عودة التوتر إلى طرابلس بسبب «خروقات» دوريات تابعة لـ«الوحدة»

«الرئاسي» الليبي لهيكلة الجيش... وانتشار غير معتاد لقوات «اللواء 444 قتال»

جانب من اجتماع المنفي والحداد (المجلس الرئاسي)
جانب من اجتماع المنفي والحداد (المجلس الرئاسي)
TT

عودة التوتر إلى طرابلس بسبب «خروقات» دوريات تابعة لـ«الوحدة»

جانب من اجتماع المنفي والحداد (المجلس الرئاسي)
جانب من اجتماع المنفي والحداد (المجلس الرئاسي)

عاد التوتر إلى العاصمة الليبية، بعد انتشار دوريات تابعة لحكومة الوحدة «المؤقتة»، قرب جامعة طرابلس، في وقت جدد فيه المجلس الرئاسي الليبي التأكيد على هيكلة الجيش.

وشهدت طرابلس توتراً أمنياً مفاجئاً على خلفية انتشار دوريات عسكرية من «اللواء 444 قتال»، التابع لحكومة الوحدة، بقيادة محمود حمزة عند البوابة الخلفية لجامعة طرابلس، ما أدى إلى شل حركة السير بمداخل ومخارج الجامعة، وسط حالة من التوتر داخل أسوارها.

ونقلت وسائل إعلام محلية، الأربعاء، أن التواجد المكثف للدوريات العسكرية تسبب في ازدحام مروري ملحوظ، بسبب الإغلاق الجزئي للطرق المؤدية إلى الجامعة، وسط توتر وقلق داخل الحرم الجامعي، نتيجة الأوضاع الأمنية المفاجئة.

انتشار ميليشيات عسكرية قرب جامعة طرابلس (متداولة)

وجاء هذا التطور في سياق حملات أمنية مكثفة لمكافحة الجريمة، لكنه يثير مخاوف من تصعيد خلافات نفوذ داخل العاصمة.

وكان «اللواء 444 قتال» قد أعلن مساء الثلاثاء نجاح عناصره في ضبط 15 متهماً من كبار تجار ومروجي المخدرات، مشيراً إلى إحالتهم والمضبوطات فوراً إلى النيابة العامة، وأكد استمرار الحملات الأمنية «بلا توقف حتى تطهير كل أحياء طرابلس من بؤر الجريمة، وتجار الموت».

في غضون ذلك، قال رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، إنه بحث باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي، الأربعاء في طرابلس، مع رئيس أركان قوات حكومة الوحدة، محمد الحداد، آخر التطورات فيما يتعلق بملف هيكلة المؤسسة العسكرية، وأهمية التنسيق المستمر بين الطرفين لتنفيذ الأوامر، والتوجيهات الصادرة وفق أعلى المعايير المهنية.

بدوره، دافع وزير الداخلية المكلّف بحكومة الوحدة، عماد الطرابلسي، عن الخطة الأمنية التي تم إطلاقها داخل العاصمة طرابلس، لافتاً إلى أنها «أسفرت عن ضبط عدد من القضايا». وقال إنه يسعى لتركيب منظومة كاميرات رقمية حديثة، وتطوير منظومة العمل الأمني، بالتنسيق مع الحكومة، والجهات المختصة.

وتعهد الطرابلسي بإعلان نتائج التحقيقات المستمرة في قضية مقتل صانعة المحتوى، خنساء المجاهد، زوجة قائد ميليشياوى في الزاوية غرب طرابلس، بعدما اغتيلت أخيراً في جنزور جنوب العاصمة، ومحاسبة من ارتكب هذه الجريمة.

صورة للفيديو المتداول لنجل الضاوي

إلى ذلك، أشعل مقطع فيديو جديد موجة غضب واسعة في ليبيا، يظهر فيه نجل أحد قادة الميليشيات المسلحة وهو يطلق النار من مدفع رشاش ثقيل مثبت على سيارة ليلاً، في منطقة ورشفانة جنوب غربي العاصمة طرابلس.

وفى الفيديو القصير، الذي لا تتجاوز مدته 10 ثوانٍ، ظهر طفل لا يتجاوز العاشرة من عمره، يدعى محسن، نجل معمر الضاوي آمر الكتيبة 55 مشاة، وهو يجلس خلف المدفع ويضغط الزناد، مطلقاً عشرات الرصاصات في الهواء ليلاً، وسط ضحك وتصفيق مسلحين يحيطون به.

وعاد المقطع، الذي يرجح تصويره قبل نحو عامين، للتداول الأربعاء بكثافة عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، على أنه مؤشر على هشاشة الوضع الأمني، ودور قادة الميليشيات في تعزيز ثقافة العنف، والانفلات الأمني في بلد يعاني منذ 2011 من انقسامات مسلحة مدمرة.

وليست هذه المرة الأولى التي يثير فيها الطفل نفسه الجدل، حيث سبق أن ظهر وهو يصل إلى مدرسته الابتدائية برتل عسكري مصفح، وحراس يفتحون له الباب. كما شارك في مايو (أيار) الماضي في اجتماعات رسمية لإعمار ورشفانة رغم صغر سنه، وحضر في أبريل (نيسان) الماضي حفل زفاف لعائلة الدبيبة بموكب مسلح ضخم.

وبدأ معمر الضاوي، أحد أبرز قادة الميليشيات في غرب ليبيا، بوصف أنه ثائر في عام 2011، الذي شهد الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي قبل صعود نجمه مع حكومة «الوحدة»، خلال التصدي لهجوم الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، لتحرير العاصمة طرابلس من قبضة الميليشيات المسلحة، ليصبح لاحقاً بمثابة الحامي الغربي للمدينة. ويسيطر الضاوي على طرق ونقاط تفتيش، وعقود إعادة إعمار، ومشاريع خدمية في ورشفانة، والزهراء، لكنه متهم بـكونه «دولة داخل الدولة»، علماً بأنه نجا من عدة محاولات لاغتياله، كان آخرها في شهر أغسطس (آب) الماضي في منطقة قرقوزة، أسفرت عن 12 قتيلاً.


مقالات ذات صلة

تيتيه: زعماء ليبيا يتقاعسون عن تنفيذ «خريطة الطريق»

شمال افريقيا جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)

تيتيه: زعماء ليبيا يتقاعسون عن تنفيذ «خريطة الطريق»

اتَّهمت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل) الممثلة الخاصة للأمين العام أنطونيو غوتيريش، هانا تيتيه، أصحابَ المصلحة السياسيين الرئيسيين.

علي بردى (واشنطن)
شمال افريقيا الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)

«الوحدة» الليبية تتابع ملف الهيشري الموقوف لدى «الجنائية الدولية»

قالت سفارة ليبيا في هولندا إن «القسم القنصلي سينظم زيارات دورية للمحتجز الهيشري، ضمن اختصاصاته ومسؤولياته القنصلية تجاه المواطنين الليبيين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)

تيتيه تتهم الزعماء الليبيين بـ«التقاعس» عن تنفيذ «خريطة الطريق»

اتهمت هانا تيتيه، أصحاب المصلحة السياسيين الرئيسيين في ليبيا بـ«التقاعس» عن تنفيذ موجبات العملية السياسية المحددة من المنظمة الدولية.

علي بردى (واشنطن)
شمال افريقيا صالح خلال اجتماعه بمسؤولين فرنسيين في باريس (السفارة الفرنسية لدى ليبيا)

ليبيا: هل يدفع فشل اجتماع صالح وتكالة تيتيه إلى تبنّي «خيارات بديلة»؟

تزامن فشل «اجتماع باريس» بين صالح وتكالة واللافي للمرة الأولى مع إحاطة هانا تيتيه، المبعوثة الأممية، أمام مجلس الأمن الدولي بشأن الأزمة السياسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا من حفل توقيع اتفاق بين «الجيش الوطني» الليبي والجيش الباكستاني (القيادة العامة)

تعاون حفتر والجيش الباكستاني يثير قلقاً داخل ليبيا

أثمرت زيارة قائد الجيش الباكستاني، الفريق أول عاصم منير، إلى بنغازي توقيع اتفاقية تعاون مشترك مع الجيش الوطني بقيادة المشير حفتر، الأمر الذي أثار قلقاً ليبياً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

دفاع رئيس الحكومة التونسية الأسبق يطالب بمحاكمة حضورية

رئيس الحكومة التونسية الأسبق علي العريض (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية الأسبق علي العريض (إ.ب.أ)
TT

دفاع رئيس الحكومة التونسية الأسبق يطالب بمحاكمة حضورية

رئيس الحكومة التونسية الأسبق علي العريض (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية الأسبق علي العريض (إ.ب.أ)

طالبت هيئة الدفاع عن رئيس الحكومة التونسية الأسبق، علي العريض، الموقوف منذ 3 سنوات بمحاكمة حضورية له في جلسة الاستئناف المقررة في 29 من الشهر الحالي، بحسب ما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية». ويلاحق العريض، القيادي البارز في «حركة النهضة الإسلامية»، في قضايا ترتبط بشبكات «التسفير» المتورطة في تسفير تونسيين للقتال في الخارج، لا سيما في سوريا عقب اندلاع الاحتجاجات ضد نظام الرئيس السابق بشار الأسد. كما يواجه العريض اتهامات بالتساهل في مواجهة صعود الحركات السلفية العنيفة بعد ثورة 2011، التي أطاحت بحكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي. وهذه أحدث محاكمة ضمن سلسلة محاكمات عن بعد لسياسيين من المعارضة، ورجال أعمال ونشطاء ملاحقين في قضية التآمر على أمن الدولة. وتتهم المعارضة السلطة، التي يقودها الرئيس قيس سعيد بصلاحيات واسعة، منذ إعلانه التدابير الاستثنائية في 2021 وإرسائه لاحقاً نظام حكم جديداً، بتلفيق تهم سياسية إلى قيادييها. وأودع العريض السجن في 19 ديسمبر (كانون الأول) عام 2022، وصدر ضده حكم بالسجن مدة 34 عاماً، لكن الهيئة قدمت طعناً، ودفعت ببراءته من التهم الموجهة له، كما اتهمت المحققين بضم معطيات مزورة وغير صحيحة. وطالبت الهيئة في بيان بإجراء المحاكمة حضورياً وليس عن بُعد، كما حدث في المحاكمة الأولى. كما دعت السلطات القضائية إلى عرض إحصاءات دقيقة عن سجل المغادرين إلى مناطق النزاعات، وسماع شهادات المسؤولين الأمنيين والعسكريين، وضمان المعايير الدستورية للمحاكمة العادلة.

وقالت هيئة الدفاع إنها «تُسجّل مرور 3 سنوات على اعتقال علي العريض في ملفّ لا يستند إلى أدلّة مادية، ودون الاستجابة لمطالب الدفاع الأساسية، بما يُشكّل انتهاكاً جسيماً لمبادئ المحاكمة العادلة، وحقوق الدفاع المكفولة دستورياً»، مجدّدة «التأكيد على براءته»، وأعلنت عن عزمها «استنفاد جميع السبل القانونية المتاحة للطعن في الحكم الصادر ضدّه».

وذكّرت هيئة الدفاع بمناسبة مرور 3 سنوات على إيقاف رئيس الحكومة الأسبق، بأنّ «المحكمة أصدرت حكماً بالسجن مدّة 34 سنة ضدّه، دون الاستجابة لأيّ من طلبات الدفاع الجوهرية، في ملفّ افتقد منذ انطلاقه لأبسط ضمانات المحاكمة العادلة»، وفقها.

وشغل علي العريض (70 عاماً) منصب وزير الداخلية بين عامي 2011 و2013، إبان فوز حزبه بأول انتخابات ديمقراطية تعددية، ثم تولى منصب رئيس الحكومة حتى 29 يناير (كانون الثاني) 2014. ولمنع انزلاق البلاد إلى الفوضى عقب اغتيال السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي في 2013، تنحت حكومة علي العريض عن الحكم، عقب حوار وطني، وتولت حكومة تكنوقراط السلطة، بدلاً منها حتى انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2014 التي أفرزت حكومة سياسية جديدة.


البرلمان الجزائري يرفع وتيرة التشريع ضد فرنسا والمعارضين

رئيس البرلمان في اجتماع مع أصحاب مقترحَي تجريم الاستعمار وتعديل قانون الجنسية (البرلمان)
رئيس البرلمان في اجتماع مع أصحاب مقترحَي تجريم الاستعمار وتعديل قانون الجنسية (البرلمان)
TT

البرلمان الجزائري يرفع وتيرة التشريع ضد فرنسا والمعارضين

رئيس البرلمان في اجتماع مع أصحاب مقترحَي تجريم الاستعمار وتعديل قانون الجنسية (البرلمان)
رئيس البرلمان في اجتماع مع أصحاب مقترحَي تجريم الاستعمار وتعديل قانون الجنسية (البرلمان)

في خطوة مثيرة للجدل، عرض البرلمان الجزائري، السبت، نصَّين مهمّين للنقاش العام؛ الأول يخصّ مقترح قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي (1830–1962)، والثاني يتعلق بتعديل قانون الجنسية، علماً أنه لم يسبق لهيئة التشريع أن تعاملت مع مبادرتين برلمانيتين بهذه السرعة، ما يُفهم منه أن «إيعازاً» من أعلى سلطات البلاد وراء هذا المسعى.

تجريم الاستعمار

لم يستغرق الإعلان عن الصياغة النهائية للمقترحين، وتحديد تاريخ تداولهما تشريعياً سوى بضعة أيام فقط، ولاحظ غالبية أعضاء الكتل البرلمانية أن وتيرة إعدادهما واعتمادهما غير معتادة مقارنة بالإجراءات التشريعية العادية، وهو ما يوحي بـ«وجود استعجال سياسي لطرح المقترحين في هذا التوقيت بالذات»، حسب نائب من حزب يتبع إلى «الموالاة»، طلب عدم نشر اسمه. في حين رجح برلماني آخر من كتلة المستقلين احتمال أن يكون هناك توجيه، أو دعم من مستويات عليا في السلطة لتسريع المسار التشريعي.

البرلماني صاحب مقترح تعديل قانون الجنسية (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

وبدأ أعضاء «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية السفلى) بتداول نص تجريم الاستعمار؛ إذ أكد أصحاب المبادرة أنه يقوم على «مبدأ عدم الإفلات من العقاب وحق الشعوب في العدالة التاريخية»؛ إذ يصنف الاستعمار الفرنسي في الجزائر «جريمة دولة منتهكة للقيم الإنسانية، وممارساته تعد جرائم غير قابلة للتقادم».

ويتضمن التوصيف القانوني للجرائم الإبادة والمجازر الجماعية، كالقتل العمد والإعدامات خارج القانون، والتعذيب المنظم، والجرائم بحق الإنسان والبيئة، المترتبة على التفجيرات النووية في الصحراء خلال الستينات، وكذا التجارب الكيماوية والألغام المزروعة على طول الحدود الشرقية والغربية لمنع وصول الأسلحة إلى «المجاهدين».

كما يشمل التوصيف النهب والاستنزاف، كالسطو على الخزينة الوطنية ونهب الثروات، واحتجاز الأرشيف ورفات رموز المقاومة، و«طمس الهوية»، ومنها محاولات التنصير القسري، وتدنيس دور العبادة، والتمييز العنصري.

وعلى أساس هذا التشخيص، يُلزم القانون الدولة الفرنسية بتحمل المسؤولية القانونية الكاملة، ويفرض على الطرف الجزائري السعي لانتزاع اعتراف واعتذار رسميين من باريس، مع المطالبة بتعويضات شاملة ومنصفة عن الأضرار المادية والمعنوية، بما في ذلك تنظيف مواقع التجارب النووية وتسليم خرائطها. كما يذهب القانون إلى أبعد من ذلك بتجريم كل أشكال تمجيد الاستعمار أو تبريره داخل الجزائر، وفرض عقوبات سالبة للحرية، وغرامات مالية على كل من ينكر طبيعته الإجرامية، أو يمس برموز الثورة الوطنية، مع اعتبار التعاون مع الاحتلال (الحركي) «خيانة عظمى».

جانب من مظاهرة في باريس نظمها دعاة الانفصال (ناشطون)

ويأتي هذا التحرك البرلماني في ظرف يتسم باستمرار التصعيد في العلاقات مع فرنسا، حاملاً دلالة قوية من السلطات الجزائرية: لا مصالحة بلا إقرار تاريخي. وإذ يُميز القانون بوضوح بين إدانة المنظومة الاستعمارية وبين الشعب الفرنسي، فإنه ينقل «ملف الذاكرة» من الحيز السياسي العابر إلى الإطار التشريعي المُلزم، محولاً استرداد الحقوق المنهوبة إلى «ثوابت وطنية عصيّة على المساومة».

«دبلوماسية المشاعر الطيبة»

جاء أول رد فعل من فرنسا حيال «مسعى تجريم الاستعمار» من رئيس حزب «الجمهوريون» اليميني، وزير الداخلية السابق برونو ريتايو، الذي علّق على حسابه بمنصة «إكس» قائلاً: «عندما تتخلى فرنسا عن سياسة الحزم مع الجزائر، فإن ذلك يؤتي ثماره».

الكاتب بوعلام صنصال (حسابات ناشطين متعاطفين معه)

بعد سجن الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وحادثة الطعن في مدينة مولوز (شرق فرنسا) في فبراير (شباط) 2025، التي ارتكبها مواطن جزائري خاضع لأمر بمغادرة التراب الفرنسي، والذي رفضت الجزائر إعادته إلى أراضيها عشر مرات، كان وزير الداخلية ريتايو، المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة 2027، قد دخل في مواجهة مباشرة مع الحكومة الجزائرية؛ إذ اقترح «رداً متدرجاً»، قد يصل إلى «إعادة النظر في اتفاقيات الهجرة لسنة 1968 إذا واصلت الجزائر (إذلال فرنسا)».

وندد ريتايو، الذي تصدر الأزمة مع الجزائر لشهور، بـ«دبلوماسية المشاعر الطيبة للرئيس إيمانويل ماكرون تجاه المستعمرة سابقاً»، وكان قد لمّح من قبل إلى استعداده للاستقالة إذا طلبت منه الحكومة التنازل في التوترات مع الجزائر، التي نشأت عقب اعتراف باريس بسيادة المغرب على الصحراء.

وبعد تنحيته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن تشكيل حكومي جديد، استعادت العلاقات الثنائية توازنها نسبياً، لكن سرعان ما عاد التصعيد بعد إدانة صحافي رياضي فرنسي بالسجن 7 سنوات مع التنفيذ، بتهمة «الإرهاب» في الثالث من الشهر الحالي.

وفي نفس الجلسة البرلمانية، تم عرض مقترح للنائب هشام صفر، عن حزب «التجمع الوطني الديمقراطي»، يخص إدخال تعديل على قانون الجنسية، ويهدف إلى تمكين الدولة من تجريد بعض المواطنين من جنسيتهم، خصوصاً معارضين وناشطين في الخارج، إذا ثبت تورطهم في أفعال تُعدّ مساساً بالمصالح العليا للدولة، أو بالوحدة الوطنية.

وينصّ التعديل المقترح على سحب الجنسية الأصلية أو المكتسبة، في حال ارتكاب أفعال داخل الوطن أو خارجه، مثل التعاون مع دول أو جهات أجنبية معادية، أو تلقّي تمويل أو امتيازات للإضرار بالجزائر، أو العمل لصالح أجهزة عسكرية أو أمنية أجنبية، أو الانخراط في تنظيمات إرهابية أو تخريبية أو دعمها. كما يشمل التجريد من الجنسية المكتسبة في حال صدور حكم قضائي نهائي بسبب جرائم تمسّ أمن الدولة أو وحدتها، ضمن آجال زمنية محددة.

وزير الداخلية الفرنسي السابق برونو روتايو تصدر الأزمة منذ بدايتها (رويترز)

وتم إطلاق هذه الخطوة كتوجّه رسمي لمواجهة النزعات الانفصالية، وبعض المعارضين في الخارج المصنفين «عملاء للعدو»، خصوصاً بعد أن بادر تنظيم «حركة استقلال القبائل»، المصنف جزائرياً «جماعة إرهابية»، إلى إعلان ما سماه «دولة القبائل»، في باريس الأسبوع الماضي.

وتعليقاً على مقترح تعديل قانون الجنسية، كتب المحامي المعروف، عبد الله هبول، وهو قاضٍ سابق، في حسابه بالإعلام الاجتماعي: «هل يدرك من يقف وراء مقترح قانون إسقاط الجنسية الأصلية عن الجزائريين، بموجب مرسوم رئاسي - أي قرار إداري وسياسي - معنى الشعب والدولة والمواطن، وحقوق الإنسان والدستور؟ وإلى أي مدى تحمل هذه الفكرة خطورة بالغة؟».


مصر والكونغو لتعميق التعاون في مجالات الأمن والطاقة والتنمية

بدر عبد العاطي خلال محادثات مع وزير خارجية جمهورية الكونغو في القاهرة السبت (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال محادثات مع وزير خارجية جمهورية الكونغو في القاهرة السبت (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكونغو لتعميق التعاون في مجالات الأمن والطاقة والتنمية

بدر عبد العاطي خلال محادثات مع وزير خارجية جمهورية الكونغو في القاهرة السبت (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال محادثات مع وزير خارجية جمهورية الكونغو في القاهرة السبت (الخارجية المصرية)

ضمن مساعٍ مصرية لتعزيز تعاونها الأفريقي، شددت مصر والكونغو على «تعميق التعاون في مجالات الأمن والطاقة والتنمية». كما أكدت القاهرة وبرازافيل «استمرار التنسيق والتشاور إزاء القضايا الإقليمية والدولية».

جاء ذلك خلال محادثات وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع وزير خارجية جمهورية الكونغو، جون كلود جاكوسو، تناولت «سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، إلى جانب التنسيق والتشاور حول القضايا الأفريقية ذات الاهتمام المشترك».

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، أكد عبد العاطي «أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري مع الكونغو وزيادة حجم التبادل التجاري بما يسهم في تحقيق المصالح المشتركة»، مشدداً على «مواصلة تطوير التعاون في مختلف المجالات، ولا سيما في مجال التدريب وبناء القدرات».

وأشار إلى «حرص مصر على دعم التعاون الاقتصادي مع جمهورية الكونغو، خصوصاً في مجالات الاستثمار والتجارة»، لافتاً إلى اهتمام الشركات المصرية ذات الخبرات الكبيرة في قطاعات البنية التحتية والطاقة والنقل والتشييد بالمشاركة في المشروعات التنموية، مجدداً التأكيد على أهمية تهيئة بيئة جاذبة للاستثمار وتذليل العقبات أمام حركة التبادل التجاري.

وتوافقت مصر والكونغو على «تعزيز التعاون الثنائي في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية»، وذلك خلال زيارة عبد العاطي إلى الكونغو ولقاء الرئيس الكونغولي دنيس ساسو نجيسو، في مارس (آذار) الماضي.

الرئيس الكونغولي خلال استقبال وزير الخارجية المصري في الكونغو مارس الماضي (الخارجية المصرية)

وقدّم عبد العاطي حينها رسالة من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى نظيره الكونغولي تناولت «التطورات الإيجابية التي تشهدها علاقات البلدين»، إلى جانب التأكيد على «اتخاذ مزيد من الخطوات لدفع مجالات التعاون الثنائي».

كما توافقت رؤى مصر والكونغو حينها في العديد من ملفات الأوضاع الإقليمية، لا سيما التطورات في مناطق «البحيرات العظمى والساحل والقرن الأفريقي»، وتوافق البلدان أيضاً على ضرورة «الحفاظ على وحدة وسلامة واستقرار السودان والصومال».

وفيما يتعلق بالتعاون الإقليمي ومتعدد الأطراف، أكد وزير الخارجية المصري، السبت، أهمية التنسيق والتشاور المشترك إزاء مختلف القضايا الأفريقية، ولا سيما ما يتعلق بملف الإصلاح المؤسسي لأجهزة الاتحاد الأفريقي، باعتباره ركيزة أساسية لتطوير كفاءة عمل تلك الأجهزة وتمكينها من الاضطلاع بمهامها على النحو الأمثل، مع التأكيد على «ضرورة أن تتم عملية الإصلاح بصورة منهجية وتدريجية وواضحة، وعلى أساس من الشمولية ومشاركة جميع الدول الأعضاء في مسار الإصلاح».

وزير الخارجية المصري يلتقي نظيره الكونغولي في القاهرة السبت لبحث تعزيز التعاون الثنائي (الخارجية المصرية)

وحسب «الخارجية المصرية»، السبت، شهد لقاء الوزير عبد العاطي ونظيره الكونغولي تبادلاً للرؤى حول أبرز القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها الأوضاع في منطقتي الساحل والبحيرات العظمى، حيث أكد الجانبان «التزامهما بمواصلة التنسيق والتشاور إزاء القضايا الإقليمية والدولية، وتعزيز التعاون في مجالات التنمية والأمن، بما يدعم جهود تحقيق الاستقرار في المنطقة».

وكانت القاهرة وبرازافيل قد توافقتا خلال محادثات الرئيس الكونغولي مع وزير الخارجية المصري في مارس الماضي على أهمية «تعزيز التعاون في شتى المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والتنموية»، وأشارت وزارة الخارجية المصرية حينها إلى «تطلع الشركات المصرية لزيادة استثماراتها بالسوق الكونغولية في مجالات البنية التحتية والطاقة والموارد المائية والزراعة والدواء».