في ويلز.. شغف البناء من الطبيعة

بيت مبني من وسائل بسيطة في ويلز
بيت مبني من وسائل بسيطة في ويلز
TT

في ويلز.. شغف البناء من الطبيعة

بيت مبني من وسائل بسيطة في ويلز
بيت مبني من وسائل بسيطة في ويلز

لم تكن لديه أي خبرة في النجارة وبناء البيوت، لكنه قرر تجربة بناء بيته بنفسه، ووفقا لمعاييره الخاصة التي تجمع البساطة والقرب من الطبيعة والكلفة المتدنية مع توافر الوسائل التكنولوجية. وأراد أن يحتذي به الآخرون للعيش ببساطة واستقلالية، والتخلص من التزامات الرهن العقاري.
بدأ سيمون دال في بناء منزله الخاص ومعه والد زوجته في عام 2005 في مقاطعة ويلز البريطانية، وبمساعدة من بعض المارين والأصدقاء استطاع الانتقال للإقامة فيه بعد عمل دام أربعة أشهر. ونفذه في خلال 1000 إلى 1500 ساعة عمل. وعلى العكس من التكلفة المرتفعة لشراء منزل في بريطانيا، تكلف دال نحو 3 آلاف جنيه إسترليني (4280 دولارا بأسعار اليوم) لبناء منزله الخشبي المكون من طابقين.
بناه من الخشب وأفرع الشجر ومواد قابلة لإعادة التدوير، ومن أجل استغلال الطبيعة بكفاءة قرر بناء المنزل على سطح الأرض مباشرة، وتغطية السقف والجدران بطبقة من القش والتراب وذلك لضمان الدفء في الشتاء والبرودة في الصيف، وتقليل استهلاك الطاقة إلى الحد الأدنى.
وعلى الرغم من بساطة مكونات المبنى فإنه كان يحتوي على كل مقومات الحياة الحديثة، بداية من مصابيح الإضاءة وحتى أجهزة الكومبيوتر، والتي تعمل بواسطة الكهرباء المولدة عن طريق لوحات شمسية تولد طاقة نظيفة. ويحصل دال على ماء الشرب من ينابيع مياه قريبة من المنزل، وماء الحدائق من تجميع مياه الأمطار. وينقسم بيت الغابة لطابقين، الأول منهما يحتوي على غرفة معيشة وغرفة أطفال مزودة بمدفئة تعمل على الخشب، والطابق الثاني يضم غرفة النوم الرئيسية.
وبنهاية عام 2009 قرر سيمون وأسرته ترك المنزل بعد شهرته، وخوض تجربة جديدة في الإطار ذاته، وبناء أول قرية اقتصادية (eco-village) في ويلز على غرار بيت الغابة، تتميز بتأثير محدود الضرر على البيئة، وكثرة الحدائق حولها، مع وجود حظائر لتربية الأغنام والطيور. وأنشأ موقعا على الإنترنت يضم معلومات إرشادية لمن يريد البدء في عمل تجربته الخاصة لبناء منزله.
ويستغل دال منزله الحالي في نقل خبرته للمهتمين، وتعليمهم أساليب بناء منازل الغابة باستغلال الموارد المتاحة، وزراعة الغابة المحيطة بهم، والحصول على المياه ومصادر الطاقة البديلة وأساليب الاكتفاء الذاتي، والعيش ببساطة في تناغم مع البيئة المحيطة.
ويقول دال عن بناء منزله دون خبرة سابقة بالتصميم والبناء: «أن تكون أنت المصمم والمنفذ هو أمر يحتوي على الكثير من المتعة، ويمكنك ذلك من خلق شيء هو في النهاية جزء منك، وستعيش في كل لحظة متعة خاصة تستحق تجربتها». ويرى أنه في أسوأ الحالات «فستخلق منزلا جديدا من دون تكاليف تذكر، وسيتغير نمط حياتك بطريقة ما، والذي سيغير بالتبعية من تفكيرك ونظرتك للحياة».



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».