عبد الوهاب عبد المحسن يحاور وجوهه بمحبة الفن والحياة

عبر 38 لوحة تبحث عن السكينة في معرضه الجديد بالقاهرة

من لوحات المعرض
من لوحات المعرض
TT

عبد الوهاب عبد المحسن يحاور وجوهه بمحبة الفن والحياة

من لوحات المعرض
من لوحات المعرض

باللون والخط والضوء والظل وحميمية الفن، يحاور الفنان عبد الوهاب عبد المحسن شخوصه في معرضه الجديد «ناس»، الذي افتتح يوم الأربعاء الماضي بقاعة «أفق» بمتحف محمود خليل بالقاهرة، ويستمر حتى 11 من مايو (أيار) الحالي.
يشكل فضاء المعرض 38 لوحة متفاوتة الأحجام، ما بين القطع الكبير والمتوسط، مسكونة بشحنة عاطفية عالية، وقدرة فائقة على التجريب والجرأة والمغامرة، فكل وجه يشكل حالة خاصة تنطوي على أسئلة وأفكار ورؤى فنية وفلسفية، تعكس في الوقت نفسه حقيقة واقعه الإنساني، على شتى المستويات الاجتماعية والسياسية والحضارية، كما يومض في ملامح الوجوه مخزون من تجربة الفنان نفسه، ورموزه وعلاماته الفنية الأثيرة، المستقاة من فضاء بحيرة البرلس ومراكب الصيد والأسماك، وتشققات الطين، ورائحة الأرض والنباتات وعرق البشر، وصراعهم مع الزمن والطبيعة.
يتضافر مع هذا المخزون وعي ثاقب بثقافة الوجه في الموروث الشعبي، وما تنطوي عليه من محمولات تراثية، ودلالات ورموز تشكل تلخيصا لخبرة حياة انعكست في كثير من الحكم والأمثال الشعبية، وأصبحت بمثابة قراءة حية وطازجة في الوجدان العام لطبيعة الوجه نفسه، وكيف يصبح مصدرًا للفرح والبهجة وراحة البال، أو نذيرًا للشؤم وعدم التفاؤل، ناهيك بتراث الوجه نفسه كأيقونة بصرية خاصة، لعب عليها فنانون من شتي المذاهب والمدارس الفنية.
لا تخطيء العين المشاهدة للمعرض، هذا الإرث الحضاري للوجه، فرغم الفرح بمتعة الفرجة الأولى فإنها تظل عالقة بما هو أبعد فيما وراء الوجه نفسه، وما تنطوي علية أشكال الوجوه نفسها من تحويرات في النسب والمنظور والملامح، وكذلك طبيعة التكوينات والعلامات التي تتعايش على سطح الوجه من توريقات نباتية، وغلالات ضوئية، وبقع طفلة تكسر حيادية الفراغ، وتخفف من ثقل خامة الأكريلك، لتنداح الألوان بعفوية وبساطة على مسطح قماشة اللوحة، تشد خيوطها ومسامها إلى الداخل، حيث يكمن الانفعال بالوجه في ذروته دراميا وفنيا، كتلخيص لملامحه الخارجية الطافية على السطح.
تومض هذه العلامات بخفة في زوايا الرسوم، وتقطعها طوليا وعرضيا، سواء بطلشات الفرشاة أو بخطوط حادة واضحة، تمنح الشكل حرية أوسع في الرسم والمغامرة على السطح، وابتكار حلول بصرية جريئة، تكسر الحدود الصلدة بين الوجه كحقيقة واقعية، وواقعه المجرد الجديد الذي يكتسبه من قوة التكوين والوجود والاختزال والتكثيف في اللوحة، لنصبح إزاء قيم إنسانية مغايرة للوجه نفسه، يتضافر فيها الوعي واللاوعي، محققًا نوعًا من التوازن والانسجام الفني بين كل أبعاد اللوحة، وفي الوقت نفسه، يصبح انفعال الفنان بالوجه ومغامرته في ظلاله أداة لمعرفة جديدة بطبيعة الوجه ورمزيته صعودًا وهبوطًا في إيقاع الحياة الأشمل والأكثر عمقًا.
إن الوجه بكل تفاصيله وتضاريسه يسيطر على اللوحة أفقيا ورأسيا، وهو معجون بالخلفية وممتلئ بها، فارضا إيقاعه على منظومة الألوان بتراوحاتها الساطعة والداكنة، المرحة المشرقة، الزاهدة المتقشفة، أيضا يفرض نفسه على طبيعة السكون والحركة في اللوحات، حتى يبدو في أحيان كثيرة وكأنه باب لأثر قديم، ينتظر من يطرقه بقوة وحب، كأنه نبضة وجود منفلتة من جدار الزمن والتاريخ.
وعلى ذلك، فثمة وجوه قرينة العتمة، وثمة أخرى قرينة الضوء، وهناك وجوه بلا ذاكرة، هناك الشاعر، والسلطان ذو القرون، والوجه البقرة، والسمكة، والعانس، وست الحسن، وسيدة الأعمال، وناشطة حقوقية، وعاملات في شركات المحمول، والنصاب، والأكتع، والمذيعة، والمذيع، ورجل طيب، وهناك ملامح الفنان نفسه في بعض الرسوم.. إنها رحلة لوجوه عابرة ومقيمة، يلتقطها الفنان من غربال الحياة، ونثريات الواقع اليومي، يعايش حيواتها الغامضة الواضحة في أفق حلم، يبحث عن صيغة للتعايش، تتعادل فيها قوة المادة والروح، في سياق آخر من السكينة واللاعنف والصفاء.
ومثلما يقول الفنان نفسه في معرض تقديمه لهذا المعرض الشيق «كل هؤلاء الناس أعرفهم، يعيشون معي، في السوق والشارع، في العمل والمواصلات، أتحاور معهم في صمت، كلهم يعيشون في ذاكرتي، في مرسمي يومضون على سطح اللوحة، فقط أنفض الغلالة البيضاء عنهم لتظهر حقيقتهم، كما أراها، وكما أعرفهم.. هي ليست صورا شخصية، لكنها حالات تشبه أصحابها من الداخل، منحتنا الطبيعة فراسة التلقي وفهم الدواخل، وعشت معهم وفي ملامحهم غواية اللعب بالخطوط والألوان، وكانت عمارتنا في هذا المعرض وجوه الناس».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.