الكرملين لم يتسلّم «رسمياً» خطة ترمب... ومستعد لحوار بشأنها

تسريبات عن خطة أوروبية مقابلة تعزز ضمانات أمنية لأوكرانيا

بوتين لدى استقباله ويتكوف في موسكو 6 أغسطس (رويترز)
بوتين لدى استقباله ويتكوف في موسكو 6 أغسطس (رويترز)
TT

الكرملين لم يتسلّم «رسمياً» خطة ترمب... ومستعد لحوار بشأنها

بوتين لدى استقباله ويتكوف في موسكو 6 أغسطس (رويترز)
بوتين لدى استقباله ويتكوف في موسكو 6 أغسطس (رويترز)

كشف الكرملين، الجمعة، جانباً من مواقفه حيال الخطة الأميركية المقترَحة للسلام في أوكرانيا. وأكد الناطق الرئاسي الروسي، ديمتري بيسكوف، انفتاح بلاده على الحوار بشأن التسوية السياسية للصراع، لكنه بدا حذراً في أول تعليق على التسريبات المتعلقة ببنود الخطة، وقال إن موسكو لم تتلقَّ رسمياً «أي شيء يتعلق بالخطة الأميركية، ولم تُجرَ أي نقاشات جوهرية حول بنودها».

صورة ملتقطة يوم 25 يونيو 2025 في لاهاي تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (د.ب.أ)

ونفى بيسكوف صحة تسريبات تحدَّثت عن مشارَكة مسؤولين من روسيا في تطوير خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وقال في إفادة صحافية إن موسكو «رسمياً، لم تتلقَّ أي شيء. نرى بعض المستجدات، لكننا رسمياً لم نتلقَّ أي شيء، ولم نجرِ أي نقاشات جوهرية حول هذه البنود».

وكانت وسائل إعلام غربية قالت إن كيريل ديمتريف رئيس صندوق الاستثمارات الروسي، وهو شخص مقرب من الرئيس فلاديمير بوتين، شارك في صياغة الخطة المقترحة مع وزير الخارجية مارك روبيو، والمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، الذي قالت تقارير إعلامية إنه ينوي ترك منصبه قريباً.

ترمب وبوتين يتصافحان خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعهما للتفاوض على إنهاء الحرب بأوكرانيا أغسطس الماضي (رويترز)

ومع ذلك، قال بيسكوف إن موسكو «على دراية بالتعديلات المحتملة والصيغة المعتمدة في الخطة الأميركية للتسوية في أوكرانيا. رغم أن موسكو لم تتلقَّ أي معلومات رسمية، وأنها علمت بها من الصحافة، على الرغم من وجود اتصالات بين الطرفين».

كانت شبكة تلفزيون «سي بي إس» نقلت عن مسؤول كبير في البيت الأبيض، الخميس، أن الرئيس ترمب وافق على خطة سلام أوكراني - روسي مكونة من 28 نقطة. وقالت تقارير إعلامية إن الخطة تمنح روسيا أجزاء من شرق أوكرانيا لا تسيطر عليها حالياً، في مقابل ضمانات أمنية أميركية لأوكرانيا وأوروبا ضد أي هجوم روسي في المستقبل.

وزراء خارجية أوروبيون خلال اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في بروكسل... 20 نوفمبر 2025 (إ.ب.أ)

ورغم التزام الكرملين الحذر في تعليقه، فإنه أكد على عدد من الثوابت التي تنطلق منها موسكو في التعامل مع الأفكار المقترحة للتسوية. وفي المقدمة منها تمسك الكرملين بمخرجات «قمة الاسكا»، التي جمعت بوتين وترمب في أغسطس (آب) الماضي. فضلاً عن تأكيد الموقف الروسي حيال القيادة الأوكرانية التي تعدّها موسكو «غير شرعية» وأنها ليست قادرة على إبرام اتفاق سلام نهائي.

وفي الشق الأول قال بيسكوف، إن موسكو «منفتحة على الحوار بشأن تسوية في أوكرانيا بناءً على نتائج المناقشات التي جرت في أنكوريج (القاعدة العسكرية الأميركية في آلاسكا)».

وزاد أن «هناك تطورات معينة من الجانب الأميركي، ولكن لم يُناقَش أي شيء جوهري حتى الآن. نحن منفتحون تماماً، وسنبقى منفتحين على المفاوضات السلمية».

الرئيس ماكرون مرحباً بالرئيس زيلينسكي لدى وصوله إلى قصر الإليزيه (أ.ف.ب)

وقال إن الكرملين «ليس لديه أي جديد يضيفه بشأن الحوار الروسي - الأميركي بشأن التسوية الأوكرانية بخلاف ما تمت مناقشته في القمة».

وكانت القمة الوحيدة التي جمعت الرئيسين أسفرت وفقاً للتقييم الروسي، عن تفاهم على الانتقال مباشرةً إلى بحث آليات تسوية نهائية بدلاً من المطالبة بوقف مؤقت للقتال، وتبنى ترمب خلالها وجهة النظر الروسية حول «معالجة الأسباب الجذرية للصراع»، وتعهد بالضغط على كييف والعواصم الأوروبية؛ بهدف عدم عرقلة جهود التسوية.

وتطرَّق بيسكوف إلى عنصر آخر، بدا أنه يدخل ضمن محددات موسكو لدفع الحوار الروسي - الأميركي. وقال إن الولايات المتحدة «تعتقد أن إزالة العوامل المزعجة في العلاقات مع روسيا يجب أن تعتمد على التقدم في التسوية الأوكرانية».

وأضاف أن بلاده «تُفضّل الانطلاق من أن إزالة الخلافات بين موسكو وواشنطن، وملف التسوية الأوكرانية هما مساران منفصلان».

وأوضح: «لا يزالون يعتقدون أن كل شيء يجب أن يعتمد على مدى التقدم الذي نحرزه في التسوية الأوكرانية، ونحن نفضّل حقاً النظر بشكل منفصل لكل من هذين المسارين المختلفين - القضايا الثنائية المثيرة للتوتر والملف الأوكراني».

وأكد ضرورة عقد لقاء جديد يجمع الرئيسين الروسي والأميركي، مع الإقرار بأن ترتيب القمة «ضروري ومهم للغاية، لكنه يتطلب عملاً مستفيضاً على مستوى الخبراء».

في الشق المتعلق بالموقف من القيادة الأوكرانية، قال بيسكوف إن كييف لم ترسل لموسكو أي إشارة حول استعدادها لاستئناف المفاوضات والتوصُّل إلى تسوية سياسية. وكرَّر كلمات بوتين الذي وصف الخميس، القيادة السياسية الأوكرانية بأنها «جماعة إجرامية منظمة استولت على السلطة».

زيلينسكي مع ماكرون عقب اجتماع في قصر الإليزيه يوم 4 سبتمبر (رويترز)

وقال بيسكوف للصحافيين: «في خطابه، كان الرئيس يرد على كلام رئيس الأركان العامة الروسية، الذي قال إن القيادة السياسية الأوكرانية تماطل في إصدار الأوامر باستسلام العسكريين المحاصرين على أكثر من جبهة (...) لقد حدَّد رئيس الدولة والقائد العام للجيش هوية نظام كييف وقيادته».

وأضاف أن الإخفاقات المتتالية على جبهات القتال قد تدفع الأوكرانيين إلى القبول بخطة السلام. وزاد: «يجب أن يُقنع العمل الفعال للقوات المسلحة الروسية (الرئيس فولوديمير) زيلينسكي ونظامه بأنه من الأفضل التفاوض الآن بدلاً من التأجيل».

جانب من زيارة زيلينسكي إلى جنود الجبهة الأمامية في زابوريجيا يوم 13 نوفمبر (أ.ف.ب)

وقال الكرملين، الجمعة، إن نحو 5 آلاف جندي أوكراني محاصرون على الضفة الشرقية لنهر أوسكول في منطقة خاركيف شرق أوكرانيا. وقالت روسيا الليلة الماضية إنها سيطرت على كوبيانسك، وهي بلدة كبيرة في المنطقة، وهو ما نفته أوكرانيا. لكن من الصعب التأكد من صحة التقارير الميدانية بشكل مستقل.

وكانت وسائل إعلام أوكرانية نقلت، الخميس، عن مسؤول أميركي رفيع أن ترمب طالب زيلينسكي بقبول مسوّدة خطة التسوية في أوكرانيا «فوراً».

ورجَّح مسؤولون أميركيون أن يوقِّع الرئيس الأوكراني خطة واشنطن قبل 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، في إطار جدول زمني طموح لإنهاء الحرب بحلول ديسمبر (كانون الأول).

قال مصدران مطلعان لـ«رويترز» إن أوكرانيا تواجه ضغوطاً من واشنطن للموافقة على إطار اتفاق للسلام مع روسيا أكبر مما واجهته في جهود التفاوض السابقة، وهي ضغوط تتضمّن تهديدات بوقف تزويدها بالمعلومات الاستخباراتية والأسلحة. وقال أحد المصدرين، اللذين تحدّثا شريطة عدم الكشف عن هويتيهما، إن الولايات المتحدة تريد أن توقّع أوكرانيا على إطار للاتفاق بحلول الخميس المقبل.

وقال كبير المفاوضين الأوكرانيين، الجمعة، إن كييف لن تقبل أي اتفاق يتجاوز ما وصفه بـ«خطوطنا الحمر»، بعد الإعلان عن اقتراح أميركي بشأن إنهاء الحرب مع روسيا يتضمّن تنازلات كبيرة عن الأراضي.

وقال كبير المفاوضين ورئيس مجلس الأمن رستم عمروف، على وسائل التواصل الاجتماعي: «لا يمكن اتخاذ قرارات خارج إطار سيادتنا وأمن شعبنا أو خطوطنا الحمر، لا الآن ولا في المستقبل».

صورة مأخوذة من مقطع فيديو وزعته وزارة الدفاع الروسية في 18 نوفمبر 2025 تُظهر جندياً روسياً يطلق قذيفة مدفعية على مواقع للجيش الأوكراني في مكان غير معلوم بأوكرانيا (إ.ب.أ)

أكد الرئيس الأوكراني، الجمعة، أن جهود الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترمب لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية هي محل تقدير بالغ. لكن زيلينسكي شدَّد في منشور على منصة «إكس» على أن الخطة الأميركية للسلام في أوكرانيا يجب أن تضمن سلاماً حقيقياً، موضحاً أن بلاده تعمل بالفعل على هذه الوثيقة الأميركية. وقال إن أوكرانيا تنسّق بشكل وثيق مع ألمانيا وبريطانيا وفرنسا؛ لضمان مراعاة المواقف الأوكرانية في خطة السلام.

وأفاد بيان صادر عن الحكومة الألمانية، الجمعة، بأن أوكرانيا وحلفاءها الأوروبيين رفضوا عناصر رئيسية من الخطة الأميركية - الروسية لإنهاء الحرب.

وذكر البيان أن المستشار الألماني فريدريش ميرتس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، اتفقوا في اتصال مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الجمعة، على أن القوات المسلحة الأوكرانية يجب أن تظل قادرة على الدفاع عن سيادة البلاد. في السياق ذاته، قال متحدث باسم الحكومة الألمانية إن أوكرانيا والدول الأوروبية الـ3 اتفقت على حماية مصالح كييف على المدى الطويل.

نساء يسرن أمام منازل مدمرة بمدينة ماريوبول الساحلية التي تسيطر عليها روسيا على بحر آزوف جنوب شرقي أوكرانيا... 16 يوليو 2025 (أ.ف.ب)

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الجمعة، إنها سوف تجري مشاورات بشأن خطة السلام الأميركية الجديدة التي تهدف إلى إنهاء الحرب. وأضافت فون دير لاين في مؤتمر صحافي بمدينة جوهانسبرغ حيث تنطلق «قمة العشرين» السبت: «سوف نناقش الوضع مع القادة الأوروبيين، والقادة هنا على هامش مجموعة العشرين». وأضافت أنها سوف تتواصل أيضاً مع الرئيس زيلينسكي.

ولم تتطرق فون دير لاين إلى التعليق على فحوى الخطة. وبحسب رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، أنطونيو كوستا، لم تشارك الولايات المتحدة المقترح رسمياً بعد مع الاتحاد الأوروبي. يُشار إلى أن الولايات المتحدة لن تشارك في «قمة العشرين» للعام الحالي.

ونقلت صحيفة «فاينانشال تايمز» عن مسؤولين أوكرانيين قولهم: «يتوقع المسؤولون الأميركيون أن يوقِّع زيلينسكي الاتفاقية المقترحة من قبل الولايات المتحدة قبل (عيد الشكر)، يوم الخميس الأسبوع المقبل؛ لتقديم صفقة السلام في موسكو لاحقاً هذا الشهر وإنهاء عملية التسوية بحلول ديسمبر».

في غضون ذلك، أفادت «وول ستريت جورنال»، نقلاً عن مصادر مطلعة، بأن قادة أوروبيين غير راضين عن الخطة الأميركية للتسوية في أوكرانيا، يُعِدّون مقترحاً مضاداً لها.

ووفقاً للصحيفة، يسعى الأوروبيون لإقناع أوكرانيا بدعم خطتهم التي يعتقدون أنها تحمل شروطاً أكثر ملاءمة لكييف.

جندي أوكراني يظهر في مدينة كوستيانتينيفكا بالخطوط الأمامية بمنطقة دونيتسك (إ.ب.أ)

وكتبت الصحيفة: «تأمل أوروبا في إعداد خطتها خلال أيام، لكن كييف لم تعلن بعد التزامها بقبولها».

وأشارت معطيات إلى أن الاقتراح يشمل ضمانات أكثر تعزيزاً للأمن الأوكراني ولأمن البلدان الأوروبية. وهو خلافاً للخطة الأميركية يحمّل روسيا بشكل مباشر المسؤرولية عن أي انتهاكات مستقبلية.

كما أنه يمنح أوكرانيا الحقَّ في مواصلة الدفاع عن نفسها ضد انتهاكات، وتسليح جيشها وتطوير قدراتها.

على صعيد آخر، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، أن الظروف ليست مهيئةً بعد لاستئناف الحوار مع واشنطن حول ملفات الأمن الاستراتيجي، والرقابة على التسلح.

وقال، في مقابلة صحافية نُشرت الجمعة، إن بعض قنوات الحوار بين روسيا والولايات المتحدة مستمرة، ولكن لا توجد ظروف مهيئة لاستئناف المحادثات بشأن الاستقرار الاستراتيجي.

أرشيفية للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال زيارته خط الجبهة في دونباس (أ.ف.ب)

وأوضح المسؤول عن ملف الأمن الاستراتيجي في الوزارة: «لسنا في حوار مع الولايات المتحدة بشأن هذه القضية. وقد أكدنا مراراً وتكراراً أن العودة إلى مناقشة الاستقرار الاستراتيجي كفكرة ستصبح ممكنةً بالنسبة لنا بمجرد اقتناعنا بالطبيعة اللارجعة والبعيدة المدى للتحولات الإيجابية في سياسة واشنطن تجاه روسيا. ورغم أن الحوار مع واشنطن مستمر ومتواصل، ورغم إحرازنا بعض التقدم، فإن هذا لا يكفي للاستنتاج بوجود شروط تدفع لاستئناف الحوار بشأن الاستقرار، بما في ذلك حول (معاهدة ستارت)».

وأشار ريابكوف إلى أن واشنطن دأبت منذ فترة طويلة على تفكيك العناصر الأساسية للهيكل الأمني والمعاهدات واتفاقات الحد من الأسلحة التي تعود إلى عقود.

ورأى أن «هذا أمر مؤسف، ولكنه واقع. لذلك، لا أتوقَّع أي تحولات مفاجئة في النهج الأميركي تجاه (معاهدة ستارت)، نحو إدراك أنه من الأفضل الحفاظ على بعض القيود التي تضبط نظام منع التسلح وعدم التسرع في تبني سياسات تناقض هذا المبدأ».

وزيرا الخارجية الأميركي ماركو روبيو والروسي سيرغي لافروف قبيل مؤتمر ترمب وبوتين الصحافي... 15 أغسطس (أ.ف.ب)

وكان ترمب أعلن أخيراً أنه أمر باستئناف التجارب النووية المجمدة منذ عقود، وردت موسكو بتأكيد عزمها القيام بخطوات مماثلة إذا أطلقت واشنطن أو أي بلد غربي آخر تجارب نووية. كما اقترحت موسكو في وقت سابق تمديداً مؤقتاً لاتفاقية الحد من الأسلحة الاستراتيجية (ستارت) التي ينتهي مفعولها في فبراير (شباط) المقبل، لكن واشنطن لم تعلن موقفاً بعد حيال الاقتراح الروسي.


مقالات ذات صلة

استهداف سفينة شحن مملوكة لجهة تركية بصاروخ في ميناء أوكراني

أوروبا زورق مسيّر أوكراني يصور اشتعال النيران في ناقلة روسية تتبع «أسطول الظل» بالبحر الأسود 10 ديسمبر (رويترز) play-circle

استهداف سفينة شحن مملوكة لجهة تركية بصاروخ في ميناء أوكراني

قالت شركة مشغلة لسفينة شحن مملوكة لجهة تركية إن أضراراً لحقت بالسفينة جرّاء ما يُشتبه بأنه هجوم صاروخي في ميناء تشورنومورسك الأوكراني، اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
أوروبا مبنى سكني متضرر بشدة في أعقاب غارة جوية روسية بمدينة تيرنوبل بأوكرانيا يوم 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب) play-circle

الكرملين يرفض تعديلات أوروبا على «خطة السلام»... ويترقب الحوار مع واشنطن

الكرملين يرفض تعديلات أوروبا على خطة السلام ويترقب الحوار مع واشنطن، وزيلينسكي لا يستبعد إجراء استفتاء وطني لتحديد مصير دونباس.

رائد جبر (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب) play-circle

زيارة مرتقبة لزيلينسكي إلى برلين

قال مسؤول كبير، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن خطة السلام الأميركية تلحظ انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي في 2027.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا يقوم الموظفون باستبدال عَلم أوكرانيا بعَلم الاتحاد الأوروبي في يوم القمة الخاصة لقادة الاتحاد (أرشيفية - رويترز)

تقرير: أوكرانيا ستنضم للاتحاد الأوروبي عام 2027 في إطار مسودة مقترح سلام

ذكرت صحيفة «فاينانشال تايمز»، اليوم (الجمعة)، أن أوكرانيا ستنضم إلى الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2027 بموجب مقترح سلام تتم مناقشته في إطار المفاوضات.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا غواصة روسية في المحيط الهادئ خلال مناورات عسكرية العام الماضي (أرشيفية - رويترز)

البحرية البريطانية رصدت إبحار غواصة روسية لثلاثة أيام في القناة

أعلنت البحرية البريطانية، الخميس، أنها رصدت غواصة روسية في القناة (المانش) وتتبعتها لمدة ثلاثة أيام، في الوقت الذي تكثف فيه البحرية جهودها لحماية مياه بريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

استهداف سفينة شحن مملوكة لجهة تركية بصاروخ في ميناء أوكراني

زورق مسيّر أوكراني يصور اشتعال النيران في ناقلة روسية تتبع «أسطول الظل» بالبحر الأسود 10 ديسمبر (رويترز)
زورق مسيّر أوكراني يصور اشتعال النيران في ناقلة روسية تتبع «أسطول الظل» بالبحر الأسود 10 ديسمبر (رويترز)
TT

استهداف سفينة شحن مملوكة لجهة تركية بصاروخ في ميناء أوكراني

زورق مسيّر أوكراني يصور اشتعال النيران في ناقلة روسية تتبع «أسطول الظل» بالبحر الأسود 10 ديسمبر (رويترز)
زورق مسيّر أوكراني يصور اشتعال النيران في ناقلة روسية تتبع «أسطول الظل» بالبحر الأسود 10 ديسمبر (رويترز)

قالت شركة مشغلة لسفينة شحن مملوكة لجهة تركية إن أضراراً لحقت بالسفينة جرّاء ما يُشتبه بأنه هجوم صاروخي في ميناء تشورنومورسك الأوكراني، اليوم (الجمعة).

وذكرت شركة «جينك دينيزغيليك» أن السفينة «جينك تي» التي تعمل بين كاراسو التركية وأوديسا الأوكرانية، استُهدفت بعد فترة وجيزة من رسوها، مما أدى إلى اشتعال حريق عملت زوارق القطر وفرق مكافحة الحرائق في الميناء على احتوائه، وفقاً لوكالة «رويترز».

ودعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال لقاء مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في تركمانستان، في وقت سابق من اليوم (الجمعة)، إلى وقف لإطلاق النار في أوكرانيا يحيّد المواني والبنى التحتية للطاقة، وفق ما أفادت الرئاسة التركية.

وجاء في بيان صادر عن الرئاسة أن إردوغان الذي يحافظ على اتصالات وثيقة مع كييف وموسكو، «اقترح أنه سيكون من المفيد إعلان وقف محدود لإطلاق النار على المنشآت الحيوية للطاقة والمواني».

وكان إردوغان عدّ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، خلال مؤتمر عبر الفيديو لائتلاف يضم ثلاثين بلداً تدعم كييف، وقفاً مماثلاً لإطلاق النار «يمكن أن يشكّل تدبيراً من شأنه تهيئة الظروف المناسبة للتفاوض حول اتفاق سلام شامل».

وبعد بضعة أيام من موقفه، أبدى الرئيس التركي أسفه إزاء «تصعيد مقلق» في البحر الأسود، بعد هجمات طالت ناقلات نفط على صلة بروسيا قبالة السواحل التركية وتبنتها أوكرانيا، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال لقاء مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في تركمانستان (الكرملين - إ.ب.أ)

وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الخميس، أنه «يدعم» الاقتراح التركي، لكنه تدارك أن موسكو «لن تقبل بأي وقف للنار ما دام لم يتم توقيع اتفاق (سلام شامل)».

واستضافت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، ثلاث مرات هذا العام مفاوضات بين كييف وموسكو، لكنها لم تؤد إلى أي نتيجة ملموسة باستثناء تبادل لأسرى حرب.


محادثات نهاية الأسبوع في أوروبا تحت مجهر البيت الأبيض

صورة جماعية في البيت الأبيض تضم الرئيسين دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين 18 أغسطس 2025 بمناسبة محادثات حول أوكرانيا (رويترز)
صورة جماعية في البيت الأبيض تضم الرئيسين دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين 18 أغسطس 2025 بمناسبة محادثات حول أوكرانيا (رويترز)
TT

محادثات نهاية الأسبوع في أوروبا تحت مجهر البيت الأبيض

صورة جماعية في البيت الأبيض تضم الرئيسين دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين 18 أغسطس 2025 بمناسبة محادثات حول أوكرانيا (رويترز)
صورة جماعية في البيت الأبيض تضم الرئيسين دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين 18 أغسطس 2025 بمناسبة محادثات حول أوكرانيا (رويترز)

تدخل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في أوكرانيا منعطفاً جديداً وحاسماً، تزامناً مع استعدادات أوروبية مكثفة لاستضافة سلسلة من الاجتماعات المهمة بدءاً من يوم السبت، وسط ضغوط أميركية متزايدة على كييف لقبول خطة سلام يراها كثيرون منحازة لموسكو.

ويأتي هذا الحراك الدبلوماسي في وقت يلوح فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإمكانية إرسال ممثل للمشاركة في المحادثات الأوروبية، لكنه يربط قراره بوجود «فرصة جيدة لإحراز تقدم» نحو اتفاق وقف إطلاق النار، معبراً عن «إحباطه الشديد» من الطرفين بسبب ما يراه عدم «جدية» لوقف الحرب. وقال الكرملين إن موسكو لا تعلم ما إذا كان لقاء ترمب مع ممثلي أوكرانيا وأوروبا سيتم عقده.

ترمب برفقة قادة أوروبيين لبحث حرب أوكرانيا في البيت الأبيض 18 أغسطس (رويترز)

وشكّلت تصريحات ترمب والبيت الأبيض مادة دسمة لجدل متصاعد حول حقيقة الموقف الأميركي، وما إذا كان يهدف فعلاً إلى سلام عادل أم يسعى لإنهاء الصراع بأي ثمن يخدم مصالح موسكو على حساب كييف والأوروبيين. وفي المقابل، تواصل القيادات الأوروبية، ممثلة برئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التمسك بهدف «سلام عادل ودائم» لأوكرانيا، محذرة من أن أي اتفاق يجب «ألا ينطوي على بذور نزاع مستقبلي ولا يزعزع البنية الأمنية الأوروبية برمتها».

 

 

اشتراط أميركي

 

 

وأعلن الرئيس ترمب، الخميس، أن الولايات المتحدة قد ترسل ممثلاً للمشاركة في المحادثات بشأن أوكرانيا التي ستُعقد في أوروبا، لكنه شدد على أن ذلك سيعتمد على مدى قناعته بوجود «فرصة جيدة» لتحقيق تقدم. وقال ترمب للصحافيين: «سنرى ما إذا كنا سنحضر الاجتماع أم لا»، مضيفاً: «سنحضر الاجتماع يوم السبت في أوروبا إذا كنا نعتقد أن هناك فرصة جيدة. لا نريد أن نضيع الكثير من الوقت إذا كنا نعتقد أن الأمر ليس كذلك».

وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت هذا التوجه، مشيرة إلى أن الرئيس «سئم من الاجتماعات العديدة التي لا يبدو أبداً أنها تفضي إلى اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا». وأوضحت ليفيت أن ترمب «مستاء للغاية من طرفي هذه الحرب»، وقد «سئم عقد اجتماعات تقتصر الغايةُ منها على الاجتماع»، مشددة على أنه يريد حالياً «أفعالاً» لوضع حد للحرب. وتأتي هذه التصريحات بعد مكالمة هاتفية وصفها الطرفان بالـ«حافلة» أجراها ترمب الأربعاء مع قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا، تناولت احتمالات إجراء محادثات في أوروبا مطلع الأسبوع.

الرئيسان الفرنسي ماكرون والأوكراني زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني ستارمر ونظيره البولندي تاسك والمستشار الألماني ميرتس في كييف يوم 10 مايو (إ.ب.أ)

ويُنظر إلى هذا الموقف الأميركي على أنه ضغط مباشر على كييف لقبول الخطة الأميركية للسلام، التي يرى كثير من المراقبين أنها تلبي بشكل كبير المطالب الروسية. وتتضمن الخطة الأميركية التي أُرسلت هذا الأسبوع، رداً على مقترح أوكراني مضاد، اعترافاً فعلياً بمنطقتي دونيتسك ولوغانسك وشبه جزيرة القرم بوصفها «أراضي روسية»، بالإضافة إلى تقاسم منطقتي خيرسون وزابوريجيا. وتطالب الخطة كييف بالتخلي عن طموحها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتحديد سقف لعدد جنود جيشها.

الرئيس الأوكراني زيلينسكي مع المستشار الألماني ميرتس (أ.ف.ب)

أوكرانيا تطالب بجيش قوامه 800 ألف جندي

 

تصر أوكرانيا على أن يكون قوام جيشها المستهدف 800 ألف جندي في النسخة المعدلة من خطة السلام الأميركية. وقال الرئيس زيلينسكي للصحافيين في كييف الخميس: «هذا هو القوام الفعلي للجيش الآن، وقد تم الاتفاق عليه مع القيادة العسكرية». وأضاف أن هذا البند من المسودة الحالية المكونة من 20 بنداً قد تم بالتالي تعديله بشكل كاف. وكانت الخطة الأميركية الأصلية التي تم الإعلان عنها في نوفمبر (تشرين الثاني) قد نصت على حد أقصى يبلغ 600 ألف جندي أوكراني.

ذكرت صحيفة «فايننشيال تايمز»، الجمعة، أن أوكرانيا ستنضم إلى الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2027. ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة أن المقترح قيد التفاوض من جانب مسؤولين أميركيين وأوكرانيين بدعم من بروكسل.

قادة «الترويكا الأوروبية» مع الرئيس الأوكراني عند مدخل مقر رئاسة الوزراء البريطانية في لندن الاثنين (أ.ف.ب)

 

أوروبا ومواجهة الضغوط

 

في المقابل، تواصل العواصم الأوروبية بذل الجهود لضمان أن يكون أي سلام مستقبلي مبنياً على أسس تحافظ على أمن القارة ووحدة أوكرانيا. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الخميس، إن «الأسبوع المقبل سيكون حاسماً» لأوكرانيا، مؤكدة أنها أجرت محادثات مع الشركاء في «تحالف الراغبين» من داعمي كييف.

يُرتقب أن يزور زيلينسكي برلين يوم الاثنين المقبل، بحسب ما قال مسؤول كبير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة. وأضاف المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن هويته أن «زيلينسكي سيكون هناك إذا سمحت الظروف الأمنية».

وشددت فون دير لاين على أن الهدف الأوروبي هو التوصل إلى «سلام عادل ودائم لأوكرانيا»، موضحة أن «عبارة دائم تعني أن أي اتفاق سلام يجب ألا ينطوي على بذور نزاع مستقبلي ولا يزعزع البنية الأمنية الأوروبية برمتها». كما ناقشت مع القادة ضرورة توفير «ضمانات أمنية متينة وموثوق بها» لكييف، وهو ما يتطابق مع المخاوف الأوكرانية والأوروبية حول الدور الأميركي المستقبلي في توفير هذه الضمانات، لا سيما مع التراجع في دعم واشنطن العسكري.

بالتزامن مع الجهود الدبلوماسية، تستعد بروكسل لعقد قمة لقادة دول الاتحاد الأوروبي في 18 ديسمبر (كانون الأول) لمناقشة الخطة التمويلية لأوكرانيا، مع إمكانية استخدام أصول روسية مجمدة في أوروبا. وفي خطوة أولى، وافقت حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مبدئياً على مقترح يمهد الطريق أمام استخدام الأصول الروسية لتقديم قروض لأوكرانيا، واتفقوا على إبقاء هذه الأصول مجمدة بشكل دائم بدلاً من تمديد العقوبات كل ستة أشهر. لكن هذه الخطوة تواجه معارضة بلجيكية، إذ يرفض رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي ويفر أن تتحمل بلجيكا وحدها التبعات في حال حدوث أي مشكلة، ويشترط الحصول على «ضمانات مُلزمة» وموقعة من الدول الأعضاء لحظة اتخاذ القرار.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشار الألماني فريدريش ميرتس لدى زيارة الأخير البيت الأبيض في يونيو الماضي (د.ب.أ)

 

كييف بين مطرقة واشنطن وسندان موسكو

 

يجد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نفسه تحت ضغط هائل لقبول التنازلات الإقليمية التي تطلبها واشنطن، وهي نقطة خلاف جوهرية. وقد أعلن زيلينسكي الخميس أن الولايات المتحدة تطلب تنازلات كبيرة من بلاده في مفاوضات إنهاء الحرب مع روسيا، بما في ذلك سحب قواتها من دونباس. وكشف عن أن واشنطن تريد من كييف سحب قواتها من أجزاء في منطقة دونيتسك، لإقامة ما تسميه «منطقة اقتصادية حرة» خالية من السلاح بين الجيشين، وهو ما يثير مخاوف أوكرانيا من التسلل الروسي المحتمل في المنطقة إذا انسحبت كييف من دون إجبار موسكو على الانسحاب أيضاً.

ويشدد زيلينسكي على أنه لا يملك «الحق القانوني أو الأخلاقي» في التنازل عن الأراضي لروسيا، ويرى أن «العدل هو عندما نقف حيث نقف، أي على خط التماس». وتظهر استطلاعات الرأي في أوكرانيا، وفقاً لمعهد كييف الدولي لعلم الاجتماع، أن أغلبية الأوكرانيين (54 في المائة) يعارضون التنازل عن الأرض، حتى لو كان ذلك يعني استمرار الحرب.

المستشار الألماني فريدريتش ميرتس في حديث جانبي مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك (د.ب.أ)

قراءة مغايرة للواقع الميداني

 

تتناقض تقديرات الرئيس ترمب بأن أوكرانيا «تخسر الحرب» مع تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» المحسوبة على الجمهوريين، ينقل عن محللين عسكريين وضباط أوكرانيين على الجبهة نفيهم لهذه التقديرات. ويشير التقرير إلى أن القوات الروسية تحقق «مكاسب هامشية» و«بتكلفة باهظة». وقال قائد كتيبة في الجيش الأوكراني: «يتمكنون أحياناً من رفع أعلامهم والادعاء بأن موقعاً قد تم الاستيلاء عليه، ولكننا نقوم بعد ذلك بعمليات تطهير، ونزيل الرموز، ويبقى الموقع تحت سيطرتنا».

ماكرون وزيلينسكي يوقعان «رسالة النوايا» في قاعدة فيلاكوبيله الجوية جنوب باريس وبموجبها تحصل كييف على 100 طائرة من طراز رافال (إ.ب.أ)

وأكدت نائبة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي رادميلا شيكيرينسكا، أن ما يُرصد في ساحة المعركة «لا يزال تقدماً، ولكنه تقدم هامشي»، مشيرة إلى أن «شجاعة أوكرانيا كانت تعوض عن أوجه القصور هذه». ومع ذلك، يقر التقرير بأن كييف تواجه تحديات جمّة، أهمها تجنيد عدد كافٍ من الأفراد، بالإضافة إلى تطور روسيا في حرب الطائرات المسيّرة، ما يمنح موسكو القدرة على «حرب الاستنزاف» التي تهدف إلى إنهاك الموارد البشرية والعسكرية لأوكرانيا.

زيلينسكي وستارمر خلال لقاء «تحالف الراغبين» في لندن يوم 24 أكتوبر (إ.ب.أ)

في خضم هذا التباين، يواصل الأمين العام للناتو، مارك روته، تحذيراته الخطيرة حول خطورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مؤكداً أن «الصراع على عتبة أبوابنا»، وأن «بوتين منخرط في إعادة بناء إمبراطورية»، على حد قوله. ويرى روته أن ترمب هو «الوحيد» القادر على دفع بوتين إلى طاولة المفاوضات، ويحث الحلفاء على تسريع مساهماتهم العسكرية لكييف.

قلق أوروبي من تراجع الدعم

 

ويُظهر تقرير آخر للصحيفة أن أوروبا تخفق في تعويض انسحاب الدعم الأميركي العسكري لأوكرانيا. ونقلت عن تحليل لمعهد كيل للاقتصاد العالمي أن أوروبا خصصت ما يقل عن 5 مليارات دولار فقط من المساعدات العسكرية الجديدة بين 1 سبتمبر (أيلول) و31 أكتوبر (تشرين الأول)، وهو «أقل بكثير من أن يعوض وقف الدعم الأميركي». ومن المتوقع أن يكون عام 2025 «هو العام الذي يسجل أدنى مستوى من مخصصات المساعدات العسكرية الجديدة على الإطلاق لأوكرانيا منذ اندلاع الغزو الواسع النطاق في عام 2022».

هذا التراجع في الدعم الأوروبي يقوّض الموقف التفاوضي لكييف ويثير القلق، خاصة أن موسكو صعدت هجماتها، إذ أطلقت روسيا الشهر الماضي نحو 5444 طائرة مسيّرة بعيدة المدى على أوكرانيا، مقارنة بـ2434 في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. ولهذا، يزداد الضغط على أوروبا للاعتماد على مبادرات مثل «قرض التعويضات» المقترح من الأصول الروسية المجمدة لتمويل الأسلحة التي تحتاج إليها كييف بشدة.

مبنى سكني متضرر بشدة في أعقاب غارة جوية روسية بمدينة تيرنوبل بأوكرانيا 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

تتجه الأنظار نحو الاجتماعات الأوروبية المرتقبة، لمعرفة ما إذا كان اشتراط ترمب «بفرصة حقيقية للسلام» سيتحقق بمقاييس واشنطن التي تضغط على أوكرانيا بـ«سلام» يصب في مصلحة روسيا، أم أن الأوروبيين سينجحون في تأمين ضمانات «السلام الدائم والعادل» الذي لا يقوّض أمن القارة ووحدة أوكرانيا. ويظل العائق الأكبر، كما يؤكد المحللون، هو التنازلات الإقليمية، التي يصر زيلينسكي على أنه ليس مخوّلاً بتقديمها، تاركاً الباب مفتوحاً أمام تصعيد جديد أو استمرار حالة الجمود الميداني والدبلوماسي.


عقوبات بريطانية على قادة من «الدعم السريع» بينهم شقيق «حميدتي»

عبد الرحيم دقلو نائب قائد «قوات الدعم السريع» (وسط) خلال اجتماعات لإطلاق «تحالف تأسيس» بنيروبي في فبراير الماضي (أ.ب)
عبد الرحيم دقلو نائب قائد «قوات الدعم السريع» (وسط) خلال اجتماعات لإطلاق «تحالف تأسيس» بنيروبي في فبراير الماضي (أ.ب)
TT

عقوبات بريطانية على قادة من «الدعم السريع» بينهم شقيق «حميدتي»

عبد الرحيم دقلو نائب قائد «قوات الدعم السريع» (وسط) خلال اجتماعات لإطلاق «تحالف تأسيس» بنيروبي في فبراير الماضي (أ.ب)
عبد الرحيم دقلو نائب قائد «قوات الدعم السريع» (وسط) خلال اجتماعات لإطلاق «تحالف تأسيس» بنيروبي في فبراير الماضي (أ.ب)

فرضت بريطانيا، الجمعة، عقوبات على كبار قادة «قوات الدعم السريع» السودانية، متهمة إياهم بالتورط في عمليات قتل جماعي وعنف جنسي بشكل ممنهج، وهجمات متعمدة على المدنيين في السودان. وقالت الحكومة البريطانية إن عبد الرحيم حمدان دقلو، نائب قائد «قوات الدعم السريع» وشقيق قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، إلى جانب ثلاثة قادة آخرين يُشتبه في تورطهم بهذه الجرائم، باتوا يواجهون تجميد أصول وحظر سفر. وقالت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر في بيان إن «الفظائع المرتكبة في السودان مروعة إلى حد أنها تترك ندبة في ضمير العالم... والعقوبات التي نعلنها ضد قادة (قوات الدعم السريع) تشكل ضربة مباشرة لأولئك الذين تلطخت أيديهم بالدماء».

انتهاكات متعمدة

وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر (أ.ب)

وأضافت الوزيرة البريطانية أن أفعال «قوات الدعم السريع» في الفاشر ليست عشوائية «بل هي جزء من استراتيجية متعمدة لترهيب السكان وبسط السيطرة عن طريق الخوف والعنف. وآثار أفعالهم يمكن مشاهدتها من الفضاء... حيث تُظهر صور الفاشر التي التُقطت من الفضاء الرمال مخضّبة بالدماء، وأكوام جثث، وما يدل على وجود قبور جماعية دُفنت بها جثث الضحايا بعد حرقها». ورأت الوزيرة في بيان ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الأفعال، واتخاذ خطوات عاجلة للحيلولة دون حدوثها مرة أخرى.

وجاء في البيان أن «فرض عقوبات على قيادات (قوات الدعم السريع) الذين يُشتبه بضلوعهم في أعمال القتل الجماعي والعنف الجنسي في الفاشر، يرسل رسالة واضحة بأن كل من يرتكب فظائع سوف يُحاسَب عن أفعاله. وذلك يجسد التزام المملكة المتحدة بمنع ارتكاب مزيد من الفظائع».

الأشخاص المشمولون بالعقوبات:

* عبد الرحيم حمدان دقلو – شقيق ونائب قائد «قوات الدعم السريع» الفريق أول «حميدتي». يشير البيان إلى وجود أسباب معقولة تدعو لإثارة الشك بأنه ضالع، أو كان ضالعاً، في عمليات قتل جماعي، وإعدام على أساس عرقي، وعنف جنسي ممنهج، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي، والاختطاف لطلب فدية، والاعتقال التعسفي، والاعتداء على المرافق الصحية وموظفي الإغاثة.

عبد الرحيم دقلو نائب قائد «قوات الدعم السريع» (وسط) خلال اجتماعات لإطلاق «تحالف تأسيس» بنيروبي في فبراير الماضي (أ.ب)

* جدو حمدان أحمد – قائد «قوات الدعم السريع» في قطاع شمال دارفور. يشير البيان إلى وجود أسباب معقولة تدعو لإثارة الشك بأنه ضالع، أو كان ضالعاً، في عمليات قتل جماعي، وعنف جنسي، واختطاف، وهجمات على طواقم طبية وموظفي إغاثة.

* الفاتح عبد الله إدريس – عميد في «قوات الدعم السريع». توجد أسباب معقولة تدعو لإثارة الشك بأنه مسؤول، أو كان مسؤولاً، عن العنف ضد أشخاص بناء على أصلهم العرقي وعلى دينهم، وتعمّد استهداف المدنيين.

* تيجاني إبراهيم موسى محمد – قائد ميداني لـ«قوات الدعم السريع». توجد أسباب معقولة تدعو لإثارة الشك بأنه مسؤول، أو كان مسؤولاً، عن الاستهداف المتعمد لمدنيين في الفاشر.

تعهدات بمساعدات

ودعت المملكة المتحدة جميع أطراف الصراع إلى إنهاء فوري للفظائع، وحماية المدنيين، وإزالة العوائق أمام وصول المساعدات الإنسانية.

وذكر البيان أن الحكومة تعهدت بتقديم 21 مليون جنيه إسترليني إضافية لتوفير الغذاء والمأوى والخدمات الصحية والحماية للنساء والأطفال في بعض المناطق التي يصعب الوصول إليها، والتي باتت على حافة الهاوية.

وأشار البيان إلى أن «شريان الحياة هذا سوف يمكّن وكالات الإغاثة من الوصول إلى 150 ألف شخص، وتوفير احتياجاتهم الأساسية كالغذاء والرعاية الطبية والمأوى الطارئ، إلى جانب الحفاظ على استمرار تقديم الخدمات في المستشفيات، ولمّ شمل العائلات التي فرّقت شملها الحرب».

وتأتي هذه العقوبات بعد أن اقترحت الولايات المتحدة والإمارات ومصر والسعودية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي خطة لهدنة لمدة ثلاثة أشهر تليها محادثات سلام. وردت «قوات الدعم السريع» بقبول الخطة، لكنها سرعان ما شنت غارات جوية مكثفة بطائرات مسيّرة على مناطق تابعة للجيش. وتسبب اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في نزوح ملايين الأشخاص.

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، تبنّى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قراراً مقدماً بقيادة المملكة المتحدة أدان الفظائع، وحشد الإجماع الدولي حول التكليف بإجراء تحقيق عاجل في الفظائع التي ارتُكبت في الفاشر.

غوتيريش: حرب «فضيحة»

من جهته، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عقد لقاء يضم الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في جنيف، في وقت قريب، ضمن محاولة تقوم بها المنظمة الأممية لدفع الطرفين لاحترام القانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين، ولتنفيذ ما تم التوافق عليه سابقاً في «إعلان جدة»، وحمّل في الوقت نفسه الأطراف السودانية المسؤولية عن الانتهاكات، وركّز هجومه على «الدعم السريع» ووصفها بـ«القوات السيئة».

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

وفي تصريحات نقلتها فضائية «العربية – الحدث»، الجمعة، وصف غوتيريش الحرب في السودان بـ«الفضيحة»، وطالب بضغط دولي حقيقي على أطراف القتال والجهات الداعمة، وضرورة المساءلة عن الجرائم والانتهاكات ضد أطرافها، وقال: «دعوني أكون صادقاً، هناك إخفاقات كثيرة في السودان... سلوك فظيع شاهدناه، ولا أحد يسلك سلوكاً جيداً، لكن هناك جانباً واحداً يرتكب الجرائم بالشكل الأسوأ... قوات (سيئة) وهي (قوات الدعم السريع)».

«الدعم السريع» تنفي

وأثارت تصريحات الأمين العام غضب «قوات الدعم السريع»، فسارع تحالف «تأسيس» الموالي لها، إلى الرد ببيان اتهم فيه غوتيريش بـ«ازدواجية المعايير» بشأن الانتهاكات في السودان. وقال المتحدث باسم التحالف الدكتور علاء الدين نقد، في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط»، إن تحالفه «سعى إلى كل منابر التفاوض، ولم ينسحب من أي مفاوضات، وقبِل بالهدن الإنسانية، وأقر بحدوث انتهاكات فردية، من بعض منسوبيه، واتخذ إجراءات للمحاسبة، كما أعلن تشكيل لجان لحماية المدنيين، وأبدى تعاوناً مع آليات تقصّي الحقائق».

قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو يلقي كلمة أمام قواته (أرشيفية - قناته على «تلغرام»)

ومقابل ذلك، وجّه نقد اتهامات واسعة للجيش السوداني، واتهمه بارتكاب فظائع وجرائم حرب مزعومة، ودعا المجتمع الدولي إلى إرسال بعثات مستقلة لتقصّي الحقائق ميدانياً، بدلاً من الاعتماد على ما وصفه بـ«الحملات الإعلامية المضللة».

وقال غوتيريش إن القنوات الدبلوماسية مع أطراف الحرب في السودان ما تزال مفتوحة، وإن الأمم المتحدة «تتحدث مع جميع الأطراف» في محاولة لوقف الحرب. وكشف عن اجتماع بين الجيش و«قوات الدعم السريع» يُعقد في جنيف في وقت قريب، ويهدف إلى دفعهما لاحترام مبادئ القانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه سابقاً في محادثات جدة السعودية.