لقاء الشيخ وبلير في رام الله هل يحرك «اليوم التالي» في غزة؟

فرق من 21 دولة تجتمع في مركز القيادة الأميركي في إسرائيل لبحث مستقبل القطاع... ودور السلطة المحتمل

الشيخ وفريقه يلتقي بلير وفريقه في رام الله (موقع الشيخ على إكس)
الشيخ وفريقه يلتقي بلير وفريقه في رام الله (موقع الشيخ على إكس)
TT

لقاء الشيخ وبلير في رام الله هل يحرك «اليوم التالي» في غزة؟

الشيخ وفريقه يلتقي بلير وفريقه في رام الله (موقع الشيخ على إكس)
الشيخ وفريقه يلتقي بلير وفريقه في رام الله (موقع الشيخ على إكس)

انخرطت السلطة الفلسطينية بشكل أعمق في المباحثات حول «اليوم التالي» في قطاع غزة، الذي كان محور اللقاء الذي جرى بين نائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، وممثل عن الحكومة الأميركية، في رام الله، مساء الأحد، بعيداً عن مشاورات أخرى تجريها فرق تفكير وتوجيه واستخبارات لـ21 دولة في الموضوع نفسه بالمقر الأميركي في إسرائيل.

وقال مصدر فلسطيني مطلع، لـ«الشرق الأوسط»، إن الشيخ أكد لبلير على ضرورة تسلم السلطة الفلسطينية الحكم في قطاع غزة، باعتبارها جزءاً من الدولة الفلسطينية.

وناقش الشيخ دور السلطة الفلسطينية في اليوم التالي في قطاع غزة، عبر لجنة التكنوقراط والقوات الفلسطينية في القطاع، وأهمية أن تتولى السلطة الإشراف على كل ما يخص القطاع: سياسة وأمن وخدمات وإعادة إعمار، مع الأخذ بعين الاعتبار وجود هيئة انتقالية دولية وقوات دولية كذلك، بشكل «مؤقت».

وكتب الشيخ على منصة «إكس»، الأحد، أنه التقى بلير في مكتبه في رام الله إلى جانب ممثل عن الحكومة الأميركية «حيث جرى نقاش آخر التطورات المتعلقة بمرحلة اليوم التالي عقب صدور قرار مجلس الأمن، إضافة إلى بحث القضايا المرتبطة بقطاع غزة والضفة الغربية، والمتطلبات الأساسية نحو تحقيق حق تقرير المصير والدولة».

وكان مجلس الأمن الدولي اعتمد بالأغلبية مشروع قرار أميركي بشأن إنهاء الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة (يحمل رقم 2803)، ويقضي بإنشاء قوة دولية مؤقتة حتى نهاية 2027.

وهذا ثاني لقاء بين الشيخ وبلير، الذي سيلعب دوراً محتملاً كبيراً في الهيئة الانتقالية الدولية المسؤولة عن قطاع غزة في اليوم التالي.

وكان الشيخ التقى بلير في أكتوبر الماضي بالعاصمة الأردنية عمان، حيث بحثا ترتيبات «اليوم التالي» لحرب غزة وسبل إنجاح جهود ترمب لوقف الحرب وإقامة سلام دائم في المنطقة.

وحضر الاجتماع في رام الله، رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، ومستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي، والناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة. وحضور فرج يشير إلى الدور الأمني المنوط بالسلطة في غزة في اليوم التالي.

حكم انتقالي من التكنوقراط

ووفق الخطة، يخضع قطاع غزة لحكم انتقالي مؤقت من قبل لجنة فلسطينية تكنوقراطية، تكون مسؤولة عن إدارة الخدمات العامة اليومية وشؤون البلديات لسكان غزة، تحت إشراف هيئة انتقالية دولية جديدة تدعى «مجلس السلام»، يترأسها الرئيس الأميركي دونالد ترمب ويشارك فيها رؤساء دول آخرون وتوني بلير.

ويفترض أن تنتشر قوة دولية في قطاع غزة إلى جانب قوة شرطية تابعة للسلطة الفلسطينية.

فلسطينيان يمشيان بين أنقاض المنازل المدمرة في مدينة غزة يوم الاثنين (رويترز)

وبدأت مصر والأردن تدريب قوات فلسطينية، على أن يدرب الاتحاد الأوروبي آخرين خلال الأسابيع القليلة القادمة.

وقال المصدر الفلسطيني إن الأميركيين والآخرين يفهمون أنه في نهاية المطاف لا بد من السلطة الفلسطينية لحكم قطاع غزة. وأضاف: «قبول ومشاركة السلطة في ترتيبات اليوم التالي يسرع ذلك ويسهله».

وهذا الفهم موجود، حسب «يديعوت أحرونوت»، لدى الأميركيين والإسرائيليين والكثير من الدول التي يجتمع ممثلوها بشكل يومي في المقر الأميركي في إسرائيل، من أجل رسم صورة أوضح لمستقبل قطاع غزة.

وكتب المعلق العسكري رون بن يشاي في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الاثنين، إن السلطة الفلسطينية، على الرغم من جميع عيوبها، تبدو حتى الآن المرشح الأكثر ترجيحاً من وجهة نظر إسرائيلية لإنشاء حكومة مدنية في قطاع غزة لا تخضع لتأثير «حماس».

ويرى بن يشاي أن السلطة ستشكل مخرجاً لـ«حماس» كذلك؛ إذ يمكن لهما الاتفاق على صيغة متعلقة بسلاح الحركة.

ويسابق ممثلو 21 دولة، بينهم فرق أبحاث وتخطيط واستخبارات، الزمن في المقر الأميركي من أجل وضع سيناريوهات واضحة لمستقبل قطاع غزة.

غياب النموذج السابق

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، في تقرير للمراسل العسكري يوآف زيتون، إنه في ظل غياب أي نموذج دولي سابق، يجتمع في مقر القيادة الأميركية في «كريات جات» بإسرائيل ممثلون من 21 دولة يومياً للتخطيط لما بعد الحرب في غزة، والهدف الأول: إعداد القوة متعددة الجنسيات التي يُفترض أن تنزع سلاح «حماس».

وحسب التقرير، فإن ستة فرق أبحاث وتخطيط وتوجيه واستخبارات تجتمع كل صباح في الطابق الثالث والأخير في المقر، ويحاولون تحديد مستقبل قطاع غزة.

جنود أميركيون وإسرائيليون يجتمعون في مركز التنسيق المدني العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في جنوب إسرائيل (رويترز)

ويقدر الجيش الإسرائيلي المنخرط في المباحثات أنه في «خلال أسابيع إلى بضعة أشهر» سيأتي قرار الولايات المتحدة بإنشاء القوة متعددة الجنسيات، الذي بدونه لن تُنفّذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار مع «حماس».

وتناقش المجموعات في المقر تجهيز المنطقة استعداداً لنشر القوات، وهم يخططون للأسلحة التي ستمتلكها، وأين ستعمل هذه القوات، وبأي تفويض، وكيفية منع أي احتكاك مع الجيش الإسرائيلي، وأجهزة الاتصال اللاسلكية، وحتى اسم القوة، وكذلك لون زي الجنود، بما في ذلك المهام المتفجرة المتمثلة في تحديد مواقع الأنفاق المتبقية وتدميرها، وجمع الأسلحة بالاتفاق أو بالقوة.

وبالموازاة لذلك، يناقش المسؤولون القانونيون من الأمم المتحدة صلاحيات القوة مع نظرائهم من القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM).

ويقول التقرير إن القوة متعددة الجنسيات ستتمركز في قاعدة داخل غزة، وليس خارجها، وتصر إسرائيل على ذلك.

«حكم فلسطيني محلي بإشراف دولي مؤقت»

وعلى الرغم من أن قوات فلسطينية تتدرب من أجل العمل في قطاع غزة، فإن ممثلي السلطة الفلسطينية ليسوا في المقر، ولا الأتراك ولا القطريون، لكن حضورهم واضح في كل نقاش، حسبما تقول «يديعوت أحرونوت».

وتشارك مجموعة مثيرة للاهتمام في هذا النقاش اليومي، وهي مجموعة الاستخبارات؛ إذ يقدم الإسرائيليون تقارير ومراجعات يومية للضباط الأجانب لشرح آلية عمل «حماس» كمنظمة عسكرية، بما يشمل هيكلها العسكري وطبيعة وشكل الأنفاق، وأنواع أسلحتها وطريقة عملها.

وتأتي النقاشات في ظل غياب نموذج لمثل هذه القوة متعددة الجنسيات في العالم، ولا يريد الإسرائيليون والأميركيون قوة في غزة تشبه القوات في الجولان أو لبنان.

آلية عسكرية تابعة لقوات «اليونيفيل» عليها شعار الأمم المتحدة وأمامها سيارة تتبع الجيش اللبناني خلال دورية مشتركة (اليونيفيل)

وقالت «يديعوت» إن مهمة تأسيس القوة أُسندت إلى الوحدة المسؤولة عن القوات الخاصة في القيادة المركزية الأميركية، وبالتالي يمكن الافتراض أن جنودها لن يكونوا مثل المفتشين المتساهلين في الجولان السوري أو في جنوب لبنان.

وبطبيعة الحال، ينخرط الإسرائيليون بقوة في هذه المناقشات، ويوجد فعلياً 150 جندياً من الجيش يخدمون في الآلية الدولية تحت القيادة الأميركية، بينهم ضباط عمليات وعميد وعقيد. وقال زيتون: «إن الرأي السائد في المؤسسة الأمنية فيما يتعلق بمستقبل غزة هو أنه من الواضح للجميع أن هذا المستقبل سيشمل حكماً فلسطينياً محلياً تحت إشراف ومشاركة ومساعدة دولية مؤقتة، وقد يتعين على هذا أن يتحول إلى دائم».


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية الأميركي يبحث مع نظيره الفرنسي الحاجة المُلحة لوقف إطلاق النار في السودان

الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (د.ب.أ)

وزير الخارجية الأميركي يبحث مع نظيره الفرنسي الحاجة المُلحة لوقف إطلاق النار في السودان

ذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن الوزير ماركو روبيو أجرى، اليوم (الثلاثاء)، اتصالاً هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو بحثا خلاله العديد من القضايا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر تتحدث في أثينا الخميس 18 ديسمبر الحالي (أ.ب)

وزيرة خارجية بريطانيا: يجب فتح كل الطرق والمعابر إلى غزة فوراً

أكدت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر، اليوم الثلاثاء، أنه «يجب فتح جميع الطرق والمعابر إلى غزة فوراً».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

مساعد سابق يقول إن نتنياهو كلّفه بوضع خطة للتهرب من مسؤولية هجوم 7 أكتوبر

صرّح مساعد سابق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه عقب هجوم «حماس» في أكتوبر 2023، الذي أشعل فتيل حرب غزة، كلّفه بإيجاد طريقة للتهرب من مسؤولية هذا الخرق الأمني

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي جانب من شمال قطاع غزة (رويترز)

نائب الرئيس الفلسطيني التقى الصفدي في عمّان لمناقشة أوضاع غزة والضفة

قال حسين الشيخ، نائب الرئيس الفلسطيني، إنه التقى، الثلاثاء، وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، وأجريا محادثات ركزت على جهود تثبيت وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (عمان)
المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال استقباله نظيره التركي هاكان فيدان بالقاهرة أغسطس الماضي (الخارجية التركية)

وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره التركي أهمية الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة

قالت وزارة الخارجية المصرية، اليوم، إن الوزير بدر عبد العاطي أكد في اتصال هاتفي مع نظيره التركي هاكان فيدان، أهمية الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجيش الأردني يتعامل مع جماعات تهرب الأسلحة والمخدرات على الحدود الشمالية

جنود من الجيش الأردني يقومون بدوريات على طول الحدود مع سوريا لمنع تهريب المخدرات (أرشيفية - أ.ف.ب)
جنود من الجيش الأردني يقومون بدوريات على طول الحدود مع سوريا لمنع تهريب المخدرات (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الجيش الأردني يتعامل مع جماعات تهرب الأسلحة والمخدرات على الحدود الشمالية

جنود من الجيش الأردني يقومون بدوريات على طول الحدود مع سوريا لمنع تهريب المخدرات (أرشيفية - أ.ف.ب)
جنود من الجيش الأردني يقومون بدوريات على طول الحدود مع سوريا لمنع تهريب المخدرات (أرشيفية - أ.ف.ب)

قالت وكالة الأنباء الأردنية إن القوات المسلحة تتعامل مع جماعات تعمل على تهريب الأسلحة والمخدرات على الحدود الشمالية للمملكة.

وأضافت الوكالة الرسمية أن الجيش يباشر منذ مساء الثلاثاء إجراءات لمواجهة محاولات التسلل والتهريب، ويجري تقييما عملياتيا واستخباريا لتحييد الجماعات الخارجة عن القانون. وذكرت الوكالة أنه جرى تشديد الإجراءات لمنع تهريب الأسلحة والمواد المخدرة عبر الحدود، دون ذكر مزيد من التفاصيل.


وزيرة خارجية بريطانيا: يجب فتح كل الطرق والمعابر إلى غزة فوراً

وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر تتحدث في أثينا الخميس 18 ديسمبر الحالي (أ.ب)
وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر تتحدث في أثينا الخميس 18 ديسمبر الحالي (أ.ب)
TT

وزيرة خارجية بريطانيا: يجب فتح كل الطرق والمعابر إلى غزة فوراً

وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر تتحدث في أثينا الخميس 18 ديسمبر الحالي (أ.ب)
وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر تتحدث في أثينا الخميس 18 ديسمبر الحالي (أ.ب)

أكدت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر، اليوم الثلاثاء، أنه «يجب فتح جميع الطرق والمعابر إلى غزة فوراً». وأضافت أن «هناك مساعدات هائلة بانتظار الدخول، وسكان غزة لا يمكنهم الانتظار».

وقالت عبر منصة «إكس»: «مع تفاقم سوء الأحوال الجوية في غزة، بدأت الخيام الممولة من المملكة المتحدة الوصول إلى الأسر التي تشتد حاجتها إلى المأوى، لكن لا تزال هناك كميات هائلة من المساعدات تنتظر الدخول».


مقتل ضابط مخابرات سوري سابق... والجيش اللبناني يوقف القاتل

متداولة للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد مصافحاً اللواء السابق سهيل الحسن
متداولة للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد مصافحاً اللواء السابق سهيل الحسن
TT

مقتل ضابط مخابرات سوري سابق... والجيش اللبناني يوقف القاتل

متداولة للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد مصافحاً اللواء السابق سهيل الحسن
متداولة للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد مصافحاً اللواء السابق سهيل الحسن

عثرت الأجهزة الأمنية اللبنانية في الساعات الماضية، على جثة المواطن السوري غسان نعسان السخني، قرب المنزل الذي كان يقيم فيه في منطقة كسروان، في حادثة أثارت تساؤلات واسعة حول خلفياتها ودلالاتها.

وباشرت السلطات تحقيقات مكثفة لتحديد ملابسات الجريمة وما إذا كانت تنطوي على جريمة جنائية بحتة، أم تنطوي على أبعاد سياسية. 

وفي غضون ساعات، أعلن الجيش اللبناني توقيف القاتل. وأصدر بياناً جاء فيه: «بتاريخ ٢٣ /١٢ /٢٠٢٥، نتيجة عملية رصد ومتابعة أمنية من قبل مديرية المخابرات في الجيش، أوقفت المديرية السوري (و.د.) الذي كان قد استدرج السوري غسان نعسان السخني إلى خراج بلدة كفرياسين - كسروان بتاريخ ٢٢ /١٢ /٢٠٢٥، حيث أطلق النار عليه بواسطة مسدس حربي ما أدى إلى مقتله، وذلك على أثر خلاف مالي بينهما، ثم حاول الفرار قبل أن يتم توقيفه في بلدة تلبيرة - عكار الحدودية.
‏بوشر التحقيق مع الموقوف بإشراف القضاء المختص».

وأفادت المعلومات الأمنية الأولية المستقاة من التحقيق، أن السخني «كان ضابطاً في أجهزة المخابرات السورية خلال فترة حكم بشار الأسد، وارتبط بعلاقات وثيقة مع العميد سهيل الحسن، الملقب بـ(النمر)، أحد أبرز قادة المخابرات الجوية السورية، وارتبط اسمه بعمليات عسكرية دامية، لا سيما في الغوطة الشرقية».

أسرة سورية تفرّ من قصف النظام على بلدة حمورية بالغوطة الشرقية المحاصرة (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأشارت المعلومات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن السخني «لجأ إلى لبنان عقب سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024، مع العشرات ممن فروا إثر هروب الأسد إلى روسيا».

ويشرف النائب العام الاستئنافي في جنوب لبنان، القاضي سامي صادر، على التحقيقات الجارية، وقد كلّف شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي بإجراء التحقيق الأولي، بعد أن باشرت فصيلة طبرجا الإجراءات الميدانية.

وتركز التحقيقات وفق مصدر قضائي مطلع على «جمع وتحليل تسجيلات كاميرات المراقبة في محيط مكان الجريمة وكذلك الاتصالات، إضافة إلى الاستماع إلى إفادات أشخاص كانوا على صلة بالسخني، ورصد حركة المترددين إلى مكان إقامته».

صورة متداولة للواء جميل الحسن رئيس المخابرات الجوية السابق (الثالث من اليسار) المطلوب لفرنسا وجهات دولية أخرى

وتبيّن التحقيقات الأمنية أن السخني كان يقيم في شاليه على ساحل طبرجا قبل أن ينتقل إلى شقة سكنية في المنطقة نفسها، كما كشفت المعلومات أنه «ترأس في السابق مجموعة عسكرية تُعرف بـ(الطراميح) كانت تنشط في ريف حماة تحت إمرة الفرقة 25 في الجيش السوري السابق».

وتعزز هذه الحادثة المخاوف من تحوّل لبنان إلى ساحة لتصفية حسابات مرتبطة بمرحلة ما بعد سقوط النظام السوري، خصوصاً في ظل ورود معلومات عن فرار عدد من الضباط والمسؤولين الأمنيين السابقين المتورطين في انتهاكات جسيمة منذ اندلاع الانتفاضة السورية عام 2011.

ولا يخفي المصدر القضائي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن وقوع الجريمة في منطقة كسروان، المصنفة خارج البيئات التقليدية الحاضنة لرموز النظام السوري السابق «أثار تساؤلات إضافية؛ إذ كان يُفترض أن يلجأ هؤلاء إلى مناطق أخرى كالبقاع أو الضاحية الجنوبية لبيروت».

وفي سياق متصل، ترددت في الآونة الأخيرة معلومات عن طلب تقدمت به السلطات السورية الجديدة إلى لبنان لتسليم نحو 200 شخصية أمنية وعسكرية من رموز النظام السابق. غير أن المصدر القضائي نفى تلقي أي طلب رسمي من الجانب السوري بهذا الشأن، مؤكداً أن القضاء اللبناني «لم يتسلم مراسلات سورية تتعلق بمسؤولين سابقين»، مذكراً بأن لبنان «تلقى مراسلتين دوليتين، الأولى من الولايات المتحدة تطالب بتوقيف اللواء جميل الحسن، الرئيس السابق للمخابرات الجوية، واللواء علي مملوك، مدير مكتب الأمن القومي السابق، والثانية استنابة قضائية فرنسية للتحري عن الحسن ومملوك واللواء عبد السلام محمود، على خلفية شبهات بتورطهم في قضايا قتل مواطنين فرنسيين»، مؤكداً أن الأجهزة الأمنية «لا تزال في مرحلة جمع المعلومات، من دون اتخاذ إجراءات قضائية نهائية حتى الآن».