2025... عام التصعيد المحسوب والرهانات الكبرى بين أميركا والصين

«الحرب التجارية» من الرسوم إلى إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)
TT

2025... عام التصعيد المحسوب والرهانات الكبرى بين أميركا والصين

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)

مع إسدال الستار على عام 2025، يتضح أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تجاوزت بكثير كونها نزاعاً حول الرسوم الجمركية أو فائض الميزان التجاري، لتتحول إلى صراع طويل الأمد على إعادة هندسة النظام الاقتصادي العالمي. فقد مثَّل هذا العام محطة مفصلية رسَّخت انتقال المواجهة من أدوات تقليدية إلى سباق شامل يشمل التكنولوجيا، وسلاسل الإمداد، والمعايير الدولية، والتحالفات الجيوسياسية.

وعلى امتداد أشهَرَ عامٍ اتسم بالتقلبات، حافظ الطرفان على نهج «التصعيد المحسوب»، بحيث ارتفعت وتيرة الإجراءات من دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة، وسط إدراك متبادل بأن كلفة الانفصال الاقتصادي الكامل ستكون باهظة على الاقتصاد العالمي برمته.

* من نزاع تجاري إلى مسار استراتيجي طويل

عند مراجعة المسار الزمني للصراع، يظهر أن جذوره تعود إلى عام 2018، غير أن حصيلة السنوات اللاحقة، وخصوصاً خلال 2025، تؤكد أن الحرب التجارية باتت تعبيراً عن تنافس استراتيجي شامل.

فمع تمسّك بكين بخططها لتوطين الصناعات المتقدمة ضمن رؤية «صنع في الصين 2025»، ازداد القلق الأميركي من تآكل التفوق التكنولوجي الغربي في قطاعات حيوية مثل الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات والتكنولوجيا الحيوية.

علم صيني بجوار علامة «صنع في الصين» على لوحة دوائر وقد استهدفها ترمب بعقوبات تجارية (رويترز)

وقد أسهمت جائحة «كوفيد - 19»، ثم تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، في ترسيخ قناعة غربية بأن الاعتماد الاقتصادي المفرط على الصين يحمل مخاطر استراتيجية، ما مهَّد لاعتماد سياسات «إزالة المخاطر» بدلاً من «فك الارتباط» الكامل.

* السياسة الأميركية والبعد الانتخابي

أحد أبرز ملامح 2025 كان تداخل الاعتبارات الاقتصادية مع الحسابات السياسية الداخلية في الولايات المتحدة. فمع دخول البلاد مرحلة تحضيرية انتخابية للكونغرس، تحوّل التشدد تجاه الصين إلى ملف شبه توافقي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

وخلال العام، استُخدمت أدوات التجارة والتكنولوجيا لإرسال رسائل مزدوجة: للخارج عبر كبح الطموحات الصينية، وللداخل عبر طمأنة الناخب الأميركي وحماية الوظائف في قطاعات التصنيع والتكنولوجيا، مما أضفى على الحرب التجارية بعداً سياسياً لا يقل وزناً عن بعدها الاقتصادي.

* حصيلة عام العقوبات والقيود المتبادلة

تميَّز عام 2025 بتكريس منطق العقوبات والضوابط المتبادلة. فمن الجانب الأميركي، توسّعت القيود على تصدير تقنيات الذكاء الاصطناعي والرقائق الدقيقة المتطورة، خصوصاً تلك المرتبطة بالحوسبة الفائقة والتطبيقات العسكرية، مع إضافة عشرات الكيانات الصينية إلى القوائم المقيدة.

ترمب يستعرض الرسوم المفروضة على الصين ودول أخرى في البيت الأبيض 2 أبريل 2025 (رويترز)

أما بكين، فجاء ردّها عبر مسارين متوازيين:

الأول، تعزيز الدعم الحكومي للشركات الوطنية في قطاعات استراتيجية، مثل الرقائق والبطاريات والسيارات الكهربائية والطائرات التجارية.

والثاني، استخدام المعادن النادرة كورقة ضغط، عبر فرض قيود على تصدير بعض المواد الأساسية لصناعة الشرائح الإلكترونية.

وحصيلة هذه الإجراءات كانت تعميق حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية، ودفع الشركات متعددة الجنسيات إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الاستثمارية والإنتاجية.

* إعادة رسم سلاسل التوريد

أحد أبرز دروس عام 2025 تمثّل في أن سلاسل التوريد العالمية لم تنهَر، لكنها خضعت لإعادة تموضع واسعة. فقد أدت القيود المتبادلة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج في قطاعات الإلكترونيات والسيارات، مما انعكس على أسعار المستهلكين في عدد من الاقتصادات الكبرى.

في المقابل، خرجت دول آسيوية وأميركية لاتينية رابحة نسبياً من هذا التحول، مع انتقال جزء من خطوط الإنتاج إليها. وبرزت الهند وفيتنام وماليزيا والمكسيك بوصفها محطات بديلة ضمن استراتيجية «تنويع مصادر التصنيع»، من دون أن يعني ذلك تراجعاً حاداً لدور الصين، التي حافظت على مكانتها كمركز صناعي يصعب الاستغناء عنه.

ورغم المخاوف، فإن الاقتصاد العالمي لم يشهد صدمة كبرى خلال 2025، غير أن الضغوط التراكمية كانت واضحة. فقد أسهم نقص الشرائح المتوسطة في رفع أسعار الهواتف والسيارات، كما أبقى الصراع التجاري على مستويات تضخم مرتفعة نسبياً في قطاعات التكنولوجيا والطاقة النظيفة.

وسجَّل العام تراجعاً ملحوظاً في الاستثمارات الغربية المباشرة داخل الصين، مقابل توسّع لافت في الاستثمارات الصينية في الشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية، في بحث واضح عن أسواق أقل حساسية من الناحية الجيوسياسية.

وبحسب تقديرات مؤسسات مالية دولية، فإن استمرار هذه المواجهة قد يقتطع ما بين 0.3 و0.5 في المائة من النمو العالمي على المدى المتوسط، إذا تحوّلت القيود الحالية إلى واقع دائم.

* أدوات نفوذ جديدة

وبرزت المعادن النادرة خلال 2025 كأحد أهم ميادين الصراع غير المعلنة. فالصين، التي تهيمن على إنتاج ومعالجة هذه المعادن، استخدمتها كورقة تفاوضية، بينما كثّفت الولايات المتحدة وحلفاؤها جهودهم لتأمين بدائل عبر الاستثمار في مشروعات الليثيوم والنيكل والكوبالت خارج النفوذ الصيني.

وتحوّلت هذه المعركة الصامتة إلى عنصر حاسم في سباق التحول الطاقي العالمي، حيث بات تأمين المواد الخام لا يقل أهمية عن تطوير التكنولوجيا نفسها.

ويبقى قطاع الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات ساحة المعركة الحقيقية. فعلى مدار 2025، حافظت الشركات الأميركية على تفوقها في تصميم الشرائح عالية الأداء، بينما واصلت الصين سباقها لتقليص الفجوة عبر بناء قدرات تصنيع محلية.

تُظهر هذه الصورة الجوية حاويات في ميناء شنغهاي الدولي بالصين (أ.ف.ب)

غير أن الضغوط الأميركية على الموردين الأوروبيين واليابانيين حالت دون حصول بكين على أحدث معدات تصنيع الرقائق، مما أبقى مسألة الاكتفاء الذاتي الصيني رهناً بتطورات تقنية وسياسية معقّدة.

وفي هذا السياق، تعكس الفجوة بين البلدين اختلافاً أعمق في الرؤية؛ إذ تدفع واشنطن نحو نموذج ابتكار تقوده السوق، بينما تعتمد بكين نموذجاً مركزياً يدمج الذكاء الاصطناعي في التخطيط الحكومي، مما ساهم في بروز نظامين تقنيين عالميين ومعايير رقمية متباينة.

* تحالفات وتوازنات نهاية العام

لم يكن الجنوب العالمي خارج مشهد 2025، بل تحوّل إلى ساحة تنافس نشطة. فبينما استفادت دول عدة من انتقال الاستثمارات والمصانع، وجدت نفسها في الوقت ذاته أمام ضغوط غير مباشرة للاصطفاف أو الالتزام بمعايير تقنية وتجارية مختلفة، مما فرض تحديات على استقلال قراراتها الاقتصادية.

وعلى المستوى الجيوسياسي، كثَّفت واشنطن جهودها لتعزيز تحالفاتها في آسيا، ولا سيما عبر الشراكة الرباعية «كواد»، واتفاقيات تكنولوجية ودفاعية جديدة.

وفي المقابل، واصلت الصين توسيع حضورها الاقتصادي في آسيا وأميركا اللاتينية والخليج، مع إعادة ضبط مبادرة «الحزام والطريق» والتركيز على المشروعات ذات الجدوى الاقتصادية.

* من حصاد 2025 إلى أسئلة 2026

ورغم التصعيد، تتجنب واشنطن وبكين الانزلاق إلى مواجهة كاملة؛ فكلاهما يدرك أن الانفصال الاقتصادي الشامل (Decoupling) غير ممكن عملياً.

لكن بحسب الخبراء والمراقبين، فسيظل المشهد المقبل متوتراً، مع مجموعة من السيناريوهات المحتملة، ويأتي على رأسها:

1. استمرار سياسة «نزع المخاطر»:

من المتوقع أن تواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها تقليص اعتمادهم على الصين في المعادن والرقائق، مما سيؤدي إلى إعادة أحد أكبر التحولات في سلاسل الإمداد منذ عقدين.

2. تسريع الصين تصنيع الرقائق محلياً:

ستكثف بكين استثماراتها في تكنولوجيا ومعدات تصنيع الرقائق، مع احتمال إطلاق جيل جديد من الشرائح محلية الصنع يقترب من المستوى الغربي، مما قد يغيّر معادلة القوة التقنية.

3. مفاوضات محدودة لتخفيف الاحتقان:

قد تشهد 2026 محاولات لإعادة قنوات الحوار التجاري، خصوصاً في ظل تخوّف الأسواق العالمية من تباطؤ النمو. غير أن هذه المفاوضات -إن حدثت- ستكون جزئية ولن تعالج جذور الأزمة.

4. ازدياد الحضور الآسيوي في المشهد العالمي:

ستستفيد دول آسيا الناشئة من إعادة التمركز الصناعي، ما يمنحها ثقلاً اقتصادياً أكبر ويجعلها طرفاً مساهماً في تشكيل ملامح نظام اقتصادي عالمي جديد.

وفي المحصلة، يكشف حصاد عام 2025 أن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة لم تعد حدثاً ظرفياً، بل مساراً طويلاً لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي.

ومع أن الطرفين حرصا على إدارة الصراع دون كسر الخطوط الحمراء، فإن العام المقبل مرشح لحمل استمرار التوتر، مع مفاوضات محدودة لا تمس جذور الخلاف.

والسؤال الذي سيرافق العالم إلى 2026 هو ما إذا كان هذا السباق سينتهي إلى توازن جديد يعيد تعريف العولمة، أم إلى انقسام طويل الأمد يفرض نظاماً اقتصادياً أكثر تسييساً وتعدداً في الأقطاب، حيث تصبح التكنولوجيا والتجارة أدوات نفوذ لا تقل شأناً عن القوة العسكرية.

متداولون يعملون في بورصة نيويورك خلال يوم تداول مختصر قبل عطلة عيد الميلاد في 24 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)


مقالات ذات صلة

هدوء ما بعد العطلة.. العقود الآجلة الأميركية تترقّب 2026 بسيولة محدودة

الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

هدوء ما بعد العطلة.. العقود الآجلة الأميركية تترقّب 2026 بسيولة محدودة

شهدت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية تعاملات هادئة في جلسة ضعيفة السيولة عقب عطلة عيد الميلاد يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)

انفتاح الأسواق الأميركية... عهد جديد للأصول البديلة في 2026

تشهد الأسواق المالية في الولايات المتحدة مرحلة من التحول، والتطور، مع اتساع نطاق الخيارات الاستثمارية المتاحة للمستثمرين الأفراد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد دونالد ترمب وجيروم باول خلال جولة في مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن 24 يوليو الماضي (رويترز)

خفايا المواجهة: كيف صمد «الفيدرالي» في مواجهة ترمب؟

بينما كانت منصات التواصل الاجتماعي تمتلئ بتهديدات البيت الأبيض ضد استقلال البنك المركزي، كانت تجري خلف الأبواب المغلقة في فيلادلفيا معركة مختلفة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

«وول ستريت» تحوم قرب مستويات قياسية قبل عطلة الميلاد

سادت حالة من الهدوء النسبي على «وول ستريت»، في مستهل تعاملات يوم الأربعاء، حيث استقرت المؤشرات الرئيسية بالقرب من مستويات قياسية في جلسة تداول قصيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد اصطف مئات الأشخاص خارج مركز الوظائف في كنتاكي بحثاً عن المساعدة في مطالباتهم المتعلقة بالبطالة (أرشيفية - رويترز)

انخفاض مفاجئ في طلبات البطالة الأسبوعية الأميركية

انخفض عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع الأسبوع الماضي في حين من المتوقع أن يظل المعدل مرتفعاً خلال ديسمبر

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

حاكم «مصرف سوريا»: حذف صفرين من الليرة... وسريان العملة الحالية لـ3 أشهر

حاكم مصرف سوريا المركزي خلال المؤتمر الصحافي الأحد للإعلان عن تفاصيل العملة الجديدة (إكس)
حاكم مصرف سوريا المركزي خلال المؤتمر الصحافي الأحد للإعلان عن تفاصيل العملة الجديدة (إكس)
TT

حاكم «مصرف سوريا»: حذف صفرين من الليرة... وسريان العملة الحالية لـ3 أشهر

حاكم مصرف سوريا المركزي خلال المؤتمر الصحافي الأحد للإعلان عن تفاصيل العملة الجديدة (إكس)
حاكم مصرف سوريا المركزي خلال المؤتمر الصحافي الأحد للإعلان عن تفاصيل العملة الجديدة (إكس)

أكد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية، حذف صفرين من العملة السورية التي سوف تصدر أول يناير (كانون الثاني) القادم قياساً بالعملة السورية الحالية.

وقال حصرية في مؤتمر صحافي عُقد في مقر مصرف سوريا المركزي، الأحد: «معيار عملية استبدال العملة يقتضي حذف صفرين، بحيث تكون كل 100 ليرة تساوي ليرة سورية واحدة، وستكون هناك فترة تعايش بين العملتين لمدة 90 يوماً قابلة للتمديد. عملية الاستبدال مجانية بالكامل».

وبيّن حاكم مصرف سوريا المركزي أن المصرف «ملتزم بالشفافية والمسؤولية، ونسير وفق استراتيجية 2026/ 2030 للتحول نحو مصرف مركزي يعمل وفق المعايير العالمية، بما يضمن استقرار القرار الفني، ويعزز نهج القطاع المالي الوطني ضمن المنظومة المالية العالمية. وعيوننا على الأسواق بشكل جيد لضبط سعر الصرف، والأثر المباشر سيكون بعد استبدال العملة، وسيلمسه المواطن».

وأوضح حاكم مصرف سوريا المركزي أن «الاستراتيجية الاقتصادية المعتمدة تقوم على خمس ركائز رئيسية، تشمل تحقيق الاستقرار النقدي، وإرساء سوق صرف ثابت وشفاف، وبناء مؤسسات مالية نزيهة وفعالة، وتعزيز التحول الرقمي الآمن والفعال، إضافة إلى تطوير علاقات اقتصادية دولية متوازنة تخدم مصالح الاقتصاد الوطني ومواكبة التحولات الرقمية العالمية، إلى جانب اعتماد مصادر تمويل وتدريب مستدامة تضمن التطوير المستمر للقطاع المالي». وأضاف أن «العملة الجديدة تشكل بداية جديدة لمستقبل الاقتصاد السوري، وتجسيداً لالتزام المصرف بتنفيذ تعهداته».


غانا تُعيد تشغيل مصفاة النفط الوحيدة بعد 6 سنوات من التوقف

افتتاح حقل نفط في غانا (أرشيفية - رويترز)
افتتاح حقل نفط في غانا (أرشيفية - رويترز)
TT

غانا تُعيد تشغيل مصفاة النفط الوحيدة بعد 6 سنوات من التوقف

افتتاح حقل نفط في غانا (أرشيفية - رويترز)
افتتاح حقل نفط في غانا (أرشيفية - رويترز)

أعادت غانا تشغيل مصفاة تيما النفطية (TOR) المملوكة للدولة، بعد توقف دام أكثر من 6 سنوات بعد أعمال صيانة وإعادة هيكلة كبيرة، في محاولة لتقليص فاتورة واردات النفط السنوية البالغة 10.2 مليار دولار.

ويقول مسؤولون في أكرا إن وحدة تقطير النفط الخام في المصفاة قد عادت للعمل بالفعل، على الرغم من أن مستويات الإنتاج لا تزال غير واضحة.

ورغم أن الإنتاج الحالي غير محدد، فإن المصفاة من المتوقع أن تلبي حتى 60 في المائة من الطلب المحلي، مما قد يوفر نحو 400 مليون دولار شهرياً.

وتُعد هذه الخطوة، وفق منصة «بيزنس أفريكا»، جزءاً من استراتيجية أوسع لتعزيز أمن الطاقة في غانا، وتواكب العديد من المشاريع المماثلة في القارة الأفريقية لتقليل الاعتماد على الوقود المستورد وتعزيز قدرة المصافي المحلية.

وكانت المصفاة الوحيدة في غانا، قد واجهت صعوبات لسنوات بسبب بنية تحتية قديمة، ونقص التمويل، واضطرابات تشغيل؛ إذ تسبب حريق عام 2017 ومشكلات الديون المتزايدة في توقف المرفق لفترة طويلة، مما جعل غانا تعتمد بشكل شبه كامل على الوقود المستورد رغم كونها دولة منتجة للنفط.

وبحلول عام 2019، كانت المصفاة مدينة بأكثر من 300 مليون دولار نتيجة الخسائر التشغيلية وعدم قدرتها على بيع النفط المكرر لسداد القروض المصرفية. ويأتي التشغيل الأخير بعد أعمال تأهيل وصيانة مدعومة من الحكومة، كجزء من استراتيجية أوسع لتعزيز الأمن الطاقوي وتقليل تكاليف استيراد الوقود، التي أثقلت كاهل الاحتياطيات الأجنبية وأسعار المستهلكين.

وتمتلك المصفاة، عند التشغيل الكامل، قدرة تصميمية تصل إلى 45 ألف برميل يومياً، مما يمكنها من تلبية حصة كبيرة من الطلب المحلي على الوقود، وتخفيف الضغط على الواردات، واستقرار الإمدادات خلال فترات تقلبات الأسواق العالمية. وتأتي إعادة تشغيل مصفاة غانا في وقت تسعى فيه عدة دول أفريقية لمعالجة النفط محلياً، عاكسة عقوداً من الاعتماد على المنتجات المكررة المستوردة.


شركة استشارات مصرية لإنشاء بنك استثماري شامل في السعودية

سيارات في أحد شوارع العاصمة السعودية الرياض التي تشهد زخماً في استقبال الشركات الكبرى (رويترز)
سيارات في أحد شوارع العاصمة السعودية الرياض التي تشهد زخماً في استقبال الشركات الكبرى (رويترز)
TT

شركة استشارات مصرية لإنشاء بنك استثماري شامل في السعودية

سيارات في أحد شوارع العاصمة السعودية الرياض التي تشهد زخماً في استقبال الشركات الكبرى (رويترز)
سيارات في أحد شوارع العاصمة السعودية الرياض التي تشهد زخماً في استقبال الشركات الكبرى (رويترز)

توقع عبد العزيز عبد النبي، العضو لشركة «كاتليست بارتنرز» للاستشارات، إغلاق صفقتين في قطاع الأغذية السعودي بقيمة 150 مليون دولار، بالتعاون مع صندوق الاستثمارات العامة، قبل يونيو (حزيران) المقبل.

وأوضح عبد النبي، لـ«الشرق الأوسط»، على هامش فعالية «قرع الجرس» في البورصة المصرية، الأحد، مع بدء تداول أسهم الشركة في البورصة، أن الشركة تعمل حالياً على عدة صفقات في السوق السعودية بقيمة تتراوح بين 200-220 مليون دولار، متوقع الانتهاء منها في عام 2026، في قطاعات: الأغذية والتكنولوجيا واللوجيستيات، والقطاع الصناعي.

و«كاتليست بارتنرز» القابضة، هي بنك استثماري مقره القاهرة، يركز على تنمية الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويعمل بوصفه شركة استحواذ ذات غرض خاص (SPAC) في البورصة المصرية، حيث تستحوذ على شركات ناشئة ونامية في قطاعات مثل الخدمات المالية غير المصرفية والتكنولوجيا المالية لدعم نموها المستدام.

وافتتحت الشركة مقراً لها في الرياض منذ أبريل (نيسان) 2024، لتقديم الاستشارات المالية. وقال عبد النبي، في هذا الصدد، تستهدف الشركة التحول لبنك استثماري شامل في السوق السعودية، خلال الفترة المقبلة، بهدف تقديم الخدمات المالية غير المصرفية، للمؤسسات والأفراد، مثل خدمات الطروحات والاكتتابات العامة والخاصة، استشارات الاندماج والاستحواذ، إدارة الأصول والثروات، التداول في الأسواق، إعادة هيكلة الشركات.

عبد العزيز عبد النبي العضو لشركة «كاتليست بارتنرز» (لينكد إن)

أضاف عبد النبي أنه «تم الاتفاق مع شريك سعودي للتحول لبنك استثماري، والتقديم للجهات المختصة خلال العام المقبل، بعد الانتهاء من زيادة رأس المال، خصوصاً مع القوانين والإجراءات المالية في السعودية، التي تدعم الشركات والمؤسسات والأفراد بالقطاع المالي، لتواكب (رؤية السعودية 2030)، التي تركز على التنوع الاقتصادي».

وأشار إلى أن الشركة قدمت استشارات في السوق السعودية، لنحو 9 عمليات مالية وصفقات خلال العام الماضي، تقدر قيمتهم بنحو 120 مليون دولار، في قطاعات: الألعاب والبنية التحتية والتكنولوجيا.

وأشار عبد النبي إلى الأحداث الكبرى المتوقع إقامتها في السعودية خلال الفترة المقبلة، مثل «إكسبو» وكأس العالم، وهو ما يدعم مستهدفات الشركات الخاصة والعامة المحلية والأجنبية، فضلاً عن الفرص الواعدة التي تميزت بها معظم القطاعات الاقتصادية السعودية.

تجدر الإشارة إلى أن الشركة، التي يرأس مجلس إدارتها ماجد شوقي، رئيس البورصة المصرية سابقاً، أطلقت العام الحالي، أول مسؤول علاقات مستثمرين متطور معتمد على الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط والعالم، والذي أُطلق عليه اسم «ماي» MAI – Misr AI، وذلك بالشراكة مع إحدى الشركات الناشئة الأميركية «CONVRZ AI».

أعضاء مجلس إدارة «كاتليست بارتنرز» خلال قرع الجرس في البورصة المصرية (الشركة)