في أقل من ثلاثة أعوام على تأسيسه، تحوّل نادي أركاداغ التركمانستاني من مشروع رياضي مرتبط بمدينة حديثة الولادة إلى أحد أكثر الأندية إثارة للاهتمام في القارة الآسيوية، بعدما فرض نفسه قوةً كاسحة محلياً، ونجح في تثبيت حضوره القاري بسرعة لافتة، ليجد نفسه اليوم أمام اختبار استثنائي حين يواجه النصر السعودي في الدور ثُمن النهائي من دوري أبطال آسيا 2 لموسم 2025 – 2026.
تأسس نادي أركاداغ في أبريل (نيسان) 2023 بالتزامن مع افتتاح مدينة أركاداغ الجديدة، التي تحمل اسم الرئيس السابق قربان قولي بردي محمدوف، والتي أرادت الدولة أن تكون نموذجاً للحداثة في التخطيط والبنية التحتية والإدارة، ومن بينها الرياضة.
ومن هنا، لم يكن النادي مجرد فريق كرة قدم، بل جزءاً من مشروع دولة يسعى لتقديم صورة حديثة لتركمانستان، وهو ما يفسّر الدعم الكبير الذي حظي به منذ انطلاقته، سواء على مستوى المنشآت، أو الاستقرار الإداري، أو استقطاب أفضل المواهب المحلية.
ووفقاً لوسائل إعلام تركمانية، دخل أركاداغ الدوري التركمانستاني الممتاز مباشرة بعد تأسيسه، وحقق في موسمه الأول إنجازاً تاريخياً بتتويجه باللقب من دون أي خسارة، قبل أن يفرض هيمنته الكاملة في الموسم التالي بتحقيق 28 انتصاراً من 28 مباراة، مسجلاً 105 أهداف مقابل 15 فقط في مرماه.
وحتى اليوم، خاض الفريق أكثر من 75 مباراة رسمية ولم يتعرض إلا لثلاث هزائم فقط، وهو رقم يعكس مستوى الثبات الفني الذي يميّزه. يعتمد أركاداغ على تشكيلة محلية بالكامل من دون أي لاعبين أجانب، مستنداً إلى لاعبي منتخب تركمانستان، وفلسفة لعب تقوم على الاستحواذ، والضغط العالي، والانضباط التكتيكي، ضمن منظومة إدارية صارمة.
هذا التفوق المحلي تُرجم سريعاً إلى نجاح قاري؛ إذ توّج في مايو (أيار) 2025 بلقب دوري التحدي الآسيوي لموسم 2024 – 2025 بعد فوزه في النهائي على برياه خان ريتش سفاي رينغ الكمبودي 2 - 1، وهو ثالث أهم لقب قاري للأندية في آسيا.
وفي الموسم الحالي من دوري أبطال آسيا 2، أنهى أركاداغ دور المجموعات في المركز الثاني ضمن المجموعة الثانية برصيد 7 نقاط، خلف الأهلي القطري المتصدر بـ10 نقاط، ليحجز مقعده في دور الـ16 في أول مشاركة له في البطولة، في واحدة من أسرع حالات الصعود القاري التي وصفها الاتحاد الآسيوي لكرة القدم بأنها «نموذج جديد لأندية تنشأ ضمن مشاريع دولة وتسعى إلى تثبيت حضورها دولياً».
القرعة التي سُحبت في مقر الاتحاد الآسيوي في كوالالمبور أوقعت أركاداغ في مواجهة مباشرة مع النصر السعودي، متصدر المجموعة الرابعة، في مواجهة تُلعب ذهاباً في تركمانستان في 10 أو 11 فبراير (شباط) 2026، وإياباً في الرياض في 17 أو 18 من الشهر ذاته.
وتُعدّ المواجهة اختباراً حقيقياً للمشروع التركمانستاني أمام أحد أكبر أندية القارة، المدجج بالنجوم وعلى رأسهم كريستيانو رونالدو، والمرشح بقوة للمنافسة على اللقب.
وأفادت التقارير الإعلامية بأن أركاداغ يدخل المواجهة بأرقام استثنائية وثقة عالية، لكنه يدرك أن امتحان النصر يختلف عن كل ما واجهه سابقاً. الفوز، أو حتى الخروج المشرّف، سيكون بمثابة شهادة اعتماد قارية لفريق لم يكن موجوداً قبل ثلاث سنوات، لكنه بات اليوم حاضراً في واحدة من أبرز مواجهات البطولة.
ويأتي هذا الحضور القاري تتويجاً لعام 2025 الاستثنائي للنادي؛ إذ أحرز خلاله أربعة ألقاب، دوري التحدي الآسيوي، الدوري التركمانستاني، كأس السوبر، وكأس تركمانستان، التي توّج بها بعد فوزه المثير على آهال 2 - 1 في النهائي، في مباراة أُقيمت بمدينة أركاداغ أمام مدرجات ممتلئة لـ10 آلاف متفرج.
في تلك المباراة، قلب الفريق تأخره بهدف إلى فوز عبر ركلة جزاء وهدف رائع من ركلة حرة لشامامت حيدروف، مؤكداً تفوقه على آهال الذي سبق أن هزمه في نهائيي الكأس عامي 2023 و2024.
