكنه من الهرب معهما، لكن قوات الأمن تبادلت إطلاق النار معهم، وأطاحت به أثناء عملية تطهير الموقع.
وتعتبر عملية وادي النعمان خسارة فادحة أمام مطلوبين آخرين، أبرزهم سعيد الشهراني، الذي كان متورطا في جرائم إرهابية منها تجنيده ابن أخيه العسكري بقوات الطوارئ الخاصة، الذي خان بدوره انتماءه وغدر بزملائه ومهد لانتحاري بتفجير في مسجد قوات الطوارئ الخاصة بمدينة أبها أغسطس (آب) الماضي.
واعتبر حمود الزيادي، الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، عملية وادي النعمان في مكة «أهم ضربة أمنية على خلايا (داعش) خلال العاميين الماضيين»، وأرجع ذلك إلى أن العناصر المعلنة وخطورتها في الأعمال الإرهابية، ونوعية تلك الأعمال، وبالنظر أيضا إلى إمكانية تلك العناصر في الخلايا، واصفا إياها بـ«عملية العمليات»، مشيرا إلى ارتباطها بالوسيط العملياتي عقاب العتيبي، ويضيف: «إن اليقظة الأمنية فككت كل الخلايا الإرهابية التي ثبت ارتباطها جميعا بحادثة نوفمبر (تشرين الثاني) 2014».
وأضاف الزيادي في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «نحن أمام عملية نوعية، يجب أن نتوقع إعادة بناء استراتيجية جديدة لاستهداف السعودية من قبل (داعش)، وهو أمر لا يمكن استبعاده من أفكار (داعش) لاستهدافها، ولن يتوقف كونها الهدف الاستراتيجي، وعلينا أن نستقرئ من خلال اليوم والمستقبل».
«لا يمكن القول بالقضاء على (داعش) في السعودية»، يحذر الزيادي هنا من الخلايا الأخطر التي تسمى «العنقودية»، ويقول إنها أصبحت مفككة وتلقت ضربات أمنية بفضل تمكن الأمن السعودي وقدرته على تتبع الخلايا.
ويضيف: «هذه الخلايا حديثه تدار عبر وسيط عملياتي، ويتم التنسيق مع التنظيم عبرها لتقدم معلومات يجري تحليلها ومنها يأتي التوجيه، وهو ما افتقده التنظيم».
ولم يقلل الزيادي من خطورة ما يسمى «الذئاب المنفردة» أيضا، التي تنفذ العمليات الإرهابية دون ارتباط بالتنظيم، لكنها تتأثر بالفكر نتيجة تشربها سموم التنظيم، ويرى أن التنظيم يستفيد منها لأغراض دعائية.
وخلال مؤتمر صحافي الأحد الماضي، فصَّل العميد المهندس بسام عطية، وهو من منسوبي مركز الدراسات الاستراتيجية في وزارة الداخلية السعودية: «التنظيم يعمل بشكل أفقي وعبر خلايا عنقودية تتلقى أوامرها من خارج البلاد، وتعمل وفق منهج فردي يتلقى الأوامر من قادته في الخارج، وذلك ضمن تفاصيل عدة بعد الإطاحة بثلاثة مطلوبين إثر إحباط عمل إرهابي في محافظة بيشة (جنوب غربي البلاد)».
وكشف عطية، عن تعرض السعودية لثلاثين عملية إرهابية خلال عام واحد، بمعدل عملية إرهابية كل اثني عشر يوما، تصدت لها الأجهزة الأمنية بكل اقتدار، وأشار إلى أن التنظيم يهدف إلى تحويل المملكة إلى مجموعة من الخلايا العنقودية، من خلال سوريا ومنها توجيه الحركة المالية والدعم اللوجستي كذلك، مبينا أن ارتباط التنظيم وعناصر عضوي لا آيديولوجي فقط.
بصمات تنظيم داعش كانت حاضرة في ستة عمليات إرهابية، وقودها نشء لم يسبق لبعضهم السفر خارج المملكة، وأصبحت تتخذ مسارا في تكوين خلايا داخل بلادها منفردة أو جماعية، لتنفيذ أعمال إرهابية تجاه مواقع دينية وأمنية، بل اتضح أن سعيهم ليس ردا على جرائم الحشد الشعبي في العراق، واستهداف الشيعة في الخليج، بل زادت باستهداف وتهديد أمن المساجد، وقتل رجال الأمن الذين يرونهم في تصنيفاتهم منافقين ومرتدين.
«داعش» على وجه الخصوص، تسير في طريق نهايته واضحة كما في سلفها تنظيم القاعدة الذي انتهى داخليا بفعل القوة الأمنية، وتكشفت أساليب عمل «داعش» في شكل استراتيجي أشبه ما يكون إلى أعمال الميليشيات، وحروب الوكالة التي هي الواجهة لدول خارجية تستهدف المملكة وأمنها واستقرارها.
نزيف «داعشي» في سوريا بعد ضربات الأمن السعودي
التنظيم الإرهابي يفقد وسطاءه.. وأسبوع واحد يسقط مطلوبين بارزين
نزيف «داعشي» في سوريا بعد ضربات الأمن السعودي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة