بعد عام على النزوح... سكان مخيمات بالضفة الغربية يسألون: متى نعود؟

TT

بعد عام على النزوح... سكان مخيمات بالضفة الغربية يسألون: متى نعود؟

سكان مخيم نور شمس للاجئين بالقرب من طولكرم في الضفة الغربية المحتلة يتظاهرون حاملين العَلم الوطني عند مدخل المخيم مطالبين بحق العودة إلى ديارهم 18 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سكان مخيم نور شمس للاجئين بالقرب من طولكرم في الضفة الغربية المحتلة يتظاهرون حاملين العَلم الوطني عند مدخل المخيم مطالبين بحق العودة إلى ديارهم 18 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

بعد عشرة أشهر من إجباره على مغادرة مخيم طولكرم للاجئين في الضفة الغربية المحتلة جراء عملية عسكرية إسرائيلية، يجهل حَكم إرحيّل ما إذا كان سيتمكن من العودة يوماً ما.

منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، شنت إسرائيل عملية عسكرية واسعة ضد مخيمات عدة للاجئين الفلسطينيين في شمال الضفة الغربية، وقالت إن عملية «السور الحديدي» تهدف إلى «استئصال الجماعات المسلحة».

وعلى وقع العملية التي طالت مخيمي طولكرم ونور شمس في طولكرم ومخيم جنين، نزح إرحيّل (41 عاماً) وهو أب لأربعة أطفال وهُدم منزله.

قوات إسرائيلية تنتشر خلال مداهمة في مدينة نابلس بالضفة الغربية 20 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «قبل العملية كان لكل طفل غرفة في منزلنا، صحيح أننا كنا في مخيم (لكن) حياتنا كانت أفضل، أفضل».

يعيش إرحيّل اليوم مع عائلته في مدرسة قريبة ويخشى أن يتحول هذا الملجأ المؤقت وضعاً دائماً.

وفي تقرير نشرته الخميس، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إن 32 ألف فلسطيني ما زالوا نازحين قسراً بسبب العملية الإسرائيلية.

شارع متضرر في مخيم نور شمس للاجئين بالقرب من طولكرم بالضفة الغربية المحتلة 18 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

دمار واسع

بعد قيام دولة إسرائيل وبعد حرب عام 1948 التي أدت إلى نزوح وتهجير آلاف الفلسطينيين، أُنشئت مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية ودول عربية مجاورة، وكان من بينها مخيم طولكرم.

حينها كانت الخيام منزلاً للاجئين، لكن مع مرور الوقت والسنوات، تحولت تلك الخيام مساكن معظمها بُني من الطوب، ودفع ازدياد عدد السكان إلى بناء مزيد من الطوابق.

ووفق تقرير «هيومن رايتس ووتش»، دمّر الجيش الإسرائيلي خلال الأشهر العشرة الماضية، أكثر من 850 منزلاً ومباني أخرى في ثلاثة مخيمات في شمال الضفة الغربية، كما شق طرقاً واسعة بدلاً من الأزقة الضيقة التي تشتهر بها المخيمات؛ وذلك لتسهيل مرور آلياته العسكرية.

وخلصت المنظمة إلى أن تهجير إسرائيل القسري لسكان ثلاثة مخيمات «يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية» وإن إجبار الفلسطينيين على مغادرة المخيمات يشكل «تطهيراً عرقياً».

وفي رده على استفسارات «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال الجيش الإسرائيلي إن مخيمي طولكرم وجنين أصبحا «معقلين للإرهاب، حيث ينشط مسلحون داخل الأحياء المدنية».

وأضاف أن العملية أدت إلى «انخفاض كبير في النشاط الإرهابي في المنطقة».

ولم يحدد الجيش موعداً لانتهاء عمليته.

رجل يحمل عَلماً فلسطينياً يقف عند مدخل مخيم نور شمس للاجئين بالقرب من طولكرم في الضفة الغربية المحتلة خلال احتجاج السكان المطالبين بحق العودة إلى ديارهم 18 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

وعائلة إرحيّل من بين 19 عائلة تتخذ من المدرسة ملجأ لها.

ويوضح إرحيّل: «لا توجد هنا خصوصية أبداً، أسكن في غرفة هي عبارة عن صف مدرسي، أنا والخمسة الذين معي (زوجته وأطفاله الأربعة)».

ويضيف: «وضعت لابنتي أغطية (كستائر) لكي تنام وحدها» ولتمنحها شيئا من الخصوصية.

وفي الممرات الخارجية للمدرسة، زرع النازحون نباتات ووضعوا مغسلة لتنظيف الأطباق كما نصبوا حبالاً لنشر الغسيل.

جنود إسرائيليون يمنعون نازحين فلسطينيين من مخيم نور شمس للاجئين من العودة إلى مخيمهم مع استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية بالقرب من مدينة طولكرم بالضفة الغربية 18 نوفمبر 2025 (إ.ب.أ)

مطالبة بالعودة

على أطراف مدينة طولكرم، حيث يقع مخيم نور شمس، نظم نازحون مظاهرة، الاثنين، مطالبين بحقهم بالعودة إلى منازلهم.

ووصل نحو 150 من المتظاهرين عبر بوابة جديدة وُضعت على الطريق إلى المخيم قبل أن يتوقفوا عند المدخل، حيث الشارع الذي كان يشق طريقه صعوداً نحو المنازل مليء بأنقاضها المدمرة.

وخلال تجمع المتظاهرين، دوى إطلاق نار من داخل المخيم، حيث تتمركز القوات الإسرائيلية وأصيب مصور صحافي برصاصة في ساقه؛ ما تسبب بحالة من الذعر بين الموجودين.

وقال الجيش لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن المتظاهرين «دخلوا منطقة عسكرية مغلقة»، واعترف بإطلاق نار على من قال إنه «محرض رئيسي» بعدما «رفض الامتثال للأوامر».

جنود إسرائيليون يسيرون بأحد الشوارع خلال مداهمة في مدينة نابلس بالضفة الغربية 20 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

ولا تزال النكبة حاضرة بوضوح في الذاكرة الجماعية الفلسطينية ويخشى سكان المخيمات مثل إرحيّل أن يعيد التاريخ نفسه، وخصوصاً أنهم ظنوا في عام 1948 أن نزوحهم مؤقت.

ويتداول السكان فيما بينهم مواعيد محتملة للعودة، من دون تأكيد رسمي.

ويقول إرحيّل: «نطالب بالعودة إلى المخيم حتى لو كانت داري مهدومة. أريد أن أعود على الأقل لأرى مكانها وهي مهدومة».

ويشير إلى أن الجيش الإسرائيلي يحدد موعد عودة للنازحين ثم لا يلبث أن يتراجع عنه.


مقالات ذات صلة

تراجع طفيف... 4.3 مليون لاجئ أوكراني في الاتحاد الأوروبي

أوروبا أشخاص يمرون بجوار الخيام في طريقهم للصعود إلى القطار بعد عبورهم الحدود من أوكرانيا إلى بولندا وسط الغزو الروسي (رويترز)

تراجع طفيف... 4.3 مليون لاجئ أوكراني في الاتحاد الأوروبي

سجل عدد اللاجئين الفارين من أوكرانيا الذين حصلوا على الحماية المؤقتة في دول الاتحاد الأوروبي حتى نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 4.3 مليون شخص.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
تحقيقات وقضايا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله الرئيس السوري أحمد الشرع خلال أول زيارة له في أنقرة 4 فبراير 2025 (الرئاسة التركية)

الصعود التركي في سوريا... من المواجهة إلى التحالف

في الأسابيع الأولى لسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، تشكلت قناعة بأن تركيا لعبت الدور الأكبر في الوصول «السلس» لفصائل المعارضة إلى دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا  سوريون يتابعون من جانب الطريق سيارات وزارة الداخلية خلال الإطلاق الرسمي لهويتها البصرية الجديدة في دمشق (أ.ب)

الاتحاد الأوروبي يُحدِّث إرشادات اللجوء للسوريين بعد عام من سقوط الأسد

أصدر الاتحاد الأوروبي، اليوم الأربعاء، توجيهات مُحدّثة لطلبات اللجوء المُقدّمة من المواطنين السوريين، تعكس الأوضاع الجديدة في سوريا بعد عام من سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (برشلونة (إسبانيا))
شمال افريقيا الطرابلسي يستعرض في المؤتمر الصحافي نتائج «البرنامج الوطني» لترحيل المهاجرين غير النظاميين (أ.ف.ب)

سلطات طرابلس تلوّح لأوروبا بورقة الـ«3 ملايين مهاجر»

قال الطرابلسي وزير داخلية حكومة الوحدة الليبية إن جهود ترحيل المهاجرين غير النظاميين من بلده تعد «أحد أهم الإجراءات لمواجهة محاولات التوطين»

جمال جوهر (القاهرة)
العالم العربي الصومالي عبد الله عمر مع زوجته وأطفاله في حي البساتين في عدن (أ.ف.ب)

لاجئون صوماليون يفضلون العودة لبلدهم هربا من «الفقر والبطالة» في اليمن

يعيش آلاف الصوماليين مع أطفالهم في فقر مدقع في حي البساتين في عدن، ما دفع كثيرين منهم إلى اتخاذ قرار العودة الى بلادهم.

«الشرق الأوسط» (عدن)

«النواب الأميركي» يقرّ إلغاء «عقوبات قيصر» المفروضة على سوريا

مجلس الشيوخ الأميركي (أ.ف.ب)
مجلس الشيوخ الأميركي (أ.ف.ب)
TT

«النواب الأميركي» يقرّ إلغاء «عقوبات قيصر» المفروضة على سوريا

مجلس الشيوخ الأميركي (أ.ف.ب)
مجلس الشيوخ الأميركي (أ.ف.ب)

أقر مجلس النواب الأميركي، الأربعاء، مشروع قانون يتضمن إلغاء عقوبات «قيصر» التي كانت مفروضة على سوريا، وذلك ضمن مناقشته مشروع موازنة الدفاع للعام 2026.

وأعرب النائب الأميركي جو ويلسون، عن امتنانه بإقرار مجلس النواب الإلغاء الكامل لقانون قيصر، مشيراً إلى تطلعه لإقراره من قبل مجلس الشيوخ خلال أيام ثم توقيعه من قبل الرئيس الأميركي.

وقال ويلسون عبر منصة «إكس»: «كنت ممتناً لتقديم تشريع الإلغاء الكامل في مجلس النواب في شهر (أيار) ولقيادة الجهود في المجلس خلال الأشهر الستة الماضية».

وأضاف: «أنا ممتن أيضاً لدعم الرئيس ترامب والسفير باراك والسيناتورة شاهين لجعل هذا الأمر واقعاً وأتطلع إلى إقرار مجلس الشيوخ خلال أيام ثم انتقاله إلى مكتب الرئيس ترامب للتوقيع لنجعل سوريا عظيمة مجدداً».

وكان ويلسون أكد أمس الأربعاء عمله مع المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك، للمساهمة في حل القضايا المتعلقة بسوريا ومنحها فرصة لاستعادة دورها.

وبحسب وكالة الأنباء السورية (سانا)، جاء الإلغاء شاملاً ودون أي شروط، ضمن مادة مدرجة في قانون موازنة الدفاع الأميركية لعام 2026، بعد جهود دبلوماسية مكثفة بذلتها الحكومة السورية، مدعومة بالجالية السورية والمنظمات السورية الأميركية الفاعلة في واشنطن، إضافة إلى مساندة دول شقيقة وصديقة عملت لرفع هذه العقوبات التي أثقلت كاهل السوريين.

لافتة تدعو إلى إلغاء قانون قيصر يحملها متظاهرون أمام البيت الأبيض في 10 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

وكان الكونغرس الأميركي، قد أقر قانون قيصر عام 2019 لمعاقبة نظام بشار الأسد على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها بحق السوريين، واستمد القانون اسمه من فريد المذهان، الذي سرّب آلاف الصور المروعة لمعتقلين قضوا تحت التعذيب في سجون النظام السابق، وقد فرض القانون عقوبات واسعة استهدفت أفراداً وشركات ومؤسسات مرتبطة بالنظام.

وبحسب «الإخبارية» السورية،


سوريا: العثور على مستودع أسلحة يحتوي على صواريخ معدة للتهريب

صواريخ معدّة للتهريب عثرت عليها القوات السورية (حساب وزارة الداخلية السورية على إكس)
صواريخ معدّة للتهريب عثرت عليها القوات السورية (حساب وزارة الداخلية السورية على إكس)
TT

سوريا: العثور على مستودع أسلحة يحتوي على صواريخ معدة للتهريب

صواريخ معدّة للتهريب عثرت عليها القوات السورية (حساب وزارة الداخلية السورية على إكس)
صواريخ معدّة للتهريب عثرت عليها القوات السورية (حساب وزارة الداخلية السورية على إكس)

أعلنت وزارة الداخلية السورية، اليوم (الأربعاء)، أن قواتها عثرت على مستودع في ريف درعا يحتوي على صواريخ، قالت إنها كانت معدة للتهريب إلى «مجموعات خارجة عن القانون».

ونقلت «الداخلية السورية»، في بيان عن قائد الأمن الداخلي في محافظة درعا محمد إبراهيم السخني، قوله: «وردت معلومات دقيقة من مصادر موثوقة حول وجود مستودع داخل إحدى المزارع في ريف درعا الشرقي، يحوي صواريخ معدة للتهريب إلى مجموعات خارجة عن القانون».

وأضاف: «باشرت الوحدات المختصة عمليات الرصد والمتابعة الدقيقة، ونفذت عملية أمنية أسفرت عن ضبط المستودع. وقد عُثر بداخله على 42 صاروخاً من نوع (مالوتكا) و4 صواريخ من نوع (ميتيس) مزوّدة بقاعدة إطلاق».

ولم تكشف «الداخلية السورية» عن المزيد من التفاصيل حول المجموعات التي كان سيتم تهريب الصواريخ إليها. وقالت الوزارة إن الجهات المختصة تواصل تحقيقاتها «لكشف جميع المتورطين تمهيداً لتقديمهم إلى القضاء».


خلاف أميركي - إسرائيلي يتعمّق حول «سوريا الجديدة»

قوات الجيش الإسرائيلي تتوغل في قرية صيدا الحانوت وتعتقل مواطناً من عين القاضي بريف القنيطرة الجنوبي الأربعاء (سانا)
قوات الجيش الإسرائيلي تتوغل في قرية صيدا الحانوت وتعتقل مواطناً من عين القاضي بريف القنيطرة الجنوبي الأربعاء (سانا)
TT

خلاف أميركي - إسرائيلي يتعمّق حول «سوريا الجديدة»

قوات الجيش الإسرائيلي تتوغل في قرية صيدا الحانوت وتعتقل مواطناً من عين القاضي بريف القنيطرة الجنوبي الأربعاء (سانا)
قوات الجيش الإسرائيلي تتوغل في قرية صيدا الحانوت وتعتقل مواطناً من عين القاضي بريف القنيطرة الجنوبي الأربعاء (سانا)

يشهد الملف السوري تحولاً لافتاً في المقاربة الأميركية بعد سقوط نظام بشار الأسد، حيث باتت واشنطن تدفع نحو توسيع التعاون الأمني مع دمشق الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع. هذا المسار، الذي يهدف إلى مواجهة التهديدات الأمنية المشتركة وتحقيق الاستقرار، يتصادم حالياً مع نهج إسرائيل الميداني المندفع؛ ما يكشف عن خلاف آخذ في الاتساع بين الحليفين التقليديين حول مستقبل الدولة السورية.

جانب من لقاء ترمب ونتنياهو بالبيت الأبيض يوليو 2025 (أ.ف.ب)

وخلال مؤتمر خُصّص لتقييم المرحلة الجديدة في سوريا، وضع قائد القيادة المركزية الأميركية (سينتكوم) الأدميرال براد كوبر، مستقبل التعاون مع دمشق في صدارة النقاش حول السياسة الأميركية تجاه «سوريا ما بعد الأسد».

وشدد كوبر على أن واشنطن تعمل «بشكل متزايد» مع الجيش السوري لمواجهة تهديدات أمنية مشتركة، مؤكداً، أن دمج «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) داخل الجيش السوري سيعزّز الاستقرار الداخلي، ويُحسّن قدرات الدولة على ضبط الحدود وملاحقة تنظيم «داعش».

الرئيس الشرع مستقبلاً قائد «سنتكوم» الأدميرال براد كوبر والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس برّاك (الرئاسة السورية)

وأشار كوبر إلى أن القوات الأميركية قدّمت منذ أكتوبر (تشرين أول) الماضي «المشورة والمساعدة والتمكين» للسلطات السورية في أكثر من 20 عملية ضد (داعش)، وإحباط شحنات أسلحة متجهة إلى (حزب الله)»، لافتاً إلى أن هذه المكاسب «لا تتحقق إلا عبر تنسيق وثيق مع القوات الحكومية السورية».

لكن هذا المسار الذي تتبنّاه واشنطن يتقاطع حالياً مع خلاف آخذ في الاتساع بينها وبين تل أبيب حول ملامح «سوريا الجديدة»، وفق ما كشفت عنه صحيفة «وول ستريت جورنال». فقد رصدت تناقضاً نادراً بين البلدين حول مستقبل الدولة السورية بعد عام من سقوط نظام بشار الأسد، في وقت يدفع فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب نحو مسار منفتح على دمشق، بدعم سعودي - تركي. فقد رفع العقوبات عن الرئيس أحمد الشرع، واصفاً إياه بأنه «شاب مقاتل يقوم بعمل جيد»، في إشارة إلى استعداد واشنطن لتغيير جذري في سياستها.

ترمب والشرع في البيت الأبيض 10 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

وأشارت الصحيفة إلى أنه على النقيض من التوجه الأميركي، سارعت إسرائيل بعد الانهيار السريع للنظام السابق إلى تثبيت وجود عسكري في جنوب سوريا، مسيطرة على مساحة تُقدّر بـ250 كيلومتراً مربعاً. وتحولت هذه المنطقة نقطة انطلاق لسياسة توسّع أمني شملت اعتقالات، ومصادرة أسلحة، وتنفيذ غارات داخل الأراضي السورية، وصولاً إلى استهداف مقر القيادة العسكرية في دمشق بذريعة حماية الطائفة الدرزية.

وتُرجِع الصحيفة هذا النهج الميداني المندفع إلى تحوّل في العقلية الأمنية الإسرائيلية بعد هجمات 7 أكتوبر 2023. فصانعو القرار في تل أبيب باتوا مقتنعين بأن أي تنازل أمني قد يشكّل ثغرة خطيرة.

ويشير يعقوب أميدرور، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، إلى أن «اتخاذ القرارات من واشنطن أسهل بكثير من اتخاذها من مرتفعات الجولان»؛ ما يعكس رغبة إسرائيل في تأمين مصالحها بشكل أحادي.

القوات الإسرائيلية في بيت جن بريف دمشق الجمعة الماضي (الجيش الإسرائيلي)

وبينما تعمل الإدارة الأميركية على رعاية مفاوضات أمنية بين دمشق وتل أبيب بهدف إنهاء الخلاف السوري - الإسرائيلي بالتوازي مع محاولات التهدئة في غزة وأوكرانيا، يدعو ترمب تل أبيب إلى «حوار قوي وصادق» مع دمشق.

لكن هذه الجهود اصطدمت بعقبات أساسية، أبرزها، رفض الشرع المطالب الإسرائيلية بإقامة منطقة منزوعة السلاح تمتد من جنوب دمشق حتى الحدود؛ لما قد تسببه من فراغ أمني كبير.

وتُحذّر أصوات مؤثّرة داخل إسرائيل من الإفراط في استخدام القوة؛ خشية أن تصطدم سياسات الحكومة برغبة واشنطن في إعادة تأهيل الدولة السورية الجديدة وتقريبها من منظومة «اتفاقات إبراهيم».

ويقترح بعض الخبراء الإسرائيليين قبول صيغة أمنية تسمح بانتشار الجيش السوري بالقرب من الحدود مقابل منع الأسلحة الثقيلة والقوات التركية، والانتقال من «استعراض القوة العسكرية إلى بناء القوة الدبلوماسية». ويتوقع دبلوماسيون أن يشبه أي اتفاق مرتقب صيغة 1974 التي أرست منطقة فصل للقوات، مع تعديلات تناسب المرحلة الجديدة.

الوحدات الأمنية بإدلب تستهدف خلايا تابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي في منطقة الدانا يوم الاثنين (سانا)

وتضيف الصحيفة أن الخلافات السياسية ترافقت مع توترات ميدانية متزايدة، أبرزها اشتباكات في بلدة بيت جن بعد دخول قوات إسرائيلية لاعتقال مطلوبين؛ ما أدى إلى سقوط قتلى سوريين وجرحى إسرائيليين. وزادت الاحتفالات الشعبية في دمشق بذكرى «سقوط الأسد»، التي شملت حرق أعلام إسرائيل، من حدّة الاحتقان.

وتتهم إسرائيل الحكومة السورية بزيادة «النبرة العدائية»، في حين يتهم الشرع تل أبيب بتوسيع منطقتها العازلة و«الهروب من مسؤولياتها» في غزة. ووفق مسؤولين أميركيين، فإن استمرار النهج الإسرائيلي الحالي يدفع دمشق نحو مزيد من التقارب مع تركيا، الخصم الإقليمي لتل أبيب.

وتؤكد «وول ستريت جورنال» أن الخلاف الأميركي - الإسرائيلي حول سوريا ليس مسألة عابرة، بل هو اختبار لصلابة التحالف التقليدي في منطقة تتشكل ملامحها من جديد. فـ«سوريا الجديدة» تبدو ساحة مفتوحة لإعادة رسم التوازنات في الشرق الأوسط، وسط سياسة أميركية تحاول الجمع بين مكافحة الإرهاب، وإعادة بناء الدولة السورية، ورسم صيغة أمنية جديدة بين دمشق وتل أبيب.