«ستاندر آند بورز» تخفض التصنيف الائتماني لمصر للمرة السادسة

صندوق النقد يقول إنه لا يعتزم إرسال وفد جديد إلى القاهرة حاليا

«ستاندر آند بورز» تخفض التصنيف الائتماني لمصر للمرة السادسة
TT

«ستاندر آند بورز» تخفض التصنيف الائتماني لمصر للمرة السادسة

«ستاندر آند بورز» تخفض التصنيف الائتماني لمصر للمرة السادسة

قالت وكالة «ستاندر آند بورز» إنها خفضت التصنيف الائتماني لمصر قصير وطويل الأجل إلى «CCC+» و«C» على التوالي، ولكنها أشارت إلى أن نظرتها المستقبلية للبلاد مستقرة، يأتي ذلك في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من اضطرابات اقتصادية أثرت على مستويات التضخم وأدت إلى تزايد عجز الموازنة، وسط سعي حكومي للسيطرة على الأزمات وتطبيق برنامج لإصلاح اقتصاد البلاد.
ويعني التصنيف «c» أن مصر قد تكون عرضة لعدم الوفاء بالتزاماتها الخارجية، وهذا التصنيف أدنى من مستوى الاستثمار بنحو 7 درجات.
ويعد هذا التخفيض من قبل الوكالة هو السادس منذ اندلاع الثورة المصرية في 2011، والذي أدى إلى ارتفاع تكلفة اقتراض الدولة، وضعف العملة المحلية، وارتفاع عجز الموازنة. وقالت وكالة «بلومبرغ» إن تصنيف مصر الجديد طويل الأجل أعلى من تصنيف قبرص بنحو درجة واحدة وأدنى بدرجة واحدة من اليونان وباكستان.
وقالت «ستاندر آند بورز» في تقريرها أمس إن هذا التخفيض يعكس رؤيتها أن السلطات المصرية لا تزال تحتاج لوضع استراتيجية متوسطة الأجل لإدارة الاحتياجات التمويلية المالية الداخلية والخارجية في البلاد. ولهذا ستظل ضغوط التمويل المقدمة من المانحين مرتفعة وواسعة النطاق، بما في ذلك صندوق النقد الدولي الذي لا يزال التوصل إلى اتفاق معه بعيد المنال.
وتعتقد «ستاندر آند بورز» أن الحصول على قروض وودائع خارجية، تساعد على مساندة احتياطي النقد الأجنبي للبلاد في الحدود الدنيا التي هو عليها الآن، كما أنه يجنب مصر حدوث أزمة في ميزان المدفوعات.
وأضاف التقرير الصادر عن مؤسسة التصنيف أن الاحتياطيات الدولية في مصر تراجعت لتغطي نحو شهرين من الواردات السلعية للبلاد، واستقرت دون 15 مليار دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2013.
وتابع التقرير: «ومع ذلك، فإننا نعتقد أن احتياطيات مصر من العملات الأجنبية يمكن أن ينضب، وهو ما قد يؤثر على سعر صرف العملة المحلية وعلى مستويات التضخم وسيؤدي إلى عجز تجاري ضخم».
وأشار التقرير إلى أنه يمكن رفع تصنيف مصر إذا حدث استقرار سياسي يعزز التوافق المجتمعي، مع وجود زيادة مطردة في صافي احتياطي البلاد من العملات الأجنبية. وأشار أيضا إلى أنه يمكن خفض التصنيف في حالة عجز الحكومة عن منع حدوث تدهور في المؤشرات الخارجية.
وأعلنت مصر خلال منتصف الأسبوع تعديلا وزاريا شمل عددا من وزراء المجموعة الاقتصادية، وقالت إن هذا التعديل يستهدف تنشيط الاقتصاد وسد ثغرات كانت قائمة، وقال وزير المالية المصري الجديد الدكتور فياض عبد المنعم إنه سيصدر تعليمات للجهات الإدارية التابعة للدولة لتنبيههم بعد تجاوز المخصصات المالية المدرجة لها بالموازنة العامة للسيطرة على عجز الموازنة الذي وصل خلال الأشهر التسعة من العام المالي إلى 175.9 مليار جنيه تمثل 10.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
ووضعت الحكومة المصرية موازنة للعام المالي الجديد تتضمن تخفيض العجز إلى نحو 9.5 في المائة بحلول العام المالي المقبل، إلا أن خبراء تشككوا في إمكانية حدوث ذلك خاصة أن إجراءات ترشيد النفقات التي اتخذتها لم تكن كبيرة.
وسيصل إجمالي الإنفاق على الدعم خلال العام المالي المقبل نحو 205.5 مليار جنيه من 182.8 مليار جنيه قيمة الدعم بنهاية العام المالي الجاري، وقال خبراء إن اعتماد المصريين الكبير على نظام الدعم، والضغوط التضخمية، والاضطرابات الاجتماعية المحتملة، منع الحكومة من فرض تخفيضات أكثر حدة على الدعم خلال العام المالي المقبل.
وبحسب الخطة الاقتصادية للعام المالي الجديد (2013-2014) التي أعلنت عنها الحكومة المصرية قبل تغيير طال تسعة وزراء منها، فإن إجمالي الاستثمارات التي من المتوقع ضخها تصل إلى نحو 291 مليار جنيه (42 مليار دولار)، تستهدف الحكومة منها خلق نحو 800 ألف فرصة عمل جديدة، وتعول الحكومة على الصكوك التي أقرها رئيس الجمهورية أمس بعد موافقة المجلس التشريعي عليها أن تكون أداة لجذب مدخرات المصريين والمستثمرين الأجانب لإقامة مشروعات في البلاد التي لا يزال يتخوف رجال الأعمال الأجانب من القدوم إليها.
وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع معدل التضخم الشهري خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي بنسبة 7.1 في المائة مقارنة بشهر مارس (آذار) السابق عليه، كما زاد معدل التضخم السنوي مقارنة بشهر أبريل 2012 ليسجل 8.8 في المائة.
وقال اللواء أبو بكر الجندي رئيس الجهاز، إن التضخم شهد على مدار الأشهر الـ4 الماضية ارتفاعات بسبب زيادة سعر صرف الدولار أمام الجنيه والذي أثر على زيادة الأسعار في كافة القطاعات.
وأوضح الجندي أن أزمة السولار التي وجدت خلال الشهر الماضي أثرت بدورها على ارتفاع أسعار نقل البضائع المختلفة مما أدى إلى زيادة أسعار الخضراوات بنسبة 8.4 في المائة والحبوب بنسبة 9.1 في المائة والأسماك بما نسبته 8.2 في المائة واللحوم بـ1.1 في المائة.
وأشار الجندي إلى زيادة أسعار الطعام والشراب خلال أبريل الماضي بنسبة 8.2 في المائة مقارنة بالشهر السابق عليه لتسجل 9.152 نقطة، كما ارتفع معدلها على أساس سنوي ليصل إلى 7.9 في المائة مقارنة بشهر أبريل 2012.
من جهة أخرى قال متحدث باسم صندوق النقد الدولي، أمس الخميس، إن الصندوق لا ينوي حاليا القيام بزيارة جديدة إلى مصر لمناقشة برنامج القرض البالغة قيمته 4.8 مليار دولار، الذي تسعى إليه القاهرة، في الوقت الذي ينتظر فيه الصندوق بيانات اقتصادية جديدة وخططا إصلاحية من الحكومة.
وبحسب «رويترز» قال جيري رايس، المتحدث باسم الصندوق، للصحافيين في واشنطن «يعمل الموظفون بشكل حثيث مع السلطات المصرية من المقر الرئيسى».



ليبيا: كيف بدأ الخلاف بين «النواب» و«الرئاسي»... وإلى أين سينتهي؟

المجلس الرئاسي والدبيبة في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)
المجلس الرئاسي والدبيبة في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)
TT

ليبيا: كيف بدأ الخلاف بين «النواب» و«الرئاسي»... وإلى أين سينتهي؟

المجلس الرئاسي والدبيبة في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)
المجلس الرئاسي والدبيبة في لقاء سابق (المجلس الرئاسي)

تجددت التوترات بين مجلسي «النواب» و«الرئاسي» في ليبيا، بعد اعتراض الأخير على إقرار الأول مشروع قانون «المصالحة الوطنية» خلال جلسته الأخيرة الأسبوع الماضي.

واندلعت الخلافات بين المجلسين قبل إقرار البرلمان مشروع «المصالحة» لأسباب عدة، من بينها الصراع على «الصلاحيات»، لكن ومع تعقد العملية السياسية بات السؤال: إلى أن سيتجه هذا الخلاف؟ وكيف سينتهي؟

* مواجهة سياسية

يرى رئيس الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية، أسعد زهيو، أن البرلمان ماضٍ في تفعيل قراره، الذي صدر في أغسطس (آب) الماضي، بإنهاء ولاية «السلطة التنفيذية»، التي جاء بها «اتفاق جنيف»؛ وهي المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

وعدّ زهيو في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، مشروع قانون «المصالحة الوطنية»، الذي أقره البرلمان، «مجرد حلقة في سلسلة خلافات الطرفين»، لافتاً إلى أن المجلس الرئاسي، رغم أنه ظل بعيداً عن التجاذبات السياسية بين أفرقاء الأزمة، فإن «البرلمان اعتاد النظر إليه وعدّه طرفاً محسوباً على حكومة الدبيبة».

من جلسة سابقة لمجلس النواب (المجلس)

وانتقد المجلس الرئاسي، نهاية الأسبوع الماضي، إقرار البرلمان مشروع قانون «المصالحة الوطنية»، ما عدّه تجاهلاً للقانون، الذي سبق أن تقدم به قبل نحو عام.

وتفيد مخرجات «ملتقى الحوار السياسي» في جنيف، الذي رعته الأمم المتحدة قبل نحو 4 سنوات، بأن ملف المصالحة في مقدمة صلاحيات المجلس الرئاسي. وبينما يتمسك الطرفان بأحقية كل منهما بإدارة ملف «المصالحة الوطنية»، يرى سياسيون أن المواجهة بينهما أبعد من ذلك، وتتصل بمعارك أخرى خاضاها حول «الصلاحيات القانونية» لكل منهما داخل الساحة الليبية، سعياً لتعزيز مواقفهما وحلفائهما.

ويشير زهيو إلى أن مجلس النواب «سحب البساط من الرئاسي»، في خطوة أولى قبل 4 أشهر، عندما أعلن نهاية «السلطة التنفيذية»، وسحب صفة القائد الأعلى للجيش الليبي من المجلس الرئاسي، وأعادها لرئيس مجلس النواب، واليوم يتخذ الخطوة الثانية، عبر إقرار قانون المصالحة ليسترد بذلك الملف الرئيسي المعني به المجلس الرئاسي، وفقاً لمخرجات «ملتقى الحوار السياسي بجنيف».

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (رويترز)

وانتهى زهيو إلى أن المناكفات والخلافات بين أفرقاء الأزمة، وإن تصاعدت حدتها مع أزمة رئاسة المصرف المركزي؛ فإنها «قد لن تنتهي إلا مع وجود اتفاق سياسي جديد، قد ينتج عبر مسار البعثة الأممية».

ولفت مراقبون أيضاً إلى خلاف المجلسين حول قانون المحكمة الدستورية قبل شهرين، حيث اعترض المجلس الرئاسي في خطاب رسمي على إصدار البرلمان لهذا القانون، وطالب بإلغائه.

* أزمة المصرف المركزي

يعتقد البعض أن أزمة المصرف المركزي هي التي عمقت الصراع بين المجلسين، وهنا يشير عضو المجلس الأعلى للدولة، علي السويح، إلى هذه الأزمة التي بدأت في أغسطس الماضي، بتغيير المجلس الرئاسي إدارة المصرف المركزي، وتعيين محافظ جديد، ليتم الاتفاق بعد ذلك على تعيين محافظ جديد.

وقال السويح لـ«الشرق الأوسط»: «تلك كانت البداية؛ لكن لا نبرئ ساحة أحد من محاولة القفز على صلاحيات الآخرين، في ظل عدم الالتزام بالمسؤولية، وغياب التنسيق وتواصل الصراع على السلطة».

وأضاف السويح متسائلاً: «أفرقاء الأزمة يرفضون الجلوس على طاولة حوار، ويتبادلون الاتهامات بالمسؤولية عن تدهور الأوضاع، فكيف يمكن الوثوق بقدرة أي منهم على إنتاج قانون للمصالحة يحقق تطلعات الليبيين؟».

واجهة البنك المركزي بطرابلس (رويترز)

وانتقد السويح التعامل مع ملف المصالحة «بوصفه ورقة سياسية يتم التنازع عليها بين الأفرقاء، لتظل تراوح مكانها، وتتم مواصلة إهدار وقت الليبيين، خصوصاً المتضررين الذين ينتظرون الحصول على حقوقهم».

أما الناشط السياسي الليبي، أحمد التواتي، فيرى أن «هناك إشكالات جمة تحيط بملف المصالحة، الذي يتصارع عليه المجلسان منذ فترة، دون الالتفات إلى ضيق الليبيين، بسبب إنفاق كل واحد منهما الأموال على لجان ومؤتمرات ولقاءات، دون رصد نتائج على الأرض».

وأوضح التواتي لـ«الشرق الأوسط»، أنه من «الأجدى ترك المجلسين ملف المصالحة لحين إجراء الانتخابات لتجديد الشرعية في السلطات القائمة، وحتى تكون الدولة قد حققت قدراً من الاستقرار، يمكنها من معالجة مشكلات تصعب معالجتها ببيئة الصراع الراهنة».

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية» ويرأسها الدبيبة، وتتخذ من العاصمة طرابلس بالغرب الليبي مقراً لها، والثانية مدعومة من البرلمان و«الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب.