ضربات نوعية للتحالف.. وتنديد يمني بفتوى مرجع «زيدي»

محافظ الجوف: الميليشيات المدعومة من إيران تعاني الهزيمة النفسية

ضربات نوعية للتحالف.. وتنديد يمني بفتوى مرجع «زيدي»
TT

ضربات نوعية للتحالف.. وتنديد يمني بفتوى مرجع «زيدي»

ضربات نوعية للتحالف.. وتنديد يمني بفتوى مرجع «زيدي»

تشهد العمليات الجوية لطائرات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية تطورا نوعيا في أدائها، في العاصمة صنعاء، كمّا وكيفا، فخلال الساعات الأربع والعشرين الماضية شهدت صنعاء سلسلة غارات جوية متواصلة، ووصف شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» الغارات بأنها عنيفة ومكثفة وتستهدف مواقع الميليشيات والقوات الموالية للمخلوع صالح، وسط صنعاء وفي أطرافها.
وقال شهود عيان إن طائرات التحالف باتت تقوم بمهامها وطلعاتها الجوية، دون وجود مضادات أرضية للطائرات، فقد توقفت عن إطلاق مقذوفاتها باتجاه الطائرات، وبحسب مراقبين في صنعاء، فإن المضادات الأرضية، منذ مارس (آذار) الماضي وحتى اللحظة، لم تفلح في إصابة أي هدف، إضافة إلى أن عددا كبيرا من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين في العاصمة سقطوا بالمقذوفات التي تطلقها المضادات والتي تسمى محليا «الراجع»، بحسب ما أثبت كثير من المنظمات المحلية.
وخلال الأيام الثلاثة الماضية، نفذت طائرات التحالف غارات نوعية، واستهدفت قاعدة الديلمي الجوية ومطار صنعاء المجاور لها، ومواقع تجمعات الميليشيات في ملعب الثورة الرياضي والصالات التابعة له، وكذا معسكرات النهدين وتبة التلفزيون ومعسكر الصيانة، إضافة إلى مواقع في قلب العاصمة، قرب معسكر قوات الأمن الراجلة وغيرها من المواقع التي تستخدمها الميليشيات كمخازن أسلحة وغرف عمليات لإدارة العمليات العسكرية ضد المحافظات الأخرى.
وقالت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن كثافة الغارات الجوية تأتي في وقت تشهد صنعاء والمناطق الريفية المجاورة لها تحركات واسعة للمقاومة الشعبية لإجراء ترتيبيان تتعلق بعملية تحرير صنعاء، كما تأتي بالتزامن مع اقتراب المواجهات بين قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة، والميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع صالح من جهة أخرى، في مناطق قريبة من العاصمة، حيث وصلت المواجهات إلى مديرية حرف سفيان بمحافظة عمران المجاورة، بينما تدور العمليات العسكرية، منذ أسابيع، في مديرية نهم بمحافظة صنعاء (ريف العاصمة).
وذكرت مصادر محلية في صنعاء أنه وبالتزامن مع هذه التطورات، يقوم المخلوع علي عبد الله صالح والحوثيين بحشد أبناء القبائل المجاورة والمحيطة بصنعاء لتجنيدهم، استعدادا للمعركة المرتقبة لتحرير العاصمة. وقد لجأ المخلوع صالح والحوثيون إلى المراجع الدينية الزيدية (الشيعية) من أجل حض المواطنين للانخراط في صفوف التجنيد، حيث أصدر العلامة محمد المطاع (80 عاما تقريبا)، وهو من المراجع الزيدية الهادوية، فتوى تكفر الرئيس عبد ربه منصور هادي والقيادات الموالية للشرعية وتهدر دماءهم، كما تكفر الفتوى كل المعارضين لعبد الملك الحوثي.
ودعت فتوى العلامة المطاع إلى ما سماه «الجهاد»، وشدد في فتواه على أن تجهز كل محافظة يمنية ما لا يقل عن 10 آلاف مقاتل متطوع، من كل محافظة، في غضون أسبوع (الفتوى قبل 3 أيام)، وقد لقيت هذه الفتوى تنديدا واسعا من قبل مختلف الأوساط اليمنية وانعكس ذلك التنديد في مواقع التواصل الاجتماعي، بشكل واضح، في حين أكدت مصادر «الشرق الأوسط» أن هذه المساعي والتحركات تصطدم بحالة من عدم التجاوب من قبل القبائل المحيطة بصنعاء والتي بات كثير منها يؤيد الشرعية الدستورية ويرفض دعم الانقلابيين تحت أية تسميات، سواء كانت طائفية أو مذهبية أو مناطقية، بحسب تعبير تلك المصادر، خصوصا بعد الخسائر البشرية الكبيرة التي منيت بها المناطق المحيطة بصنعاء والمحافظات الشمالية في القتال في صفوف الميليشيات وقوات المخلوع، طوال الأشهر التسعة الماضية.
على صعيد آخر، قالت مصادر ميدانية في محافظة الجوف لـ«الشرق الأوسط» إن ميليشيات المتمردين بدأت في الفرار من مواقعها في مديرية الغيل والمديريات المجاورة، وذلك على وقع الضربات الجوية الموجعة لطيران التحالف والتقدم على الأرض لقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، ووصل محافظ الجوف، العميد الشيخ حسين العجي العواضي، إلى مديرية الغيل، وفي بيان أصدره من المنطقة عبر اتصال هاتفي إلى مكتبه، قال العواضي: «نحن الآن في مديرية الغيل، وسوف نواصل ملاحقة القوى الانقلابية حتى استعادة الدولة بكل مؤسساتها وقطاعاتها ومديرياتها»، وأضاف مؤكدا أن «الجوف اليوم تمثل الجبهة الأكثر فاعلية على المستوى العسكري والميداني، حيث باتت جبهة الجوف هي الأقرب إلى العاصمة صنعاء وصعدة وعمران من أي جبهة أخرى».
وتحدث المحافظ العواضي، بحسب مكتبه، عن «عن الأحداث التي شهدتها مديرية الغيل، وعن الهزيمة النفسية التي عصفت بطابور الميليشيات الانقلابية بعد الضربات المركزة التي حققها الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بإسناد من قبل قوات التحالف بقيادة السعودية، وتعاون المجتمع المحلي، حيث بدأ المواطنون في أكثر من مديرية يرفضون وجود مقاتلي الحوثي في قراهم ويطلبون منهم المغادرة».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.