البرهان في رسالة إلى واشنطن: الحرب «تمرُّد وحشي» على الدولة وليست «صراع جنرالين»

دعا إلى تفكيك ميليشيا «الدعم السريع» وإنهاء الحرب

عبد الفتاح البرهان (د.ب.أ)
عبد الفتاح البرهان (د.ب.أ)
TT

البرهان في رسالة إلى واشنطن: الحرب «تمرُّد وحشي» على الدولة وليست «صراع جنرالين»

عبد الفتاح البرهان (د.ب.أ)
عبد الفتاح البرهان (د.ب.أ)

نشر قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، مقالاً مطولاً في صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، بعنوان «الحقيقة عن الحرب في السودان»، وجَّه فيه رسالة مباشرة إلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وإلى العالم، يؤكد فيها أن ما تشهده البلاد «ليس صراعاً بين جنرالين» كما يتم ترويجه؛ بل هو «تمرُّد وحشي ومسلح» تقوده «قوات الدعم السريع» ضد الدولة السودانية وشعبها.

وأشار البرهان إلى لقاء الرئيس ترمب مع ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان، مذكراً إدارة الرئيس الأميركي بوعدها القيام بجهود صادقة لضمان سلام عادل ومنصف في منطقة الشرق الأوسط، وبأن الشعب السودان يتطلع إلى واشنطن لاتخاذ الخطوة التالية لإنهاء الحرب.

المقال الذي صدر مساء الثلاثاء 25 نوفمبر (تشرين الثاني) في خطوة غير مسبوقة منذ اندلاع الحرب، يُعد أقوى تدخل إعلامي وسياسي دولي يقوم به البرهان منذ بدء القتال في 15 أبريل (نيسان) 2023، ويأتي في توقيت حساس للغاية: بعد أسابيع قليلة من سقوط مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور بيد «الدعم السريع»، وسط تقارير دولية تحدثت عن «مذبحة» راح ضحيتها آلاف المدنيين، وبعد أيام من تصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في قمة السبع الكبار التي وصفت الحرب بأنها «عدوان» تقوده «الدعم السريع» بدعم خارجي.

تمرد وحشي وليس صراعاً على السلطة

وكرر البرهان في مقاله أكثر من مرة أن الحرب «تمرُّد مسلح» من ميليشيا لها تاريخ طويل في الإبادة الجماعية والعنف الجنسي، ورفض رفضاً قاطعاً وصفها بأنها «صراع بين جنرالين». وقال: «لطالما أدركت أن (قوات الدعم السريع) كانت بمنزلة برميل بارود. وظهرت القوات المعروفة سابقاً باسم (الجنجويد) في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين كميلشيا مساعدة في دارفور، ثم تطورت لتصبح قوة قوية ذات قيادة مستقلة، لتصبح تشكيلاً شبه عسكري غير خاضع للمساءلة، مدججاً بالسلاح، ويعمل خارج التسلسل القيادي للدولة، وشكل تهديداً مباشراً لاستقرار السودان ووحدة مؤسساته».

وأكد أن الجيش كان يسعى لدمج «الدعم السريع» في الجيش الوطني بموجب اتفاق الإطار في ديسمبر (كانون الأول) 2022، ولكن «قيادة (الدعم السريع) خانت العهد»، وشنت هجوماً مباغتاً على الدولة.

وقال البرهان إن «(الدعم السريع) لا تقاتل وحدها»، وإن هناك «دعماً سخياً بالسلاح والمال» من جهات أجنبية (دون تسميتها مباشرة)، ولكنه أشار إلى أن إدارة ترمب نفسها «تعترف» بوجود هذا الدعم. واعتبر أن هذه الجهات تريد تحويل السودان إلى «ساحة لتصفية حساباتها».

ولمح البرهان إلى تأثير الحرب على استقرار البحر الأحمر شرقاً ومنطقة الساحل غرباً، مما يشكل خطراً مباشراً على المصالح الأميركية، مشيراً إلى تقرير لشبكة «إن بي سي» حول هجمات شنتها «قوات الدعم السريع» على قافلة دبلوماسية أميركية. وقال: «هذه ليست أفعال قوة تسعى للسلام، أو تحترم المعايير الدولية».

مجزرة الفاشر

ووصف البرهان ما حدث في الفاشر أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنه «مجزرة» راح ضحيتها –مستعيناً بتقديرات مختبر البحوث الإنسانية في جامعة ييل– نحو 10 آلاف مدني، وهو رقم يفوق 5 أضعاف ضحايا هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.

وأشاد البرهان بصراحة الرئيس ترمب ووزير خارجيته، وقال: «كثير من السودانيين يرون في ترمب قائداً يتحدث بصراحة، ويتصرف بحسم. وإن الشعب السوداني يؤمن بقدرته على المواجهة». ودعا البرهان ترمب صراحة لاتخاذ «الخطوة التالية» عبر الضغط على الداعمين الخارجيين لـ«الدعم السريع».

وفي مغازلة صريحة للإدارة الأميركية، قال البرهان: «عندما تنتهي الحرب، يريد السودان أن يكون شريكاً قوياً للولايات المتحدة، ويساعد في حماية الاستقرار الإقليمي ومحاربة الإرهاب، وإعادة بناء مدننا. وسيكون للشركات الأميركية دور مهم في إعادة الإعمار والاستثمار والتنمية». وأشار إلى انضمام السودان إلى «اتفاقيات أبراهام» في عام 2021 تحت قيادته.

شرط السلام الوحيد

ووضع البرهان خطاً أحمر واضحاً: «لا سلام دون تفكيك ميليشيا (الدعم السريع) ومرتزقتها»، معتبراً ذلك هو شرط السلام الوحيد أمام إنهاء الحرب في السودان. وترك نافذة ضيقة أمام عناصرها؛ حيث أشار إلى إمكانية دمج من لم تتلطخ أيديهم بجرائم -وفق معايير مهنية صارمة- داخل الجيش الوطني.

وجدد البرهان التزام الجيش بعملية انتقالية تقود إلى حكم مدني ديمقراطي، معتبراً أن الحرب هي التي أوقفت هذه العملية وليس الجيش من أوقفها.

ردود الفعل

واعتبر مراقبون أن المقال يمثل «تحولاً استراتيجياً» في خطاب البرهان الخارجي، من الدفاع إلى الهجوم السياسي المباشر، ومحاولة لاستعادة الشرعية الدولية للمكون العسكري في مواجهة الاتهامات الموجهة إليه بإفشال الانتقال الديمقراطي.

من جانبها، لم تصدر «قوات الدعم السريع» حتى الآن رداً رسمياً على المقال، ولكن مصادر مقربة منها قالت لـ«إكس إيه آي نيوز» إن قيادة «الدعم السريع» تعد رداً مطولاً، سيصدر قريباً في وسيلة إعلامية دولية كبرى أيضاً.

أما في واشنطن، فقد رحبت دوائر في الإدارة الأميركية الجديدة بـ«وضوح موقف البرهان»، بينما اعتبرت أوساط ديمقراطية أن نشر المقال في «وول ستريت جورنال» يعكس «انحيازاً تحريرياً» لرواية الجيش.


مقالات ذات صلة

الحكومة السودانية تقدم مبادرة لإنهاء «حرب الألف يوم»

شمال افريقيا رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (صور الأمم المتحدة)

الحكومة السودانية تقدم مبادرة لإنهاء «حرب الألف يوم»

تقدمت الحكومة السودانية بمبادرة سلام شاملة لإنهاء الحرب المتواصلة في البلاد منذ نحو ألف يوم، وسط إصرار أميركي على هدنة إنسانية دون شروط مسبقة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب) play-circle 00:57

خاص 10 أيام فاصلة... ما ملامح خطة أميركا لوقف حرب السودان؟

وضعت واشنطن مدى زمنياً من 10 أيام لتثبيت هدنة إنسانية في السودان، مع بداية العام المقبل وقال وزير خارجيتها مارك روبيو إن 99% من التركيزالآن لتحقيق هذا الغرض

محمد أمين ياسين (نيروبي)
تحليل إخباري محادثات الرئيس المصري مع عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية) play-circle

تحليل إخباري ماذا تعني الخطوط الحمراء المصرية لحرب السودان؟

أصدرت الرئاسة المصرية عقب زيارة البرهان للقاهرة بياناً تضمن خطوطاً حمراء للحرب في السودان، تنطلق من وحدة السودان ومؤسساته، ولوّحت بالدفاع المشترك لدعمه.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصافح قائد الجيش السوداني الجنرال عبد الفتاح البرهان في القاهرة 18 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

السيسي يحذر من محاولة تجاوز «خطوط مصر الحمراء» بشأن وحدة السودان

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الخميس، ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة السودان وسيادته وأمنه واستقراره.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

البرهان يعلن استعداده للعمل مع ترمب لإنهاء الحرب في السودان

قال قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، الذي يحكم البلاد فعلياً، إنه مستعد للعمل مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان (السودان))

الحكومة السودانية تقدم مبادرة لإنهاء «حرب الألف يوم»

رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (صور الأمم المتحدة)
رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (صور الأمم المتحدة)
TT

الحكومة السودانية تقدم مبادرة لإنهاء «حرب الألف يوم»

رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (صور الأمم المتحدة)
رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (صور الأمم المتحدة)

وسط تحذيرات الأمم المتحدة من «معاناة هائلة لا تُوصَف»، قدَّم رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس، أمام أعضاء مجلس الأمن، مبادرة سلام شاملة لإنهاء الحرب المتواصلة منذ ألف يوم في بلاده، بينما حضّت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب كلاً من الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب «حميدتي»، على قبول دعوتها إلى هدنة إنسانية فورية.

ولم يتضح على الفور ما إذا كان البرهان و«حميدتي» يمكن أن يقبلا مثل هذه الاقتراحات، علماً بأن «الدعم السريع» وافق، في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على هدنة إنسانية.

وكان إدريس يتحدث في جلسةٍ عقدها مجلس الأمن في نيويورك، مساء الاثنين، إذ قال إن «السودان يواجه أزمة وجودية بسبب الحرب». وتحدَّث عن المبادرة التي «لا تنبع من وهم، بل من ضرورة، ولا تنبع من نصر، بل من مسؤولية»، وهي تدعو إلى وقف نار، بإشراف الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، وانسحاب «قوات الدعم السريع» من كل المناطق التي تسيطر عليها، ونقلها إلى معسكرات، ونزع سلاحها.

ليس مفروضاً

مجلس الأمن في نيويورك (صور الأمم المتحدة)

وفي إشارةٍ غير مباشرة إلى الهدنة التي يدعمها «التحالف الرباعي»، المؤلَّف من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، أكد إدريس أن مقترح الحكومة «مُعَدّ محلياً، وليس مفروضاً علينا» من الخارج. وقال إنه ما لم يجرِ حصر قوات «الدعم السريع» في معسكرات، فإن الهدنة «لا فرصة لها للنجاح»، داعياً أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر إلى دعم مقترحه. وقال إنه «يمكن لهذه المبادرة أن تُشكل لحظة يتراجع فيها السودان عن حافة الهاوية، ويقف فيها المجتمع الدولي - أنتم! أنتم! - في الجانب الصحيح من التاريخ». وأضاف أن المجلس يجب أن «يُذكر لا كشاهد على الانهيار، بل كشريك في التعافي».

في المقابل، قال نائب المندوب الأميركي جيفري بارتوس، لأعضاء المجلس، قبل إدريس، إن إدارة ترمب عرَضَت هدنة إنسانية كسبيل للمُضي قدماً، مضيفاً: «نحض الطرفين المتحاربين على قبول هذه الخطة فوراً دون شروط مسبقة». وأضاف أن إدارة ترمب تُدين بشدةٍ العنف المروّع في دارفور ومنطقة كردفان، والفظائع التي ارتكبها كل من القوات المسلّحة السودانية و«قوات الدعم السريع»، والتي يجب المحاسبة عليها.

كان ذلك بمثابة تذكير بتصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الجمعة الماضي، عندما قال إن العام الجديد يمثل فرصة لهدنة إنسانية في السودان. وأكد أن «99 في المائة من تركيزنا ينصبّ على هذه الهدنة الإنسانية والتوصل إليها في أسرع وقت ممكن»، مضيفاً: «نعتقد أن العام الجديد والأعياد المقبلة تمثل فرصة عظيمة لكلا الجانبين للاتفاق على ذلك، ونحن نبذل قصارى جهدنا في هذا الصدد». وشدد على أن «ما يحدث هناك مروّع، إنه فظيع».

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال مؤتمر صحافي في واشنطن (أ.ف.ب)

وعن إمدادات الأسلحة، أمل روبيو أن «نتمكن من إحراز بعض التقدم في هذا الشأن، لكننا نعلم أنه من أجل إحراز تقدم، سيتطلب الأمر من الجهات الفاعلة الخارجية استخدام نفوذها».

إمدادات الأسلحة

وعبَّر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية خالد خياري عن القلق المتزايد إزاء الحرب في السودان، والتي تُغذيها الإمدادات المستمرة من الأسلحة المتطورة. وانتقد دولاً - لم يُسمِّها - ترفض وقف إمداد الأسلحة. كما انتقد القوات الحكومية وشِبه العسكرية؛ لعدم رغبتها في التوصل إلى حلول وسط أو خفض التصعيد.

وقال إنه «بينما تمكنت هذه الدول من وقف القتال للحفاظ على عائدات النفط، فإنها فشلت حتى الآن في فعل الشيء نفسه لحماية سكانها»، مضيفاً أنه «يجب على داعمي كلا الجانبين استخدام نفوذهم للمساعدة في وقف المذبحة، لا التسبب في مزيد من الدمار».

وحذَّر من أن التطورات الأخيرة تعكس «الطبيعة المتزايدة التعقيد للصراع وأبعاده الإقليمية المتوسعة»، وأنه «إذا لم يجرِ التصدي لهذه التطورات، فقد ينخرط جيران السودان في صراع إقليمي داخل السودان وحوله». ونبّه خياري كذلك إلى أنه من السمات المُقلقة بشكل خاص للصراع الاستخدام المتزايد للمُسيرات في شن غارات عشوائية من الطرفين، مما يتسبب في سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين. وأشار إلى أن استمرار تدفق الأسلحة، التي أصبحت أكثر تطوراً وفتكاً، لا يزال محركاً رئيسياً للصراع، مضيفاً أن «الدعوات لوقف هذه التدفقات قُوبلت بالتجاهل، ولم تجرِ محاسبة أحد».

وشدد على أن منع مزيد من تدهور الوضع والحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه، يتطلبان «تحركاً سريعاً ومنسقاً».

وأفاد بأن المبعوث الشخصي للأمين العام للسودان رمضان لعمامرة يتواصل مع طرفي النزاع لتشجيعهما على الانخراط في مناقشات حول تدابير ملموسة وقابلة للتنفيذ لتهدئة العنف وتعزيز حماية المدنيين في السودان. ولفت الى أن التركيز ينصبّ حالياً على دعم حوار سوداني شامل بقيادة الاتحاد الأفريقي، مِن شأنه أن يمهد الطريق لانتقال سياسي موثوق وشامل بقيادة مدنية.

وقالت مديرة قسم العمليات والمناصرة بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إديم وسورنو إن «وحشية هذا الصراع لا تعرف حدوداً»، مشيرة إلى بروز ولاية كردفان بوصفها مركزاً جديداً للعنف والمعاناة. وأشارت إلى أن الأمم المتحدة لا تزال تتلقى تقارير جديدة عن انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني ارتُكبت أثناء وبعد سيطرة «قوات الدعم السريع» على الفاشر، بما في ذلك عمليات قتل جماعي وعنف جنسي.

موقف الإمارات

وقال المندوب الإماراتي الدائم محمد أبو شهاب إن هناك فرصة فورية لتنفيذ الهدنة الإنسانية وإيصال المساعدات إلى المدنيين السودانيين الذين هم في أمسّ الحاجة إليها. وأكد أن «دروس التاريخ والواقع الحالي توضح أن الجهود الأحادية من جانب أي من الطرفين المتحاربين غير مستدامة ولن تؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب». وأضاف أن الهدنة الإنسانية يجب أن يتبعها وقف دائم لإطلاق النار، «ومسار نحو حكم مدني مستقل عن الأطراف المتحاربة».


ليبيا: «مفوضية الانتخابات» تعتمد نتائج «مجالس بلدية»

مركز العد والإحصاء بمفوضية الانتخابات (مكتب المفوضية)
مركز العد والإحصاء بمفوضية الانتخابات (مكتب المفوضية)
TT

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» تعتمد نتائج «مجالس بلدية»

مركز العد والإحصاء بمفوضية الانتخابات (مكتب المفوضية)
مركز العد والإحصاء بمفوضية الانتخابات (مكتب المفوضية)

أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا اعتماد نتائج المرحلة الثالثة من انتخابات المجالس البلدية، التي شملت 9 بلديات، كما ألغت نتائج بعضها بعد ثبوت «خروقات ومخالفات».

وقالت المفوضية في بيانين منفصلين، الثلاثاء، إنها اعتمدت نتائج 9 بلديات يقع معظمها في شرق البلاد (طبرق، وقصر الجدي، وبنغازي، وتوكرة، وقمينس، وسلوق، والأبيار)، بينما تقع «سرت» في الوسط، و«سبها» في الجنوب الغربي، وهي مناطق تخضع فعلياً لسيطرة «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، وحكومة أسامة حماد.

وأوضحت المفوضية أن هذا القرار جاء بعد استكمال مركز العد والإحصاء إدخال استمارات النتائج كافة، الواردة من مكاتب الإدارة الانتخابية، وفق أعلى معايير الشفافية والدقة، وبعد فصل المحاكم الجزئية في الأحكام المتعلقة بالطعون الانتخابية.

كما قررت المفوضية إلغاء النتائج في 4 مراكز اقتراع ببلدية سرت، ومركز اقتراع واحد ببلدية الأبيار، استناداً إلى المادة (34) من اللائحة التنفيذية، بعد ثبوت خروقات ومخالفات في تلك المحطات؛ مؤكدة أن هذا الإجراء يستهدف حماية إرادة الناخبين، وضمان الشفافية وتكافؤ الفرص، مع بقاء نتائج المحطات الأخرى سارية.

في شأن مختلف، أعلنت وزارة العدل بحكومة «الوحدة» المؤقتة أنها بصدد دراسة إغلاق ودمج بعض السجون، في إطار حرصها على متابعة ملف حقوق الإنسان، وترسيخ مبدأ سيادة القانون، ووفقاً لما نصَّ عليه القانون الخاص بمؤسسات الإصلاح والتأهيل.

وأكدت الوزارة في بيان مقتضب، مساء الاثنين، أن هذه الخطوة تأتي ضمن مراجعة أوضاع السجون، وتحسين آليات العمل، بها بما ينسجم مع التشريعات النافذة.

من حملة الانتخابات البلدية (المفوضية)

وعدَّت «المؤسسة الليبية لحقوق الإنسان»، في بيان الثلاثاء، أن هذا البيان «لا يعدو كونه شكلياً». وقالت: «إن المؤسسات الحقوقية تُمنع من إجراء زيارات دورية تفقدية إلى السجون».

وتواجه أوضاع السجون في ليبيا تحديات كبيرة، مثل الاكتظاظ، والانتهاكات الموثقة دولياً، مع سيطرة لوزارة العدل على مرافق عدة تتجاوز 20 سجناً رسمياً وشبه رسمي، إضافة إلى مراكز احتجاز غير رسمية. وتعكس هذه الخطوة استجابة حكومة «الوحدة» للضغوط الدولية، وتتقاطع مع ما ورد في إحاطة المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، أمام مجلس الأمن الدولي مؤخراً، التي شدَّدت فيها على أن إصلاح قطاع العدالة ومعالجة الاحتجاز التعسفي يمثلان ركيزتين أساسيَّتين لبناء الثقة والاستقرار.

في غضون ذلك، أعلنت «قوة حماية طرابلس»، أحد التشكيلات المسلحة البارزة في العاصمة، دعمها الكامل لـ«الحراك الشعبي»، الذي انطلق من مدينة مصراتة، ووصفته بـ«الانتفاضة ضد السنين العجاف من الفساد المستشري والمحسوبية والظلم». وحذَّرت «القوة» من أي محاولات لقمع الانتفاضة، مؤكدة أنها ستكون «السد المنيع» لحماية إرادة الشعب.

وتعدّ «قوة حماية طرابلس» تحالفاً مسلحاً تَشكَّل نهاية عام 2018، ورغم غيابها النسبي عن المشهد مؤخراً، فإنها تسعى عبر هذا البيان لإعادة التموضع، وتنشيط دورها في التوازنات الأمنية بالعاصمة.

صورة وزَّعها مجلس النواب لاجتماع لجنته التشريعية لبحث زيادة رواتب «الجيش الوطني» بشرق ليبيا

وفي شأن يتعلق بالمؤسسة العسكرية، ناقشت اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، في اجتماع بمدينة بنغازي، مشروع قانون زيادة رواتب منتسبي «الجيش الوطني» لدعم المؤسسة العسكرية وتحسين أوضاع أفرادها.

وطبقاً لوسائل إعلام محلية، أحال رئيس المجلس، عقيلة صالح، مشروع قانون تعديل مرتبات وعلاوات منتسبي الجيش إلى اللجان المالية والتشريعية والتخطيط؛ لإدراجه بجدول الأعمال في أقرب جلسة نظراً لأهميته.


استقالة الأمين العام لـ«اتحاد الشغل التونسي» قبل إضراب مرتقب

نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (إ.ب.أ)
نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (إ.ب.أ)
TT

استقالة الأمين العام لـ«اتحاد الشغل التونسي» قبل إضراب مرتقب

نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (إ.ب.أ)
نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (إ.ب.أ)

قالت مصادر نقابية تونسية إن نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، ​الذي يحظى بنفوذ كبير في البلاد، قدَّم استقالته، اليوم (الثلاثاء)، وذلك قبل شهر من الإضراب المرتقب على مستوى البلاد؛ بسبب حملة الرئيس قيس سعيد المتصاعدة ضد المعارضة، بحسب ما أورده تقرير لوكالة «رويترز» للأنباء.

وقال الأمين العام المساعد والناطق الرسمي باسم الاتحاد، سامي الطاهري، في تصريح صحافي، إنّ الطبوبي أودع صباح اليوم (الثلاثاء) استقالته بمكتب الضبط، وقد تسلّمها الأمين العام المساعد المكلّف النظام الداخلي، دون أن يقدِّم تفاصيل بشأن دوافع هذه الخطوة.

وبيَّن الطاهري أنّ الاستقالة لا تُفعَّل بشكل فوري، لأن القانون الداخلي للاتحاد ينصُّ على دعوة المعني بالأمر خلال 15 يوماً للاستفسار عن أسباب استقالته، ومحاولة ثنيه عنها، ثم تصبح نافذةً في حال تمسّكه بها.

وأشار إلى أنّ لقاءات عدة ستعقد خلال الأيام القليلة المقبلة داخل الهياكل النقابية لتدارس الخطوات، التي سيتم اتخاذها تباعاً، في ظلّ التطورات الأخيرة.

وكان الصحافي المختص في الشؤون النقابية، سفيان الأسود، قد أكّد أنّ «استقالة الطبوبي أصبحت رسمية باعتبار أنّه قدّمها لمكتب الضبط المركزي، وهي في انتظار أن تأخذ المجرى القانوني، وتفعيلها بالقبول أو بالرفض»، وفق تعبيره.

وأوضح الأسود، في تدوينة نشرها على حسابه الرسمي بموقع «فيسبوك»، أن استقالة الطبوبي تطور لافت في مسار الأزمة التي يعيشها الاتحاد منذ انعقاد المجلس الوطني الأخير بالمنستير. وختم الأسود تدوينته بالتنبيه إلى أن هذه الخطوة مرشحة لتعقيد الوضع أكثر داخل المنظمة، وقد تسهم في تعميق الخلافات والانقسامات داخل هياكلها القيادية.

يشار إلى أنّ الطبوبي كان قد هدَّد بتقديم استقالته منذ مدّة، وأيضاً بعد الاجتماع الأخير للهيئة الإدارية الوطنية. وقد يؤدي رحيل الطبوبي إلى إضعاف الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي ‌يُنظر إليه ‌على نطاق واسع ‌على ⁠أنه ​آخر معقل ‌قوي للمجتمع المدني الديمقراطي في تونس. ولم يصدر «الاتحاد» أي تعليق فوري بعد على ما تردد عن رحيل الطبوبي.

وكان الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يضم مليون عضو ولعب دوراً رئيسياً ⁠في الانتقال الديمقراطي في تونس بعد عام ‌2011، ينتقد ما يعدّه تحولاً متسارعاً للرئيس قيس سعيد نحو الحكم المتفرد. وقد دعا قبل أيام إلى إضراب في أنحاء البلاد في 21 يناير (كانون الثاني) المقبل، احتجاجاً على حملة الرئيس المتصاعدة ضد منتقديه، والمطالبة بالتفاوض على الأجور. ويقول منتقدو ⁠الرئيس سعيد إن الاعتقالات، التي طالت قادة المعارضة وجماعات المجتمع المدني والصحافيين تؤكد التحول الذي اتخذه الرئيس منذ توليه سلطات استثنائية في 2021 ليحكم بمرسوم. في حين يقول الرئيس سعيد إنه تولى صلاحيات أوسع للقضاء على الفساد المستشري وسوء الإدارة. لكن المعارضة تصف قراراته بأنها «انقلاب». وأدى التضخم المرتفع، ونقص بعض السلع الأساسية، وسوء الخدمات العامة إلى تأجيج الاستياء، ‌واندلاع موجة من الاحتجاجات في الشوارع.