ترحيب روسي واسع بالاتفاق.. وتحذير من عقبات في تنفيذه

موسكو ترى فيه مثالاً لأهمية التعاون مع واشنطن في التصدي المشترك للتهديدات

فديريكا موغيريني المفوضة العليا للشؤون الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي في بروكسل، قبل دخولها أمس، إلى جلسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي حول الصراع في سوريا (إ.ب.أ)
فديريكا موغيريني المفوضة العليا للشؤون الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي في بروكسل، قبل دخولها أمس، إلى جلسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي حول الصراع في سوريا (إ.ب.أ)
TT

ترحيب روسي واسع بالاتفاق.. وتحذير من عقبات في تنفيذه

فديريكا موغيريني المفوضة العليا للشؤون الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي في بروكسل، قبل دخولها أمس، إلى جلسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي حول الصراع في سوريا (إ.ب.أ)
فديريكا موغيريني المفوضة العليا للشؤون الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي في بروكسل، قبل دخولها أمس، إلى جلسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي حول الصراع في سوريا (إ.ب.أ)

رحبت الأوساط السياسية الروسية بالاتفاق الذي توصلت إليه روسيا والولايات المتحدة حول وقف إطلاق النار في سوريا، واعتبرته حدثا غاية في الأهمية. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أعلن، مساء الاثنين الماضي، أن روسيا «ستفعل كل ما يلزم» لكي تتقيد سوريا باتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنت عنه موسكو وواشنطن ابتداء من السابع والعشرين من 27 فبراير (شباط) الحالي، وهي تأمل بأن «تفعل الولايات المتحدة الشيء نفسه» مع الفصائل السورية المسلحة المعارضة.
في هذا السياق وصف قسطنطين كوساتشوف، رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي الاتفاق بـ«الحدث الهام»، مشددًا على أن المسألة الرئيسية في هذا الشأن هي «نجاح الجهود الدبلوماسية الروسية - الأميركية المشتركة»، والتي تستحق حسب قوله «دعمًا حازمًا وبالإجماع على مستوى مجلس الأمن الدولي».
كما أعرب كوساتشوف عن قناعته بأن «التعاون بين روسيا والولايات المتحدة في مجال التصدي للإرهاب يدخل (بعد اتفاق وقف إطلاق النار) مرحلة جديدة نوعيًا، كما كان الأمر في مراحل أخرى شبيهة، مثل الجهود الروسية - الأميركية المشتركة في ملف السلاح الكيميائي السوري، وفي أزمة الملف النووي الإيراني».
وبناء عليه يقول كوساتشوف أن الاتفاق الحالي «قد يتحول إلى مثال ثالث إيجابي ومقنع حول أهمية التعاون بين موسكو وواشنطن في التصدي المشترك للتهديدات»، مشددًا على أن «لا بديل ولا يجب أن يكون هناك بديل عن هذا التعاون». وينتقل البرلماني الروسي بعد ذلك إلى عرض رؤيته لمعاني الاتفاق في سياق الوضع الإقليمي حين وجه كلامه للدول التي قال إنها «استغلت التناقضات بين المعارضة والحكومة السوريتين، وكذلك بين موسكو وواشنطن، لتلعب لعبتها الخاصة، التي لا تمت بصلة للحرب الدولية ضد الإرهاب»، حسب تعبيره، محذرًا من أن روسيا ستراقب رد فعل الدول التي يتحدث عنها، «والتي كانت تنطلق في حساباتها من آمال بالحصول على غطاء أميركي».
من جانبه رحب أليكسي بوشكوف، رئيس لجنة مجلس الدوما للشؤون الدولية، بالاتفاق الروسي - الأميركي لوقف إطلاق النار في سوريا، ووصفه بأنه اتفاق مبدئي، سيؤدي في حال التزام الأطراف به إلى فتح الطريق أمام الحل السياسي للأزمة السورية. ومع تقييمه الإيجابي للاتفاق، إلا أن بوشكوف حذر من عقبات قد تظهر على درب تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
وأشار بهذا الصدد إلى «عمل معقد جدًا يتوجب القيام به للفصل على الأراضي السورية بين المجموعات الإرهابية وتلك القوى التي تُسمى معارضة معتدلة»، موضحًا أن «التعقيدات بالدرجة الأولى ستظهر في تلك المناطق التي تسيطر عليها (جبهة النصرة)، نظرًا للتداخل الكبير في تلك المناطق بين مواقع مجموعات الجبهة وفصائل المعارضة السورية المعتدلة». وذكَّر بأن هذا التداخل هو أحد الأسباب التي جعلت عملية الفصل وتحديد المناطق التي تنتشر عليها «جبهة النصرة»، عملاً غاية في التعقيد. إلا أن الأمر لا يقتصر على ذلك حسب اعتقاد بوشكوف الذي أشار أيضًا إلى أن «جبهة النصرة» تحولت بالنسبة لمجموعات كثيرة من المعارضة المسلحة إلى ما يشبه «القوة الحامية»، نظرًا لأنها واحدة من أكثر التنظيمات قوة من الناحية العسكرية.
والعقبات التي تهدد تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار لا تقتصر على تعقيدات المشهد الميداني السوري، بل وهناك مؤثرات إقليمية حسب بوشكوف، ومنها «تركيا التي قد تحاول استغلال وقف إطلاق النار لتقوية صفوف مقاتليها، وتعزيز مواقع تلك المجموعات التي تحظى بدعم أنقرة، وكذلك لاستعادة طرق الإمداد التي دمرتها القوات السورية بدعم جوي روسي»، حسب قوله. وفي الختام أعرب بوشكوف عن أمله في أن تتيح أطراف النزاع «فرصة هذه المرة للحل السياسي، بعد أن تم وضع أسس مناسبة له».
يذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أعلن في رسالته المتلفزة، أول من أمس، أن «الولايات المتحدة وروسيا (..) على استعداد لوضع آلية مراقبة فعالة» لاحترام اتفاق وقف إطلاق النار، موضحا «سيتم إنشاء خط اتصال مباشر، وإذا لزم الأمر، فريق عمل لتبادل المعلومات».
وأكد أن هذا الاتفاق «سبقه عمل مكثف لفرق من الخبراء الأميركيين والروس» ساعدته «تجربة إيجابية» في اتفاق الولايات المتحدة وروسيا على تفكيك الترسانة الكيميائية السورية، في سبتمبر (أيلول) 2013.
وحول شروط وقف إطلاق النار الذي وقعته موسكو وواشنطن الاثنين، قال الرئيس الروسي إنه «يتعين على كل الجماعات التي تقاتل أن تؤكد لنا أو للولايات المتحدة، التزامها التهدئة».
وأوضح أن «عسكريين روسيين وأميركيين سيحددون معا مناطق تتحرك فيها كل هذه الجماعات بحيث لن تكون هناك عمليات عسكرية ضدها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.