الأميرال المسؤول عن الاستخبارات البحرية لم يُسمح له بالاطلاع على الأسرار العسكرية لسنوات

ورد اسمه خلال تحقيقات موسعة تتعلق بإحدى قضايا الفساد الكبرى

الأميرال تيد تويغ برانش لا يسمح له بالاجتماع مع غيره من كبار قادة الاستخبارات الأميركية لمناقشة العمليات ذات الحساسية العسكرية (واشنطن بوست)
الأميرال تيد تويغ برانش لا يسمح له بالاجتماع مع غيره من كبار قادة الاستخبارات الأميركية لمناقشة العمليات ذات الحساسية العسكرية (واشنطن بوست)
TT

الأميرال المسؤول عن الاستخبارات البحرية لم يُسمح له بالاطلاع على الأسرار العسكرية لسنوات

الأميرال تيد تويغ برانش لا يسمح له بالاجتماع مع غيره من كبار قادة الاستخبارات الأميركية لمناقشة العمليات ذات الحساسية العسكرية (واشنطن بوست)
الأميرال تيد تويغ برانش لا يسمح له بالاجتماع مع غيره من كبار قادة الاستخبارات الأميركية لمناقشة العمليات ذات الحساسية العسكرية (واشنطن بوست)

لأكثر من عامين كاملين، واجه رئيس الاستخبارات البحرية الأميركية عائقا كبيرا: أنه غير مسموح له بالاطلاع على أية أسرار عسكرية.
كان نائب الأميرال تيد تويغ برانش ممنوعا من قراءة، أو الاطلاع على، أو الاستماع إلى، المعلومات السرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) لعام 2013، عندما نما إلى علم القوات البحرية من وزارة العدل الأميركية ذكر اسم الأميرال خلال تحقيقات موسعة تتعلق بإحدى قضايا الفساد الكبرى التي تتضمن أحد المقاولين الدفاعيين الأجانب والعشرات من الموظفين في القوات البحرية الأميركية.
ولقد أوقف قادة القوات البحرية السماح للأميرال برانش بالاطلاع على المواد السرية إثر شعورهم بالقلق من أن توجيه الاتهامات بحق الأميرال بات وشيكا. ولقد اتخذ القادة إجراء مماثلا مع أحد نواب الأميرال برانش، ويدعى الأميرال بروس إف. لافليس، مدير عمليات الاستخبارات بالقوات البحرية.
وبعد مرور أكثر من 800 يوم على بدء التحقيقات لم توجه أية اتهامات بحق الأميرالين برانش أو لافليس، ولكن لم تتم تبرئتهما على نحو تام كذلك، ولا يزال محظورا عليهما الوصول إلى أو الاطلاع على أية معلومات سرية.
وعلى الرغم من أن القوات البحرية قد نقلت الأميرال لافليس إلى منصب آخر أقل حساسية من الأول، فإنها أبقت الأميرال برانش مسؤولا عن شعبة الاستخبارات بالقوات البحرية. ولقد أسفر ذلك عن وقوع ترتيبات شديدة الحرج أقرب ما تكون بإرسال سفينة حربية في مهمة قتالية مع الإبقاء على قائدها في الميناء.
لا يستطيع الأميرال برانش الاجتماع مع غيره من كبار قادة الاستخبارات الأميركية لمناقشة العمليات ذات الحساسية العسكرية، أو الاستماع إلى آخر التحديثات من أركانه حول المهام أو المشروعات السرية. قد يكون عملا روتينيا أن تطأ أقدام الرجل مكاتب الزملاء داخل الاستخبارات البحرية، وفقا للوائح المعمول بها، ولكنهم يتعين عليهم إجراء عملية تمشيط مسبقة للتأكد من تأمين أية وثائق سرية حتى لا يمكنه الاطلاع عليها.
ولقد تساءل بعض النقاد حول ذكاء القرار الصادر من القوات البحرية الاحتفاظ برئيس شعبة الاستخبارات وسط كل هذه القيود المفروضة على عمله، ولهذه الفترة الطويلة، وخصوصا في الوقت الذي تواجه وزارة الدفاع الأميركية مزيدا من الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، وبحر الصين الجنوبي، وشبه الجزيرة الكورية، وغيرها من المناطق المشتعلة في العالم.
يقول نورمان بولمار، وهو المحلل والمؤرخ في البحرية الأميركية، في مقابلة أجريت معه مؤخرا: «لم أسمع عن شيء في مثل تلك البلاهة، أو الغرابة، أو الغباء في كل سنوات حياتي المهنية».
وفي مقال افتتاحي نُشر في مجلة القوات البحرية الأميركية الخريف الماضي، حث السيد بولمار قادة القوات البحرية على استبدال الأميرال برانش والأميرال لافليس من أجل الأمن القومي للبلاد. وأشار إلى شكاوى من كثير من ضباط القوات البحرية الذين لم يذكر أسماءهم أن «إدارة الاستخبارات تشهد عوائق كبيرة في لحظة اضطراب عظيمة».
إنها من الموضوعات شديدة الحساسية بالنسبة لقادة القوات البحرية الذين حاولوا كثيرا استبدال الأميرال برانش، فلقد اتخذت خطوات، مرتين خلال الـ14 شهرا الماضية، لترشيح رئيس جديد للاستخبارات البحرية – الذي يتعين الموافقة عليه من جانب مجلس الشيوخ في الكونغرس – ولكن كل المحاولات باءت بالفشل. وما من إشارة تدل على تولي قائد آخر ذلك المنصب الحساس في أي وقت قريب.
وصرحت الأميرال داون كاتلر، المتحدثة الرسمية باسم القوات البحرية الأميركية، في بيان لها أن التحقيقات المستمرة من قبل وزارة العدل حول الأميرال برانش والأميرال لافليس: «لم تؤثر على قدرات القوات البحرية في إدارة العمليات». وقالت إن الرجلين لا يزالان يضطلعان بمهامهما الإدارية في حين يتولى النواب المدنيون والعسكريون التعامل مع الأمور السرية من أعمالهما.
رفض كل من الأميرال برانش والأميرال لافليس الاستجابة لطلبات إجراء المقابلات الشخصية المرفوعة إليهما عبر القوات البحرية.
وبالإضافة إلى عمله كرئيس للاستخبارات البحرية، يتولى الأميرال برانش منصب كبير مسؤولي المعلومات في القوات البحرية، حيث يشرف وفقا لذلك على 55 ألف فرد في سلاح الهيمنة الإعلامية بالقوات البحرية الأميركية ويعتبر مسؤولا كذلك عن كثير من برامج الأمن الإلكتروني.
يعترف بعض قادة القوات البحرية، على نحو خاص، بأن التعامل مع تداعيات تحقيقات وزارة العدل الأميركية شكلت لهم كابوسا لا يطاق، وأنهم لم يتوقعوا أبدا استمرار التحقيقات في تلك القضية طيلة كل هذه الفترة.
يقول أحد كبار ضباط القوات البحرية، الذي فضل عدم ذكر هويته لتجنب استعداء المدعين الفيدراليين: «كان لدينا تفهم بأن تلك القضية سوف تحل نفسها بنفسها بسرعة كبيرة. وليست لدينا معلومات عملية حول الأميرال برانش، سواء جيدة أو سيئة أو خلافه. وكل ما نعلمه أنه ضالع في أمر ما بصورة أو بأخرى».
وأضاف الضابط البحري الكبير يقول: «وحتى يتم تسوية تلك الأمور، فنحن مجمدون في أماكننا. فهل هذا هو الوضع الأمثل؟ كلا بكل تأكيد. ولكنه الوضع القائم حاليا».
كان الأميرال برانش من أبرز الضباط في سلك الخدمة بالقوات البحرية، ولقد كان طيارا مقاتلا مخضرما، ولقد شارك في عمليات قتالية في غرينادا، ولبنان، والبلقان، والعراق. وربما نال الأميرال برانش شهرة خاصة لدوره القيادي في فيلم وثائقي من عشرة أجزاء بعنوان «الحاملة» من إنتاج شبكة «بي بي إس» الأميركية، وهو فيلم يصور الحياة الحقيقية داخل أكبر حاملة أميركية للطائرات في العالم، الحاملة «يو إس إس نيميتز»، التي كانت تحت قيادة الأميرال برانش في عام 2005.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص: بـ {الشرق الأوسط}



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.