برلمان العراق يتجاوز أزمة سياسية... ويفتح الترشح لـ«رئيس الجمهورية»

حزب بارزاني يُحذر من «هيمنة الفصائل» على المجلس

أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
TT

برلمان العراق يتجاوز أزمة سياسية... ويفتح الترشح لـ«رئيس الجمهورية»

أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)

أنهى مجلس النواب العراقي، الثلاثاء، جدلاً سياسياً بانتخاب النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني فرهاد الأتروشي نائباً ثانياً لرئيس البرلمان، بعد جولة ثالثة من التصويت، حسمت المنافسة مع مرشح تيار «الموقف الوطني» ريبوار كريم.

وجاء فوز الأتروشي بعد أن قرر الحزب الديمقراطي الكردستاني استبدال مرشحه السابق شاخوان عبد الله، الذي أخفق في جولتين متتاليتين في تحقيق الأغلبية المطلقة (نصف عدد أعضاء المجلس زائد واحد)، رغم تقدّم منافسه ريبوار كريم عددياً دون بلوغ النصاب الدستوري البالغ 166 صوتاً من أصل 329 نائباً فائزاً في انتخابات 2025.

وبحسب نتائج الجولة الثالثة، نجح الأتروشي في حسم المنصب المخصص للمكوّن الكردي، منهياً حالة الانسداد التي رافقت الجلسة الأولى، والتي أُجّلت بسبب الخلافات السياسية والتفسيرات القانونية المتعلقة بإمكانية استبدال المرشحين.

تسوية وضغوط

وقالت مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط» إن تأخر حسم المنصب لم يكن تقنياً فحسب، بل جاء نتيجة رغبة أطراف في «الإطار التنسيقي» الشيعي، إلى جانب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني، في إبعاد شاخوان عبد الله، ما دفع الحزب الديمقراطي إلى تقديم مرشح بديل قادر على جمع توافق أوسع.

وأضافت المصادر أن دعم ترشيح ريبوار كريم لم يكن بالضرورة بهدف فوزه، بقدر ما كان ورقة ضغط لدفع «الديمقراطي الكردستاني» إلى تغيير مرشحه، وهو ما تحقق فعلياً مع طرح اسم الأتروشي.

وفي هذا السياق، أثيرت تكهنات في الأوساط السياسية حول احتمالات تشكّل تحالفات جديدة بين تيار «الموقف الوطني» الكردي وقوى شيعية قريبة، في إطار مساعٍ لتوسيع جبهة سياسية مناوئة للحزب الديمقراطي بزعامة مسعود بارزاني داخل بغداد.

وقبل بدء جولة التصويت الثالثة، قال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، ماجد شنكالي، إن الجلسة الأولى لمجلس النواب أظهرت هيمنة نواب الإطار التنسيقي والفصائل المسلحة على المشهد البرلماني، محذراً من أن القادم تشريعياً سيكون صعباً على القوى الراغبة في نزع سلاح الفصائل وتقليص الدعم الخارجي لها.

وأضاف شنكالي في منشور على منصة «إكس» أن عملية انتخاب النائب الثاني لرئيس البرلمان وجّهت رسالة واضحة للحزب الديمقراطي الكردستاني، مشدداً على أن هذه القوى المسلحة يجب أن تدرك حجم الأزمات الداخلية والخارجية المتوقع مواجهتها في الأيام المقبلة.

حزب بارزاني اضطر إلى تغيير مرشحه شاخوان عبد الله (وسط) لمنصب نائب رئيس البرلمان (د.ب.أ)

أجواء مشحونة

وشهد البرلمان، قبيل التصويت الحاسم، سلسلة اجتماعات ضمت رئيس السن عامر الفايز، ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، ورئيس البرلمان المنتخب هيبت الحلبوسي، ونائبه الأول عدنان فيحان، إضافة إلى رؤساء كتل سياسية، لمناقشة المسار الدستوري لاستكمال الجلسة.

وكانت المحكمة الاتحادية قد أصدرت في وقت سابق قراراً ملزماً بعدم جواز استبدال مرشحي رئاسة البرلمان ونائبيه، إلا في حال انسحاب جميع المرشحين وإعادة فتح باب الترشيح، وهو ما أتاح قانونياً إدخال الأتروشي إلى السباق بعد انسحاب شاخوان عبد الله.

وبانتخاب الأتروشي، اكتملت هيئة رئاسة مجلس النواب، بعد أن كان المجلس قد انتخب هيبت الحلبوسي رئيساً له بـ208 أصوات، فيما فاز عدنان فيحان، المنتمي إلى حركة «العصائب»، بمنصب النائب الأول بعد حصوله على 177 صوتاً.

وعقب إعلان النتائج، تسلمت رئاسة المجلس الجديدة مهامها رسمياً من رئيس السن، واعتلى الحلبوسي منصة البرلمان برفقة نائبيه، قبل أن يفتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، إيذاناً ببدء الاستحقاقات الدستورية التالية.

مَن الأتروشي؟

وفرهاد أمين سليم الأتروشي، من مواليد يناير (كانون الثاني) 1976، يُعد من قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني. شغل منصب محافظ دهوك بين عامي 2014 و2020، وهو حاصل على درجة الماجستير من الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا.

وعمل الأتروشي أكاديمياً في جامعة دهوك، حيث شغل منصب نائب رئيس قسم في كلية الحقوق بجامعة نوروز، ثم محاضراً في كلية القانون والسياسة، قبل أن يدخل العمل البرلماني نائباً وعضواً في لجنة النفط والغاز بين عامي 2010 و2014.

البرلمان العراقي تمكن خلال يومين من انتخاب رئيس ونائبين (أ.ف.ب)

رسائل لما بعد التصويت

ورأى مراقبون أن مسار انتخاب النائب الثاني لرئيس البرلمان عكس حجم التعقيدات التي ستواجه العمل التشريعي في المرحلة المقبلة، وسط توازنات دقيقة بين القوى الشيعية والكردية والسنية، وهيمنة واضحة لقوى «الإطار التنسيقي» داخل المجلس.

في المقابل، شددت قيادات في الحزب الديمقراطي الكردستاني على أن الحزب لا يزال «رقماً صعباً» في المعادلة السياسية، وأن ما جرى سيؤثر على طبيعة التحالفات والتفاهمات المقبلة، خصوصاً مع الأطراف التي لم تلتزم بدعم مرشحه في هذا الاستحقاق.

وبينما طويت صفحة أولى أزمات البرلمان الجديد، تبدو المرحلة المقبلة مفتوحة على اختبارات أشد تعقيداً، تبدأ بانتخاب رئيس الجمهورية ولا تنتهي عند تشكيل الحكومة، في مشهد سياسي لا يزال محكوماً بالتسويات والتوازنات المتغيرة.


مقالات ذات صلة

«سومو» العراقية تؤكد الالتزام بالاتفاق مع إقليم كردستان بشأن تسليم النفط

الاقتصاد مقر شركة «سومو» في بغداد (إكس)

«سومو» العراقية تؤكد الالتزام بالاتفاق مع إقليم كردستان بشأن تسليم النفط

أكدت «شركة تسويق النفط» العراقية التزامها ​اتفاقية تصدير النفط المبرمة مع حكومة إقليم كردستان، التي تلزم شركات النفط العالمية العاملة في الإقليم بتسليم النفط.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
ثقافة وفنون هل يمكن للترجمة أن تستعيد ما فقدته الجغرافيا؟

هل يمكن للترجمة أن تستعيد ما فقدته الجغرافيا؟

رغم أن الأكراد هم أكبر مجموعة عرقية تعيش في محيط عربي نابض بالثقافة، وتشترك معه في الدين والتاريخ والجغرافيا، فإن التبادل الثقافي بين الجانبين ظلَّ محدوداً.

ميرزا الخويلدي (الدمام)
الاقتصاد علم كردستان العراق في حقل نفطي (إكس)

مسؤول: اتفاقية تصدير النفط بين بغداد وأربيل ستُجدد دون مشكلات

قال نائب رئيس شركة النفط العراقية الحكومية (سومو)، ‌السبت، إن ⁠اتفاقية ​تصدير ‌النفط بين بغداد وأربيل ستُجدد دون أي مشكلات، حسبما نقلت ​شبكة «رووداو» المحلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد يصادق على دعوة مجلس النواب المنتخب إلى الانعقاد (الرئاسة العراقية) play-circle

الرئيس العراقي يدعو البرلمان الجديد لأول جلسة انعقاد

دعا رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، الثلاثاء، البرلمان العراقي الجديد إلى عقد جلسته الأولى في تاريخ الـ29 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

فاضل النشمي (بغداد)
الاقتصاد خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك في إقليم كردستان (رويترز)

«دي إن أو» النرويجية تستأنف عمليات الحفر في إقليم كردستان العراق

أعلنت شركة «دي إن أو» النرويجية للنفط والغاز، يوم الخميس، أن عمليات الحفر في امتياز طاوكي الرئيسي في إقليم كردستان العراق، ستُستأنف الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)

مسؤولان يمنيان لـ«الشرق الأوسط»: قرارات العليمي لحماية سيادة الدولة

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
TT

مسؤولان يمنيان لـ«الشرق الأوسط»: قرارات العليمي لحماية سيادة الدولة

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)

أكَّد مسؤولانِ يمنيان أنَّ القرارات الأخيرة الصادرة عن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، تمثل تحولاً سياسياً مفصلياً يهدف إلى حماية المركز القانوني للدولة ومنع تفكّكها، في لحظة إقليمية وأمنية بالغة الحساسية.

وقالَ بدر باسلمة، مستشار رئيس المجلس، إنَّ اليمن يشهد محاولة جادة لـ«هندسة عكسية» تعيد للدولة زمام المبادرة بدعم إقليمي، وفي مقدمته الموقف السعودي.

من جهته، شدّد متعب بازياد، نائب مدير مكتب رئيس الوزراء اليمني على أنَّ القرارات استندت إلى صلاحيات دستورية لمواجهة أخطار داهمة تهدّد وحدة البلاد، محذراً من تكرار نماذج استخدام السّلاح خارج إطار الدولة.

وأكّد بازياد أنَّ دعم السعودية يأتي في سياق حماية الاستقرار، وخفض التصعيد، وصون الأمن يمنياً وإقليمياً، بما يتَّسق مع مخرجات الحوار الوطني ومسار السلام.


استكمال رئاسة برلمان العراق

أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
TT

استكمال رئاسة برلمان العراق

أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)
أعضاء في البرلمان العراقي الجديد في طريقهم إلى مكان انعقاد جلستهم الأولى في بغداد (أ.ف.ب)

أنهى البرلمان العراقي سريعاً أزمة سياسية، أمس، بعد استكمال انتخاب رئيسه ونائبيه، وذلك بالتصويت للنائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني فرهاد الأتروشي، نائباً ثانياً لرئيس البرلمان، بعد جولة ثالثة من التصويت.

جاء الحسم عقب استبدال الحزب الديمقراطي مرشحَه السابق شاخوان عبد الله، الذي أخفق خلال جولتين متتاليتين في نيل الأغلبية المطلقة.

واكتمل عقد رئاسة المجلس، بعد انتخاب هيبت الحلبوسي رئيساً للبرلمان بـ208 أصوات، وفوز عدنان فيحان بمنصب النائب الأول بـ177 صوتاً.

وعقب إعلان النتائج، تسلَّمتِ الرئاسة الجديدة مهامَّها رسمياً، وأعلن الحلبوسي فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، إيذاناً ببدء الاستحقاقات الدستورية التالية التي تنتهي بمنح الثقة لرئيس الحكومة الذي من المقرر أن يختاره تحالف الإطار التنسيقي الشيعي، الذي أعلن نفسه، رسمياً، الكتلة الكبرى في البرلمان.


الجيش الإسرائيلي يعلن قتل رجل حاول دهس جنود في الضفة الغربية المحتلة

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن قتل رجل حاول دهس جنود في الضفة الغربية المحتلة

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (رويترز)

أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، أنه قتل رجلاً حاول دهس مجموعة من الجنود بسيارته في شمال الضفة الغربية المحتلة.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قال الجيش، في بيان: «ورد بلاغ عن إرهابي حاول دهس جنود من الجيش الإسرائيلي كانوا ينفّذون نشاطاً في منطقة عينابوس»، مضيفاً أنه «ردّاً على ذلك، أطلق الجنود النار على الإرهابي وتم تحييده».

ولم يقدّم البيان تفاصيل إضافية عن الحادث الذي وقع بعد أيام من إقدام مهاجم فلسطيني على قتل رجل وامرأة إسرائيليين دهساً وطعناً، قبل أن يُقتل، في الضفة الغربية المحتلة.

وعقب ذلك الحادث، الذي وقع الجمعة، نفّذ الجيش عملية استمرت يومين في بلدة قباطية، التي ينحدر منها المنفّذ، واعتقل عدداً من سكانها، بينهم والده وإخوته.

وارتفعت وتيرة العنف في الضفة الغربية المحتلة بعد اندلاع الحرب في قطاع غزة إثر الهجوم الذي شنّته «حماس» على جنوب الدولة العبرية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ومذاك، قُتل ما لا يقل عن 1028 فلسطينياً، بينهم مسلحون، على أيدي جنود أو مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية، وفق أرقام وزارة الصحة الفلسطينية.

ومنذ بداية الحرب في غزة، قُتل ما لا يقل عن 44 شخصاً، بينهم أجنبيان، في هجمات نفّذها فلسطينيون أو خلال عمليات عسكرية إسرائيلية، وفق إحصاء لوكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى أرقام رسمية.