الشيخ يؤكد استعداد السلطة للعمل مع بلير وترمب

مصدر فلسطيني لـ«الشرق الأوسط»: رام الله منخرطة بشكل غير مباشر في ترتيبات «اليوم التالي» لغزة

الشيخ يؤكد استعداد السلطة للعمل مع بلير وترمب
TT

الشيخ يؤكد استعداد السلطة للعمل مع بلير وترمب

الشيخ يؤكد استعداد السلطة للعمل مع بلير وترمب

أعلن نائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ، الأحد، عبر حسابه على موقع «إكس»، أنه التقى رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير في الأردن، موضحاً أن اللقاء بحث «(اليوم التالي)، وسبل إنجاح جهود الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي تهدف لوقف الحرب وإقامة السلام الدائم في المنطقة». وأوضح الشيخ أنه أكد «استعداد السلطة للعمل مع ترمب وبلير والشركاء المعنيين من أجل تثبيت وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، والذهاب للتعافي وإعادة الإعمار».

وشدد الشيخ، بحسب بيانه، على أهمية «وقف تقويض السلطة الفلسطينية، وبخاصة إعادة الأموال الفلسطينية المحجوزة، ومنع تقويض (حل الدولتين)، تمهيداً للسلام الشامل والدائم وفق الشرعية الدولية».

وبلير مرشح لتولي دور بارز في إدارة شؤون غزة بعد الحرب، بموجب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وكان الرئيس الأميركي أعلن في خطته عن تأسيس «مجلس السلام» برئاسته وعضوية بلير للإشراف على لجنة محلية لإدارة قطاع غزة، وإعادة إعماره، تمهيداً لتولي السلطة الفلسطينية ذلك بعد القيام بالإصلاحات المطلوبة.

انخراط غير مباشر حتى الآن

من جهته، قال مصدر فلسطيني مطلع في رام الله، إن السلطة الفلسطينية «منخرطة بطريقة أو بأخرى في الترتيبات المتعلقة بـ(اليوم التالي) في قطاع غزة، وإن لم يكن بشكل مباشر على الطاولة حتى الآن».

وأضاف المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشاورات مع الفريق العربي لم تتوقف. والسلطة في صورة الترتيبات، وستكون جزءاً من هذه الترتيبات في مرحلتها الأولى، على أن تتسلم قطاع غزة بالكامل في مرحلة لاحقة. هذا هو الاتفاق».

وأكد المصدر أن ثمة توافقاً وتفاهماً فلسطينياً - عربياً على أن الولاية السياسية والقانونية والوطنية ستكون للسلطة الفلسطينية، على قاعدة أن الوصاية مرفوضة، والفلسطينيون هم من يقررون مصيرهم.

وأوضح أن «القيادة الفلسطينية وافقت على وجود ترتيبات مؤقتة، وتفهم ضرورة وجود دعم وإسناد غربي وعربي للخروج من الوضع الحالي في قطاع غزة، لكن مع مشاركتها من جهة، وهذا ضروري، وباعتبار ذلك مؤقتاً ومحدداً بسقف زمني واضح من جهة أخرى».

استكمال وقف الحرب

وأكدت مصادر أردنية متطابقة أن لقاء الشيخ وبلير، في عمّان، ركّز على «ضرورة استكمال باقي مراحل خطة وقف الحرب في غزة».

وذكرت المصادر في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن السلطة الوطنية الفلسطينية تسعى لـ«استكمال إجراءات تبادل الأسرى مع الجانب الإسرائيلي»، والضغط «بهدف فتح المعابر الحدودية لإيصال كميات كافية من المواد الغذائية والتموينية والمساعدات الطبية إلى قطاع غزة، بشكل فوري»، مع استكمال مناقشات ملف إعادة إعمار غزة بعد الحرب، و«الدور المرتقب لها بصفتها طرفاً يحظى بالثقة».

وتضمنت خطة ترمب أن لجنة فلسطينية مؤقتة من التكنوقراط غير السياسيين ستحكم غزة، وستكون مسؤولة عن الإدارة اليومية للخدمات العامة والشؤون البلدية في غزة. وستتألف هذه اللجنة من فلسطينيين مؤهلين وخبراء دوليين بإشراف هيئة انتقالية دولية جديدة تسمى «مجلس السلام»، وسيرأسها الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع أعضاء آخرين ورؤساء دول سيُعلن عنهم، بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.

وستضع هذه الهيئة إطار العمل، وتتولى تمويل معاودة تطوير غزة، إلى أن تستكمل السلطة الفلسطينية برنامجها الإصلاحي، على النحو المبين في المقترحات المختلفة، ومنها خطة ترمب للسلام في 2020، والمقترح السعودي-الفرنسي، وتستطيع استعادة السيطرة على غزة على نحو آمن وفعال.

وتحدثت الخطة عن مسار نحو حقّ الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وإقامة دولتهم، وتعهدت بأن الولايات المتحدة ستُطلق حواراً بين إسرائيل والفلسطينيين للتوصل إلى أفق سياسي يضمن التعايش السلمي والمزدهر بين الطرفين.

وعلى الرغم من أن الخطة تتجاهل دوراً مباشراً للسلطة في «اليوم التالي»، وبناء عليه لم تُدعَ السلطة إلى قمة شرم الشيخ كما لم تُدعَ إسرائيل أو «حماس»، يقولون في رام الله إن فلسطين ستكون في نهاية الأمر لأهلها وهم الذين سيقررون.

وقال المصدر إن السلطة بدأت جملة إصلاحات مهمة، وتعمل على توحيد المؤسسات في الضفة وغزة، وتحضّر لانتخابات عامة.

أحد أفراد قوات الأمن الداخلي التابعة لحركة «حماس» الفلسطينية يقف على نقطة تفتيش في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة يوم الأحد (أ.ف.ب)

ويُفترض أن تجري السلطة انتخابات عامة بعد نحو عام من وقف الحرب، وتعمل الآن على صياغة دستور مؤقت لضمان الانتقال من السلطة إلى الدولة، بما يضمن عدم مشاركة أي أحزاب أو أفراد لا يلتزمون بالبرنامج السياسي والالتزامات الدولية لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» والشرعية الدولية، وأوقفت نظام الدفع السابق للأسرى والمقاتلين، وبدأت في عملية لإصلاح النظام المالي والمناهج التعليمية.

وعود وضمانات

وأكدت إذاعة «كان» العبرية أن مقربين من الرئيس عباس قالوا في جلسات مغلقة، إن السلطة تلقت وعوداً وضمانات من جهات شاركت في إدارة مفاوضات وقف إطلاق النار، بأنه سيكون للسلطة دور «غير بسيط» في إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.

وبحسب كبار المسؤولين الفلسطينيين الذين لم تسمهم الإذاعة، وُعِدَت السلطة الفلسطينية بأن تكون شريكاً رئيسياً في اختيار لجنة التكنوقراط التي ستدير قطاع غزة. كما أكد المسؤولون أنفسهم أن السلطة الفلسطينية ستشارك في إدارة معبر رفح فور فتحه في كلا الاتجاهين.

5 آلاف شرطي

ونقلت الإذاعة عن دبلوماسي عربي من إحدى الدول الوسيطة قوله إن الاستعدادات بدأت للمفاوضات حول المرحلة التالية من خطة ترمب، والتي تتعلق بمستقبل قطاع غزة ومن سيسيطر على المناطق التي انسحب منها الجيش. وأضاف أن جدول الأعمال يتضمن اقتراحاً بتشكيل حكومة فلسطينية في غزة غير تابعة لـ«حماس»، ويمكن أن تدعمها جهات دولية.

وأضافت القناة العبرية: «دول عربية تسعى لنشر قوات شرطة فلسطينية تابعة للسلطة الفلسطينية، تلقت تدريبات في مصر والأردن خلال الأشهر الأخيرة. ويشمل ذلك نحو 5 آلاف شرطي لحفظ النظام العام. وتتمثل الخطوة المكملة لذلك في نشر قوة دولية وعربية لمساعدة تلك القوة الفلسطينية». وتابعت القناة: «سيسعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وقادة عرب آخرون لإقناع ترمب بنشر قوات الشرطة الفلسطينية في غزة».


مقالات ذات صلة

أميركا تنسق مع إسرائيل بخصوص مساعدات غزة ولا «تقصيها»

المشرق العربي فلسطينيون يهرعون نحو شاحنات المساعدات في دير البلح بوسط غزة (أ.ب) play-circle

أميركا تنسق مع إسرائيل بخصوص مساعدات غزة ولا «تقصيها»

قال مسؤول أمني إسرائيلي، السبت، إن قوات أميركية تشارك إسرائيل في الإشراف على نقل المساعدات إلى غزة وتنسيق تلك العمليات في إطار خطة ترمب لوقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جندي إسرائيلي بجانب طرود مساعدات إنسانية تنتظر تسلمها بمعبر كرم أبو سالم في قطاع غزة (د.ب.أ)

وزيرة الخارجية البريطانية تدعو لفتح جميع معابر غزة

أكدت وزيرة الخارجية البريطانية، إيفيت كوبر، اليوم السبت، ضرورة فتح جميع المعابر لقطاع غزة ورفع القيود لإدخال المساعدات إلى القطاع فوراً.

«الشرق الأوسط» (لندن )
تحليل إخباري فلسطينيون يحملون جثثاً انتشلوها من بين أنقاض منزل دمر في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري 3 أسباب وراء تأخر اجتماع الفصائل في القاهرة وسط مساعٍ للتوافق

يترقب مسار اتفاق وقف إطلاق النار حواراً جامعاً للفصائل الفلسطينية تستضيفه القاهرة، وسط تباينات لا سيما بين حركتي فتح و«حماس».

محمد محمود (القاهرة )
المشرق العربي جثث فلسطينيين مجهولي الهوية أعادتها إسرائيل يتم نقلها إلى «مستشفى ناصر» في خان يونس (أ.ب) play-circle

إسرائيل تؤكد تسلّم جثمان رهينة... وتعيد جثامين 15 فلسطينياً

أعلنت إسرائيل، السبت، التعرف على جثمان الرهينة الذي تسلّمته من حركة «حماس» عبر الصليب الأحمر، الجمعة، مشيرة إلى أنها أعادت في المقابل جثامين 15 فلسطينياً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)

تحليل إخباري هدنة غزة أمام عقدة «الانتقال للمرحلة الثانية»

تتعدد مطالب الوسطاء بضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من «اتفاق وقف إطلاق النار» في قطاع غزة، في ظل تعقيدات ما زالت تواجهها «المرحلة الأولى»

أحمد جمال (القاهرة)

المطر آخر أمل لطهران قبل «نفاد المياه» الشهر المقبل

إيرانيون يشربون الماء من نافورة عامة في أحد شوارع طهران (أ.ف.ب)
إيرانيون يشربون الماء من نافورة عامة في أحد شوارع طهران (أ.ف.ب)
TT

المطر آخر أمل لطهران قبل «نفاد المياه» الشهر المقبل

إيرانيون يشربون الماء من نافورة عامة في أحد شوارع طهران (أ.ف.ب)
إيرانيون يشربون الماء من نافورة عامة في أحد شوارع طهران (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات الإيرانية، أمس السبت، أنها تعتزم تقنين المياه في العاصمة طهران، البالغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة، في محاولة لمواجهة أزمة جفاف «لم يسبق لها مثيل».

وقالت وسائل إعلام محلية إن «المياه تُقطع ليلاً عن المنازل»، في حين ظهر وزير الطاقة عباس علي عبادي على التلفزيون الرسمي، أمس، ليحث المواطنين على تحمل التقنين «حتى وإن كان مزعجاً» بهدف «وقف الهدر».

كما حذر الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، من أن العاصمة طهران قد تحتاج إلى إخلاء سكانها بسبب نقص المياه، «إذا لم تهطل الأمطار قبل نهاية العام».

ونقل التلفزيون الرسمي عن بزشكيان، الخميس، قوله: «حتى إذا قمنا بالتقنين، ولم تهطل الأمطار بحلول أوائل ديسمبر (كانون الأول) المقبل، فسينفد الماء لدينا، وسنضطر إلى إخلاء طهران»، دون أن يوضح كيف سيتم إخلاء السكان.

وانخفض منسوب المياه في الخزانات التي تزود العاصمة إلى أدنى مستوى منذ عقود، وفقاً لمحسن أردكاني، مدير شركة المياه في طهران. كما أكد مدير شركة المياه الإقليمية، بهزاد بارسا، أن المياه في الخزان الرئيسي الذي يزود طهران «تكفي لمدة أسبوعين فقط».


قائد الجيش الإسرائيلي يتعهد إعادة رفات عسكري قُتل في غزة عام 2014

جنود إسرائيليون في رفح بقطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون في رفح بقطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

قائد الجيش الإسرائيلي يتعهد إعادة رفات عسكري قُتل في غزة عام 2014

جنود إسرائيليون في رفح بقطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون في رفح بقطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

تعهد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، السبت، إعادة رفات عسكري قُتل قبل أكثر من عقد في غزة، بعد أن أوردت وسائل إعلام إسرائيلية أن حركة «حماس» عثرت على جثته في نفق.

والتقى الجنرال إيال زامير عائلة الملازم هدار غولدن الذي قُتل خلال الحرب التي استمرت ستة أسابيع في غزة عام 2014.

ومنذ مقتله، تم احتجاز جثمان غولدن في غزة، لكن «حماس» لم تؤكد ذلك ولم تعلن حيازتها لرفاته.

وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»: «التقى اللفتنانت جنرال إيال زامير هذا المساء مع عائلة غولدن وأطلعها على المعلومات المعروفة لدى جيش الدفاع الإسرائيلي حتى الآن»، من دون تحديد ماهية هذه المعلومات.

وأضاف: «أكد رئيس هيئة الأركان العامة التزامه والتزام جيش الدفاع الإسرائيلي بإعادة هدار وجميع الرهائن الذين سقطوا».

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير يحضر جنازة أحد الرهائن المحررين الذي تم استقبال جثمانه مؤخراً من غزة (رويترز)

جاء ذلك بعدما نقلت عدة وسائل إعلام إسرائيلية، من بينها القناة الثانية عشرة، عن مصادر في «حماس» قولها إن الحركة عثرت على رفات هدار غولدن في نفق في منطقة بمدينة رفح (جنوب) تخضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي.

ولم يصدر عن «حماس» أي تعليق رسمي في هذا الصدد.

وقُتل في حرب عام 2014 عسكري إسرائيلي آخر هو آرون شاؤول. وعُثر على جثته في وقت سابق من هذا العام خلال الحرب الأخيرة التي اندلعت إثر هجوم «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وفشلت الجهود المبذولة لتأمين عودة رفات غولدن وشاؤول في عمليات التبادل السابقة.

وكان غولدن (23 عاماً) عنصراً في وحدة إسرائيلية مكلفة تحديد أنفاق «حماس» وتدميرها عندما قُتل في الأول من أغسطس (آب) 2014، بعد ساعات فقط من سريان وقف إطلاق نار إنساني لمدة 72 ساعة.

وقال الجيش إن فريقه تعرض لإطلاق نار من مسلحين قاموا بقتله واحتجاز جثمانه.

وأدرجت إسرائيل اسم غولدن ضمن قائمة الرهائن الموتى الذين تسعى إلى استعادة رفاتهم بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في غزة.

وفي بداية الهدنة في العاشر من أكتوبر، كانت «حماس» تحتجز عشرين رهينة حياً و28 جثة لرهائن.

وقد أفرجت مذاك عن جميع الرهائن الأحياء وأعادت 23 جثماناً بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.

في المقابل، أطلقت إسرائيل سراح نحو ألفي فلسطيني من سجونها، وأعادت جثث مئات الفلسطينيين إلى غزة.

وبالإضافة إلى هدار غولدن، لا تزال هناك أربع جثث لرهائن - ثلاثة إسرائيليين وتايلاندي واحد - من المقرر إعادتها من غزة.


تركيا لتسريع خطوات «السلام»... ولا مؤشرات على إطلاق سراح أوجلان

أكراد في ديار بكر جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل الحزب... 27 فبراير الماضي (رويترز)
أكراد في ديار بكر جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل الحزب... 27 فبراير الماضي (رويترز)
TT

تركيا لتسريع خطوات «السلام»... ولا مؤشرات على إطلاق سراح أوجلان

أكراد في ديار بكر جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل الحزب... 27 فبراير الماضي (رويترز)
أكراد في ديار بكر جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل الحزب... 27 فبراير الماضي (رويترز)

تتداول أروقة أنقرة حديثاً عن قرب إنجاز خطوات مهمة في عملية «السلام والمجتمع الديمقراطي» أو ما تسميها الحكومة «عملية تركيا خالية من الإرهاب»، وسط مؤشرات على وضع اللوائح القانونية المتعلقة بحل «حزب العمال الكردستاني» ونزع أسلحته.

وقال رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، الذي يترأس اللجنة البرلمانية لوضع الأساس القانوني للعملية، المعروفة باسم «لجنة التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية»، إن هذه العملية ليست في الواقع «عملية سلام بين الأتراك والأكراد»، بل هي عملية بدأت بإعلان المنظمة الإرهابية، (حزب العمال الكردستاني)، التي تقاتل الدولة، نزع سلاحها (في 12 مايو/ أيار الماضي)، وأن البرلمان يراقبها من كثب.

هدف ضروري

وشدَّد كورتولموش على أنه لا يوجد أي تفاوض على الإطلاق بين الدولة والمنظمة، ولم يحدث ذلك قط في أي وقت.

كورتولموش متحدثاً خلال لقاء مع رؤساء تحرير صحف تركية ليل 7 نوفمبر (البرلمان التركي - «إكس»)

وذكر كورتولموش، خلال لقاء مع رؤساء تحرير عدد من الصحف التركية في إسطنبول، نُشر السبت، أنه يجب تحقيق هدف بناء «تركيا خالية من الإرهاب» وأن هذا ليس «خياراً سياسياً، بل هو ضرورة تُشكِّل مسألة حياة أو موت بالنسبة لتركيا».

وقال إن البرلمان التركي سيناقش اللوائح القانونية الخاصة بهذه العملية بعد أن تصدر المؤسسات الأمنية الوطنية، وعلى رأسها جهاز المخابرات ووزارة الدفاع، قراراً تؤكد فيه أن «حزب العمال الكردستاني حلَّ نفسه، وتم تحقيق نزع سلاح كبير على أرض الواقع».

وأضاف: «نعلم بالفعل من التصريحات العلنية أن المنظمة (العمال الكردستاني) ليست لها مطالب متطرفة، ونعلم أن بعض المطالب مثل إقامة اتحاد، أو منح امتيازات معينة، أو اعتماد لغة رسمية أخرى (الكردية) إلى جانب اللغة التركية، لم تُطرَح بعد».

قوانين متدرجة

ويعمل حزبا «العدالة والتنمية» الحاكم، وشريكه في «تحالف الشعب» حزب «الحركة القومية»، وحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد على إعداد اللوائح القانونية التي ستطبق في إطار العملية.

وقالت مصادر قريبة من العملية لـ«الشرق الأوسط» إن الخطوة الأولى تتمثل في قانون «الفترة الانتقالية»، المعروف باسم «القانون التنظيمي» أو «قانون الكود»، الذي سيُعرّف «المنظمة الإرهابية التي حلت نفسها بنفسها» ويحدد معايير إسقاط التهم الموجهة إلى أعضائها.

اللجنة البرلمانية لوضع الأساس القانوني لحل «حزب العمال الكردستاني» (البرلمان التركي - «إكس»)

وسيتضمّن القانون لوائح تتعلق بعودة عناصر «حزب العمال الكردستاني»، الذين سيسمح بعودتهم إلى البلاد واندماجهم الاجتماعي.

وأشارت المصادر إلى أنه سيتم تصنيف عناصر الحزب إلى فئات؛ الأولى: القيادات التي تتولى إدارته، وهؤلاء لن يُسمَح لهم بالعودة، بل يجب عليهم اختيار دولة للذهاب إليها، والثانية: الأفراد المتورطون في العمليات ضد الدولة التركية أو الذين أصدروا أوامر بتنفيذها، وهؤلاء ستتم محاكمتهم، أما الفئة الثالثة، فتضم العناصر التي لم تشارك في العمليات وسيسمح بعودتهم واندماجهم في المجتمع بعد أخذ إفاداتهم.

وذكرت المصادر أنه في المرحلة الثانية، ستتم التعديلات على قوانين مكافحة الإرهاب وتنفيذ الأحكام والتدابير الأمنية والعقوبات التركية، بناء على تنفيذ قانون المرحلة الانتقالية أو «قانون الكود».

مجموعة من عناصر «حزب العمال الكردستاني» ألقت أسلحتها خلال مراسم رمزية في شمال العراق... 11 يوليو (أ.ف.ب)

وأوضحت المصادر أن البدء في هذه الخطوات وإدراج اللوائح على جدول أعمال البرلمان، سيتم بعد أن تقدم اللجنة البرلمانية تقريرها النهائي، بناء على ما ستقرره المؤسسات الأمنية (المخابرات ووزارة الدفاع).

وقال كورتولموش إن العملية الجارية الآن تُشكِّل مكسباً كبيراً لتركيا، لأنه وللمرة الأولى، يُركّز السياسيون على قضية واحدة، قد تختلف آراؤهم حول الحل، لكنهم يتفقون على ضرورته. وأضاف أنه بعكس ما كان في العملية الأولى التي جرت في الفترة بين 2013 و2015، وتدخلت فيها «منظمة فتح الله غولن الإرهابية» (حركة الخدمة التابعة للداعية التركي الراحل فتح الله غولن) التي كانت جميع المؤسسات المعنية بالعملية تقريباً تحت سيطرتها، ولم تكن هناك سيطرة من الدولة، بل كانت العملية تخضع لسيطرة موازية أيضاً. وتابع: «بعبارة أخرى، أرادت إرادة سياسية حدوث ذلك، لكن إرادة سياسية أخرى، متأصلة في الدولة، أرادت منعه، ويؤسفني أن أقول ذلك».

الانفتاح على أوجلان

وعن تطبيق مبدأ «الحق في الأمل»، الذي طُرح دعماً لإطلاق سراح زعيم «حزب العمال الكردستاني»، السجين عبد الله أوجلان، بعدما أمضى 26 عاماً من عقوبة السجن المؤبد المشدد، قال كورتولموش: «لا توجد مثل هذه القضية على جدول الأعمال حتى الآن».

وبالنسبة للمناقشات المتعلقة بزيارة اللجنة البرلمانية لأوجلان في سجن إيمرالي (غرب تركيا)، ذكر كورتولموش أن «اللجنة البرلمانية هي مَن ستتخذ القرار».

«العمال الكردستاني» أعلن حلَّ نفسه استجابة لدعوة من أوجلان في 12 مايو (أ.ف.ب)

في السياق ذاته، وجَّه السياسي الكردي البارز الرئيس المشارِك السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية»، صلاح الدين دميرطاش، المسجون منذ عام 2016 لاتهامات تتعلق بدعم الإرهاب، في بيان عبر حسابه في «إكس»، السبت، الأطراف المعنية والجهات الفاعلة الرئيسية في هذه العملية (إردوغان وبهشلي وأوجلان)، بصفته أخاً وسياسياً يسعى إلى السلام، إلى عدم اليأس من اتخاذ خطوات ملموسة، وعدم الالتفات إلى ما يقوله الآخرون، قائلاً: «ثقوا بأنفسكم، وصدقوا أن 86 مليون شخص ينتظرون السلام بفارغ الصبر».

كما طالب أعضاء اللجنة البرلمانية بالمخاطرة قليلاً، والذهاب إلى جزيرة إيمرالي لإنهاء هذه القضية، قائلاً: «إن أولئك الذين ينتظرون التخلي عن أسلحتهم والنزول من الجبال يريدون رؤية أوجلان، الذي يُطلقون عليه لقب (القائد)، يُزار ويستمع إليه، ليس فقط من قبل قوات الأمن، بل من قِبل السياسيين أيضاً، ويريدون أن يروا أن العودة إلى السياسة ممكنة، وأن الدولة جادة وصادقة في هذه القضية... يريدون الثقة والتخلي تماماً عن أسلحتهم».