غاب إيلي صعب عن لوس أنجليس منذ نحو عشرة أيام تقريبا، وتألق في أسبوع باريس أول من أمس. وإذا كانت هناك أي حسرة أو أسف على غيابه التام، ولأول منذ سنوات عن حفل الأوسكار الذي يعتبره المصممون أهم عرض أزياء عالمي لما يجذبه من مشاهدة وتغطيات إعلامية تستمر طويلا، فإن هذه المشاعر لا بد أن تكون قد تبخرت بفضل ردود الأفعال الإيجابية التي شهدها في عيون الحضور.
وليس ببعيد أن تكون ردت إليه اعتباره وذكرته بأن دوره الأول والأهم يجب أن يكون في باريس وأن المرأة التي يجب أن يتوجه لها هي تلك التي تشتري فساتينه وتصرف مبالغ طائلة للحصول عليها، ولن يؤثر عليها حضوره حفل الأوسكار من عدمه.
التغيير لم يشمل غيابه عن حفل الأوسكار فحسب بل أيضا ما قدمه في القاعة المنصوبة في حديقة التويلرز، إلى حد تشعر بأنك تتعرف على المصمم لأول مرة. أين هي فساتين السهرة التي تستحضر أميرات الشرق وبطلات الأساطير الإغريقية، وأين هي تلك الشلالات الغزيرة من الأحجار التي كانت ترصع الفساتين وتغطي على القماش نفسه؟. كلها غابت تقريبا لتحل محلها نغمة جديدة، أكثر جرأة وحيوية، يمكن القول إنها خروج من القصور إلى الهواء الطلق.
كانت هناك حرية تجسدت في انسيابية الفساتين وحرية الحركة جعلت العرض مختلفا عن كل ما قدمه سابقا.
نعم كانت هناك مؤشرات خفيفة وتدريجية في الآونة الأخيرة بهذا الاتجاه، لكنه أول من أمس يبدو كما لو أنه استجمع قوته وقرر ألا يتردد بل أن يطلق العنان لدخول حقبة أخرى جديدة من الرومانسية وترجمة جديدة للأنوثة. حقبة أكثر جرأة لا اعتذار فيها عن أسلوبه السخي في كل شيء، بقدر ما هي تغني واحتفال بها، على إيقاعات موسيقية حية بصوت الهولندية «مو» MØ، التي شكلت مع فرقتها الموسيقية الخلفية الموسيقية للعرض. كان واضحا أن إيلي صعب يستهدف مخاطبة شابة عصرية وليس المرأة الناضجة، التي كانت زبونته الوفية لحد الآن. فهذه مضمونة بالنسبة له، وولاؤها مستمر في كل الأحوال، بينما متطلبات السوق تحتم عليه لغة إغراء جديدة تفهمها بناتها وحفيداتها لضمان الاستمرارية.
لتحقيق الهدف، لم يبخل عليها بشيء واستعمل كل الوسائل والأساليب. الوسائل باستضافة نجمات شابات، مثل أريزونا ميوز، أوليفيا باليرمو، دايانا أغرون، احتللن مقاعد الصفوف الأمامية إلى جانب المدونات وفتيات إنستغرام وأصحاب المواقع الإلكترونية، على أساس أن هذه هي وسائل تواصل العصر الحديثة.
أما بالنسبة للأساليب التي تبناها لهذه الغاية، فتجلت في تقديمه قطعا متنوعة، تباينت بين البوهيمي والغجري المترف، والقوطي فضلا عن أسلوب فيكتوريانا. الأسود كان هو الغالب من حيث الألوان، والدانتيل من حيث الأقمشة إلى جانب الغيبور. كل هذا ترجمه في تصاميم أنيقة شملت فساتين بأطوال مختلفة أجملها كانت الطويلة، ماكسي، ليس للمساء والسهرة فحسب بل أيضا للنهار. فهي جد مناسبة لفتاته التي تريد الهروب من كلاسيكية القصور والبلاطات لتحضر مهرجانات موسيقية في الهواء الطلق، مثل كوتشيلا، وهو ما بدا واضحا في تلك التي نسقها مع أحذية عالية الرقبة «بوتات». التطريزات لم تغب تماما، فهي ماركته المسجلة، إذ جاءت بحبات لؤلؤ ضخمة وأحجار كريستال كما بالترتر والخرز، بحيث تبدو التطريزات وكأنها وشم، لكنه خفف منها بشكل ملحوظ مقارنة بالمواسم الماضية.
إيلي صعب يكتب «قصة» جريئة بالأسود والدانتيل
كان يستهدف مخاطبة {شابة} عصرية وليس المرأة الناضجة
إيلي صعب يكتب «قصة» جريئة بالأسود والدانتيل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة