نتنياهو رضخ لإملاءات ترمب... لكنه حصل على أكبر دعم شخصي للانتخابات المقبلة

غالبية إسرائيلية قلقة من نتائج قمة ميامي

الرئيس ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو خلال مؤتمر صحافي عُقد بعد اجتماعهما في نادي مار-إيه-لاغو في بالم بيتش بفلوريدا (رويترز)
الرئيس ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو خلال مؤتمر صحافي عُقد بعد اجتماعهما في نادي مار-إيه-لاغو في بالم بيتش بفلوريدا (رويترز)
TT

نتنياهو رضخ لإملاءات ترمب... لكنه حصل على أكبر دعم شخصي للانتخابات المقبلة

الرئيس ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو خلال مؤتمر صحافي عُقد بعد اجتماعهما في نادي مار-إيه-لاغو في بالم بيتش بفلوريدا (رويترز)
الرئيس ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو خلال مؤتمر صحافي عُقد بعد اجتماعهما في نادي مار-إيه-لاغو في بالم بيتش بفلوريدا (رويترز)

على الرغم من الهوة العميقة بين مؤيدي رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وبين خصومه، فإن غالبية الإسرائيليين ينظرون بقلق إلى نتائج قمة مار-إيه-لاغو في ميامي. فأنصار نتنياهو قلقون من الشعور بأنه رضخ لإملاءات الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، في معظم الملفات، وخصومه قلقون من الأهداف الكامنة في المدائح التي أغدقها عليه؛ لأنهم يرون فيها تدخلاً في السياسة الداخلية أكثر فظاظة من مدائحه السابقة ونذير شؤم للانتخابات المقبلة.

وقد أجمعت وسائل الإعلام العبرية على نقل تسريبات مصادر سياسية أكدت، أن ترمب حقق مراده في الانتقال إلى المرحلة الثانية في غزة، من دون تلبية الشروط الإسرائيلية (إعادة جثمان الجندي ونزع سلاح «حماس»). في حين حصل نتنياهو على ضوء أخضر لتصعيد في لبنان، لكن من دون حرب. ووافق على تغيير التوجه نحو سوريا والعودة إلى المفاوضات حول إبرام اتفاق تفاهمات أمنية. ووافق على الاستمرار في إبقاء إسرائيل سوط تهديد لإيران، ولكن من دون ضربها في الوقت الحاضر. عملياً، لم يستجب ترمب لأي من مطالب نتنياهو.

عشاء أميركي - إسرائيلي في منتجع مار-إيه-لاغو بولاية فلوريدا 29 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

وأما المدائح التي أغدقها ترمب بطريقة عجيبة، والتي يحتاج إليها نتنياهو كحاجة الظامئ إلى الماء في الصحراء، فقد عُدَّت فظّة وخطيرة في شكلها ومضمونها. فعندما سُئل ترمب عن كيفية وصفه للعلاقة مع نتنياهو، بعد اللقاء بينهما، أجاب: «إنه رئيس حكومة يصلح لمنصبه في وقت الحرب. قاد إسرائيل في مجابهات عملاقة. دراما ضخمة. وقام بذلك بنجاح مذهل. ربما لم تكن إسرائيل لتصمد لولا نتنياهو. ربما لم تكن موجودة لولاه».

وعندما سُئل مرة أخرى في الموضوع، عاد ترمب لتكرار موقفه عن «بيبي البطل»، ولكنه أضاف: «بتواضعه الشديد»: «هذا بفضل وقوفي معه بالطبع». وغاص الرئيس الأميركي في الموضوع أكثر، عندما قال في معرض إجابته عن سؤال آخر: «لا أعتقد أن علاقتنا يمكن أن تكون أفضل مما هي عليه الآن. هو بطل حرب، وأعتقد أنه يستحق عفواً». وأضاف لاحقاً: «أعتقد أن نتنياهو سيحصل على عفو. تحدثت مع الرئيس هرتسوغ، وقال لي إن الأمر في الطريق».

الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ (رويترز)

ومع أن الرئيس هرتسوغ فزع من هذا التصريح، وأصدر بياناً عبر مكتبه يقول إنه لم يجرِ أي اتصال هاتفي بينهما، منذ تقديم طلب العفو، تبين، ان مكتب الرئيس الأميركي يتواصل مع مكتب هرتسوغ ويلح عليه في طلب إصدار العفو، ووقف محاكمة نتنياهو في قضايا الفساد. وكان جواب مكتب هرتسوغ، إن الأمر «قيد العلاج لدى المستشارين القضائيين».

بكل الأحوال، فإن المدائح التي أغدقها ترمب على نتنياهو، خصوصاً القول، إن إسرائيل ما كانت لتبقى لو أن شخصاً آخر يقودها عدا نتنياهو، هي أقصى ما يتمناه رئيس الوزراء. فهو نفسه لم يكن يعرف، بأن بقاء إسرائيل جاء بفضله. ويعتبر تصريح ترمب أفضل فاتحة للمعركة الانتخابية الإسرائيلية، خصوصا لدى قاعدة نتنياهو الشعبية اليمينية. وحسب وسائل الإعلام، باشر مستشاروه في إعداد الخطط لكيفية استغلال هذه الكلمات على طول المعركة الانتخابية المقبلة.

لكن هذا التصريح يثير استفزاز المعارضة، التي ترى تدخل ترمب المبالغ فيه، «إهانة للدولة برمتها ولجهازها القضائي المفترض أنه مستقل». وأكثر من ذلك، يسأل الإسرائيليون: هل حقاً بقاء إسرائيل جاء بفضل نتنياهو؟ ويسأل الجيش مثلاً، هل يعقل أن يكون وجود إسرائيل بفضل نتنياهو؟ فماذا عن دور الجيش الذي حارب بجنون في غزة ووجّه ضربات موجعة لإيران و«حزب الله» و«حماس» والحوثيين ودمَّر الجيش السوري؟ وماذا عن «الموساد» الذي حقق اختراقاً مذهلاً للأمن الإيراني، ولـ«حزب الله»؟ وماذا عن الاغتيالات التي شملت قادة «حماس» و«حزب الله» والجيش الإيراني و«الحرس الثوري»؟ وماذا عن «البيجرز»؟... لقد صغّر ترمب كل هذه الإنجازات وحصرها في نتنياهو، الذي يؤكد عشرات شهود العيان، أنه كان منهاراً في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وأن التفاف الجنرالات من حوله، هو الذي جعله يعود إلى الصواب.

جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

وأما الإسرائيليون الواقعيون والصحافيون والخبراء، فقد نظروا إلى لقاء ترمب نتنياهو بشيء من الحزن والخجل. فقد بدا واضحاً انهما ظهرا كعملاق وقزم. حتى بلغة الجسد وفي المظهر الخارجي. ترمب يتكلم طيلة الوقت، وتوجه إليه الأسئلة وليس لنتنياهو. وفي المضمون، هناك من أجرى مقارنة بينه وبين لقاء ترمب مع رئيس أوكرانيا، فلودومير زيلينسكي، الذي سبقه ببضع ساعات.

وكما هو معروف، كان الإسرائيليون يتحسبون من معاملة مهينة لنتنياهو مثلما عومل زيلينسكي قبل شهور عدة. وصحيح أن نتنياهو لم يظهر مثل زيلينسكي. فلا ترمب يعامله بهذه الطريقة، ولا هو يسمح لنفسه بموقف كهذا. إلا أن هناك شبهاً ما، بدا بارزاً. فالمخرج لتنازلات زيلينسكي أمام روسيا، وفقاً لإملاءات ترمب، كان «الضمانات الأميركية».

وقال زيلينسكي إنه حقق 90 في المائة من التفاهمات وحصل على 100 في المائة من الضمانات الأميركية لأمن بلاده. وما فعله نتنياهو هو أنه وضع نفسه مسبقاً كمن يطلب ضمانات أميركية. وبعد أن كان يقول، إنه لن ينتقل إلى المرحلة الثانية من دون إعادة جثمان آخر رهينة إسرائيلية لدى «حماس»، وقبل أن يتم نزع سلاحها، طلب من ترمب ضمانات بإعادة الجثمان وبنزع السلاح وحصل عليها. وعدّ ذلك مخرجاً مشرفاً يعود به إلى إسرائيل، كمن يحمل إنجازاً عظيماً. وفرح به لدرجة أنه قرر منح ترمب «جائزة إسرائيل»، التي لا تعطى لأجانب. وطلب من ترمب أن يحضر بنفسه إلى إسرائيل في أبريل (نيسان) المقبل، ليتسلمها في «عيد الاستقلال».

ترمب ونتنياهو في منتجع مار-إيه-لاغو بفلوريدا (أ.ف.ب)

وأما الجائزة الأميركية لنتنياهو، فستكون في حجم وشكل المساعدات التقليدية. التي يتم الاتفاق عليها مسبقاً كل عشر سنوات. والاتفاق الحالي أبرمه نتنياهو مع الرئيس السابق باراك أوباما في سنة 2016 ويشمل 38 مليار دولار من 2018 وحتى 2028. وقد بدأت محادثات بين الحكومتين على الاتفاق القادم (من 2028 وحتى 2038). و ألمح نتنياهو بغبطة، إلى أن الاتفاق الجديد سيكون مختلفاً وأفضل بشكل كبير..لكن لم تُعرف تفاصيل هذا الجديد.


مقالات ذات صلة

الغزيون يودعون «كابوس» 2025... ويتطلعون بأمل إلى سنة أفضل

المشرق العربي منحوتة رملية للفنان يزيد أبو جراد تمثل العام المقبل حيث يستعد الفلسطينيون النازحون لاستقبال العام الجديد في دير البلح بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

الغزيون يودعون «كابوس» 2025... ويتطلعون بأمل إلى سنة أفضل

يستقبل الفلسطينيون من سكان غزة السنة الجديدة بكثير من التعب والحزن، لا بأجواء احتفالية، لكنّ لديهم أملاً ولو طفيفاً في أن تُطوى صفحة «الكابوس الذي لا ينتهي».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يسيرون أمام المباني المدمرة في أعقاب العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)

محملة بأطنان المتفجرات... كيف دمرت إسرائيل مدينة غزة بناقلات جند مدرعة؟ (صور)

خلص تقرير لـ«رويترز» إلى أن إسرائيل نشرت على نطاق واسع قبل وقف إطلاق النار في غزة في أكتوبر سلاحاً جديداً تمثل في تحميل ناقلات جنود بأطنان من المتفجرات.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ) play-circle

إسرائيل تخنق المنظمات الإنسانية في غزة والضفة

بدأت الحكومة الإسرائيلية سحب تصاريح منظمات إنسانية دولية تعمل في قطاع غزة والضفة الغربية، بحجة عدم استكمال إجراءات التسجيل المطلوبة لممارسة أي نشاط.

«الشرق الأوسط» (غزة - تل أبيب)
المشرق العربي لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب و رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فلوريدا الاثنين (أ.ف.ب) play-circle

كيف قرأ الإسرائيليون لقاء ترمب - نتنياهو؟

أظهرت تقييمات إسرائيلية أن قمة فلوريدا بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، منحت الأخير فرصة للحفاظ على شروطه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون يراقبون بينما ينتظر الفلسطينيون عند حاجز قلنديا بين الضفة الغربية والقدس (إ.ب.أ) play-circle

تحقيقات إسرائيلية: جنودنا تلقوا رشى من فلسطينيين يبحثون عن عمل

كشفت تحقيقات في الشرطة العسكرية والشرطة القضائية الإسرائيلية أن الفلسطينيين في الضفة الغربية قدموا رشى للعشرات من جنود الاحتلال العاملين على الحواجز العسكرية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تركيا: اعتقال 125 شخصاً يشتبه بانتمائهم لـ«داعش» في 25 محافظة

سيارات الشرطة التركية متوقفة في ميدان تقسيم ليلة رأس السنة (رويترز)
سيارات الشرطة التركية متوقفة في ميدان تقسيم ليلة رأس السنة (رويترز)
TT

تركيا: اعتقال 125 شخصاً يشتبه بانتمائهم لـ«داعش» في 25 محافظة

سيارات الشرطة التركية متوقفة في ميدان تقسيم ليلة رأس السنة (رويترز)
سيارات الشرطة التركية متوقفة في ميدان تقسيم ليلة رأس السنة (رويترز)

أعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، اعتقال 125 شخصاً يُشتبه بانتمائهم إلى تنظيم «داعش» اليوم (الأربعاء)، خلال حملة جرت في أنحاء البلاد.

وقال إن قوات الأمن «أوقفت 125 مشتبهاً بهم من (داعش) في عمليات جرت بصورة متزامنة هذا الصباح في 25 محافظة».

ونفّذت تركيا سلسلة مداهمات استهدفت عناصر يُشتبه بانتمائهم إلى تنظيم «داعش» بعد مقتل ثلاثة شرطيين، الاثنين، في عملية استهدفت التنظيم في يالوفا بشمال غربي البلاد، على ساحل بحر مرمرة (نحو 90 كلم جنوب شرقي إسطنبول).

وقُتل، الاثنين، 6 عناصر يُشتبه بانتمائهم إلى التنظيم، جميعهم أتراك، في اشتباكات استمرت ساعات. وفي اليوم التالي، أعلنت قوات الأمن اعتقال 357 شخصاً في عملية أخرى استهدفت التنظيم.

وقال الوزير إن العمليات جرت الأربعاء في إسطنبول و24 محافظة أخرى، من بينها أنقرة ويالوفا.

ونشر يرلي كايا مقطع فيديو يُظهر قوات الأمن وهي تُفتش منازل عدد من المشتبه بهم، بعضهم مكبل اليدين.

وأضاف: «من يسعون لتقويض أخوتنا ووحدتنا وتماسكنا (...) سيواجهون قوة دولتنا ووحدة أمتنا».

في يوم عيد الميلاد، ألقت قوات الأمن القبض على 115 مشتبهاً بانتمائهم إلى تنظيم «داعش»، بناء على معلومات استخباراتية حذّرت من أن التنظيم المتطرف «يخطط لشن هجمات خلال احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة»، على ما أفاد مكتب المدعي العام في إسطنبول.

بدأت الحملة ضد التنظيم بعد أيام فقط من اعتقال وكالة الاستخبارات التركية مواطناً تركياً يشغل منصباً رفيعاً داخل التنظيم في عملية على الحدود الأفغانية-الباكستانية، على ما أفادت وكالة أنباء الأناضول الرسمية في 22 ديسمبر (كانون الأول).

واتهمت الاستخبارات التركية المشتبه به محمد غورين بـ«التخطيط لهجمات انتحارية ضد مدنيين في أفغانستان وباكستان وتركيا وأوروبا».

وأعلنت النيابة العامة في إسطنبول توقيف نحو 600 شخص في المجموع، في إطار حملة مكافحة «داعش»، وذلك عقب ورود معلومات استخباراتية تفيد بأن التنظيم كان «يُحضّر لهجمات خلال عطلتَي عيد الميلاد ورأس السنة».

وأعلنت إسطنبول نشر أكثر من 50 ألف شرطي، وتطبيق إجراءات أمنية مشدّدة في المطارات ووسائل النقل العام والمراكز التجارية وأماكن الاحتفالات الشهيرة، لضمان «بداية هادئة وآمنة لعام 2026».

وحذّرت السلطات الألمانية والأسترالية مواطنيها المسافرين إلى تركيا من «خطر إرهابي». ولفتت وزارة الخارجية الألمانية إلى أن «رأس السنة تاريخ يرمز بشكل خاص إلى هجمات إرهابية».

يُذكر أنه في الساعات الأولى من الأول من يناير (كانون الثاني) 2017، شنّ مسلحو «داعش» هجوماً دامياً على ملهى ليلي في إسطنبول، أسفر عن مقتل 39 شخصاً، معظمهم من الأجانب.


وتيرة النمو السكاني في إسرائيل تتراجع إلى أدنى مستوى منذ تأسيسها

إسرائيلي مسلح يدفع عربة أطفال في تل أبيب (أ.ف.ب)
إسرائيلي مسلح يدفع عربة أطفال في تل أبيب (أ.ف.ب)
TT

وتيرة النمو السكاني في إسرائيل تتراجع إلى أدنى مستوى منذ تأسيسها

إسرائيلي مسلح يدفع عربة أطفال في تل أبيب (أ.ف.ب)
إسرائيلي مسلح يدفع عربة أطفال في تل أبيب (أ.ف.ب)

سجلت وتيرة النمو السكاني في إسرائيل تراجعاً ملحوظاً، وبلغت أدنى مستوى لها منذ تأسيس إسرائيل. فقد كان هذا النمو، منذ سنة 1950، التي بدأ فيها العمل في سجل سكاني، يزداد في كل سنة بنسبة 1.5 في المائة على الأقل، بينما يتبين من تحليل نشره «مركز طاوب» لأبحاث السياسة الاجتماعية في إسرائيل، الأربعاء، أنه بلغ في العام الحالي 0.9 في المائة.

ونجم تراجع النمو السكاني عن ارتفاع عدد الوفيات، وتراجع متواصل في الولادات، وارتفاع عدد المهاجرين من إسرائيل قياساً بعدد المهاجرين إليها. وقال البروفسور أليكس فاينرب، الذي أعدّ الدراسة، إن «فترة الذروة في النمو الطبيعي في إسرائيل انقضت، والنمو الطبيعي سيتراجع».

وحسب هذه الدراسة، فإن عدد الولادات في العقد الأخير كان مستقراً، وبلغ قرابة 180 ألف ولادة سنوياً، لكن نسبة ولادات النساء العربيات (المسلمات والمسيحيات والدرزيات) تراجع بنسبة 30 في المائة بالسنوات الماضية.

رجال من اليهود المتدينين يستعدون لعيد الفصح اليهودي في مخبز بالقدس (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويرصد «مركز طاوب» حالياً مؤشرات مبكرة على تراجع نسبة الولادات لدى النساء اليهوديات أيضاً. وبموجب التقديرات في الدراسة التي تستند إلى تحليل اتجاهات الولادة وفقاً للفئات العمرية، ومحاولة استنتاج عدد الولادات النهائي لأي امرأة، فإن عدد الولادات بين النساء اليهوديات العلمانيات والمحافظات تراجع خلال عقد من 1.9 - 2.2 طفل إلى 1.7 طفل حالياً، وبين النساء اليهوديات المتدينات تراجعت الولادات من 3.74 طفل إلى 2.3 طفل، ويتوقع تراجع عدد ولادات النساء في المجتمع الديني المتزمت (الحريدي) من 6.48 طفل إلى 4.3 طفل.

ورغم أن نسبة الولادة في المجتمعين «الحريدي» واليهود المتدينين مرتفعة، فإن الدراسة أشارت إلى أن حوالي 15 في المائة من الأطفال الذين يولدون في المجتمع «الحريدي» يهجرونه عندما يصلون سن الشباب. وتؤثر وفيات كبار السن، التي ترتفع باستمرار، على لجم نسبة النمو السكاني، وذلك بتأثير حجم هذه الفئة العمرية. ففئات عمرية كبيرة من اليهود والعرب، بدأت في السنوات الأخيرة تصل إلى عمر السبعينات والثمانينات، الذي ترتفع فيه نسب الوفيات بشكل كبير.

وكان النمو السكاني، منذ تأسيس إسرائيل، يستند بمعظمه إلى الازدياد الطبيعي، أي عدد ولادات مرتفع، قياساً بعدد وفيات منخفض، وقد تغير الوضع الآن. وحسب الدراسة، فإنه من أجل أن يستمر ازدياد عدد السكان بوتيرة 1 في المائة على الأقل سنوياً، ثمة حاجة إلى ميزان هجرة إيجابي. إلا أنه يوجد انعدام يقين كبير في هذا المجال. ففي السنوات الأخيرة غادر إسرائيل عدد أكثر من الماضي، وعدد العائدين لم يتساو مع وتيرة عدد المغادرين. وفي عام 2025 سجلت إسرائيل ميزان هجرة سلبياً، وكان عدد المغادرين أكثر بـ37 ألفاً.

يهود من «الحريديم» يصطفون لإعفائهم من الخدمة العسكرية الإلزامية بقاعدة تجنيد في «كريات أونو» بإسرائيل خلال مارس الماضي (رويترز)

ويتبين من معطيات الأشهر التسعة الأولى من عام 2025 أن عدد المهاجرين لإسرائيل هو الأدنى منذ عام 2013، وأن معظم أفراد عائلات المهاجرين من إسرائيل لم يولدوا فيها، وبينهم مجموعة هاجرت إلى إسرائيل في أعقاب الحرب في أوكرانيا عام 2022، لكن عدد الذين وُلدوا في إسرائيل وهاجروا منها يرتفع منذ عام 2022 من 20 ألفاً إلى أكثر من 30 ألفاً في عام 2025.

ودلت معطيات نشرتها «دائرة الإحصاء المركزية» الإسرائيلية على تراجع متوسط الأعمار في عام 2024، لأول مرة منذ عام 2020. وحسب المعطيات، التي تنشرها الدائرة بتأخير سنة، فإن متوسط أعمار الرجال اليهود تراجع من 82.4 عام في عام 2023 إلى 82.1 عام في عام 2024، بينما تراجع متوسط أعمار الرجال العرب من 78.3 عام إلى 77.7 عام. وتراجع متوسط أعمار النساء اليهوديات من 86.1 إلى 85.8 عام، والنساء العربيات من 83.3 إلى 83.2 عام. ولا تشمل المعطيات القتلى من جراء الحرب على غزة.

وبلغ عدد سكان إسرائيل في هذه السنة 10 ملايين و178 ألف نسمة، بينهم 7.7 مليون من اليهود والعائلات المختلطة مع اليهود (أي 76.3 في المائة)، و2.1 مليون عربي و260 ألف أجنبي.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن إسرائيل، تدخل في الحساب سكان القدس العربية (380 ألفاً) وسكان الجولان السوري (24 ألفاً). وعليه، فإن الحسابات الدقيقة تشير إلى أن عدد سكان إسرائيل لم يتجاوز بعد 10 ملايين، ونسبة العرب 20 في المائة.


نتنياهو يحمّل «حفنة من الأطفال» مسؤولية عنف المستوطنين

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يحمّل «حفنة من الأطفال» مسؤولية عنف المستوطنين

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

قلل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من شأن تصاعد عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، ملقياً باللوم في ذلك على عدد قليل من القاصرين «الخارجين عن القانون».

ووفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، قال نتنياهو في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، إن «حفنة من الأطفال» فقط هم المسؤولون عن مثل هذه الحوادث في الأراضي المحتلة.

وأضاف في التصريحات التي بثت، الثلاثاء: «إنهم في الواقع مراهقون ينحدرون من أسر مفككة، ويقومون بأفعال مثل قطع أشجار الزيتون، وأحياناً يحاولون حرق منزل»، وتابع: «لا يمكنني قبول ذلك؛ فهذا خروج عن القانون».

وأشار نتنياهو إلى أن الجناة لا يأتون حتى من الضفة الغربية نفسها.

ومع ذلك، تحدث نتنياهو عما وصفه بـ«التماثل الزائف» عند مقارنة هذه الهجمات بالهجمات المسلحة التي تستهدف المستوطنين الإسرائيليين وعائلاتهم في الضفة الغربية، والتي قُدّر عددها بأكثر من 1000 هجوم.

وتشهد مناطق متفرقة من الضفة الغربية تصاعداً في اعتداءات المستوطنين، وسط مطالبات فلسطينية بتوفير الحماية للسكان المدنيين وممتلكاتهم.

يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ينتقدان بشدة هجمات المستوطنين اليهود في الضفة الغربية وفرضا عقوبات على مستوطنين متطرفين وثلاث منظمات بسبب انتهاكاتهم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين.

ويعيش نحو 700 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية إلى جانب ثلاثة ملايين فلسطيني.