الأردن: مشروع مياه الديسي يبدأ ضخ المياه العذبة للعاصمة ومحافظات مجاورة لخمسين عاما قادمة

يوفر 100 مليون متر مكعب سنويا بتكلفة بلغت 1.1 مليار دولار

الأردن: مشروع مياه الديسي يبدأ ضخ المياه العذبة للعاصمة ومحافظات مجاورة لخمسين عاما قادمة
TT

الأردن: مشروع مياه الديسي يبدأ ضخ المياه العذبة للعاصمة ومحافظات مجاورة لخمسين عاما قادمة

الأردن: مشروع مياه الديسي يبدأ ضخ المياه العذبة للعاصمة ومحافظات مجاورة لخمسين عاما قادمة

يعتبر مشروع جر مياه الديسي من جنوب الأردن إلى العاصمة عمان والمحافظات المجاورة من المشاريع الاستراتيجية التي تم إنجازها في عهد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بكلفة 1.1 مليار دولار والذي من المؤمل أن يوفر مائة مليون متر مكعب سنويا من المياه العذبة وينعكس بطريقة غير مباشرة على بعض المحافظات الأخرى.
وقال مدير المشروع في وزارة المياه الأردنية المهندس بسام الصالح لـ«الشرق الأوسط» إن المشروع الذي بدأت عملية ضخ المياه الفعلية إلى عمان قبل عدة أيام يسهم في توفير مصدر مستدام للمياه في محافظة العاصمة وباقي المحافظات، ويدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ضمن منظومة متكاملة لتعزيز الوضع المائي في الأردن لمدة خمسين عاما هو عمر المشروع.
وأضاف الصالح أن مشروع جر مياه الديسي، الذي دشنه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في يوليو (تموز) الماضي بصورة تجريبية تم إنجازه باستثمار محلي ودولي، يعد أحد أبرز المشروعات الحيوية في إدارة مصادر المياه، ومواجهة تحديات نقص المياه وحل مشكلاتها لمحافظات المملكة كافة، حيث سيرفع حصة الفرد إلى 190 لترا مقابل 145 لترا في اليوم.
وقال، إن المشروع الديسي سيزود الأردن، بنحو 100 مليون متر مكعب سنويا وبنوعية مياه شرب عالية الجودة وإن الضخ سيغطي احتياجات العاصمة ومحافظات الزرقاء والمفرق واربد وفي مرحلة لاحقة محافظتي جرش وعجلون، ومحافظات مادبا والكرك والطفيلة ومعان، حيث سيتوقف الضخ من مصادر تزويد العاصمة الحالية بالمياه، لا سيما من الزرقاء ومن مادبا وتحويلها إلى تلك المحافظات.
من جانبه قال رئيس مجلس إدارة شركة «جاما هاكان أوزمان» وهي الشركة التركية التي نفذت المشروع: «إن بدء ضخ مياه الديسي إلى عمان، يسجل علامة فارقة في الاستراتيجية الوطنية للمياه في الأردن باستدامة إدارة احتياطات المياه والمحافظة على جودة المياه، في الوقت الذي تواصل فيه تحقيق النمو الاقتصادي».
وأشار أوزمان إلى أن المشروع واجه تحديات كثيرة أثناء التنفيذ: «لكن دعم والتزام الأطراف المشاركة في المشروع مكننا من التغلب على هذه التحديات والمشكلات وإنهاء العمل بالوقت المناسب».
وقال: إن المشروع يعد من أكبر مشروعات الاستثمار الأجنبي في المنطقة باستثمار نحو مليار دولار من قبل شركة «ديويكو» التي يملكها مستثمرون من تركيا والولايات المتحدة الأميركية، وبتمويل من مؤسسات أميركية وأوروبية، والبناء من قبل شركة «جاما» التركية التي دخلت العالمية من خلال الأردن.
وقال: إن تنفيذ المشروع استغرق 48 شهرا بسعة تصميمية تصل 107 ملايين متر مكعب وسعة تشغيلية 100 مليون متر مكعب سنويا، ونفذه 33 مقاولا منهم 27 مقاولا محليا وتم توظيف نحو 5 آلاف عامل لتنفيذ المشروع.
وفي جولة نظمتها وزارة المياه الأردنية لعدد من الصحافيين منهم مراسل «الشرق الأوسط» في عمان إلى منطقة المدورة على الحدود الأردنية السعودية حيث تقع إدارة المشروع قدم مدير المشروع بسام الصالح شرحا عن آلية العمل في الموقع الذي يضم حاليا 30 بئرا من أصل 55 بئرا من المؤمل الانتهاء من حفرها خلال الأشهر القليلة القادمة.
وقال: إن البئر الواحدة تنتج 250 مترا مكعبا من المياه في الساعة ويتم تجميع هذه المياه في خزان سعته 8 آلاف متر مكعب لضخها بواسطة مضخات عملاقة بطاقة 12 ألف متر بالساعة إلى خزان في منطقة بطن الغول والتي ترتفع 1089 مترا عن سطح البحر وتبعد 20 كيلومترا عن الإدارة المشروع.
وأضاف أن المياه تتدفق عبر خط ناقل قطره 1300 ملم إلى عمان بطول نحو 250 كيلومترا بالانسياب وهناك خزان في منطقة الحسا 140 كيلومترا عن عمان لكسر الضغط خاصة أن المياه تنحدر من 1089 إلى 850 مترا.
وقال: إن المياه تصل إلى منطقة القسطل جنوب عمان حيث يتم ضخها إلى خزاني أبوعلندا ودابوق بعمان بمقدار 170 ألف متر مكعب يوميا حيث يتم خلطها مع مياه أخرى قادمة من مناطق أخرى لتخفيف نسبة إشعاع الراديوم لتصل نسبتها إلى 0.45 ميليسيفرسنويا بدلا من 0.83 حيث إن النسبة المسموح بها 0.50 ميليسفر سنويا مشيرا إلى أن المياه التي يتم ضخها من آبار الديسي، والتي تبلغ 100 مليون متر مكعب سنويا، تشكل بين 20 إلى 25% من احتياجات المملكة لمياه الشرب.
من جانبه قال الأمين العام المساعد لشؤون الإعلام والتوعية في وزارة المياه الأردنية عدنان الزعبي إن الوزارة تعمل ضمن استراتيجية مائية واضحة قوامها مشروعات استراتيجية وإجراءات تهدف للمحافظة على المصادر المائية الشحيحة والنادرة.
وأضاف الزعبي أن تنفيذ هذا المشروع، تم من خلال مشاركة واستثمار دول صديقة وممولين وشركات ومؤسسات عالمية، بدءا من عمليات الدراسة وانتهاء بالتمويل والتنفيذ وبتكلفة إجمالية بلغت نحو 1.1 مليار دولار لضمان نوعية مياه شرب عالية الجودة.
وأبلغ الزعبي «الشرق الأوسط» أن حوض مياه الديسي يمتد 90% منه في أراضي المملكة العربية السعودية وتمتاز مياه الحوض بجودتها العالية وانخفاض محتوى الأملاح فيها رغم قدمها، فقد أشارت الدراسات والأبحاث التي قامت بها وزارة المياه الأردنية إلى أن أصول المياه في الحوض هي المياه القديمة من العصور الجليدية التي سادت المنطقة والتي امتدت منذ ما يزيد عن 30000 عام في حقبة «البليستوسين» ومن ثم حقبة «الهولوسين».
وأضاف أن الدراسات أثبتت أن للحوض مخزونا استراتيجيا هائلا، قد زود وسد حاجة مدينة العقبة لمدة تقارب 30 عاما إضافة لما استخرج منه لعدة عقود للاحتياجات الزراعية. وقد اتجهت الأنظار إليه لسد الفجوة بين المتاح والطلب على مياه الشرب في العاصمة عمان وغيرها من المناطق التي أصبحت تعاني اختناقا مائيا بسبب شح الموارد وازدياد الطلب.
وقال: إن الدراسات خرجت بتحديد خصائص الحوض وحجم مخزونه وكيفية استغلاله، وتم في ضوء نتائجها وضع وصف للمشروع من حيث مواقع الآبار وتقدير إنتاجيتها وعددها وتصميمها لتوفر الكمية المطلوب استخراجها لسد الحاجة للخمسين أو المائة سنة القادمة.
وأشار الزعبي إلى أن الحكومة واجهت عدة تحديات سياسية واقتصادية ومالية لإيجاد التمويل اللازم لتنفيذ المشروع حالت دون إنجازه لسنوات كثيرة إلى أن استقر الخيار على تنفيذه بطريقة البناء والتشغيل وتحويل الملكية.
وأكد الزعبي أنه بتشغيل المشروع فقد انعكس على المناطق التي كانت تزود عمان بالمياه من خلال وقف الضخ وتحويل الكمية إلى المواطنين في تلك المناطق.
وأوضح أن المشروع يسد احتياجات الأردن حتى عام 2018 ومن ثم فإن الحكومة التي أعلنت عن بدء تنفيذ خط ناقل البحرين (البحر الأحمر والبحر الميت) مطلع العام المقبل من المؤمل تحلية مائة مليون متر مكعب من مياه البحر في المرحلة الأولى حيث من المؤمل أن يتم تحلية 500 مليون متر مكعب من مياه البحر في المراحل الأربعة للمشروع لسد الاحتياجات في السنوات المقبلة.



تقرير دولي يتوقع هجوماً إسرائيلياً واسعاً ضد الحوثيين

مقاتلتان تابعتان للقوات الجوية الأميركية (الجيش الأميركي)
مقاتلتان تابعتان للقوات الجوية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

تقرير دولي يتوقع هجوماً إسرائيلياً واسعاً ضد الحوثيين

مقاتلتان تابعتان للقوات الجوية الأميركية (الجيش الأميركي)
مقاتلتان تابعتان للقوات الجوية الأميركية (الجيش الأميركي)

توقعت مؤسسة بحثية عالمية مهتمة بالشؤون الأمنية، أن إسرائيل قد تتجاوز الغارات الانتقامية المحدودة التي استهدفت الحوثيين في اليمن، وستنفذ عمليات مماثلة لعملياتها في لبنان، إذا ما استمرت الجماعة في استهدافها.

ووسط استنفار حوثي وتهديد باستهداف المصالح الأميركية، إذا ما تعرضت الجماعة لأي هجوم، بينت مؤسسة «ساري» العالمية أنه إذا استمر الحوثيون في استهداف الأراضي الإسرائيلية، فقد تتجاوز تل أبيب الغارات الانتقامية المحدودة، وتنفذ عملية شاملة بعيدة المدى، ربما تنافس نطاق تدخلاتها في لبنان وسوريا.

تل أبيب تريد تجاوز الغارات الانتقامية المحدودة السابقة (أ.ف.ب)

وحسب الدراسة الصادرة عن المؤسسة، فإن إسرائيل قد تشن سلسلة متواصلة و«أكثر إيلاماً» من الضربات على المراكز اللوجستية الحوثية، ومراكز القيادة والسيطرة ومستودعات الأسلحة، على غرار حملاتها المنهجية في سوريا ولبنان.

وقالت إنه على الرغم من الضربات الإسرائيلية والأميركية والبريطانية السابقة، ونظراً للثقة التي اكتسبتها تل أبيب من نجاحاتها ضد وكلاء إيران في لبنان وسوريا، فهناك «احتمال متزايد» لتوسيع الحملة الإسرائيلية في اليمن.

الدراسة ذكرت أنه بعد تمكن تل أبيب من تحييد الدفاعات الجوية السورية بشكل فعال، واحتواء «حزب الله» بشكل كبير، أصبح لدى المخططين العسكريين الإسرائيليين الآن نموذج لتفكيك البنية التحتية لوكيل إيراني آخر، والانتقال من الضربات الدقيقة الانتقائية إلى العمليات الشاملة المستدامة.

وحافظت تل أبيب -حسب الدراسة- على هدفها الأوسع في التصدي لكل وكيل إيراني بدوره، وتخفيف التهديدات، واستعادة الردع في الشرق الأوسط المترابط والمتقلب على نحو متزايد.

وبالإضافة إلى عمليات إسرائيل السابقة واعتباراتها الاستراتيجية، تشير الدراسة إلى أن تل أبيب تفكر الآن «بشكل أكثر صراحة في شن هجوم كبير ضد الحوثيين»، وأنه في الأشهر الأخيرة تذبذب نمط مشاركتها في اليمن. ففي بعض الأحيان، استخدمت القوة الجوية الحاسمة ضد أصول الحوثيين، وفي أحيان أخرى اتخذت موقفاً أكثر حذراً وتراجعاً.

وقد تأثر هذا الموقف إلى حد بعيد بالأولويات الاستراتيجية المتنافسة، بما في ذلك الحرب المستمرة في غزة، والعمليات الكبيرة ضد «حزب الله» في لبنان، والحملات المكثفة داخل الدولة السورية الضعيفة، بعد سقوط نظام بشار الأسد، وفق الدراسة.

توسيع الضربات

ومع تكثيف الحوثيين هجماتهم، تحدثت المؤسسة الدولية في دراستها عن «مؤشرات على أن تل أبيب تعيد النظر الآن في العودة بقوة أكبر إلى العمليات واسعة النطاق، كجزء من استراتيجيتها الأوسع نطاقاً، المتمثلة في التعامل مع كل وكيل إيراني على حدة، وتحييد التهديدات لمصالحها الأمنية بشكل منهجي».

ومع التأكيد على أن جيش الدفاع الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة أكثر أهمية داخل اليمن لوقف إطلاق الصواريخ المستمر، نقلت الدراسة عن تقرير لصحيفة «هآرتس» القول إن الدولة العبرية تسعى إلى إنشاء موطئ قدم إقليمي لمراقبة ومواجهة التهديدات الصادرة من الحوثيين بشكل أفضل.

خطة الهجوم الإسرائيلي تركز على مواقع حوثية حيوية مثل ميناء الحديدة (إعلام محلي)

ووفق ما جاء في الدراسة، فإنه على مدى الأسابيع القليلة الماضية، صعَّد الحوثيون هجماتهم على إسرائيل؛ حيث نفذوا ضربات صاروخية وبطائرات من دون طيار، وهددوا ممرات الشحن العالمية في البحر الأحمر وخليج عدن. وعلى الرغم من الاستجابات المدروسة في البداية، فإن القيادة الإسرائيلية والتحالفات الدولية تدرس الآن «اتخاذ إجراءات أكثر قوة وبعيدة المدى».

ووفق ما يراه معدو الدراسة، فإن نجاح إسرائيل في تحييد وكلاء إيران في لبنان وسوريا، عوامل «تزيد من احتمالية شن عمليات كبيرة ضد الحوثيين».

وأوضحت الدراسة أن التحالف الأميركي لحماية الملاحة في البحر الأحمر ركَّز على تفكيك مرافق تخزين الأسلحة الحوثية، ومواقع إطلاق الصواريخ والبنية التحتية للطائرات من دون طيار.

وقالت إن هذه العمليات المستمرة تهدف إلى تآكل قدرة الحوثيين على ضرب الأهداف البحرية، وإعاقة قدرتهم على إطلاق الصواريخ بعيدة المدى. وأكدت أن هذه الجهود لا تقتصر على الدفاع عن حرية الملاحة في الممرات المائية الحيوية فقط.

مواقف حكومية

وبدءاً من منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أعرب المسؤولون والقادة العسكريون التابعون للحكومة اليمنية بشكل متزايد عن الحاجة إلى هجوم شامل، لاستعادة الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون.

ورأت الدراسة في هذه التصريحات التي شجعتها التطورات الإقليمية والشركاء الدوليون، دليلاً على أن العملية واسعة النطاق باتت ضرورية لاستعادة سلطة الدولة.

السفينة البريطانية «روبيمار» غرقت بعد أن استهدفها الحوثيون (إعلام محلي)

ووفق الدراسة، تركز الخطط العسكرية على مناطق حيوية مثل الحديدة، وهي مركز ساحلي استراتيجي ومعقل لقوة الحوثيين، ومنصة لتهريب الأسلحة، ومركز للهجمات على الملاحة.

وقالت إن تصاعد الاشتباكات على الخطوط الأمامية في محافظات متعددة، مثل تعز والضالع وشبوة ولحج وما وراءها، ينذر بهجوم أكبر للقوات التابعة للحكومة، ضد المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.

وأشارت الدراسة إلى أن تحويل الجماعة الحوثية منازل المدنيين إلى ثكنات، ونشرهم الألغام الأرضية على نطاق واسع، تأكيد على «توقع الجماعة هجوماً وشيكاً». ورأت أن الاشتباكات على خطوط التماس ليست معزولة عن المواجهات القبلية في مناطق أخرى، كما هو حاصل في محافظة الجوف.

ويعتقد معدُّو الدراسة أن الانتهاكات المنسوبة للحوثيين والانتهاكات المنهجية، إلى جانب الاعتقالات في صنعاء ووفيات السجناء بسبب التعذيب، ممارسات توفر للحكومة اليمنية الذخيرة اللازمة لحشد الدعم الشعبي والدولي.

حريق ضخم في منشأة لتخزين النفط بعد الغارات الإسرائيلية على مدينة الحديدة اليمنية (أ.ف.ب)

وذكروا أن حملة القمع التي يشنُّها الحوثيون في أماكن مثل سجن «مدينة الصالح» في تعز، وغاراتهم القاتلة واعتقالاتهم التعسفية، تغذي المطالبات المتزايدة برد عسكري حاسم.

وتخلص الدراسة إلى أن الحوثيين لم يعودوا راضين عن كونهم مجرد تهديد للأمن البحري الإقليمي؛ بل يهدفون بدلاً من ذلك إلى تحقيق تأثيرات نفسية وعملياتية مباشرة داخل إسرائيل.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) شنت إسرائيل هجمات على ميناءين من التي يسيطر عليها الحوثيون (الحديدة ورأس عيسى)، باستخدام طائرات من طراز «إف 15 و16 و35»، قُتل نتيجتها 6 أشخاص، وأصيب ما لا يقل عن 57 آخرين، وتسببت في أضرار لمرافق المواني ومحطات توليد الطاقة.