أسامة النجيفي لـ «الشرق الأوسط»: نثمن دعم خادم الحرمين لأهالي الأنبار.. والسعودية كانت دائماً سباقة

نائب رئيس الجمهورية قال إن تشكيل ذراع عسكرية للسنة غير قانوني وسيزيد من الصراع

أسامة النجيفي ({الشرق الأوسط})
أسامة النجيفي ({الشرق الأوسط})
TT

أسامة النجيفي لـ «الشرق الأوسط»: نثمن دعم خادم الحرمين لأهالي الأنبار.. والسعودية كانت دائماً سباقة

أسامة النجيفي ({الشرق الأوسط})
أسامة النجيفي ({الشرق الأوسط})

يمر العراق بأكثر الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية إحراجا، حيث الحرب ضد تنظيم داعش، والخزينة توشك على الإفلاس، والشعب يضغط بمظاهراته على الحكومة والكتل السياسية لمحاربة الفساد وكشف الفاسدين ومحاكمتهم، وفي حمأة هذه الأزمات فاجأ رئيس الحكومة حيدر العبادي شركاءه السياسيين بمشروع التغيير الوزاري الذي شغل الكتل السياسية لعدم توصلهم لصورة وآليات هذا التغيير.
ووصف السياسي العراقي أسامة النجيفي، نائب رئيس الجمهورية رئيس أكبر كتلة سنية في مجلس النواب (متحدون) الحديث عن التغيير بأنه «ليس حقيقيا».. وقال: «الإعلان عن تغيير أو تبديل وزاري هو محاولة للهروب إلى الأمام، ومحاولة للقفز على الاستحقاقات والالتزامات وكسب الوقت وليس لإجراء تغيير حقيقي».
وقال في حوار سياسي لـ«الشرق الأوسط» بمكتبه في بغداد، إن «العبادي ليس مستقلا بقراره بل محكوم بقرار حزبي وفي إطار التحالف الوطني الذي رشحه لهذا المنصب وأيضا محكوم بضغوط دولية معينة». وأضاف بصراحته المعهودة أن «مشاركة (الحشد الشعبي) في معركة تحرير الموصل خط أحمر»، كاشفا عن وجود «ضباط من الحرس الثوري الإيراني وعناصر من (حزب الله) اللبناني في العراق لتدريب الميليشيات المسلحة». وأشاد النجيفي بمبادرة خادم الحرمين الشريفين لمساعدة أهالي الأنبار وقال: «نثمن هذه الخطوة.. فالسعودية كانت دائما سباقة في دعم العراقيين».
وإلى نص الحوار
* هل تعتقدون أن هناك بالفعل تعديلا أو تغييرا وزاريا قادما، وما صيغة هذا التغيير؟
- ما يثار حول تعديل أو تغيير وزاري في الحقيقة كان أمرا مفاجئا لنا لأننا على يقين بأن الأداء الحكومي كله غير ناجح، وهناك عدم قدرة على السيطرة على الأوضاع. العبادي لم يسبق أن فاتح الكتل السياسية أو البرلمان بطريقة دستورية في طلب تغيير وزير لتقصيره في عمله أو لسوء مستوى أدائه أو محاسبة وزير معين للتقصير في عمله، بل إن القضية كانت تبدو أن هناك انسجاما تاما في عمل الفريق الحكومي، وفوجئنا بأنه يريد استبدال قسم من الوزراء وفي بعض الأحيان طرح فكرة تغيير كل الكابينة الوزارية.
* تغيير كل الكابينة بمن فيهم رئيس الوزراء؟
- لا طبعا، لكن طلب منه تغيير شامل طالما أن الحكومة غير منسجمة وغير مؤهلة لإدارة البلد. وأنا أعتقد أن الإعلان عن تغيير أو تبديل وزاري هو محاولة للهروب إلى الأمام، محاولة للقفز على الاستحقاقات والالتزامات وكسب الوقت وليس لإجراء تغيير حقيقي.
* تحدث رئيس الحكومة عن نيته بتشكيل حكومة تكنوقراط، وهو القائل سابقا إن حكومته هذه هي حكومة تكنوقراط، فما هو شكل الحكومة التي يراد تشكيلها؟
- الطرح الذي تقدم به رئيس الوزراء في البرلمان لم يكن واضحا، ويوم أمس (أول من أمس) كان هناك اجتماع للرئاسات الثلاث، الجمهورية والبرلمان والحكومة، وحضرناه ولم نفهم ما المراد من التغيير الوزاري. وأنا شخصيا وجهت أسئلة محددة لرئيس الوزراء وقلت له لم نفهم عرضكم، ماذا تريد بالضبط. ووجهت له أسئلة وطلبت منه الإجابة عنها ولو في يوم آخر، وهي: ما الوزارات المستهدفة بالتغيير، وأسباب هذا التغيير لهذه الوزارات، وما آلية استبدال الوزراء، وهل ستكون حكومة شراكة أم أغلبية سياسية، والتوقيت اللازم لإجراء التغيير، وما برنامج الحكومة، وهل هناك برنامج جديد كون الحكومة الحالية لم تلتزم بالبرنامج السابق الذي اتفقنا عليه، بل إنها تنصلت من وعودها وفشلت بإقرار البرنامج. لكن رئيس الحكومة تكلم عن أن الوزراء الذين يريد تكليفهم بعيدون عن الكتل السياسية ولا ينتمون إلى أحزاب ولا يتبنون أفكارا سياسية محددة بل مهنيون في اختصاصاتهم، ولكن هل في العراق يوجد مثل هؤلاء الأشخاص؟ هنا في العراق يصعب اختيار أشخاص لا يوجد لهم انتماء لفكر معين أو لقومية أو لطائفة أو لعشيرة، القضية غير مفهومة. ثم إنه إذا كان العبادي يريد وزراء لا ينتمون لأي حزب أو كتلة أو فكر سياسي فلماذا هو ينتمي إلى حزب محدد (الدعوة) وهو الوحيد الذي لا يستبدل.. هذا أمر يثير التساؤل. قلت له بالأمس، إذا كنت تريد استبدال جميع الوزراء والمجيء بوزراء غير مسيسين فأنت تنتمي لحزب الدعوة وعليك أن تستقيل.
* إذن أنتم تعتقدون أنه ليس هناك نوايا للإصلاح الحقيقي؟
- هذا يعتمد على رؤية أصحاب القرار للمعالجة الحقيقية للمشاكل. القضية لا تكمن في استبدال وزير، بل القضية تتعلق بوجود شرخ طائفي كبير في البلد، ووجود سياسات على مدى سنوات طويلة للي الذراع وكسب الأرض والمناطق ومراكز السلطة وتدافع للسيطرة على البلد بشكل أو بآخر. على مدى السنوات الماضية حصلت الكثير من المظالم والخروقات الدستورية، وما زال الأشخاص الذين يمارسون هذه السياسات نافذين في العراق، فهل باستطاعة رئيس الوزراء أو وزراء التكنوقراط معالجة هذه القضايا أم علينا أن نعود للقادة الحقيقيين للبلد، اعني أصحاب القرار، أن يجلسوا ويتناقشوا بمرونة عالية ويتفاهموا للوصول إلى محاولة مد الجسور بين المكونات ومعالجة المشاكل وإزالة المظالم واحترام الدستور ومحاربة الفساد الذي لا أعتقد أن الحكومة قادرة على السيطرة عليه كونه فسادا محميا من قبل متنفذين يمارسون هذه الجرائم بحق الشعب ويؤخر مسيرة البلد، لهذا أقول يجب أن نصل إلى قعر المشكلة ومعالجتها بصورة حقيقية.
* يبدو أن لا أحد في العراق يعرف كيف تعالج هذه الأزمات؟
- اللوم يقع على من بيده السلطة الحقيقية، صحيح هذه الحكومة هي حكومة شراكة لكنها شراكة صورية، والقرار ما يزال يطبخ ويتم اتخاذه وتنفيذه في غرف مغلقة، وأعني غرف التحالف الوطني، التحالف الشيعي الذي هو مسؤول عن إدارة البلد، وبصورة خاصة حزب الدعوة الذي أدار - ولا يزال - العراق منذ أكثر من عشر سنوات في الأقل. يجب أن تكون هناك مراجعة، فعندما نستعرض الآن مراكز السلطة بالبلد فسنجد أن الوزارات السيادية ووزارات أخرى والهيئات المستقلة والبنك المركزي كلها لحزب الدعوة، وكذلك المفتشون العموميون في أغلب الوزارات هم من حزب الدعوة. وقد تكلمت في اجتماع الرئاسات الثلاث بهذا الموضوع وبكل وضوح، لا يجوز أن تختصر السلطة بيد حزب وهو جزء من التحالف الوطني ولا يمتلك الأغلبية السياسية لا داخل التحالف ولا على مستوى البرلمان. الشراكة الحقيقية في الحكومة واتخاذ القرار مفقودة إذ تم خرق الدستور والالتفاف على الاتفاقات السياسية في 2010 و2014 وكانت في هذه الاتفاقات حلول حقيقية للمشاكل.
* قلتم إن اتفاقات 2010 و2014 لم تنفذ، وإن الشراكة ليست حقيقية لماذا أنتم في الحكومة إذن، لماذا منحتم الحكومة صفة الشراكة من خلال مشاركتكم فيها؟
- المشكلة تبدأ بالتفاؤل عندما تتم الموافقة على الاتفاقات ويتم وضع جداول زمنية للتنفيذ من ثم تتشكل الحكومة، والقيادات تنتظر التنفيذ والجمهور ينتظر، وعندما تتنصل الحكومة من هذه الاتفاقات نكون أمام خيار الانسحاب من الحكومة ونذهب إلى المعارضة. للحقيقة أقول: إن المعارضة في العراق ليست موجودة كواقع، ولا يحترم حقها في الاعتراض، ونقد الأوضاع وببساطة يتم تهميشها وتجميدها عن طريق انتهاك مجلس النواب وسلطته التشريعية وهذا يحبط ناخبينا. في 2012 أردنا تغيير الحكومة بطريقة شرعية ولم نستطع بسبب تدخلات دولية وإقليمية، واليوم نطلب تنفيذ اتفاقات 2014 أو أننا نتجه لأساليب أخرى ومنها الانسحاب من الحكومة ولكن لا توجد آليات لنجاح المعارضة.
* ماذا عن موضوع الأقاليم؟
- بدأنا نفكر بموضوع الأقاليم وهذا حق دستوري وليس تمردا على الدولة، مع أن هذا الحق معطل وسوف نطالب بتفعيله وتنفيذه إذ ليس من حق رئيس الوزراء تعطيل أي حق دستوري، وقبل أيام تم عرض طلب محافظة البصرة بأن تكون إقليما وتم تجميد الطلب في مجلس الوزراء، وهذه نفس السياسة التي كانت سائدة في الحكومة السابقة عندما عطلت طلبا من محافظات ديالى وصلاح الدين ونينوى بأن تتحول إلى أقاليم، من واجب رئيس الوزراء وحسب الدستور إحالة مثل هذه الطلبات إلى المفوضية العليا للانتخابات لإجراء الاستفتاء حسب الدستور وليس تجميد مثل هذه الطلبات. بدأنا نجتر نفس سياسات الحكومة السابقة، برئاسة نوري المالكي، مع أن الوسائل تختلف لكن النتائج نفسها، فالكوارث التي وقعنا بها نتيجة سياسات حكومة المالكي نعيش نتائجها والتخبط والفشل في هذه الحكومة مستمر، حكومة العبادي أكثر هدوءا وانفتاحا لكن لا تغيير ولا نتائج ملموسة، وسائل فاشلة أدت إلى نفس النتائج السابقة.
* باعتقادكم من يضع العصا في دواليب الإصلاحات التي يريد العبادي إجراءها؟
- هناك متضررون من عملية الإصلاح، هم الذين يمسكون بالسلطة الحقيقية والمسؤولون عن الفساد في البلد، الذين لديهم أجندة طائفية ولا يريدون الشراكة الحقيقية مع الآخرين، هؤلاء لا يريدون للإصلاحات الحقيقية أن تتم. نحن نحتاج إلى ما هو أكبر من قرارات الحكومة وصلاحيات رئيس الوزراء، نحتاج إلى قرارات أصحاب الحل والربط وأعني القادة السياسيين الحقيقيين للبلد، أن يجلسوا ويتفاهموا ويصلوا إلى حلول جذرية، كما علينا أن نحل موضوع تأثيرات الوضع الإقليمي والصراع الإقليمي الذي يدور فوق الأرض العراقية وهذا يؤثر على إجراء الإصلاحات والتقارب والتفاهم العراقي لأنه سيكون مضرا لمحور ضد محور آخر ونحن نشهد الصراع الإقليمي اليوم على أشده وفي تصاعد، وأقصد صراع إيران والعرب، إيران وتركيا، روسيا ودول المنطقة، كلها تتدافع وتتصارع فوق الأرض العراقية.
* أين أنتم كاتحاد قوى وأحزاب سنية؟
- عندما طرح موضوع الإصلاح كنا جاهزين للحوار وأردنا أن نفهم من رئيس الوزراء ماذا يريد، هل يريد تغيير الوزراء لمجرد التغيير، وماذا عن وكلاء الوزراء والمديرين العامين، فهؤلاء هم الذراع الحقيقية للحكومة إذ لا يمكن استبدال وزير وترك منظومة فاسدة في وزارته إذ لا بد من معالجة كل الجسم، لهذا نريد أن نفهم من رئيس الوزراء كونه لم يتشاور أو يتحاور معنا. هو وعد بالجلوس مع القوى السياسية هذا الأسبوع ونحن مستعدون بتغيير الوزير غير الكفء وترشيح غيره أكثر كفاءة كون هذا حقا انتخابيا ولا يجوز لرئيس الوزراء استبدال وزرائنا بآخرين من كتل أخرى، وولاؤهم لحزب آخر، هذا غير منطقي هناك استحقاقات انتخابية يجب أن تحترم، أما تبديل وزير مقصر فهذا أمر صحيح، نحن مستعدون للتعاون لكن يجب مناقشة المشاكل الحقيقية التي تتعلق بانفراد جهة دون غيرها بالقرار الأمني والاقتصادي والسياسي وصبغ البلد بصبغة معينة رغما على الآخر وغياب التوازن وجملة أمور أخرى.
* هناك من الكتل السياسية من يتحدث عن حلول أخرى للأزمة العراقية مثل حكومة طوارئ أو حكومة إنقاذ وطني وإجراء انتخابات مبكرة، هل تعتقدونها حلولا عملية؟
- إذا لم تنجح جهود الأطراف السياسية بالإصلاح والتغيير الوزاري. وفشل رئيس الوزراء في إنقاذ البلد يمكن أن يؤدي إلى انتخابات مبكرة وهي إحدى الخيارات. وهذا حل دستوري وقانوني وسيتيح مجيء طبقة سياسية جديدة أو معها وجوه قديمة على الأقل، وسيكون هناك تخويل جديد. في اعتقادي حصلت في السنة الأخيرة متغيرات كبيرة والبلد بحاجة إلى قيادة من نوع آخر، قيادة تستطيع أن تحل المشاكل الداخلية.. الحكومة الحالية أخفقت بشكل تام في هذا الموضوع.
* جمهوركم، من انتخبكم من السنة عندهم أكثر من عتب عليكم كونكم لم تحلوا مشاكلهم ولم تحققوا بعض مطالبهم؟
- لا يوجد نجاح عند أي طرف وهذا يتعلق بعقود من السياسات الخاطئة وفشل منهج فرض على العراق بعد 2003 والقضية أكبر من الجميع، أنا لا أستطيع القول إننا استطعنا أن نحقق كل ما نريده لشعبنا، وما أصابنا من نكبات قسم منه بسبب عامل خارجي وليس لسياسات نحن أخطأنا بها. عزاؤنا أننا لم نترك الناس ولم نفرط بحقوقهم أو نتنازل عنها ولم نتورط بفساد اتجاه البلد، ولكن أن ننجح بشكل كبير فهذا له علاقة بالتاريخ وبالوضع الطائفي وبالصراع الموجود على الأرض والتأثيرات الإقليمية والصراع الدولي وله علاقة بالإرهاب الذي اجتاح الجميع. نحن ما زلنا نؤمن أننا قادرون على تحقيق النجاح سياسيا ولكن هذا لا يتحقق من دون تواصل كل القوى وليس من جانب واحد. الجانب الشيعي أيضا عنده فشل وجمهوره غاضب، بل إن الشيعة هم من يتظاهر في كل مكان من العراق اليوم ولا يريد أيا من القيادات الشيعية ويندد بالكل، والأكراد عندهم مشاكلهم ونحن لدينا مشاكلنا.
* من يتصدى اليوم لقيادة من باتوا يسمون في اللغة السياسية «العرب السنة».. من يقود السنة في العراق؟
- هناك قيادات تترأس أحزابا وكتلا كبيرة وحصلت على أعلى الأصوات في الانتخابات ويمكن أن نسمي ثلاثة من القيادات السنية التي تتصدى للقيادة وتحظى بثقة النواب وأيضا الأطراف الأخرى تتفاوض معها. المشكلة أننا نعيش في ظل وضع شاذ حيث غياب القانون والنظام والبرلمان مقيد ورئيس الوزراء محكوم بميليشيا معينة أو زعيم عصابة معين، بلد تنتهك حدوده هنا وهناك وتتحكم دول أخرى بمصيره، بينما الإرهاب يحتل محافظات بأكملها وشعب ضائع بين مشرد وفقير، المنظومة كلها مضطربة ولا نتصور أن نحقق نجاحا سهلا في ظل هكذا ظروف.
* هل نستطيع القول إن أسامة النجيفي هو من يتصدى لقيادة العرب السنة في العراق؟
- أنا لا أدعي هذا.. أنا أترأس أكبر كتلة سنية في البرلمان، ولكن هناك كتلا وقيادات سنية أخرى، وأنا، من بين القيادات السنية، حصلت على أكبر عدد من الأصوات في انتخابات 2010 و2014. ولدي علاقات طيبة مع أكثر النواب ومقبولية من القيادات في الكتل الأخرى إضافة إلى علاقات عربية جيدة وعلاقات إقليمية ودولية متوازنة ومؤثرة، ولا أدعي أنني أمثل كل العرب السنة في العراق وهناك قيادات أخرى ونحاول مجتمعين لإنقاذ أهلنا وإخراجهم من المحنة التي نحن فيها الآن.
* هل فكرتم، وأعني الأحزاب السنية في العراق، بتشكيل ذراع عسكرية أو ميليشيا كما فعلت بعض الأحزاب الشيعية، لحماية جمهوركم مثلا؟
- تشكيل ذراع عسكرية مبدأ غير قانوني وغير دستوري ولا يساعد على استقرار البلد وسيؤدي إلى المزيد من الصراع، ولكن التوازن في بعض الأوقات يدفع الأطراف لأن تجلس وتتحاور.
السنة في بدايات الاحتلال الأميركي انخرطوا في المقاومة ضد الاحتلال، هذا كان ذراعا عسكرية، وعندما اخترقت «القاعدة» المقاومة تم تشكيل الصحوات التي حاربت «القاعدة» وكانت أيضا ذراعا عسكرية لمحاربة الإرهاب وحفظ الأمن وتم التصدي لهذه الصحوات وإحباطها في الوقت الذي كانت تبنى فيه ميليشيات من قبل أطراف أخرى تمول ويتم تسليحها، وعندما لم يقتنع الطرف الآخر بمنحنا حقوقنا ماذا كان البديل؟ كان التطرف والإرهاب، «داعش» تنظيم متطرف جدا وحاول أن يعطي انطباعا بأنه يمثل السنة ولكنه كان وسيلة لتدمير السنة حضارة وشعبا، وهو كارثة كبيرة ليس على السنة فقط وإنما على عموم شعبنا والبلد بأكمله. هناك من يفكر بتشكيل ذراع عسكرية للسنة ولكن هذا يجب أن يضبط بالقانون، عندما طرحنا مشروع الحرس الوطني فكرنا أن هذا يحفظ أمن محافظاتنا ويعطيها حق التصرف بالملف الأمني، والحرس الوطني لكل المحافظات وليس للمحافظات السنية فقط، وهذا أيضا أحبط بشكل أو بآخر. أنا ضد الذراع العسكرية المنفلتة عن الدولة. وتبقى للجيش مهمة خلق التوازن وحماية البلد.
* من يدعم العرب السنة في العراق؟
- هناك دعم سياسي واضح من الدول العربية. تقف معهم سياسيا ليس أكثر من ذلك، وكذلك تركيا، والأمم المتحدة تلعب دورا في تشخيص بعض نقاط الخلل وإيصال الخروقات التي يتعرضون لها للمحافل الدولية. وهناك المساعدات الإنسانية للنازحين والمهجرين وهذه موجودة باستمرار، المملكة العربية السعودية كانت سباقة في الدعم الإنساني للعراقيين وقدمت في السابق نصف مليار دولار وقبل أيام وجه خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز مشكورا بمساعدة أهل الأنبار وهذه خطوة إيجابية جدا ونثمنها للغاية، وسوف تفيد أهلنا في هذه المحافظة المنكوبة، كما كانت قطر والإمارات العربية المتحدة قدمت مساعدات مباشرة للنازحين، هذه المساعدات الإنسانية موجودة، أما ما يتعلق بالدعم السياسي فهو بمستويات محددة ولكن ليس بالشكل الكافي.
* أين وصل ملف تحرير الموصل؟
- مسألة تحرير الموصل معقدة جدا، مدينة هائلة بحجمها، أكبر من الرمادي بخمسة أضعاف، فيها اليوم أكثر من مليوني مواطن، وذات جغرافيا صعبة وتنوع مذهبي وديني وطائفي متعدد، وهناك عدم توازن في القوة التي يتم تحضيرها من أجل تحريرها. وتنظيم داعش الإرهابي متمسك بالموصل، لكل هذه الأسباب ستكون مسألة تحريرها معقدة. ولكن التحضيرات قد بدأت، تحشيدات الجيش العراقي مستمرة وبناء «الحشد الوطني» متواصل وفي تقدم، وقوات البيشمركة وصلت إلى مناطق قريبة من الموصل والتحالف الدولي متعاون مع هذه الأطراف.
* ماذا عن مشاركة «الحشد الشعبي» في عمليات تحرير الموصل؟
- مشاركة «الحشد الشعبي» في تحرير الموصل بالنسبة لنا خط أحمر لأن هذا سيعقد المعركة، وسيؤدي إلى عدم التفاف ومساندة أهل نينوى للقوات التي ستقوم بمعركة التحرير، كونهم يخشون بعض الأعمال الانتقامية والسلب والنهب مثلما حصل من قبل لبعض أطراف «الحشد الشعبي» في بعض المدن التي تم تحريرها من «داعش». وأيضا هناك بعض الممارسات الطائفية التي سبقت احتلال «داعش» للموصل والتي حدثت بين التركمان الشيعة والسنة وبين الإزيديين والعرب، وهذا حصل بعد الاحتلال، وكل هذه الممارسات يجب أن تضبط ولا نريد إدخال عامل خارجي ليزيد من تعقيد هذه الأزمات ويطيل أمد المعركة. أنا لا أقول هنا إن السنة فقط هم من يقاتل «داعش» في الموصل مع أنهم الغالبية، لكن هناك المسيحيون والتركمان، شيعة وسنة وأكرادا، وكل هؤلاء يجب أن يكون لهم دور في معركة التحرير.
* لكن رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي، تحدث عن مشاركة «الحشد الشعبي» في معركة تحرير الموصل؟
- إذا كان قد أصدر قرارا بهذا الشأن فعليه أن يعيد النظر فيه لأن نواب نينوى وكتلة «متحدون» في البرلمان أصدروا بيانا يرفضون فيه مشاركة «الحشد» في هذه المعركة وبشكل واضح، ومجلس محافظة نينوى المنتخب أصدر قرارا برفض دخول «الحشد الشعبي»، وهناك تحفظات دولية لمشاركة «الحشد»، والولايات المتحدة باعتقادي لن تشارك بمعركة تحرير الموصل إذا شارك فيها «الحشد الشعبي». لهذا من المهم أن يلتزم رئيس الوزراء بهذه التوصيات وبقناعات أهل نينوى.
* لكن «الحشد الشعبي» يقول إنه قوة وطنية تريد محاربة الإرهاب والمشاركة بتحرير مدينة عراقية من تنظيم داعش وليس من حق أحد منعه؟
- هناك قسم من «الحشد الشعبي» حارب الإرهاب بشكل حقيقي وحرر مناطق من تنظيم داعش والتزم القوانين ومبادئ حقوق الإنسان، وهناك قسم قام بتجاوزات وتهديم البنى التحتية للمدن السنية بعد تحريرها مثل بيجي والدور وجرف الصخر وسليمان بيك ومناطق أخرى في محافظة ديالى وبشكل متعمد وأصبحت معروفة ومفضوحة ونحن لا نريد هذا المصير لمناطقنا ونرفض دخول «الحشد» لهذه الأسباب. القضية الأخرى هي أن «الحشد الشعبي» عندما يدخل منطقة يفرض وضعا أمنيا وسياسيا على هذه المنطقة وتغيب الأجهزة الرسمية مثل الجيش والشرطة والإدارات المحلية المنتخبة مثل الحكومة المحلية ومجلس المحافظة وتحصل عمليات خطف وقتل ونهب ومساءلة الناس حتى من أبناء المناطق المحررة الذين اشتركوا مع «الحشد» في القتال ضد «داعش» قسم منهم اختطفوا واعتقلوا ودورهم تم تهديمها.
* باعتقادكم هل هناك دعم خارجي لـ«الحشد الشعبي»؟
- بالتأكيد إيران تدعم «الحشد الشعبي» كما ساهمت ومنذ سنوات طويلة ببناء ميليشيات مسلحة داخل العراق ولها تأثير سياسي وأمني على الوضع الداخلي للبلد وقامت بتسليح فصائل معينة في «الحشد الشعبي»، وهناك مستشارون عسكريون إيرانيون. وساهمت إيران بشكل أو بآخر في بعض المعارك في ديالى وصلاح الدين، ولا تتوفر لدينا معلومات عن أعداد العسكريين الإيرانيين في العراق وكيفية مساهمتهم في إدارة بعض المعارك، لكن هناك ضباطا من الحرس الثوري الإيراني وعناصر من «حزب الله» اللبناني يقومون بمهمات تدريب بعض الفصائل العراقية، وموجودون أيضا في الأنبار، وحصلت انتهاكات أمنية في منطقة الرزازة، قرب كربلاء، حيث تم اختطاف ما يقرب من 1600 مواطن جميعهم من سامراء وتكريت ومن العرب السنة ولا أحد يعرف عنهم أي شيء، والمسؤول الأول عن هؤلاء هو القائد العام للقوات المسلحة أولا وأخيرا، إذا كان «الحشد الشعبي» تحت إمرته ومسؤوليته أو ليس تحت مسؤوليته فهو المسؤول. هناك خروقات أمنية المسؤول عنها القائد العام للقوات المسلحة، وإلا بماذا نفسر وصول «داعش» لمسافة 8 كيلومترات عن مطار بغداد الدولي قبل أيام؟ أين الجيش العراقي والشرطة الاتحادية و«الحشد الشعبي» الذين يشكلون خطوطا دفاعية حول العاصمة.
* لكن رئيس الوزراء قال في البرلمان إن هناك ميليشيات مسلحة منفلتة؟
- نعم هو ذكر هذا الموضوع أمام البرلمان وفي اجتماعات الرئاسات وفي المحافل الدولية والحقيقة لديه مشاكل داخل بغداد وفي بعض المحافظات، هناك بعض الميليشيات تمنع الناس من العودة إلى بيوتهم بعد مرور ما يقرب من عامين على تحرير مناطقهم التابعة لديالى وصلاح الدين وهناك أجندة تفرض رغما على الحكومة وإرادة السكان وهذه قضية تتعلق بقدرة رئيس الوزراء بالإمساك بالدولة بصورة صحيحة.
* هل نسقتم مع إقليم كردستان في عملية تحرير الموصل؟
- نعم.. بالتأكيد، أنا زرت الأخ مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، الأسبوع الماضي، وتحدثنا وهناك تفهم واضح من قبلهم حول مشاركتهم بمعركة تحرير الموصل وسيكون لقوات البيشمركة الكردية دور مؤثر في هذه المعركة وهم من ساعدونا كثيرا في تدريب «الحشد الوطني» وفتح معسكراتنا واستقبال متطوعينا كما ساعدوا أهلنا النازحين إلى الإقليم بشكل كبير، وبعد عملية التحرير سنتحاور كإخوة على الأراضي المتنازع عليها بطريقة هادئة ومسؤولة.
* أخيرا.. هل أنتم متفائلون بما سيحدث.. أم لا؟
- هناك الكثير من المشاكل والقلق ولكننا ما زلنا نحاول.. التفاؤل والأمل موجود ويجوز أن فسحة الأمل تضيق لكننا مستمرون ولو كانت هناك نقطة ضوء في نهاية النفق ولا بد أن نسعى من أجل البلد وشعبنا، وهذا واجبنا كسياسيين وهو أن نقاوم ونحقق ما يريده شعبنا.



عبد العاطي في قطر... دفع لـ«الشراكة» وتنسيق بشأن مستجدات المنطقة

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
TT

عبد العاطي في قطر... دفع لـ«الشراكة» وتنسيق بشأن مستجدات المنطقة

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)

على هامش مشاركته في «منتدى الدوحة»، ناقش وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مسؤولين قطريين، سبل دفع «الشراكة» بين مصر وقطر، إلى جانب تنسيق المواقف بشأن المستجدات في المنطقة.

ويشارك عبد العاطي، في فعاليات النسخة رقم 23 من «منتدى الدوحة»، التي انطلقت، السبت، في العاصمة القطرية، بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وبمشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين من مختلف أنحاء العالم.

ويعقد وزير الخارجية المصري سلسلة من اللقاءات الثنائية مع عدد من نظرائه ومسؤولين مشاركين، لبحث تعزيز التعاون الثنائي، وتنسيق المواقف إزاء تطورات المنطقة، لا سيما ما يتعلق بجهود تثبيت الاستقرار، ودعم مسارات السلام والتنمية، حسب «الخارجية المصرية».

وأشاد عبد العاطي بالزخم الذي تشهده العلاقات المصرية - القطرية على مختلف الأصعدة، وثمَّن خلال لقائه رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، «التعاون بين بلاده والدوحة في المجالات المختلفة، بما يحقق مصالح الشعبين».

ووقَّعت مصر وقطر، في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عقد شراكة استثمارية لتنمية منطقة «سملا وعلم الروم» بالساحل الشمالي الغربي بمحافظة مطروح (شمال غربي مصر)، بقيمة تبلغ نحو 29.7 مليار دولار أميركي. (الدولار يساوي 47.50 جنيه تقريباً بالبنوك المصرية).

وقال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، وقتها، إن توقيع عقد الشراكة الاستثمارية مع الجانب القطري، «يشكل تتويجاً للعلاقات الثنائية بين البلدين، ويعكس عمق الروابط التاريخية بينهما».

وعلى صعيد تنسيق المواقف بشأن الأوضاع في المنطقة، شدد وزيرا خارجية مصر وقطر على أهمية «مواصلة جهود تنفيذ اتفاق (شرم الشيخ) للسلام بكافة مراحله، وتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ومنع أي خروقات»، إلى جانب «التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق».

وسبق محادثات وزير الخارجية المصري ونظيره القطري، لقاؤه بمسؤولين قطريين، ضم وزير المالية، أحمد الكواري، ووزير التجارة والصناعة، الشيخ فيصل آل ثاني، ووزير المواصلات، الشيخ محمد بن عبد الله بن محمد آل ثاني، لبحث «تعزيز التعاون المتنامي بين القاهرة والدوحة في المجالات الاقتصادية والتجارية والخدمية»، حسب «الخارجية المصرية».

وشدد عبد العاطي على «حرص بلاده على دفع الشراكة مع الدوحة، بما يحقق المصالح المشتركة، ويفتح آفاقاً أوسع للتعاون»، مؤكداً أهمية «تعزيز التواصل المؤسسي بين الوزارات والهيئات المختصة، بما يسهم في الارتقاء بجهود التنمية والاقتصادية في الدولتين».

وزير الخارجية المصري خلال لقائه وزراء المالية والتجارة والصناعة والمواصلات القطريين في الدوحة (الخارجية المصرية)

وباعتقاد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير يوسف الشرقاوي، أن زيارة عبد العاطي للدوحة ولقاءاته مع مسؤولين قطريين «تعكس النمو المتزايد لمستوى العلاقات السياسية بين البلدين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حرصاً بين القاهرة والدوحة، على رفع مستوى التعاون، خصوصاً في المجالات التجارية والاستثمارية، ليرتقي إلى مستوى التنسيق السياسي القوي في هذه المرحلة».

ويتصدر الجانب الاقتصادي مسارات التعاون الثنائي بين مصر وقطر، وفق الشرقاوي، الذي أشار إلى أهمية «استفادة الدوحة من مناخ الاستثمار المشجع في مصر الفترة الحالية»، وقال إن هذا القطاع يمكن أن يشكل «قاطرة لدعم العلاقات الثنائية بين البلدين».

وخلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للدوحة في أبريل (نيسان) الماضي، أعلنت قطر عن «دعم الشراكة الاقتصادية مع مصر، من خلال الإعلان عن حزمة من الاستثمارات المباشرة، بقيمة 7.5 مليار دولار».

وإلى جانب تعزيز «الشراكة المصرية - القطرية،» شدد الشرقاوي على أهمية «التنسيق المستمر بين الجانبين فيما يتعلق بقضايا المنطقة، خصوصاً الوضع في غزة»، وقال إن «القاهرة والدوحة، تعملان لحشد الجهود الدولية، لتثبيت وقف إطلاق النار، وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، للسلام في غزة».

كما ناقش وزير الخارجية المصري، مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، بورج برانديه، خلال «منتدى الدوحة»، السبت، «التعاون المشترك، من خلال مبادرات وأفكار مبتكرة لدعم جهود التنمية»، كما بحث مع أمين عام منظمة التعاون الرقمي، ديما اليحيى، «تعزيز التعاون بين الدول النامية في قضايا التكنولوجيا والحوكمة الرقمية».


نساء الأحزاب اليمنية يتمرّدن على القيادات

جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)
جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)
TT

نساء الأحزاب اليمنية يتمرّدن على القيادات

جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)
جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)

تشهد الساحة السياسية اليمنية تحوّلاً لافتاً في الوعي والتنظيم النسوي داخل الأحزاب والمكوّنات السياسية، بعد سنوات طويلة من التهميش والإقصاء؛ إذ أعلنت قيادات نسائية حزبية تبنّي خطة جديدة لتعزيز حضور المرأة في الحياة السياسية، وتمكينها من الوصول إلى مواقع القرار، بما في ذلك الحصول على حقائب وزارية، ورفع تمثيلها داخل الهياكل الحزبية إلى 30 في المائة كمرحلة أولى، ترتفع تدريجياً إلى 50 في المائة.

وجاءت هذه الخطوات عقب ثلاثة أيام من النقاشات الواسعة في لقاء نظّمته هيئة الأمم المتحدة للمرأة في عدن، وشاركت فيه ممثلات ثمانية من أبرز الأحزاب والكيانات السياسية اليمنية. اللقاء كشف حجم الاحتقان داخل الأطر الحزبية نتيجة استمرار تغييب النساء عن المواقع القيادية، رغم الدور الواسع الذي لعبته اليمنيات خلال الحرب والأزمات المتتالية.

واتفقت المشاركات على وضع خطط داخلية واضحة لتمكين القيادات النسوية من حقائب وزارية وقيادة مؤسسات حكومية، إلى جانب إطلاق برامج تدريب وتأهيل متخصصة لإعداد كوادر نسائية قادرة على المنافسة.

اليمنيات يطمحن لرفع تمثيلهن داخل الهيئات الحزبية إلى 50% (إعلام محلي)

كما أقرت المشاركات اعتماد «كوتا نسائية» لا تقل عن 30 في المائة في التعيينات القيادية داخل الأحزاب، مع مراجعة اللوائح الداخلية التي تمثّل عائقاً أمام وصول النساء إلى مراكز صنع القرار.

وتجاوزت المشاركات التباينات السياسية بين أحزابهن، مؤكدات الحاجة إلى إعداد ميثاق أخلاقي يحمي المرأة داخل العمل الحزبي والسياسي، ويفرض التزامات واضحة على المكوّنات في ما يتعلق بترشيح النساء للمناصب، ودعم صعودهن في هياكل الأحزاب.

تحرير القرار الحزبي

ناقشت المشاركات اليمنيات بعمق الوضع المؤسسي للمرأة داخل أحزابهن، والعوائق البيروقراطية والتنظيمية التي تعوق مشاركتها الفاعلة، إضافة إلى التحديات العامة المرتبطة بالعمل السياسي في ظل الحرب التي أشعلها انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية قبل أحد عشر عاماً.

وأشارت المتحدثات إلى ضعف آليات التواصل والتنسيق بين الكوادر النسوية، وغياب السياسة الحزبية الواضحة لتمكين المرأة، إلى جانب محدودية حضور النساء في دوائر صنع القرار داخل الأحزاب.

دعم أممي لمشاركة المرأة في العملية السياسية وبناء السلام (إعلام محلي)

من جانبها، أكدت دينا زوربا، ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في اليمن، خلال اللقاء، أن القيادات النسوية داخل الأحزاب يتحملن دوراً محورياً في دعم وصول النساء إلى مناصب القرار العليا، من خلال تقديم المرشحات للمناصب الحكومية والمشاركة النشطة في العملية السياسية وبناء السلام.

وحثّت زوربا المشاركات على مواجهة التحديات الهيكلية في مؤسساتهن الحزبية، والعمل على تحسين الوضع المؤسسي للمرأة باعتباره خطوة أساسية لضمان وصولها إلى القرار السياسي.

كما أوضحت أن رفع مشاركة المرأة في الأحزاب ليس مطلباً حقوقياً فحسب، بل ضرورة لحماية العملية السياسية نفسها، مؤكدة أن أي عملية بناء سلام لا تشمل النساء تظل ناقصة وغير قابلة للاستمرار.

ووفقاً للمنظمين، فقد هدفت الجلسات النقاشية إلى خلق منصة حوار سياسية تجمع النساء القياديات، وتتيح لهن فرصة صياغة حلول عملية قابلة للتطبيق على المدى القريب. وشملت الجلسات عروضاً تحليلية حول موقع المرأة داخل الهياكل الحزبية، ونقاشات جماعية لتحديد مقاربات فعّالة لتعزيز دور النساء في صياغة مستقبل البلاد.

موقف رئاسي داعم

قدّمت القيادات النسوية عدداً من التوصيات المتعلقة بتحسين الدور المؤسسي للنساء داخل الأحزاب اليمنية، والارتقاء بكفاءتهن في مواقع اتخاذ القرار، وتعزيز مسؤولية الأحزاب تجاه قضايا النساء داخل المكوّنات السياسية. وأكدت التوصيات ضرورة تفعيل دوائر تمكين المرأة داخل الأحزاب، وتبنّي آليات واضحة تضمن وصول أصوات النساء وأولوياتهن إلى مسارات صنع القرار.

وفي السياق ذاته، تماشياً مع المطالب النسوية، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، إلى ضرورة إشراك المرأة في الحكومة وتمكينها من قيادة حقيبة وزارية، مؤكداً أن تغييب النساء عن مواقع القرار يمثل خللاً قانونياً ومؤسسياً يجب معالجته فوراً.

التزام حكومي يمني بتمثيل المرأة في موقع القرار السياسي (إعلام حكومي)

وشدد العليمي على أن المرأة اليمنية كانت وما تزال شريكاً أساسياً في الصمود والبناء، وأن مطالبتها بحقها في التمثيل السياسي ليست مِنّة من أحد، بل حق أصيل يجب الاعتراف به. وقال: «ليس من العدل أن تتحمل المرأة الأعباء كافة، في حين تغيب عن مواقع صنع القرار تماماً». وأضاف أن بقاء الحكومة بلا حقيبة وزارية نسائية أمر غير مقبول، خاصة في بلد تشكل النساء فيه أكثر من نصف عدد السكان.

ويبدو أن هذه التوجهات، إلى جانب الجهود الأممية، تمهد لمرحلة جديدة من المشاركة النسوية، قد تعيد رسم الخريطة السياسية المستقبلية، خصوصاً إذا التزمت الأحزاب بتنفيذ ما أعلنته من خطط ومراجعات داخلية.


تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
TT

تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

شدد عضوا مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح وسلطان العرادة على توحيد الجهود في مواجهة الانقلاب الحوثي وتسريع خطوات استعادة الدولة وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء، مع ضرورة إنهاء الخلافات البينية وإغلاق الملفات العالقة، وذلك قبيل انطلاق جولة مفاوضات جديدة بين الحكومة والحوثيين بشأن الأسرى والمحتجزين برعاية دولية.

وفي لقاء جمع عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، مع رئيس مجلس النواب سلطان البركاني وعدد من أعضاء المجلس، عرض صالح رؤية المقاومة الوطنية ومقاربتها للمعركة ضد الجماعة الحوثية، موضحاً أنها إطار وطني جامع لا يقوم على أي اعتبارات حزبية أو مناطقية، وأن معيار الانضمام إليها هو الإيمان بأولوية قتال الميليشيات واستعادة مؤسسات الدولة.

واستعرض صالح خلال اللقاء عدداً من مشاريع وبرامج المقاومة الوطنية في الساحل الغربي، مؤكداً أنها موجّهة لخدمة المواطنين في كل المناطق دون تمييز. كما شدد على أن الانقسامات بين القوى المناهضة للحوثيين تُضعف الجبهات وتمنح الميليشيا مساحات للتقدم، محذراً من انعكاساتها السلبية على معنويات المقاتلين.

طارق صالح خلال لقائه قيادات برلمانية في المخا (إعلام رسمي)

وأشار صالح إلى أن توحيد مسرح العمليات العسكرية يمثّل حجر الزاوية في أي تحرك لاستعادة صنعاء، مجدداً تأكيده أن استعادة الجمهورية مرهونة بهزيمة الحوثيين. كما دعا مجلس النواب إلى مضاعفة الجهود بما يخدم المصلحة الوطنية العليا ويعزّز الثقة الإقليمية والدولية بالقوى الشرعية.

هزيمة الانقلاب

في لقاء آخر جمع طارق صالح بعدد من أمناء عموم وممثلي الأحزاب السياسية، أكد عضو مجلس القيادة أن المرحلة الراهنة تتطلّب حشد الجهود وتوحيد المعركة شمالاً لهزيمة الانقلاب وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء.

وأشار صالح إلى أن التباينات بين القوى الوطنية أمر طبيعي، لكنها لا تلغي وجود هدف جامع هو «قتال الحوثي واستعادة الدولة»، مؤكداً أن المجلس الانتقالي الجنوبي شريك في هذه المعركة منذ الحرب الأولى في صعدة، وأن تضحيات أبناء الجنوب في جبال مرّان تشكّل شاهداً حياً على دورهم الوطني.

لقاء طارق صالح مع ممثلي الأحزاب السياسية (إعلام رسمي)

وشدد صالح على ضرورة تهيئة البيئة المناسبة للمعركة القادمة، لافتاً إلى أن «دول التحالف لدعم الشرعية قدّمت الكثير من الدعم، وإذا أردنا دعماً إضافياً فعلينا أن نوحّد جهودنا نحو صنعاء». وأعاد تأكيد أن المقاومة الوطنية لن تنشغل عن هدفها في مواجهة الحوثي، ولن تعود إلى «تحرير المحرر»، في إشارة إلى عدم الدخول في صراعات جانبية.

كما عبّر عن تقديره للأحزاب والمكونات السياسية، وعدّ حضورهم دليلاً على «وعي متقدم بأهمية اللحظة الوطنية وضرورة التكاتف في مواجهة المشروع الإيراني».

استعادة الدولة

أكد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، سلطان العرادة، خلال لقائه رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن صغير بن عزيز، ووكلاء محافظة مأرب، وعدداً من القيادات العسكرية والأمنية، أن ما تمر به البلاد اليوم هو «نتيجة طبيعية لانقلاب ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني»، مشدداً على أن كل الإشكالات ستتلاشى بمجرد استعادة مؤسسات الدولة.

وقال العرادة إن القوات المسلحة والأمن يشكّلان «عماد الاستقرار والتحرير»، وإن مجلس القيادة يقدّر تضحيات منتسبي المؤسستَين ويتابع قضاياهم بشكل دائم. ودعا إلى تجاوز المشكلات الآنية والخلافات الجانبية وإرث الماضي، مؤكداً أن القضية الوطنية الكبرى هي استعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

سلطان العرادة خلال اجتماعه بقيادات عسكرية في مأرب (إعلام رسمي)

وأضاف مخاطباً القيادات العسكرية: «الناس يعلّقون عليكم آمالاً كبيرة... فاحملوا الراية لتحرير البلاد»، مشدداً على استعداد الجميع للتضحية في سبيل إنهاء الانقلاب واستعادة المجد للشعب اليمني. كما شدد على أن اليمن «لن يستعيد مكانته إلا بالتخلص من الميليشيا الحوثية الإيرانية»، معبّراً عن امتنانه لتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية.

وفي سياق آخر أعلنت السلطات اليمنية في محافظة مأرب عن تسليم 26 جثماناً من قتلى الحوثيين الذين قُتلوا في جبهات مأرب والجوف، بعد التعرف عليهم من قبل الجماعة.

وأوضح العميد يحيى كزمان أن العملية تمت «بوصفها مبادرة من طرف واحد لدواعٍ إنسانية»، وبإشراف من لجنة الصليب الأحمر الدولية، وبتنسيق مع رئاسة هيئة الأركان العامة والجهات المعنية.

وأكد كزمان، وهو عضو الفريق الحكومي المفاوض، أن الحكومة تسعى من خلال هذه الخطوة إلى إظهار حسن النية قبل جولة المفاوضات المرتقبة، وتهيئة الأجواء للانتقال إلى قاعدة «الكل مقابل الكل» في ملف المحتجزين والمختطفين والمخفيين قسراً.

وأوضح أن المبادرة جاءت بناءً على توجيهات عليا ضمن جهود تهدف إلى إغلاق هذا الملف الإنساني الذي يفاقم معاناة آلاف الأسر اليمنية.