بعد 14 جولة، وجد مشجعو الدوري الفرنسي أنفسهم أمام واقع يفرض نفسه، ويتمثل في صعود لانس إلى قمة جدول الترتيب، متقدّماً على أندية عملاقة منها باريس سان جيرمان ومارسيليا وليل وموناكو.
لكن الفريق الشمالي كتب هذا الموسم بدايةً مختلفة، تتسم بالهدوء والثقة والعمل الجماعي، ليحصد 31 نقطة أهلته للجلوس على القمة منفرداً، مع فارق تهديفي مميز بلغ +12 بعد تسجيل 24 هدفاً واستقبال 12 فقط.
هذه الصدارة المفاجِئة لا تأتي من فراغ؛ فالفريق يقدّم كرة منضبطة ومنظمة، ويستفيد من منظومة متوازنة وبدلاء مؤثرين... وهنا يبرز اسمٌ عربيّ وجد لنفسه طريقاً داخل هذا النجاح، وهو الظهير السعودي سعود عبد الحميد.
ورغم أنه لم يتحول بعد إلى عنصر أساسي في تشكيلة لانس، فإن عبد الحميد أصبح جزءاً من «القوة الداعمة» التي يعتمد عليها الفريق، إذ شارك في 10 مباريات في الدوري الفرنسي هذا الموسم حتى الآن، لكن بينها مباراة واحدة فقط أساسياً، بينما جاءت مشاركاته التسع الأخرى من على دكة البدلاء.
وعلى الرغم من محدودية الدقائق إذ لعب 208 دقائق فقط فإنه نجح في تسجيل صناعة هدف، إلى جانب أدوار دفاعية وانضباطية جعلته خياراً مفضلاً للمدرب عندما يحتاج الفريق إلى تعزيز الجهة اليمنى أو ضخّ طاقة إضافية في الثلث الأخير من اللقاءات.
هذه الأرقام تؤكد أن سعود ليس لاعباً مكمّلاً، بل قطعة يمكن أن تتحول إلى عنصر مؤثر في أي لحظة، خصوصاً في منظومة لانس المرنة التي تعتمد على الضغط العالي والتحولات السريعة وتدوير اللاعبين.
ما يميز تجربة عبد الحميد حتى الآن هو أن مشاركاته رغم قلتها جاءت في موسم يبدو تاريخياً للفريق. فحين يقترب لانس من إنهاء عام 2025 وهو في صدارة الدوري، يصبح وجود اللاعب السعودي داخل هذه التشكيلة حدثاً بحد ذاته، خصوصاً أن الفريق لم يكن مرشحاً بأي شكل للدخول في سباق اللقب.
ويصف مراقبون داخل النادي الظهير السعودي بأنه «ورقة آمنة»، يمكنها الحفاظ على إيقاع المباراة عند دخوله، وعدم إحداث أي خلل في التوازن الدفاعي أو التنظيمي، وهو ما جعل الجهاز الفني يثق به في الدقائق التي تُعتبر حاسمة في كثير من المباريات.
ومع تصاعد نسق الفريق، يزداد الضغط داخل التشكيلة، ما يفتح الباب أمام سعود لخطف مقعد أساسي تدريجياً، خاصة إذا استمر في تقديم الإضافة عند مشاركاته الحالية.
لانس يسير في طريق مفتوح، ليس سهلاً، لكنه واضح: «محاولة انتزاع لقب الدوري الفرنسي في موسم كان من المفترض أن يكون محسوماً لباريس سان جيرمان».
وبينما يعيش النادي واحدة من أفضل فتراته، يقف سعود عبد الحميد أمام فرصة نادرة في أن يكون لاعباً عربياً منافساً على لقب كبير في أوروبا، مع فريق يقدم كرة حديثة ويملك كل مقومات الاستمرار في الصدارة.
وحتى إن لم يصبح اللاعب أساسياً بعد، فإن مشاركته ضمن فريق متصدر، وقدرته على تقديم الإضافة في الدقائق التي يحصل عليها، تجعله جزءاً من قصة كبرى، قصة فريق يكتب مفاجأة الموسم ولاعب سعودي يطرق أبواب التاريخ من الجهة اليمنى لملعب لانس.

