ليبيا: الأمم المتحدة تطالب بحكومة وفاق وطني لمواجهة خطر «داعش»

مجلس حكومة السراج يعترف بالانقسام.. ومؤيد لحفتر يقاطع اجتماعات المغرب

صورة أرشيفية لعناصر من ميليشيات تحرس احد الشوارع على مشارف العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لعناصر من ميليشيات تحرس احد الشوارع على مشارف العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: الأمم المتحدة تطالب بحكومة وفاق وطني لمواجهة خطر «داعش»

صورة أرشيفية لعناصر من ميليشيات تحرس احد الشوارع على مشارف العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لعناصر من ميليشيات تحرس احد الشوارع على مشارف العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)

فيما حث بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، رئيس حكومة الوفاق الوطني المقترحة في ليبيا برئاسة رجل الأعمال الطرابلسي فائز السراج، على سرعة الانتهاء من تشكيل الحكومة، اعترف المجلس الرئاسي للحكومة بوجود خلافات بين أعضائه حول توزيع الحقائب الوزارية للحكومة.
ودعا المجلس عضوه علي القطراني للعودة إلى اجتماعات المجلس التي قاطعها، لكنه لم يشر إلى أن سبب المقاطعة هو حدوث مشادة كلامية تطورت إلى حد تبادل اللكمات والصفعات مع زميله عضو المجلس أحمد معيتيق قبل ثلاثة أيام في الاجتماعات، التي تعقد حاليا بمدينة الصخيرات بالمغرب.
وهذه هي المرة الثانية التي يقاطع فيها القطراني، المحسوب على القائد العام للجيش الوطني الليبي الفريق خليفة حفتر في شرق البلاد، اجتماعات مجلس حكومة السراج المكون من تسعة أعضاء. وأكد المجلس قرب انتهائه من تشكيل الحكومة، لافتا النظر في بيان له إلى أن أعضاء المجلس الرئاسي «عملوا طيلة الأسبوع الماضي بشكل متواصل، وبالتشاور مع أطراف الحوار السياسي، لتحقيق أكبر قدر ممكن من التوافق بين أعضائه».
وأضاف البيان أنه «تم من خلال آليات اتخاذ القرارات الواردة في الاتفاق السياسي، تحديد عدد الحقائب الوزارية ومسمياتها، وتحديد المعايير اللازمة للترشيح للحقائب الوزارية، دون إقصاء أو تهميش لأي من مكونات الشعب الليبي أو تياراته السياسية».
وبعدما أكد التزامه بما جاء بالاتفاق السياسي الذي رعته البعثة الأممية العام الماضي في المغرب بين ممثلين عن البرلمانيين الحالي والسابق في ليبيا، من إعلاء مبدأ التوافق بين أعضائه، ومشاركتهم جميعًا في اتخاذ القرارات بكل شفافية، أعلن المجلس أنه في حالة انعقاد دائم، وأنه سيعلن عن التشكيلة الحكومية قريبا جدا.
ومع ذلك تحدثت مصادر ليبية عما وصفته باستمرار الانقسام داخل مجلس حكومة السراج حول الحقائب الوزارية السيادية، مشيرة إلى أن منصب وزير الدفاع لا يزال يحظى بالقدر الأكبر من الجدل داخل اجتماعات المجلس في المغرب.
إلى ذلك، قال بيان لبعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا إن الأمين العام للمنظمة الدولية تحدّث عبر الهاتف مع رئيس مجلس وزراء ليبيا المكلف، وأثنى خلال هذا الاتصال الهاتفي النادر على ما وصفه بالعمل الشاق الذي قام به في الأشهر الماضية من أجل صالح ليبيا، مشيرا إلى ما سماه بالتقدم الكبير الذي أحرزه والمجلس الرئاسي في ظل ظروف صعبة.
وطبقا للبيان فقد شجع كي مون السراج على الاستمرار في العمل مع أعضاء مجلس الرئاسة الآخرين، ومع ممثله الخاص بغية تذليل العقبات الأخيرة، وتقديم قائمة جديدة بالوزراء المقترحين إلى مجلس النواب قريبًا، وأكد على «ضرورة تشكيل حكومة وفاق وطني لكي يتمكن الليبيون من التصدي معًا إلى الكثير من التحديات التي يواجهونها، بما في ذلك خطر توسع تنظيم داعش والتدهور الاقتصادي».
ويتعين على مجلس النواب، المنعقد بمقره في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، أن يصوت الاثنين المقبل على التشكيلة الجديدة للحكومة، علما بأنه رفض نسختها الأولى المكونة من 32 حقيبة وزارية، وطالب بإعادة تشكيلها مع منح السراج مهلة تنتهي غدا الأحد.
من جهة أخرى، نفى مصرف ليبيا المركزي تورطه رسميا في تمويل الحرب الأهلية في البلاد، من خلال دفع مرتبات منتظمة للميليشيات المسلحة المسيطرة منذ نحو عامين على العاصمة طرابلس، إذ قال المصرف، الذي استغرب اتهامات وجهها له بيتر ميلت السفير البريطاني لدى ليبيا في هذا الصدد، إنه سيستمر في العمل على ضمان أن الأموال الليبية لا تحول في أي اتجاهات من شأنها تعزيز الصراع السياسي أو الأعمال الإرهابية، مشيرا إلى أنه سيعمل بشكل وثيق مع الجهات الحكومية الشرعية في ليبيا وقادة المجتمع الدولي لتحقيق هذه الغايات.
وأمر مكتب النائب العام الموالي للسلطات غير المعترف بها دوليا في العاصمة طرابلس، باعتقال متورطين بتهريب النقد الأجنبي للخارج، تحت غطاء اعتمادات مصرفية أو إقرارات جمركية مزورة. كما قال الصديق الصور، رئيس قسم التحقيقات بالمكتب قبل يومين في مؤتمر صحافي، إنه تم ضبط أحد رجال الأعمال وتمت إحالته إلى مكتب النائب العام والتحقيق معه، لافتا النظر إلى أوامر استدعاء واعتقال ستطال كل من تورط من مديري المصارف والفروع ورؤساء أقسام الائتمان، ومن تسبب في إهدار المال العام وفي مختلف المصالح الحكومية.
وكشفت تحقيقات أولية مؤخرا عن تورط العشرات من شركات الاستيراد الليبية في عمليات اختلاس وغسل أموال للعملات الأجنبية، تحت غطاء الاعتماد المستندي المصرفي، الذي تحصل بموجبه شركات الاستيراد على العملات الأجنبية بأسعار متدنية من قبل مصرف ليبيا المركزي.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.