لبنان: جلسة تشريع تصطدم مجدداً بـ«فيتو» قانون الانتخابات

كتلة «الاعتدال الوطني» تقرر المشاركة وترفع حظوظ توفير النصاب

البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)
البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)
TT

لبنان: جلسة تشريع تصطدم مجدداً بـ«فيتو» قانون الانتخابات

البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)
البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)

على وقع الانقسام السياسي الحاد، يعقد مجلس النواب اللبناني، الخميس، جلسة تشريعية حسّاسة، ليس بسبب القوانين المدرجة على جدول أعمالها، بل بفعل تغييب مشروع قانون قدّمته الحكومة واقتراح قانون معجل مكرر قدمته كتل نيابية لتعديل قانون الانتخابات النيابية، وهو ما فجّر مواجهة مفتوحة بين رئيس المجلس نبيه بري، الساعي إلى تأمين النصاب وتمرير ما يعدها «قوانين ملحّة»، وبين كتل نيابية وازنة أعلنت المقاطعة احتجاجاً على تهميش مطلبها بتعديل قانون الانتخاب الذي تعده مدخلاً لأي إصلاح حقيقي.

ومن المقرر أن تنعقد الجلسة التشريعية عند الساعة الحادية عشرة قبل ظهر الخميس، وعلى جدول أعمالها 17 مشروع قانون واقتراح قانون أبرزها «الموافقة على إبرام اتفاقية قرض البنك الدولي للبنان» بقيمة 250 مليون دولار مخصصة لإعمار جزء مما هدمته إسرائيل في حربها الأخيرة على لبنان. بالإضافة إلى اقتراح قانون يُعفي المتضررين من الاعتداءات الإسرائيلية من ضرائب ورسوم، وتعليق المهل المتعلقة بالحقوق والواجبات الضريبية، ومعالجة العقارات وأقسامها المهدمة جراء الحرب.

وغيّب رئيس المجلس عن الجلسة التشريعية مشروع القانون المعجّل الذي أحالته الحكومة الرامي إلى تعديل قانون الانتخاب، لا سيما إلغاء ما تُعرف بـ«الدائرة 16» التي تخصص ستة مقاعد نيابية لتمثيل المغتربين في قارات العالم. كما رفض إدراج اقتراح القانون المعجل المكرر الذي تقدّم به عدد من النواب لإلغاء المقاعد الستة التي تمثل الاغتراب والسماح للمغتربين بالتصويت لـ128 نائباً في أماكن إقامتهم.

رئيس البرلمان نبيه بري (رئاسة البرلمان)

ويخوض برّي معركة سياسية شرسة لتأمين النصاب القانوني للجلسة التشريعية لتمرير القوانين التي يستعجل إقرارها، في حين تعمل الكتل المقاطعة للجلسة على فقدان النصاب وكسب «معركة تطييرها» مرّة جديدة، للضغط على رئيس المجلس لتغيير موقفه من قانون الانتخاب. وترى هذه الكتل أن تغييب قانون الانتخابات ليس تفصيلاً تقنياً بل خيار سياسي مقصود، وترى أن الإصرار على تشريع مجتزأ يعيد إنتاج المنظومة نفسها، ويمنح غطاءً سياسياً لاستمرار النهج القائم. ويبدو أن رهان برّي على تأمين النصاب تحقق، عبر إعلان كتلة «الاعتدال الوطني»، (تكتل نيابي يضم عدداً من النواب المستقلين غالبيتهم من شمال لبنان)، مشاركتها في الجلسة. وقالت الكتلة في بيان أصدرته بعد الاجتماع الاستثنائي الذي عقدته مساء الأربعاء، إنها «قاطعت الجلسة السابقة لإعطاء فرصة وإبرام تسوية تتعلق بقانون الانتخابات، لكن للأسف لم تصل إلى النتائج المرجوة». ورأت أن الاستمرار في التعطيل «يحمّل البلد تبعات تعطيل قوانين تهم المواطنين». وإذ أعلنت مشاركتها في الجلسة جددت مطالبتها برّي بـ«إدراج مشروع قانون الانتخابات على جدول الجلسة».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن نقاشاً مستفيضاً ساد اجتماع كتلة «الاعتدال الوطني»، وأكد مصدر في الكتلة أن «الآراء انقسمت بين من يؤيد المشاركة ومن يفضّل المقاطعة»، مشيراً إلى أن الكتلة «أخذت بعين الاعتبار تمني رئيسَي الجمهورية والحكومة جوزيف عون ونواف سلام، على النواب عدم مقاطعة الجلسة». ولفت المصدر إلى أن النواب «ارتأوا أن هناك قوانين تهمّ الناس بينها القانون المتعلق بمطار القليعات الذي يشكل حاجة ملحة لمنطقة عكار وشمال لبنان، ولا بد من السير به سريعاً».

وبينما حسمت كتلتا «القوات اللبنانية» و«الكتائب» مسبقاً مقاطعتهما الجلسة، التحقت بهما مساء الأربعاء، كتلة «تحالف التغيير»، (يضم مجموعة نواب برزوا بعد انتخابات 2022 تحت مسمى «قوى التغيير»). وأعلن النائب ميشال دويهي أن الكتلة «ستقاطع الجلسة التشريعية اعتراضاً على عدم إدراج اقتراح قانون الانتخابات المعجل المكرر الذي يتيح للمغتربين الاقتراع مكان إقاماتهم». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنها «المرة الأولى منذ 32 عاماً، لا يدرج اقتراح قانون معجل في أول بنود الجلسة التشريعية، بالإضافة إلى مشروع قانون معجّل قدمته الحكومة لتعديل قانون الانتخابات الحالي»، معتبراً أن ذلك «يعكس صراعاً سياسياً بين فريقين، وهذا مؤشر على مدى الاستهتار بقوانين مهمّة تمس جوهر الحياة العامة».

من جهته، أعلن نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب، أن الانتخابات النيابية «تحتاج إلى توافق سياسي حول القانون». وأكد بعد لقائه رئيس الجمهورية جوزيف عون، أنه «إذا كان هناك إصرار على تصويت المغتربين لـ128 نائباً وأردنا فتح مهل لتسجيلهم، فإن ذلك يعني حتمية تأجيلٍ تقنيٍّ للانتخابات حتى شهر أغسطس (آب) من أجل احترام المهل القانونية»، مشيراً إلى أن المناكفات السياسية لا تخدم الاستحقاق الانتخابي.

في المقابل، يدفع رئيس مجلس النواب الذي يمسك بأوراق ضغط قوية، باتجاه تأمين النصاب القانوني لانعقاد الجلسة، ويرى أن شلل المجلس يفاقم الانهيار ولا يخدم أي طرف. وسبق ذلك تسريب معلومات تفيد بأن برّي «يربط التوقيع على قانون تشغيل مطار القليعات في شمال لبنان بمشاركة كتلة «الاعتدال الوطني» في جلسة الخميس، وهو ما حمل هذه الكتلة، كما يبدو، على الحضور بخلاف مقاطعتها للجلسة السابقة.

وكتب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، على حسابه عبر منصة «إكس»: «يحاول الرئيس بري ابتزاز نواب الشمال في بند مطار القليعات، علماً أن بند مطار القليعات كان قد أقر في الجلسة الماضية، وأصبح بحكم النافذ انطلاقاً من النظام الداخلي للمجلس النيابي، الذي ينص في المادة 60 على أن إذا لم تقفل الهيئة العامة، لأي سبب من الأسباب محضر جلسة ما، فإن هيئة مكتب المجلس تجتمع وفقاً للأصول وتصدق على المحضر». وأضاف جعجع: «جميعنا نريد مطار القليعات، وقد ناضلنا كثيراً في سبيل الوصول إليه، لكن لا يجوز أن نترك الرئيس بري يستخدمه لابتزازنا، ولمزيد من الابتزاز في عمل المجلس النيابي».


مقالات ذات صلة

الجيش اللبناني يعثر على نفق لـ«حزب الله» في الجنوب

المشرق العربي خلال معاينة دبلوماسيين نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني (مديرية التوجيه)

الجيش اللبناني يعثر على نفق لـ«حزب الله» في الجنوب

عثر الجيش اللبناني على أحد الأنفاق التي بناها «حزب الله»، في بلدة تولين بجنوب لبنان، إثر كشف قام به بناء على طلب لجنة «الميكانيزم».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صواريخ معدّة للتهريب عثرت عليها القوات السورية (حساب وزارة الداخلية السورية على «إكس»)

دمشق تعلن إحباط محاولة تهريب جديدة لشحنة أسلحة إلى لبنان

أغلبية المستودعات التي بناها الحزب في الأراضي السورية غير مرئية، ومن ثم يرجح أن هناك عدداً منها لم يتم ضبطه بعد...

موفق محمد (دمشق)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال استقباله السفير سيمون كرم في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)

الرئيس اللبناني: التفاوض لا يعني الاستسلام ونعمل لإبعاد شبح الحرب

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون «أن التفاوض لا يعني استسلاماً ونعمل على تثبيت الأمن والاستقرار والمهم في ذلك إبعاد شبح الحرب».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عنصران من الشرطة في سوريا (الشرق الأوسط)

«الداخلية السورية» تُعلن إحباط محاولة تهريب شحنة أسلحة إلى لبنان

أعلنت وزارة الداخلية السورية، الأربعاء، إحباط محاولة تهريب شحنة أسلحة إلى لبنان.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لندن توجه تهماً لشخصين بالانتماء إلى «حزب الله» (الشرطة البريطانية)

بريطانيّان يحاكمان بالانتماء إلى «حزب الله» وحضور «تدريبات إرهابية»

مثل رجلان بريطانيان من أصول لبنانية أمام محكمة في لندن، الثلاثاء، بعد توجيه اتهامات لهما بالانتماء إلى جماعة «حزب الله»

«الشرق الأوسط» (لندن)

3 أولويات في «اجتماع باريس» لدعم الجيش اللبناني

 قائد الجيش العماد رودولف هيكل مع سفراء ودبلوماسيين وملحقين عسكريين خلال جولة للاطّلاع على تطبيق المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح في الجنوب يوم الاثنين (مديرية التوجيه)
قائد الجيش العماد رودولف هيكل مع سفراء ودبلوماسيين وملحقين عسكريين خلال جولة للاطّلاع على تطبيق المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح في الجنوب يوم الاثنين (مديرية التوجيه)
TT

3 أولويات في «اجتماع باريس» لدعم الجيش اللبناني

 قائد الجيش العماد رودولف هيكل مع سفراء ودبلوماسيين وملحقين عسكريين خلال جولة للاطّلاع على تطبيق المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح في الجنوب يوم الاثنين (مديرية التوجيه)
قائد الجيش العماد رودولف هيكل مع سفراء ودبلوماسيين وملحقين عسكريين خلال جولة للاطّلاع على تطبيق المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح في الجنوب يوم الاثنين (مديرية التوجيه)

على وقع مخاوف من تصعيد إسرائيلي يطيح اتفاق وقف النار مع لبنان، ينعقد في باريس، اليوم (الخميس)، اجتماع رباعي يضم ممثلين عن فرنسا والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة ولبنان، يتناول سبل دعم الجيش اللبناني والاطلاع على جهوده لنزع سلاح «حزب الله».

وتفيد مصادر فرنسية بأن باريس تشعر بخطر داهم محدق بلبنان، في ظل تهديدات إسرائيلية معلنة ومتواترة بالعودة إلى الحرب.

وتقول مصادر مطلعة في باريس إن اجتماع الخميس يندرج في إطار ثلاث أولويات رئيسية؛ أُولاها النظر في عمل آلية «الميكانيزم» المنوطة بها مهمة مراقبة وقف الأعمال العدائية بين إسرائيل ولبنان، والنظر في تطويرها.

ويمثّل لجم التصعيد الإسرائيلي في لبنان الأولوية الثانية للاجتماع الذي يشارك فيه قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل الذي سيقدم عرضاً للجهود اللبنانية لحصر السلاح في يد الدولة.

أما الأولوية الثالثة فتتعلق بما ستقوله الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس بخصوص خطط بلادها في لبنان.


غوتيريش: بيئة العمل في مناطق الحوثيين غير قابلة للاستمرار

غوتيريش: بيئة العمل في مناطق الحوثيين غير قابلة للاستمرار
TT

غوتيريش: بيئة العمل في مناطق الحوثيين غير قابلة للاستمرار

غوتيريش: بيئة العمل في مناطق الحوثيين غير قابلة للاستمرار

حثّ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمس (الأربعاء)، جميع الأطراف في اليمن على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وذلك بعد تقدم الانفصاليين في الجنوب، في تطور ينذر بتأجيج الحرب الأهلية المستمرة منذ عشر سنوات، بعد فترة هدوء طويلة، طبقاً لما أوردته وكالة «رويترز».

وأشار غوتيريش إلى أن عمليات المنظمة الدولية باتت غير قابلة للاستمرار في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، وتحديداً العاصمة اليمنية صنعاء، إلى جانب شمال غربي البلاد ذي الكثافة السكانية العالية.

من ناحية ثانية، نفى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، صحة الأنباء التي تداولتها بعض المنصات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن وقف منح تصاريح دخول السفن إلى ميناء العاصمة المؤقتة عدن، مؤكداً أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، وأنها تندرج في إطار الشائعات التي تستهدف إرباك المشهد الاقتصادي والملاحي في البلاد.


إسرائيل تريد اتفاقاً مع سوريا «يخدم الطرفين»

 فلسطينيون يتزاحمون للحصول على حصص غذاء في خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتزاحمون للحصول على حصص غذاء في خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تريد اتفاقاً مع سوريا «يخدم الطرفين»

 فلسطينيون يتزاحمون للحصول على حصص غذاء في خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتزاحمون للحصول على حصص غذاء في خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

عبّر وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، عن رغبة بلاده في إبرام اتفاق أمني مع سوريا يخدم الطرفين، لكنه قال إن أي اتفاق من هذا النوع «يجب أن يراعي الوضع بالجنوب»، في إشارة إلى رغبة تل أبيب في جعلها منطقة منزوعة السلاح.

وزعم ساعر في مقابلة مع قناة «العربية الإنجليزية»، أمس، أن تل أبيب، «ليس لها أطماع في أراضي سوريا»، مستدركاً أنها «لا تريد انطلاق أنشطة إرهابية من سوريا».

وفي الشأن اللبناني، قال ساعر إن لدى إسرائيل رغبة في «التطبيع مع لبنان»، عادّاً أن «الخلافات بسيطة، ويُمكن تجاوزها».

وتطرق وزير خارجية إسرائيل، إلى ملف غزة، زاعماً أن سلاح حركة «حماس» هو العقبة أمام الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف النار.

من جهته، قال الوسيط المقرب من الإدارة الأميركية، بشارة بحبح، لـ«الشرق الأوسط»، إن المرحلة الثانية لاتفاق غزة ستبدأ الشهر المقبل.