إقليم كردستان يحقق في مواد مشعة أدخلتها إيران لضرب الزراعة

البرلمان يقدم مذكرة احتجاج ويتهم طهران بمحاربة الأكراد

عينة من السماد السام الذي ضخه الحرس الثوري الإيراني إلى إقليم كردستان لتدمير القطاع الزراعي أمس («الشرق الأوسط»)
عينة من السماد السام الذي ضخه الحرس الثوري الإيراني إلى إقليم كردستان لتدمير القطاع الزراعي أمس («الشرق الأوسط»)
TT

إقليم كردستان يحقق في مواد مشعة أدخلتها إيران لضرب الزراعة

عينة من السماد السام الذي ضخه الحرس الثوري الإيراني إلى إقليم كردستان لتدمير القطاع الزراعي أمس («الشرق الأوسط»)
عينة من السماد السام الذي ضخه الحرس الثوري الإيراني إلى إقليم كردستان لتدمير القطاع الزراعي أمس («الشرق الأوسط»)

كشفت لجنة الزراعة والري في برلمان إقليم كردستان أمس عن تحقيقات أجرتها توصلت إلى ضخ فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني كميات كبيرة من سماد «الداب» السام عن طريق التهريب إلى داخل إقليم كردستان بهدف القضاء على الزراعة في الإقليم.
وأعلنت اللجنة عن دخول كميات كبيرة من هذه الأسمدة السامة من إيران إلى إقليم كردستان عبر التهريب، مؤكدة أنها ستتخذ الإجراءات القانونية وستُقدم مذكرة إلى القنصلية الإيرانية في الإقليم احتجاجًا على هذه التصرفات المتمثلة بتصدير المواد الفاسدة وغير الصالحة للاستعمال البشري إلى الإقليم.
وقال القيادي في حزب الحرية الكردستاني الإيراني، خليل نادري لـ«الشرق الأوسط»: «بحسب معلوماتنا، ضخ فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني كميات كبيرة من سماد (داب) السام إلى داخل إقليم كردستان للقضاء على الزراعة فيه، لأن هذا النوع من الأسمدة التي ضختها إيران إلى الإقليم عبارة عن مادة سامة تحرق البذور داخل التربة وتحرق جذور المزروعات بشكل كامل»، وأضاف أن «هي تحتوي أيضًا على نظائر مشعة وتلحق أضرار كبيرة بالإنتاج الزراعي في الإقليم وبالأراضي الزراعية، القسم الاقتصادي في فيلق القدس أدخل كميات كبيرة من هذه المادة السامة إلى الإقليم عن طريق التهريب، وهذه الخطوة تعتبر جزءا من الحرب التي تشنها طهران ضد إقليم كردستان».
وتابع نادري: «إيران تحارب الكرد وإقليم كردستان بكل الوسائل، فهي تعمل ومنذ سنوات على تجفيف الأنهار في الإقليم، وتعمل أيضًا على تدمير المجتمع الكردي من خلال ضخ المواد المخدرة إلى داخل الإقليم. بالإضافة إلى محاولات طهران المستمرة لزعزعة الاستقرار السياسي في الإقليم وإشعال نار الحرب الأهلية بين الأطراف الكردستانية لإعادة الإقليم إلى الوراء لعدة سنوات»، كما قال: «وها هي الآن تشن الحرب على القطاع الزراعي لتدمر اقتصاد الإقليم وتحرق أراضيه، لذا يجب أن نتحد جميعا في دول المنطقة للإيقاف العدوان الإيراني».
وبدوره بين عضو لجنة الزراعة والري في برلمان كردستان، بشار مشير، لـ«الشرق الأوسط»: «دول جوار الإقليم تتعمد بإفشال القطاع الزراعي في كردستان، من أجل ضخ موادها الزراعية ومنتجاتها إلى داخل أسواق إقليم كردستان، كاشفًا عن تلقيهم شكاوى من الفلاحين في سهل شهرزور (جنوب شرقي محافظة السليمانية)، حول السماد الكيماوي (داب) المستورد من إيران».
وتابع مشيرًا أن «هذا النوع من السماد لا يحمل أي مواصفات من المواصفات المسجلة على أكياسها، لذا نحن في لجنة الزراعة البرلمانية أخذنا عينات من هذا السماد إلى مختبرات دوائر البحوث الزراعية في أربيل والسليمانية للتأكد من أقوال الفلاحين».
وقال: «اتضح لنا أن المواصفات الموجودة على أكياسها غير صحيحة ومضارها أكبر لاحتوائها على مادة الفسفور»، مضيفًا أن «كميات كبيرة من هذا السماد دخلت إلى أسواق الإقليم، منبهًا في الوقت ذاته الفلاحين في الإقليم إلى عدم استخدام هذا النوع من السماد».
وشدد مشير بالقول: «هذه الدول تحاول محاربة الفلاحين والزراعة في إقليم كردستان بصورة خاصة في العراق بشكل عام، لأننا إذا ألقينا نظرة على السوق في إقليم كردستان نرى أنه يعتمد بنسبة 95 في المائة على استيراد المنتجات الزراعية من دول الجوار، لذلك لا ترغب هذه الدول في إنجاح وتطور القطاع الزراعي في الإقليم، من أجل تصريف منتجاتها في أسواق كردستان»، مبينًا بالقول: «سنسلم القنصلية الإيرانية في الإقليم مذكرة احتجاج على هذه التصرفات التي تصدر عن الشركات الإيرانية المتمثلة بتصدير المواد الفاسدة إلى إقليم كردستان».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.