«التليف الرئوي مجهول السبب» مرض يتهدد حياة المسنين

الشيخوخة.. ليست السبب الوحيد لحالات ضيق التنفس

«التليف الرئوي مجهول السبب» مرض يتهدد حياة المسنين
TT

«التليف الرئوي مجهول السبب» مرض يتهدد حياة المسنين

«التليف الرئوي مجهول السبب» مرض يتهدد حياة المسنين

ينهل دانييل كاستنر، من منطقة نابا في كاليفورنيا، من نبع خبراته الشخصية عندما يقدم النصح لآخرين بخصوص ضرورة الاهتمام بأجسامهم والتحقق من ماهية أي طارئ غير اعتيادي من دون تأخير. ويرى كاستنر أنه قد يتوافر علاج بمقدوره القضاء على مشكلة صحية ما في مهدها، قبل أن تستفحل.

تليف رئوي

في سن الـ36، علم كاستنر أنه يعاني من مرض بالرئة لا علاج له يدعى «التليف الرئوي مجهول السبب -idiopathic pulmonary fibrosis»، والذي يبدو في أغلب الحالات وكأنه ظهر من العدم، مثلما يوحي اسمه. في ذلك الوقت، لم يكن كاستنر، البالغ حاليًا 67 عامًا، كسولاً أو بطيء الحركة، بل على العكس كان شخصا دائم الترحال والتجوال، ويعشق ركوب الدراجات والقيام بنزهات طويلة سيرًا على الأقدام والتزلج وزراعة الحدائق. إلا أنه ومع حلول عام 2012، وأثناء قيامه بنزهة مع أسرته بمنطقة بحيرة تاهو على ارتفاع يقترب من 7000 قدم فوق سطح البحر، تعرض لـ«ضيق شديد في التنفس»، وفقا لزوجته، سوزان.
وبعد شهرين، شخص الطبيب حالته بأنها «تليف رئوي مجهول السبب»، وهو مرض يقلل قدرة الرئتين على استخلاص الأكسجين من الهواء وتوزيعه على باقي أعضاء الجسم. في ذلك الوقت، لم يكن بالولايات المتحدة أي علاجات فاعلة لهذا المرض، لكن كان هناك عقار يجري استخدامه في أوروبا يدعى «إسبريت Esbriet» اتضح أنه يبطئ تفشي التليف في الرئة، ويحد بدرجة كبيرة من الوفيات الناجمة عن المرض.
في أكتوبر (تشرين الأول) 2014، وبعد معاينة نتائج إيجابية خلال اختبارات مختبرية، وافقت إدارة الغذاء والدواء على «إسبريت»، وأيضًا على عقار آخر للتليف الرئوي مجهول السبب يدعى «أوفيف Ofev».
وقبل ذلك بشهرين، بدأ أطباء من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو في علاج كاستنر باستخدام «إسبريت» وذلك في ظل تصريح خاص. وأوضح كاستنر أنه آنذاك كان لا يزال قادرًا على المضي من دون اللجوء إلى أكسجين إضافي، حتى عندما كان يعمل على الاعتناء بالحديقة مع زوجته. وقال: «أحيانا كنت أصبح لاهثًا عندما أقوم برفع أشياء. وحينها تتدخل سوزان لمساعدتي. ومن جانبي لا أجد غضاضة في قيامها ببعض الأعمال الشاقة عني، فأنا أعشق صحبتها».
إلا أنه يتساءل إلى أي مدى كانت حالته الصحية ستختلف وتكون أفضل بكثير الآن لو أنه تمكن من الشروع في تناول أحد العقارين الجديدين بمجرد تشخيص مرضه، عندما كانت نسبة الخسارة في عمل الرئة 20 في المائة فقط، بدلاً من الانتظار حتى تمكن أخيرا من نيل الدواء وكانت نسبة الخسارة قد ارتفعت إلى 60 في المائة.

مرض شائع

وفي حديث معي، قال كاستنر: «لم أعاين تغييرًا في حالتي، ولم يحدث ترد كبير منذ أن بدأت في تناول إسبريت»، مشيرًا إلى أنه لم يعانِ من أية تأثيرات جانبية محتملة جراء تعاطي هذا العقار. والآن، يبدي كاستنر عزمه على نشر نصيحته الخاصة بضرورة السعي لتلقي العلاج في وقت مبكر بين أكثر من 100.000 شخص داخل الولايات المتحدة ممن يعرف عنهم إصابتهم بتليف رئوي مجهول السبب، بجانب كثيرين آخرين غيرهم لم يعلموا بعدُ السبب وراء معاناتهم كثيرًا من ضيق بالتنفس وحالة من اللهاث.
من جهته، قال د. تالمريدج إي. كينغ، عميد كلية طب بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، والذي تولى الإشراف على إحدى الدراسات المعنية بـ«إسبريت»، إن العقار «قلل نسبة المرضى الذين تتردى أحوالهم الصحية بنسبة 48 في المائة تقريبًا، ما يكشف أن العقار نجح في إبطاء معدل تدهور حالة المرضى. كما تراجع معدل الوفيات بنسبة أكبر مما توقعنا».
وأضاف: «عندما شرعت في دراسة أمراض الرئة منذ 30 عامًا، توفي جميع من تعرضوا لهذا المرض. الآن، أصبح باستطاعتنا أن نقول للمرضى إن حالتهم ستسوء لكن بمعدل أقل وسيبقون على قيد الحياة».
من جهته، قال كاستنر: «عندما تم تشخيص حالتي للمرة الأولى بهذا المرض، شرعت في التفكير في الأشياء التي أود رؤيتها قبل موتي. الآن، لا أفكر بالموت. ورغم أنني لا أزال أعاني من هذا المرض - فقد أصبح واحدة من حقائق الحياة بحياتي - ومع أنني ما زلت عاجزًا عن القيام ببعض النشاطات البدنية التي اعتدت القيام بها من قبل، لا يزال بمقدور الطهي والاعتناء بالحديقة مع زوجتي والخروج لتناول العشاء والسير على أسطح مستوية والتمتع بتناول المشروبات برفقة أصدقائي». وقد دفعه كل هذا نحو محاولة إبلاغ باقي المرضى بأنه لا يزال أمامهم أمل في الحياة.

أسباب وأعراض

جدير بالذكر أن أكثر من 14000 مريض داخل الولايات المتحدة بدأوا تلقي عقار «إسبريت»، ما يوضح أنه لا يزال هناك كثيرون باستطاعتهم الاستفادة من هذا العقار وكذلك من «أوفيف»، العقار الأحدث بكثير الذي يتميز بآلية عمل مختلفة بعض الشيء. ومن المقرر إجراء دراسات حول ما إذا كان تناول العقارين معًا أكثر فاعلية عن تناول أحدهما فقط.
من ناحية أخرى، أعرب د. ستيفين ناثان، الطبيب المتخصص بأمراض الرئة في مستشفى إنوفا فيرفاكس بولاية فيرجينيا، عن اعتقاده بأنه رغم تصنيف تليف الرئة مجهول السبب كمرض نادر، فإنه «أكثر شيوعًا عما يسود الاعتقاد. ولسبب ما، فإنه آخذ في الانتشار». وأضاف أن من المعتقد أن هذا المرض يصيب بصورة أساسية الأفراد المعرضين جينيًا للإصابة به، والذين يتعرضون لعوامل تستثير المرض مثل دخان السجائر أو الغبار أو الأدخنة.
في المتوسط، يستغرق الأمر عامين من أجل تقديم تشخيص صائب لمريض بتليف الرئة مجهول السبب. وعادة ما يوعز الأفراد شعورهم بضيق التنفس واللهاث إلى افتقارهم إلى اللياقة البدنية أو تقدمهم في العمر، خصوصا أن تليف الرئة لأسباب مجهولة عادة ما يصيب كبار السن. وكثيرًا ما يخلط الأطباء بينه وبين الربو أو مرض بالقلب أو داء الانسداد الرئوي المزمن أو العشرات من الأمراض الأخرى التي تصيب خلايا الرئة. وبجانب ضيق التنفس، أحيانا يكون السعال المستمر من دون إفراز بلغم خلال تأدية نشاطات يومية عادية من الأعراض الشائعة لتليف الرئة مجهول السبب.
ومع ذلك، فإنه ومع توافر قائمة من الاختبارات الصحيحة، لم يعد التشخيص الصحيح للمرض شديد الصعوبة. ومن خلال الإنصات عبر السماعة الطبية عند شهيق المريض، يمكن للطبيب سماع صوت طقطقة. كما أن ارتفاع ضغط الدم الرئوي من الأعراض الشائعة للمرض.
ومن بين الاختبارات التي تجري للكشف عن المرض مراقبة المريض أثناء السير لمدة ست دقائق للتعرف على حجم التراجع في مستوى الأكسجين بالدم أثناء الحركة. ويعتمد اختبار آخر على توظيف أول أكسيد الكربون للتعرف على حجم الهواء الذي يمكن للرئة استنشاقه مع الشهيق وطرده مع الزفير.
وفي ما يخص «إسبريت»، من المعتقد أنه يتصدى لتليف الرئة عبر تقليص إنتاج الكولاجين والعوامل التي تعزز النمو والالتهاب. ولا ينصح بهذا العقار لمن يعانون من مشكلات بالكبد أو الكلى. كما أن التدخين يمكنه تقليص فاعليته. أما «أوفيف» فيعمل كذلك على محاربة التليف عبر استهداف كثير من عوامل النمو.

• خدمة «نيويورك تايمز»



فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)
تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)
TT

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)
تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)

اكتشف الباحثون وجود صلة بين عدوى الأمعاء المزمنة الناجمة عن فيروس شائع وتطور مرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص.

يواجه معظم الأشخاص فيروس تضخم الخلايا (إتش سي إم في) أثناء الطفولة، وبعد العدوى الأولية يظل الفيروس في الجسم مدى الحياة، وعادة ما يكون كامناً.

بحلول سن الثمانين، سيكون لدى 9 من كل 10 أشخاص أجسام مضادة لفيروس تضخم الخلايا في دمائهم. ينتشر هذا الفيروس، وهو نوع من فيروس الهربس، عبر سوائل الجسم ولكن فقط عندما يكون الفيروس نشطاً.

وأظهرت الدراسة أنه في إحدى المجموعات، ربما وجد الفيروس ثغرة بيولوجية، حيث يمكنه البقاء نشطاً لفترة كافية ليمضي على «الطريق السريع» لمحور الأمعاء والدماغ، والمعروف رسمياً باسم «العصب المبهم» وعند وصوله إلى الدماغ، يكون للفيروس النشط القدرة على تفاقم الجهاز المناعي والمساهمة في تطور مرض ألزهايمر.

وأكد موقع «ساينس ألرت» أن هذا احتمال مثير للقلق، لكنه يعني أيضاً أن الأدوية المضادة للفيروسات قد تكون قادرة على منع بعض الأشخاص من الإصابة بمرض ألزهايمر، خصوصاً إذا تمكن الباحثون من تطوير اختبارات الدم للكشف السريع عن عدوى الفيروس المضخم للخلايا النشطة في الأمعاء.

في وقت سابق من هذا العام، أعلن بعض أعضاء الفريق من جامعة ولاية أريزونا عن وجود صلة بين نوع فرعي من الخلايا الدبقية الصغيرة المرتبطة بمرض ألزهايمر، والتي تسمى «سي دي 83+» بسبب غرائب ​​الخلية الجينية، وارتفاع مستويات الغلوبولين المناعي «جي 4» في القولون المستعرض؛ مما يشير إلى نوع من العدوى. وتعدّ الخلايا الدبقية الصغيرة هي الخلايا التي تقوم بمهمة التنظيف في جميع أنحاء الجهاز العصبي المركزي. فهي تبحث عن اللويحات والحطام والخلايا العصبية والمشابك الزائدة أو المكسورة، وتمضغها حيثما أمكن وتطلق الإنذارات عندما تصبح العدوى أو الضرر خارج نطاق السيطرة.

يقول بن ريدهيد، عالم الطب الحيوي والمؤلف الرئيسي من جامعة ولاية أريزونا: «نعتقد أننا وجدنا نوعاً فرعياً فريداً بيولوجياً من مرض ألزهايمر قد يؤثر على 25 إلى 45 في المائة من الأشخاص المصابين بهذا المرض». وتابع: «يتضمن هذا النوع الفرعي من مرض ألزهايمر لويحات الأميلويد المميزة وتشابكات (تاو) - وهي تشوهات دماغية مجهرية تستخدم للتشخيص - ويتميز بملف بيولوجي مميز للفيروس والأجسام المضادة والخلايا المناعية في الدماغ».

تمكن الباحثون من الوصول إلى مجموعة من أنسجة الأعضاء المتبرع بها، بما في ذلك القولون والعصب المبهم والدماغ والسائل النخاعي، من 101 متبرع بالجسم، 66 منهم مصابون بمرض ألزهايمر. ساعدهم هذا في دراسة كيفية تفاعل أنظمة الجسم مع مرض ألزهايمر، الذي غالباً ما يُنظر إليه من خلال عدسة عصبية بحتة.

وقد تتبع الباحثون وجود الأجسام المضادة لفيروس تضخم الخلايا من أمعاء المتبرعين إلى السائل الشوكي لديهم، وحتى أدمغتهم، بل واكتشفوا حتى الفيروس نفسه كامناً داخل الأعصاب المبهمة للمتبرعين. وظهرت الأنماط نفسها عندما كرروا الدراسة في مجموعة منفصلة ومستقلة. إذ وفَّرت نماذج خلايا الدماغ البشرية المزيد من الأدلة على تورط الفيروس، من خلال زيادة إنتاج بروتين الأميلويد والبروتين تاو الفوسفوري والمساهمة في تنكس الخلايا العصبية وموتها.

ومن المهم أن هذه الروابط لم يتم العثور عليها إلا في مجموعة فرعية صغيرة جداً من الأفراد المصابين بعدوى فيروس تضخم الخلايا المعوية المزمنة. ونظراً لأن الجميع تقريباً يتلامس مع فيروس تضخم الخلايا، فإن التعرض للفيروس ببساطة ليس دائماً سبباً للقلق.

يعمل ريدهيد وفريقه على تطوير اختبار دم من شأنه الكشف عن عدوى فيروس تضخم الخلايا المعوية حتى يمكن علاجها بمضادات الفيروسات، وربما منع المرضى من الإصابة بهذا النوع من مرض ألزهايمر.