رب ضارة نافعة، ينطبق هذا المثل الشهير تماماً على مسيرة اللاعب السعودي أحمد إبراهيم نحو رياضة «فنون القتال»، مسطراً حكاية من حكايات التحدي ومواجهة المصاعب وإعلاء راية الشغف والتميز والنجومية.
كان أحمد قد نجح في تسجيل ضربة قاضية لمنافسة المصري محمد نبيل ضمن وزن الويلتر، على صالة الظهران إكسبو في الخبر، في ختام منافسات دوري المقاتلين المحترفين لموسم 2025.
ويسترجع إبراهيم بدايته قائلاً، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، إنه في عام 2019، وبعد أن كان الأول على دفعته في إحدى الدورات التدريبية، وبسبب ظروف خارجه عن إرادته لم يستطع استكمال مشواره، «ومنذ ذلك الوقت قررت أن أبحث عن طريق آخر أستطيع من خلاله أن أرفع به علم بلادي».
ورغم أن انتماءه لرياضة فنون القتالية المختلطة لم يصل حينها لمرحلة الشغف، فإن شرارة الفضول كانت كافية ليأخذ خطوة غير متوقعة.
كان أحمد حينها في البحرين، ليبدأ هناك بحثه عن أي منظمة قد تمنحه فرصة دخول ولو نزال واحد فقط، بلا خبرة، وبلا تاريخ قتالي، وبلا حتى فهم كامل لقوانين اللعبة، وفي ظل رهان على المجهول.
توجّه أحمد في إحدى المساءات إلى مبنى منظمة BRAVE / KHK في منطقة السيف بالبحرين، بحثاً عن أي فرصة تتيح له خوض نزال أول في مشواره. وعند وصوله، استقبله الموظف وطلب منه أحمد التسجيل للمشاركة في نزال، فأحاله الموظف مباشرة إلى أحد المسؤولين، موضحاً: «سأزوّدك برقم شخص يمكنك التواصل معه لمعرفة ما يمكن فعله»، ذلك الشخص كان غوستافو فيرمينو، الذي سيصبح لاحقاً نقطة التحول الأساسية في مسار إبراهيم.
تواصل أحمد معه على الفور ليبدأ الحوار بسؤال مباشر: «هل لديك أي خبرة؟ وكم نزالاً خضت؟»، فجاء رد أحمد صريحاً: «لا شيء... صفر!». ومنذ تلك اللحظة بدأت ملامح الخطة التي ستغير مستقبله الرياضي تتشكل لأول مرة.

وجه غوستافو اللاعب إلى نادي بحرين فايترز، وطلب منه أن يبدأ من الصفر، ومن خلال بطولات في ألعاب قتالية متعددة، ليبني خبرته خطوة بخطوة، وبعد خمس سنوات من العمل المستمر واصل طريقه نحو حلم أكبر.
خلال تلك السنوات، خاض أحمد بطولات مختلفة، فأحرز الذهبية في منافسات MMA بدورة الألعاب السعودية 2023، واعتلى منصات الجوجيتسو، ببدلة ودون بدلة، محققاً الذهب والفضة والبرونز.
وحمل شعار المنتخب السعودي في محافل دولية، ففاز في بطولة MEFC بالإمارات تحت مظلة الاتحاد السعودي، وشارك في بطولة العالم MMA 2025 في جورجيا ممثلاً وطنه بين نخبة المقاتلين.
لكن الإنجاز الأكبر جاء ليلة الجمعة، والتي يصفها بأنها «أفضل بداية»، بعدما حقق هدفه الأهم وهو الانضمام رسمياً إلى منظمة PFL والانتقال إلى المستوى الاحترافي بعد آخر نزال له كمقاتل هاوٍ... نزال اختتمه بانتصار مستحق ومشهد احتفالي كان أقرب إلى لحظة إعلان وصوله الحقيقي للعالمية.
وقال أحمد: «الحمد لله، كانت النهاية مسك، وبدأت رحلتي الاحترافية أخيراً».
بهذه الكلمات يختصر خمس سنوات من الكفاح الصامت والالتزام الصلب، وخطوات بدأت من بابٍ صغير في السيف، ودربٍ مجهول، حتى أصبحت اليوم قصة إلهام لمقاتل قرر أن يصنع فرصته بنفسه، وأن يحمل راية الوطن في كل نزال يقترب منه بثبات أكبر.
وأضاف: «خطوتي المقبلة أن أشارك في منظمة دوري المقاتلين المحترفين والقتال في النزالات الاحترافية، وأطمح أن أشارك في البطولة وأكسب الحزام الذهبي».
