خامئني يشكر الناخبين لتقديم مصالحهم القومية

«الشبكة الدولية لحقوق الإنسان» تشكك في نزاهة الانتخابات الإيرانية

إيراني يطالع نتائج الانتخابات في صحيفة  {شرق الإيرانية} في طهران أمس( إ.ب. أ)
إيراني يطالع نتائج الانتخابات في صحيفة {شرق الإيرانية} في طهران أمس( إ.ب. أ)
TT

خامئني يشكر الناخبين لتقديم مصالحهم القومية

إيراني يطالع نتائج الانتخابات في صحيفة  {شرق الإيرانية} في طهران أمس( إ.ب. أ)
إيراني يطالع نتائج الانتخابات في صحيفة {شرق الإيرانية} في طهران أمس( إ.ب. أ)

حقّق ائتلاف الرئيس الإيراني حسن روحاني والرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، مكاسب مفاجئة في البرلمان، وفقا لنتائج مبكرة لانتخابات مجلسي الشورى والخبراء.
وفي أحدث إحصائية عن نسبة المشاركة وردت على لسان المتحدث باسم وزارة الداخلية، حسین علي أميري، صوّت 60 في المائة من الناخبين في الانتخابات، وبحسب الداخلية، فإن نتائج 164 مقعدا حسمت من أصل 290. وفاز الأصوليون بـ41 مقعدا، مقابل 36 للإصلاحيين، ومقعدين مشتركين بين القائمتين. فيما كان 52 مقعدا من نصيب المستقلين، وتحسم النتائج النهائية لـ33 مقعدا في الجولة الثانية بعد شهرين.
وكانت مكاسب الإصلاحيين والمعتدلين في الانتخابات التي جرت يوم الجمعة الماضي لاختيار أعضاء البرلمان ومجلس الخبراء، مختلفة في دائرة العاصمة طهران الانتخابية عن الدوائر الأخرى، لكن حجم نجاحهم هناك يشير إلى تغير التشكيلة في البرلمان، لتكون على وفاق أكبر مع روحاني.
وتصدر أكبر هاشمي رفسنجاني، وحليفه الرئيس حسن روحاني، السباق على عضوية مجلس الخبراء، وهو الهيئة التي تختار المرشد الأعلى للبلاد. وبحسب النتائج، فإن الرئيس الحالي للمجلس محمد يزدي، وعضو هيئة تدريس حوزة قم الدينية محمد تقي مصباح يزدي، من أبرز الخاسرين. وقد تؤدي نتائج الانتخابات إلى تخفيف قبضة المحافظين المناهضين للغرب الذين يسيطرون حاليا على البرلمان المؤلف من 290 مقعدا، مما قد يعني تعزيز سلطة روحاني لفتح البلاد أكثر أمام التجارة الخارجية والاستثمارات بعد الاتفاق النووي مع دول مجموعة «5+1»، وتفاقم الخلافات بينه وبين خامنئي الذي حذر من «التغلغل الغربي» بعد الاتفاق النووي وطالب بتبني «الاقتصاد المقاوم».
وأظهرت نتائج مبكرة أعلنت أمس أن قائمة مرشحين (30+16) يدعمها التيار الإصلاحي، وتناصر روحاني وتضم عددا من المستقلين، في طريقها للفوز بكل المقاعد البرلمانية في طهران، وعددها 30، وأن المرشح المحافظ البارز الذي تردد اسمه رئيسا محتملا للبرلمان، غلام علي حداد عادل، في طريقه لخسارة مقعده. وقال روحاني: «أظهر الشعب قوته من جديد، ومنح حكومته المنتخبة مصداقية وقوة أكبر». وأضاف أنه سيعمل مع كل الفائزين في الانتخابات لبناء مستقبل البلد.
من جهته، وجه رفسنجاني في أول رد فعل بعد فوزه رسالة في حسابه على «تويتر» أمس، قال فيها إنه «لا أحد يمكنه مقاومة إرادة الشعب». كما نقلت وكالة أنباء «إيلنا» قوله إن «المنافسة انتهت. وبدأت مرحلة الوحدة والتعاون.. مرحلة ما بعد الانتخابات هي مرحلة العمل الشاق لبناء البلاد».
بدوره شكر خامنئي الإيرانيين على تلبية نداءه في المشاركة بالانتخابات ودعا المسؤولين الى نبذ الخلافات وتقديم المصالح القومية على المصالح الفردية والحزبية.
من جانبه، أصدر الحرس الثوري بيانا توجه فيه بالشكر للإيرانيين على المشاركة في الانتخابات، وعدّ أصوات الإيرانيين «بيعة وثيقة» لخامنئي، مهنئا الإيرانيين على انتخاب برلمان «هوية أعضائه من القوى المؤمنة بالنظام والثورة ومعادية للهيمنة». وأضاف بيان الحرس الثوري أنه «لا يوجد أي شك بأن منتخبي الشعب يبذلون كل مساعيهم في حفظ العزة والقوة والاستقلال الوطني، وضمان تقدم إيران، وحل المشكلات الأساسية في المجتمع، والشعب يقهر نظام الهيمنة بيقظته».
ويشغل المحافظون 65 في المائة من مقاعد البرلمان المنتهية ولايته، وينقسم العدد الباقي بين الإصلاحيين والمستقلين الذين عادة ما يكونون مؤيدين لروحاني.
من جهته، قال فؤاد آزادي، وهو أستاذ مساعد في كلية الدراسات الدولية بجامعة طهران، إن تقدم الإصلاحيين بفارق كبير يرجع إلى نجاح روحاني في التوصل إلى الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية، ورفع معظم العقوبات التي كبلت اقتصاد البلاد طول العقد الماضي، وكذلك نجاحه في إعادة العلاقات مع الغرب، لافتا إلى أنه «فوز ساحق في طهران، ولكن بالنسبة للمدن الأخرى، فإنه ليس واضحا بعد. إنه يفوق التوقعات».
في السياق ذاته، كتبت صحيفة «اعتماد» الإصلاحية، التي فاز رئيس تحريرها إلياس حضرتي بمقعد في طهران، عنوانا رئيسيا بمعنى: «نفض البرلمان». وأشارت في صفحتها الأولى إلى أن «البرلمان المقبل لن يكون مثل أي برلمان آخر في تاريخ إيران، لأنه لن يكون هناك فصيل سياسي ينفرد بالرأي».
بدورها، ركزت الصحف المؤيدة للتيار الأصولي على التغريد بعيدا من السرب الفائز بمقاعد طهران في البرلمان، منوهة بفوز غالبية المرشحين الأصوليين في الدوائر الانتخابية الأخرى. وعدّت تلك الصحف أن الأصوليين هم الفائزون في مجموع الانتخابات.
وكان المرشد علي خامنئي دعا الإيرانيين للمشاركة في الانتخابات في سلسلة خطاباته التي سبقت الاستحقاقات الانتخابية، وتحديدا منذ إعلان الاتفاق النووي في يوليو (تموز) الماضي، واستعداد الرئيس الإيراني للتحرك بهدف تنفيذ وعوده الداخلية. وكان روحاني بمطالبته بتنفيذ الانتخابات على يد وزارة الداخلية من دون تدخل مجلس صيانة الدستور، أثار غضب حلقة المرشد.
من جانبه، شكك عبد الكريم لاهيجي، رئيس «الشبكة الدولية لحقوق الإنسان»، في تصريح لـ«راديو فرنسا الدولي»، في نزاهة وسلامة الانتخابات الإيرانية، وعدّ الانتخابات «مسرحيات دعائية» يحاول النظام الإيراني من خلالها «ادعاء المشروعية» لدى الرأي العام الإيراني والعالمي.
يذكر في هذا الصدد أنه، وحتى الآن، لم تكن المنافسة على مقعد المرشد في البلاد أمرا ملحوظا، لكن الوضع مختلف هذه المرة نظرا لاعتلال صحة خامنئي البالغ من العمر 76 عاما. وأصبح من المرجح أن يختار أعضاء المجلس الجدد الذين يقضون دورة تستمر ثمانية أعوام، خليفة له. وسيكون الزعيم الجديد على الأرجح من بين المنتخبين هذا الأسبوع.
وهناك مرشّح واحد فقط من المحافظين البارزين في طريقه للفوز بعضوية مجلس الخبراء عن طهران، وهو أحمد جنتي الذي حل في المركز الخامس عشر في السباق على مقاعد العاصمة البالغ عددها 16 مقعدا.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».