عسيري لـ «الشرق الأوسط»: العمليات الكبرى انتهت.. وتأثير إيران في اليمن انعدم

عشية مرور عام على «عاصفة الحزم».. الملف اليمني على طاولة جميع الوزراء السعوديين منذ سقوط صنعاء

العميد ركن أحمد عسيري المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي
العميد ركن أحمد عسيري المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي
TT

عسيري لـ «الشرق الأوسط»: العمليات الكبرى انتهت.. وتأثير إيران في اليمن انعدم

العميد ركن أحمد عسيري المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي
العميد ركن أحمد عسيري المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي

قال العميد ركن أحمد عسيري، المتحدث باسم قوات التحالف العربي المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي، إن ملف اليمن كان حاضرا على طاولة جميع الوزارات السعودية منذ 14 سبتمبر (أيلول) 2014، وذلك بعد سقوط العاصمة صنعاء، و«كانت هناك متابعة دقيقة من الجانب العسكري، حيث تتم عملية إحاطة بالموقف باستمرار، ورسم سيناريوهات مختلفة، وكان أحدها التدخل لإنقاذ الشرعية بعد استجابة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لطلب من الرئيس اليمني هادي».
وأوضح العميد عسيري بعد مرور عام على تدخل قوات التحالف العربي أنه في «العام الماضي كان اليمن شبه مختطف، والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي تحت الإقامة الجبرية في صنعاء، ثم عدن، حيث هوجم هناك بالطائرات الحربية، واليوم اختلفت الأوضاع؛ هادي لا يزال موجودا بحكومة شرعية كاملة، معترف بها دوليًا، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2216)، والانقلاب الحوثي مجرّم دوليًا بموجب قرار أممي، والحكومة الشرعية تسيطر على 90 في المائة من الأراضي اليمنية، وموجودة داخل اليمن، وتدير عملياتها العسكرية من الداخل، وقوافل الأعمال الإغاثية والإنسانية تصل إلى كل مكان في اليمن، بما فيها مناطق الحوثيين، وفي مقدمتها مسقط رأسهم؛ محافظة صعدة».
وأضاف: «الحدود السعودية آمنه ومستقرة، وتأثير إيران في الداخل أصبح شبه معدوم، على الرغم من المحاولات المستمرة والمزايدات الإعلامية».
وأشار المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي في حوار مع «الشرق الأوسط» إلى أن «العمليات العسكرية الكبرى انتهت، والمرحلة الحالية هي عمليات استجابة لطلبات الإسناد الجوي القريب، التي يحددها الجيش الوطني اليمني، مع استمرار طائرات الاستطلاع في عملها».
وذكر المتحدث باسم قوات التحالف العربي أنه «قبل بدء العمليات العسكرية لـ(عاصفة الحزم)، كانت لدينا دلائل قوية حول وجود عناصر (حزب الله) والإيرانيين على الأراضي اليمنية، واليوم لدينا شكوك بأن الحاويات الإغاثية التي تصل إلى ميناء الحديدة، تحمل أسلحة مهربة للحوثيين».
* ماذا تغير بعد عام على «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل»؟
- تغيرت أشياء كثيرة، وإذا أردتم مقارنة حجم التغيير مع ما قبل العمليات العسكرية في العام الماضي، فقد كانت الدولة اليمنية شبه مختطفة، والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، تحت الإقامة الجبرية في صنعاء، ثم عدن، حيث هوجم هناك بالطائرات الحربية. الميليشيات الحوثية وقياداتهم كانوا في حينها يرفضون التعاطي مع أي مبادرة، والأمر لديهم واقع وغير قابل للنقض، وكانت الرحلات الإيرانية الأسبوعية إلى صنعاء بمعدل 14 رحلة، تنقل العتاد والذخيرة والأسلحة المتطورة، واعتقدوا في تلك لحظة أنهم يحكمون اليمن، وأن على الجميع أن يقبل بالأمر الواقع.
وهناك جزء كبير كان غائبا عن مخيلة اليمنيين.. كيف كان الحوثيون يتصرفون مع شيوخ القبائل والأعيان؟ كانوا يتبعون طريقة «إن لم تكن معي، فأنت ضدي»؛ أي إن لم يكن انضمام القبيلة مع الحوثيون، فسيتم تلغيم منازلهم من الداخل وتفجيرها بأفراد العائلة كلها، كمبدأ أساسي في عملية ترهيب الآخرين، وهو أحد الأساليب الوحشية التي يتبعها الآن تنظيم «داعش» الإرهابي.
كانت حدود السعودية - اليمنية مهددة، والجميع يتذكر التمرين العسكري الذي قامت بها الميليشيات الحوثية على الحدود، وزعموا أن الجمهورية الإيرانية أصبحت لديها حدود برية مع السعودية، وكان الحوثيون بأحلامهم الخيالية وصلوا إلى أقصى الدرجات بأن منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة سيتم تحريرهما.. وهي في النهاية مجرد مزايدات إعلامية من قبلهم.
اليوم اختلفت الأوضاع.. الرئيس اليمني هادي لا يزال موجودا بحكومة شرعية كاملة، معترف بها دوليًا، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي «2216»، والانقلاب الحوثي مجرّم دوليًا بموجب قرار أممي، والحكومة الشرعية تسيطر على 90 في المائة من الأراضي اليمنية، وموجودة داخل اليمن، وتدير عملياتها العسكرية من الداخل، وقوافل الأعمال الإغاثية والإنسانية تصل إلى كل مكان في اليمن، بما فيها مناطق الحوثيين، وفي مقدمتها مسقط رأسهم؛ محافظة صعدة.
المجتمع الدولي متفهم لوضع الانقلاب داخل اليمن، ويتبنى حلا سياسيا بموجب القرار الأممي «2216»، والحدود السعودية آمنة ومستقرة، وتأثير إيران في الداخل أصبح شبه معدوم، على الرغم من المحاولات المستمرة والمزايدات الإعلامية، لا سيما أننا في الفترة الأخيرة رصدنا ردودا إعلامية حوثية ضد الإيرانيين تطالب بالابتعاد عنهم. واليمن يسير الآن في اتجاه أن تعود حكومته للسيطرة على البلاد، وأن يعود الأمن والاستقرار لليمن خلال الفترة القريبة المقبلة.
* ما كواليس مراقبة السياسية اليمنية، واجتماع «العوجاء»، و«ساعة الصفر»؟
- أي عمل عسكري لا يأتي في يوم وليلة.. هناك عمل مسبق.. الملف اليمني حاضر على طاولات جميع الوزارات السعودية منذ 14 سبتمبر 2014، وأيضًا قبله كان موجودا، لأن الملف اليمني بالنسبة للسعودية قضية أمن وطني، مهما اختلفت الأساليب والتعامل مع الملف. في 2011؛ قضية الربيع العربي، بذلت السعودية جهودًا كبيرة لتجنيب اليمن الوقوع في كارثة، مثل بقية الدول، بالمبادرة الخليجية وتغيير الحكومة، وحصانة للمخلوع علي عبد الله صالح، وكذلك وساطات سياسية وقبلية، وهذا ليس بجديد، وهذا لا يعني ألا تكون السعودية متابعة للملف العسكري.
هناك متابعة دقيقة من الجانب العسكري، لأن الوضع خطر. وفي 2009 كانت لنا عمليات مع الميليشيات الحوثية على الحدود، ووزارة الدفاع السعودية لم يغب عن بالها هذه الخطوات والمتابعة في اليمن، وتحديث المعلومات والموقف أولا بأول، ونحن نسميه «إحاطة بالموقف بشكل مستمر».
وحين حصل الانقلاب في اليمن، والتحرك من محافظة صعدة باتجاه محافظات عمران وذمار، وحينما بدأت عملية تساقط المحافظات بسرعة غير طبيعية، كان هناك وضوح في وجود تواطؤ من الجيش اليمني المرتبط بمصالح مع المخلوع صالح، بتسهيل مرور الحوثيين وتوفير الدعم والإسناد للوصول إلى صنعاء، ونشرنا معلومات عناصر «حزب الله» وكيف يشرحون للحوثيين التنقل عبر صهاريج المياه من منطقة إلى منطقة، وكانوا تحت المتابعة.
من الطبيعي في مثل هذه الحالات في أي وزارة دفاع، أن تطور خططا لأسوأ الاحتمالات.. في حال حدوث الأمر الفلاني، ما المتبع تنفيذه. وكذلك سيناريوهات مختلفة، وكان أحدها التدخل لإنقاذ الشرعية بعد استجابة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لطلب من الرئيس اليمني هادي.
* ما المعطيات العسكرية التي على ضوئها حددت «ساعة الصفر»؟
- الأحوال الجوية أحد العناصر المؤثرة في أي عمل عسكري وتستطيع أن تحد من تأثيره، فـ«ساعة الصفر» تؤخذ على مستوى القيادة السياسية العليا، وفي التحالف تحدد من قبل الملك سلمان بن عبد العزيز، حيث ترفع له جميع المعطيات العسكرية، وخيارات لتحديد «ساعة الصفر»، ومن ثم، صاحب القرار هو خادم الحرمين الشريفين.
توقيت «ساعة الصفر» كان مهمًا لعدة أسباب؛ كلما تأخرنا، ازداد الأمر سوءا في اليمن. وفي دراسات ما قبل، كنا نتحدث والرئيس اليمني لا يزال في صنعاء، ثم تطور الأمر بعد انتقاله إلى عدن، وأصبح في وضع خطر في عدن، حيث شعر المتمردون على الشرعية أنهم خذلوا في صنعاء بعد انتقال هادي، فكان رد الفعل من قبل الانقلابيين أعنف باستخدام الطائرات وقصف القصر الرئاسي، وسرعة التدخل كانت مطلوبة، وبذلك كانت «ساعة الصفر» عسكريًا تقول بأن هذا الوقت مناسب لتنفيذ العملية، بحيث كانت الحركة هادئة، ولا يوجد مدنيون في كثير من الطرقات تجنبًا للضحايا، وكل هذه هي معطيات للقرار السيادي.
* ما الأهداف الرئيسية الذي تم تحديدها؟
- أول ما تم استهدافه هي وسائل الدفاع الجوية المضادة وإخمادها، من أجل إعطاء الفرصة لطائرات التحالف في المرور والسيطرة، حيث كان هناك كثير من الصواريخ التي استولى عليها الحوثيون من مخازن أسلحة الجيش اليمني، وهي تعد من تسليح الجيوش النظامية، إلا أنها في تلك الفترة أصبحت تحت تصرف الميليشيات الحوثية وأتباع المخلوع صالح. وهناك أعمال لا بد أن تنسيقها متزامنا.. مراكز القيادة والسيطرة، والقواعد الجوية، وكل هذه تمت في ليلة واحدة.
* هل واجهتم رد فعل؟
- عنصر المفاجأة مهم، وهذا يبين قلة الحنكة السياسية لديهم؛ حيث لم يتوقعوا أن السعودية ودول التحالف، ستشن هجمات عسكرية، وهذا جزء من المكابرة والعناد من الجانب الحوثي، حيث طرحت في السابق مبادرات وحوارات مع القيادات الحوثية تم تحديدها في البحرين، وتم رفضها من قبلهم، وكذلك في الكويت وغيرها، إلا أن عدم التعاطي مع هذه المبادرات، أدى إلى بدء الحرب. ولو كان هناك تعاطٍ من قبل الحوثيين، لأصبحت اليوم مكاسبهم أكبر، خصوصا أنه كانت هناك مخرجات الحوار الوطني، والمبادرة الخليجية، وكانت مكاسبهم فيها ممتازة، وهي أعطتهم حقوقا، والآن لا أتوقع أن يأخذوها في الوقت الحالي، مثلما حدد لها في الفترة الماضية.
ورد الفعل من الميليشيات الحوثية لم يكن محترفا، وفي الوقت نفسه كانت الضربة صاعقة لقواتهم فأخمدتها منذ الدقائق الأولى من «عاصفة الحزم».
* ما الذي تغير في الطلعات الجوية لقوات التحالف في الأيام الأولى عن الوقت الحالي؟
- بعد عام من الآن تغيرت العمليات العسكرية الجوية، حيث إن العمليات العسكرية الكبرى انتهت، والآن جزء كبير من العمليات العسكرية الجوية عمليات استجابة لطلبات الإسناد الجوية القريبة، والتي يحددها الجيش الوطني اليمني.. مثلاً هناك قوتان متقابلتان؛ والطيران الحربي يتدخل لإضعاف القوة المقابلة، حتى يتمكن الجيش الوطني اليمني من التقدم، وهذا التدخل محدد في الزمان والمكان، وفي حال لم يطلب الجيش اليمني، فلا نتحرك.
في الماضي كنا ننفذ العمليات العسكرية من شمال اليمن إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، الآن اختلف الوضع، لكن لا تزال عمليات الاستطلاع مستمرة، وكذلك عمليات المتابعة وآليات الاستخبارات وتحديد مكامن الخطر، مستمرة.
* بعد العمليات العسكرية، هل تتوقع وجود صواريخ بالستية لدى الحوثيين؟
- لا أستبعد وجود صواريخ بالستية حاليًا في اليمن.. الميليشيات الحوثية وصالح عملوا جل وقتهم على أن ينقذوا ما يمكنهم إنقاذه من ترسانة الأسلحة واستخدامها، والجميع يعلم أنهم استخدموا فوق 20 صاروخا؛ نصفها تصدت له القوات المسلحة وسقطت في داخل اليمن، والأخرى سقطت على الحدود السعودية، وتم تدمير منصات الإطلاق. طبعا حسب الأرقام المتوفرة لدينا، فإن الصواريخ التي كانت في عهدة الجيش اليمني نحو 300 صاروخ؛ مختلفة الأنواع والأشكال؛ جزء كبير منها دمر في العمليات الأولى، ومثله نجح الحوثيون في إخفائه في المدارس والملاعب الرياضية والمزارع والمنازل، وهذه المنهجية تحتاج جهدا إضافيا في عملية البحث.
متى ما حددت منصة الإطلاق، تدمر. متى ما عثر على الصواريخ حسب المصادر الاستخباراتية، تدمر أيضًا. وفي بعض الأوقات لا نستطيع تدمير الصواريخ لأنها تقع بين المدنيين، ومتى ما حركت من قبل الحوثيين يتم رصدها واستهدافها بعيدًا عن المساكن.
اليوم لدينا شكوك في أن بعضها لا يزال مخبأ، وبالتالي عمليات الاستطلاع لا تزال مستمرة، ومتى ما حددت الأهداف، فستدمر.
* هل لا يزال «حزب الله» وكذلك الإيرانيون في اليمن؟
- إلى ما قبل بدء العمليات العسكرية (عاصفة الحزم) كانت لدينا دلائل قوية حول وجودهم على الأراضي اليمنية، منها الأفلام التي عرضت والتقاط المكالمات الصوتية، وفي أكثر من مرة هاجمنا مراكز القيادة والسيطرة، وكانت لدينا قناعة بأنه يعمل بداخلها إيرانيون ولبنانيون. وللأسف الإيرانيون دائما يستخدمون العرب؛ مثلا يستخدمون اللبنانيين من أجل لغتهم العربية، والإيراني بطبيعة الحال لا يريد الموت، بل يريد موت العربي، وبالتالي ما الأسباب التي جعلت المقاتل اللبناني يترك بلاده وينضم إلى الميليشيات الحوثية كي يقاتل اليمنيين؟ واستخدام الغير في القتال منهجية إيرانية.
* هل لديكم شكوك حول تهريب الأسلحة تحت غطاء الإغاثة إلى الحوثيين؟
- الجميع يتذكر المحاولات الإيرانية.. حاولت طائرة اختراق المجال الجوي اليمني، بحجة إدخال مواد إغاثية، وتم اعتراضها، وطردها، وكذلك سفن تحمل أسلحة، وفي الوقت نفسه نحن لا نتحدث عن حصار بحري.. أي حصار معناه أن لا أحد يستطيع دخول اليمن ولا الخروج منه، وإنما حظر بحري وجوي، بمعنى نحن نسمح لآخرين بالدخول والخروج، وذلك بعد التأكد منهم وفق القرار الأممي «2216»، الذي ينص على تجريم تزويد الميليشيات الحوثية وصالح بمواد وأجهزة عسكرية تسمح باستدامة العمليات في اليمن، ونحن كنا ننفذ هذه الخطوات نيابة عن المجتمع الدولي. وموانئ البحر الأحمر اليمنية كانت تحت سيطرة الميليشيات الحوثية، ولا يزال بعضها حتى الآن، مثل الحديدة، كذلك، ومع ذلك، كنا نسمح بدخول السفن التجارية إلى ميناء الحديدة لهدف.
اليمن لا تنقصه مواد غذائية ولا تجارية، على الرغم من الشكوك لدينا بأن معظم هذه الحاويات تحمل أسلحة، والهدف الإنساني لدينا أعلى من الهدف العسكري. وحينما تصل الإغاثة، يتم تقسيمها من قبلهم كالتالي: جزء يؤخذ لإدامة العمليات العسكرية والأكل والشرب للمقاتلين، وآخر يباع في السوق السوداء لتمويل العمليات، والجزء الثالث عملية مقايضة مع المواطنين بحيث يسلم الأرض ويحصل على المواد الإغاثية لغرض ابتزاز المواطنين لعدم المقاومة. والمجتمع الدولي على اطلاع على ذلك، لكن قوات التحالف العربي لديها التزام أخلاقي.. «لا لتجويع»، ولذلك قبلنا أن تدخل الحاويات على الرغم من هذه المخاطر، وكنا نتخذ إجراءات مضادة إذا حصلت تجمعات للحوثيين أو دخلت مواد عسكرية، فنعمل على مهاجمتها مرة أخرى، لكن تبقى الموانئ مفتوحة، على عكس ما كانت تردده المنظمات الإغاثية «النائمة»، التي تكتب تقاريرها عن بعد، وليس هناك أحد منهم سعى للذهاب إلى ميناء الحديدة للاطلاع على ما يجري هناك.
* من أين يستمدون المعلومات في تقاريرهم؟
- يتحدثون مع الأشخاص في صنعاء، حيث يوجد هناك الانقلابيزن ويزودونهم بالروايات الذين يريدونها لصالح أهدافهم، أو يتابعون عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وعلى سبيل المثال، عرضت المنظمات صورا مرئية خلال فترة المساء لإخلاء المصابين في استهداف السوق في حجة، بينما استهداف السوق كان في النهار، وهذا يدل على أنهم لا يوجدون على الأرض، وبالتالي يضللون عن طريق الميليشيات الحوثية.
* ميناء الحديدة لا يزال مفتوحا؟
- السفن لا تزال تدخل ميناء الحديدة بطريقة طبيعية، ونحن نفتشها ضمن التفتيش المعتاد، فتفتيش مائة حاوية يحتاج إلى وقت طويل، ونقوم بتفتيش بعضها، ونحن نريد إيصال المساعدات الغذائية بشكل عاجل، لكن تظل عندنا شكوك بأن هناك حاويات تحمل أسلحة.
* تجاوب عناصر المقاومة في تحرير عدن..
- عدن بلد غير قابل للحوثيين، وبالتالي هم من قاموا بطرد الانقلابيين، وعندما يكون الشعب غير حاضن للجماعات الإرهابية والميليشيات الحوثية، يسهّل عليك أن تتخلص منهم، واليوم نتحدث عن صنعاء بأنها ليست حاضنة للحوثيين، وليست مدينة متعاونة مع المتمردين، ولكن بقوة السلاح فرضوا وجودهم هم وعناصر المخلوع صالح، ونحن نعول كثيرًا على أهل صنعاء بأن يهزموا الحوثيين.
والمقاومة في عدن لم تمكن الميليشيات الحوثية من بسط نفوذها على المدينة، وهذا أمر مهم جدًا، حيث يتم التواصل معهم لتحديد مواقع الميليشيات الحوثية ومواقعهم في حياتهم اليومية، وبالتالي يسهّل هذا على الجيش اليمني والتحالف عمليات الإنزال في ميناء عدن، وكذلك المطار، وهم كانوا عبارة عن أدلة لقوات التحالف والجيش اليمني، ولهم دور ليس بقليل.
* مدينة تعز قاومت فترة طويلة وتحررت في أيام..
- مرحلة الذروة في العمليات العسكرية تأتي في ساعات، لكن المرحلة الماضية التي ساعدت في الوصول إلى تلك النتائج، هي عمل طويل. الجميع يغيب وينسى تعز، لكن التحالف العربي لا يزال يعمل. نحن نبني قدرات المقاومة في الداخل من أجل القدرة على مواصلة المقاومة، وتغيير المعادلة من السلبية إلى حالة المقاومة المسلحة، ثم إلى مرحلة الهجوم.. وكذلك تمركز الميليشيات الحوثية على الجبال كلما تعرضوا للقصف، وبذلك وصلوا إلى مرحلة الانهيار داخل المدينة، ولم يكن هذا في يوم وليلة، فالعمل تراكمي، والآن المدينة محررة، بينما توجد العمليات العسكرية في أطرافها.
* هناك معلومات عن قوافل إغاثية تحمل شعار الأمم المتحدة تحمل أسلحة للحوثيين؟
- في كل مرة في حال وجود شكوك نتواصل مع الأمم المتحدة، ولكن نحن نعدّ الأمم المتحدة شريكا، لأن هناك أشخاصا يحاولون الإساءة باستخدام شعار الأمم المتحدة، وهذا لا يسيء للأمم المتحدة، وسبق أن ذكرنا ذلك في حادثة السفينة التي كانت تحمل أجهزة التنصت بعد أن أوقفت في جازان، لكن لا يعني هذا أن المنظمة متواطئة.
* هل صنعاء تحتاج إلى عمل عسكري أم ستسقط من الداخل؟
- ليس هناك أي عمل عسكري ما لم يحقق هدفه بمشيئة الله، لكن المسألة تحتاج إلى صبر، والتجهيز أيضًا يحتاج إلى صبر.
* التحالف نجح في تجهيز المقاومة التي انضمت إلى الجيش الوطني اليمني..
- التحالف لديه منهجية في العمل، وهناك نقطتان أساسيتان في أي مدينة يتم تحريرها؛ إحداهما عدم بقاء جماعات تقاتل بعيدًا عن سلطة الدولة، والرئيس هادي أصدر قرارا بشأن انضمام أي مقاومة في المنطقة بعد تحريرها إلى الجيش الوطني اليمني. والثانية ألا يبقى السلاح خارج سلطة الدولة، وجميع الأسلحة الذي كانت تشارك في القتال سواء عن طريق التحالف أو حصلوا عليها، لا بد أن تكون تحت سيطرة الجيش. والجيش يقاتل وينظم في الوقت نفسه، وهذا هو دور التحالف العربي، وهو ملتزم في هذا الشأن بتدريب وتجهيز وتنظيم الجيش الوطني اليمني، ليكون جيشا منظما يقاتل تحت قيادة. وقبل شهرين شاهدنا تخريج عدد من الشباب اليمني، وهؤلاء موجهون للعمل الأمني وإعادة بناء الأمن اليومي للمواطن في المناطق المحررة.
وأصعب مرحلة هي الاستقرار، والجميع يعرف أن الأميركيين دخلوا العراق في يوم، واستمروا أعواما طويلة ولم ينجحوا في إرساء الاستقرار بالعراق، وكذلك الحال في أفغانستان. وعملية الاستقرار في اليمن لا تتم إلا بمشاركة الشعب، والمواطن اليمني هو رجل الأمن الأول، ولا يمكن أن تأتي بقوة خارجية لإرساء الاستقرار في اليمن.
* ماذا تم بشأن اجتماع التهدئة الذي سعى إليه عدد من الشخصيات الاجتماعية باليمن؟
- لا يزال الوضع حتى الآن هادئا على الحدود السعودية - اليمنية، وهناك التزام من الطرف الآخر، وهناك عمل حثيث لرفع المعاناة عن المواطنين، وهناك عمل آخر يتم، وهو إزالة الألغام التي نشرت بالآلاف، وذلك لعدم تعرض قوافل الإغاثة لمخاطر الألغام.. والتدفق الإغاثي لا يزال مستمرا.
* هل هناك تهدئة تجري الآن داخل اليمن بعيدًا عن المناطق الحدودية؟
- نحن نتمنى هذا اليوم قبل أمس، والمجتمع القبلي في اليمن يجب أن يكون له دور إيجابي وليس سلبيا.
* هل هناك بوادر؟
- في داخل اليمن الدور الآن ينصب على الشرعية اليمنية، وهي متواصلة مع القبائل في الداخل، ونحن نعول على القبائل في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الميليشيات الحوثية وأن يكون لها هناك دور إيجابي، حيث لم يكن للميليشيات الحوثية أن تدخل تلك المناطق القبلية، إلا والقبائل لها دور سلبي. الآن يجب أن يكون لهم دور إيجابي في إقناع الميليشيات الحوثية بأن تتخلى عن هذه المدن التي ليست للحوثيين، أو يكون لها دور إيجابي في دعم الشرعية والجيش اليمني للتخلص من الميليشيات الحوثية في هذه المدن.. أما إذا كانوا على الحياد أو في الجانب السلبي، فهذا لا يخدمهم، ولا يخدم الشعب اليمني.
* هل ستستمرون في مساندة الجيش اليمني؟
- نحن مستمرون في مساندة اليمن، والدول الخليجية، وعلى رأسها السعودية، لن تتخلى عن اليمن، حتى واليمن ضد مواقف السعودية، فالمملكة مستمرة في الدعم والإسناد، والآن نحن ملتزمون كتحالف مع الشرعية اليمنية، بالمحافظة على الشرعية بوصفها هدفًا أساسيًا، وبناء الجيش اليمني عن طريق التدريبات والتجهيزات ومواكبة اليمن في العمل الأمني.
* متى كانت آخر مشاركة للسعودية ضمن قوات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا؟
- الشهر الماضي.
* دخول السعودية في حربين؛ إحداهما في الشمال ضد «داعش»، والأخرى في الجنوب لإنقاذ الشرعية اليمنية.. على ماذا يدل؟
- إذا نظرنا للتهديدات، فإنه لا بد للقوات المسلحة من أن تستجيب. لدينا تهديد في الجنوب وهو المتمردون في اليمن، وكذلك تهديدات داخلية، ووزارة الداخلية السعودية تعلن باستمرار نتائجها في التصدي لتلك التهديدات ومواجهتها، وأيضا لدينا تهديد على الحدود الشمالية حينما حاول مسلحون التسلل إلى الحدود.. وبناء على ذلك، فنحن ملتزمون بالقتال ضد «داعش»، وننفذ عمليات في سوريا ضده..
وهناك جهد كبير للقوات المسلحة السعودية، ومهمتها أن تكون درعا واقية للسعودية ضد التهديدات.. فإذا تعلق الأمر بالأمن الوطني، فليس هناك خيار.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.