مصر: قرار رسمي بغلق جميع مراكز الثقافة الإسلامية وتحفيظ القرآن التابعة لوزارة التضامن

مصادر: عددها الرسمي 80 معهدًا أغلبها تابع لـ«الإخوان» وتنشر التطرف وتُحرض ضد الدولة

مصر: قرار رسمي بغلق جميع مراكز الثقافة الإسلامية وتحفيظ القرآن التابعة لوزارة التضامن
TT

مصر: قرار رسمي بغلق جميع مراكز الثقافة الإسلامية وتحفيظ القرآن التابعة لوزارة التضامن

مصر: قرار رسمي بغلق جميع مراكز الثقافة الإسلامية وتحفيظ القرآن التابعة لوزارة التضامن

فيما وصفه مراقبون بأنه «قرار سيحد من نشر الفكر المُتشدد ودعوات التحريض ضد السلطة الحالية في مصر»، قررت الحكومة غلق جميع مراكز تحفيظ القرآن أو تعليم القراءات ومعاهد إعداد الدعاة الخاصة ومراكز الثقافة الإسلامية التابعة للجمعيات الأهلية. وقالت مصادر مصرية إن «أغلب هذه المراكز تنتشر في مساجد الجمعيات والمؤسسات الأهلية، التي تتبع رسميا وزارة التضامن الاجتماعي وليس وزارة الأوقاف، وتُقدم خدمات تعليمية ودينية في الخفاء بعيدا عن أعين الدولة»، لافتة إلى أن «عدد هذه المعاهد وفق بيانات رسمية 80 معهدا وأغلبها تابع لجماعة الإخوان الإرهابية وتيارات مُتشددة وبعضها يُحرض ضد مؤسسات الدولة».
وأصدرت غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي، القرار أول من أمس، وأثار الجدل في أغلب الجمعيات الأهلية المنتشرة في ربوع البلاد، وقالت المصادر المصرية، إن «القرار صدر بإغلاق جميع المعاهد الخاصة بإعداد الدعاة أو القرآن الكريم التابعة للجمعيات الشرعية وأنصار السنة وغيرهما من الجمعيات الأهلية التي تتبع جماعات وتنظيمات بعضها متُشدد».
وقالت الوزيرة والي في تصريحات لها إن «قرارها صدر بعد مُراجعة مشيخة الأزهر والأوقاف، وهو يخص الجمعيات التي تدير معاهد دينية غير مرخص لها من وزارة الأوقاف وتدرس مناهج غير مُعتمدة من الأزهر، مما يجعلها مصدرا لنشر مفاهيم مغلوطة عن الدين الإسلامي»، مضيفة أن «أي نشاط تقوم به جمعية أهلية في أي من القطاعات يستلزم الترخيص لها من الوزارة المختصة (أي الأوقاف تختص في الأمور الدينية من معاهد الدعاة ومراكز تحفيظ القرآن)».
ويُلحق بالجمعيات الخيرية في مصر التي تنتشر بالأحياء الشعبية، مساجد ومراكز تعليمية وكتاتيب ومستشفيات وصالات للأفراح والمآتم، ويشرف عليها دعاة غير رسميين وجماعات مُتشددة بعيدا عن رقابة الدولة، خاصة في أمور جمع التبرعات والمُساعدات.. ويقدر عدد مراكز ومعاهد الدعاة المُنتشرة في ربوع مصر ما يقرب من 80 معهدا، علاوة عن عشرات أخرى لم يتم حصرها.
ويُقدر عدد المساجد التي تتبع الأوقاف رسميا نحو 160 ألف مسجد، ويصل عدد مساجد الجمعية الشرعية نحو 6 آلاف مسجد وزاوية في مختلف قرى ونجوع مصر. كما يسيطر دعاة حزب النور (أكبر الأحزاب الدينية) على عدد من المساجد في القاهرة والإسكندرية والجيزة والشرقية وكفر الشيخ، فضلا عن مساجد محدودة تابعة للجماعة الإسلامية، وجماعة الإخوان، وجماعات أخرى متشددة.
ويرى مراقبون أن «مصر ما زالت تعاني من المساجد التي تحولت خلال فترة جماعة الإخوان قبل 3 سنوات، إلى معقل للدعاة غير الرسميين المتشددين.. رغم مجهودات الدولة في التصدي لذلك؛ إلا أنهم ما زالوا يعتلون المنابر ويخطبون في المصلين، خاصة في مناطق ومحافظات تمركز الإخوان».
وطالبت الأوقاف، الجمعية الشرعية الرئيسية (التي تضم أغلب الجمعيات الأهلية المُلحقة بالمساجد وبها مشايخ سلفية وعناصر من الإخوان) أكثر من مرة بتوفيق أوضاعها مع وزارة التضامن وتنقية صفوفها من العناصر التي لا تزال تحرض ضد السلطات المصرية. وقال قيادي في الأوقاف إن «أغلب الجمعيات الأهلية في مصر يسيطر عليها متشددون، وتسهم في نشر التشدد والتطرف الفكري وتروج لأفكار لا تراعي المصلحة العليا للوطن.. وبخاصة تلك المساجد التي تتبع فروعها المُجمدة من قبل الحكومة المصرية، والتي يُسيطر على الخطابة بها أعضاء غير متخصصين في الدعوة ولا مؤهلين لها».
وأبلغت وزارة التضامن، الجمعيات المُتوقفة أن من يريد أن يوفق أوضاعه، لا بد أن يكون جميع أعضاء هيئة التدريس بمراكزه ومعاهده ليس له أي انتماء لأي جماعة من الجماعات التي تحمل فكرا متطرفا أو متشددا.. وأن تعتمد الأوقاف جميع الأساتذة بمن فيهم عميد المعهد وأن تشرف الأوقاف على سير الدراسة إشرافا حقيقيا. هو ما ترفضه قيادات الجمعيات الأهلية، حيث تُطالب برفع يد الدولة عنها في اختيار من يتولى أمورها، وحقها في جمع تبرعات للإنفاق على مشاريعها الخيرية، وتأسيس معاهد ومراكز للدراسة خاصة بمشايخها غير الرسميين – بحسب مسؤول في جمعية أهلية بمنطقة المطرية (شرق القاهرة).
ويقدر عدد المراكز الإسلامية التابعة لوزارة الأوقاف رسميا نحو 9 مراكز، وسبق أن قررت الحكومة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقف عمل معاهد إعداد الدعاة والقراءات التابعة لجميع الجمعيات الدعوة، والتي لم توفق أوضاعها على مناهج الأزهر وبموافقته واعتماد وزارة الأوقاف. لكن هذا القرار لم يدخل حيز التنفيذ من وقتها، وقالت المصادر المصرية إن «الحكومة حريصة الآن على تنفيذ القرار، وعدم التحايل عليه من قبل بعض الجمعيات».
وقبل 4 أيام، أصدرت وزيرة التضامن الاجتماعي، قرارا بحل 25 جمعية وعزل مجلس إدارة جمعيتين أخريين في 11 محافظة، وذلك تطبيقا لقرارات اللجنة المُشكلة لتنفيذ حكم محكمة مصرية، بحظر الأنشطة والتحفظ على ممتلكات الجمعيات التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، حيث جاء الحل عقب أخذ رأي الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية.
وفي فبراير (شباط) الماضي، أصدرت الحكومة من قبل قرارا يمنع جمع التبرعات نهائيا في المساجد خاصة الملحقة بالجمعيات، للتضييق على نشر الفكر المُتشدد والتطرف، ومنع استخدام أموال التبرعات في القيام بمظاهرات أو عمليات تخريبية.
لكن المصادر المصرية نفسها قالت: إن «مئات الجمعيات الأهلية عن طريق الصناديق الموجودة في المساجد ما زالت تقوم بجمع التبرعات ولا تستطيع الحكومة منعها، لتحايلها بأنها تستخدم هذه الأموال في عمل الخير والإنفاق على الفقراء وترميم وصيانة المساجد».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».