تحيي تونس اليوم في مدينة سيدي بوزيد (وسط) الذكرى الخامسة لاندلاع ثورة 2011، في انتظار حسم الجدل حول أولوية الاحتفال بيوم بداية الثورة 17 ديسمبر (كانون الأول)، أم 14 يناير (كانون الثاني) تاريخ فرار بن علي.
ومن المنتظر تكريم الرباعي التونسي الفائز بجائزة نوبل للسلام، ممثلا في نقابة العمال، ونقابة رجال الأعمال، ونقابة المحامين، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان في مدينة سيدي بوزيد، مهد الثورة التونسية. وتحتفل سيدي بوزيد بهذه المناسبة في أجواء يخيم عليها انتظار برامج حكومية موجهة للتنمية والتشغيل، وتسترجع مراحل اندلاع الشرارة الأولى للثورة بعد إقدام الشاب محمد البوعزيزي (26 سنة) على حرق نفسه أمام مقر الولاية (المحافظة)، احتجاجا على ظروفه الاجتماعية الصعبة، ومنعه من بيع بعض الفواكه في الطريق العام.
ودعت أطراف نقابية بهذه المناسبة إلى إقرار يوم 17 ديسمبر يوم عطلة رسمية على المستوى الوطني، غير أن هذا القرار لم يجد طريقه إلى التنفيذ من قبل السلطات الرسمية. ولم يحضر ممثلون عن الحكومة التونسية خلال الاحتفالات السابقة بالذكرى الثالثة والرابعة لمشاركة سكان مدينة سيدي بوزيد احتفالاتهم بهذه المناسبة، في ظل إحساس عام مفاده أن الثورة لم تقدم كثيرا لأبناء الجهات المحرومة، ومن بينها محافظة سيدي بوزيد.
وفي هذا الشأن، قال سالم البوعزيزي، شقيق محمد البوعزيزي مفجر الثورة، لـ«الشرق الأوسط» إن أغلب الفئات الفقيرة باتت تشعر باليأس والإحباط، ولا ترى بصيص أمل في آخر النفق نتيجة تواتر الوعود الانتخابية والحكومية، دون تنفيذ جدي على أرض الواقع، مشيرا إلى إحساس الناس بالغبن، وخصوصا البسطاء نتيجة غلاء المعيشة، وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب، خصوصا بين خريجي المؤسسات الجامعية.
من جهتها نفت الشرطية التونسية فايدة حمدي التي اتهمت بصفع البوعزيزي في 17 ديسمبر، أن تكون قامت بتلك الفعلة، مؤكدة أن القضاء برأها منها. وفادية هي اليوم عنصر في شرطة بلدية بمدينة سيدي بوزيد وقد عادت إلى عملها بعد أن قضت 3 أشهر و20 يوما في السجن قبل أن تثبت براءتها ويطلق سراحها.
وقالت فايدة حمدي لـ«الشرق الأوسط» إنها لم تصفع البوعزيزي وإن الإعلام هو الذي روج المعلومة الكاذبة لتنتشر بسرعة ولم يكن بإمكان أحد أن ينفيها. صورة الحادثة كما روتها فايدة تتمثل في أنها كانت مطالبة هي والفريق المرافق لها برصد المخالفات وحجز السلع المخالفة للقوانين.
وأضافت: «البوعزيزي كان يعرض الغلال (تفاح وكمثرى وموز) على عربة في الشارع، وهو شكل من أشكال التجارة الممنوعة، فكان الأمر يتطلب حجز السلعة، ولكن البوعزيزي رفض وامتنع عن التفريط في سلعته وافتك الميزان من يدي بعنف حتى أصبت بجروح في يدي وأصابعي». وأكدت أنها لم تصفعه، بينما حاول شقيق البوعزيزي الاعتداء عليها بالضرب كما تقول.
هذه الحادثة حدثت الساعة الحادية عشرة صباحا (يوم 17 ديسمبر 2010) بالسوق البلدية بمدينة سيدي بوزيد. حينها اتصلت فايدة بإدارتها عبر الهاتف للإعلام بالحادثة وطلب تعزيزات. وفي انتظار وصول التعزيزات ومع تواصل التوتر قال أحد الأشخاص (تبين لاحقا أنه خال البوعزيزي) إنها صفعته وإنه شاهد على ذلك.
ولما حضر فريق الشرطة البلدية إلى مكان الحادثة أخذوا معهم فايدة بينما طلب رئيس مركز الشرطة البلدية من البوعزيزي الالتحاق بهم إلى الإدارة، وهناك طلب من فايدة تحرير مخالفة تصدي للأعوان ضد البوعزيزي.
تقول فايدة إنها كانت وقتها في حالة غضب شديد وشعور بالقهر لأنها تعرضت لاعتداء بدني ولفظي أمام الناس، وقد عادت إلى المنزل لترتاح قليلا ثم تخرج بزي مدني. وفي الأثناء (نحو الساعة الواحدة ظهرا، أي بعد ساعتين من المشادة مع البوعزيزي) اتصل بها أحد زملائها ليعلمها أن محمد البوعزيزي قد أحرق نفسه، وقتها انتابها الخوف والشعور بأنها ستتهم بالتسبب في حرقه.
وتضيف فايدة حمدي أنها خضعت للاعتقال لمدة أربعة أيام في المخفر قضتها في حالة نفسية صعبة دون نوم، وجرى التحقيق معها على مدى ثماني ساعات نقلت بعدها إلى سجن قفصة حيث قضت ثلاثة أشهر وعشرين يوما في انتظار المحاكمة. وقد اضطرت إلى إخفاء صفتها في السجن خوفا من بطش السجينات، وقالت لهن إنها تشتغل معلمة لأنها سمعتهن يهددن المرأة التي صفعت البوعزيزي إذا سجنت معهن. وفي الأخير حكم القضاء لفائدتها بالبراءة لعدم وجود حجج إدانة، ولكن فايدة لا تزال إلى اليوم متأثرة بمخلفات فترة الإيقاف والسجن (آثار نفسية وبدنية)، فعمرها 49 سنة ومصابة بالرعشة وتعالج هذا المرض بمستشفى الأعصاب بتونس العاصمة.
تونس تحيي الذكرى الخامسة لثورة الياسمين بتكريم رباعي «نوبل»
الشرطية التي تسببت في اندلاع ثورات الربيع لـ {الشرق الأوسط}: لم أصفع البوعزيزي.. والقضاء برأني
تونس تحيي الذكرى الخامسة لثورة الياسمين بتكريم رباعي «نوبل»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة