ليبيا: اتفاق نادر بين مجلسي «النواب» و«الدولة» على وقف «الصرف الموازي»

نائبا صالح يتهمانه بـ«تجاوز الصلاحيات»... وحمّاد يجمّد تعامل حكومته مع البعثة الأممية

صورة وزعها «مصرف ليبيا المركزي» لتوقيع اتفاق مجلسي النواب و«الدولة»
صورة وزعها «مصرف ليبيا المركزي» لتوقيع اتفاق مجلسي النواب و«الدولة»
TT

ليبيا: اتفاق نادر بين مجلسي «النواب» و«الدولة» على وقف «الصرف الموازي»

صورة وزعها «مصرف ليبيا المركزي» لتوقيع اتفاق مجلسي النواب و«الدولة»
صورة وزعها «مصرف ليبيا المركزي» لتوقيع اتفاق مجلسي النواب و«الدولة»

بخطوة إيجابية نادرة في ليبيا، نجح مجلسا النواب و«الدولة»، الثلاثاء، في توحيد المسار المالي التنموي ما يمهد «لإنهاء الصرف الموازي»، والعمل جزئياً على توحيد المؤسسات، وسط انفجار أزمة داخلية حادة بمجلس النواب، حيث يواجه رئيسه عقيلة صالح اتهامات مباشرة من نائبيه بـ«تجاوز صلاحياته».

وأكد «المصرف المركزي» في بيان، دعمه الكامل للاتفاق الذي «يجسد روح المسؤولية المشتركة»، وعدّه «خطوة استباقية وضرورية لحماية الاقتصاد الكلي من أزمات أكبر سبق أن حَذَّرَ منها»، مجدداً التزامه بالعمل مع الأطراف كافة «بروح التعاون والتنسيق، لضمان نجاح هذا الاتفاق وتحقيق أهدافه».

بدوره، رحّب «المجلس الأعلى للدولة»، بالاتفاق مع مجلس النواب لتوحيد الصف في باب التنمية، واعتماد مسار مالي موحد يضمن حُسن إدارة الموارد العامة، وأكد أن إيقاف الصرف الموازي الذي كان يتم تذرّعه بحكومة حماد «يُعد خطوة مهمة نحو إنهاء ازدواجية المالية والإدارة، ويُعيد للدولة قدرتها على إدارة الشأن العام؛ وفق قواعد سليمة تحافظ على الاستقرار وتخدم مصلحة المواطن».

«المصرف المركزي الليبي» (رويترز)

كما شدّد المجلس على أن التوافق «يُمثل مظهراً إيجابياً من مظاهر توحيد المؤسسات، ويُمهد لمراحل أوسع من التفاهمات التي تدعم مسار الحل السياسي»، مؤكداً التزامه الكامل «بمواصلة العمل المشترك مع مجلس النواب والمؤسسات الوطنية كافة، لتحقيق الإدارة الرشيدة للمال العام».

وبالتوازي مع هذا التطور، بحثت اللجنة المشتركة لمجلسي النواب و«الدولة» (6 + 6) المكلفة بإعداد القوانين الانتخابية في طرابلس، «سُبل حل الانسداد في الإطار التشريعي المتعلق بالمسار السياسي، ودفع عجلة الانتخابات».

وأكد أعضاء اللجنة الاتفاق على استئناف اجتماعاتها فوراً، وإنجاز مهامها بأسرع وقت ممكن، مع التركيز على مناقشة ما ورد في تقرير اللجنة الاستشارية الأممية.

من جهة أخرى، التزم صالح رئيس مجلس النواب، الصمت حيال اتهامات جديدة وجّهها نائباه الأول فوزي النويري، والثاني مصباح دومة، بـ«تجاوز صلاحياته»، وتقديم تأويلات قانونية «في غير محلها».

وأكد النائبان في رسالة تم تسريبها لوسائل إعلام محلية أن «المواد المتعلقة باختصاصات رئيس المجلس، لا تمنحه سلطة إصدار قرارات سياسية أو تنفيذية أو تكليفات منفردة... وأي تفسير موسع لهذه المواد مخالفة صريحة».

حفتر وصالح (القيادة العامة)

ووصفا «محاولات نقل صلاحيات قاعة المجلس إلى مكتب الرئيس»، بأنها «انحراف بالإدارة واغتصاب للاختصاص»، معلنَين أن جميع التكليفات المنفردة الصادرة خلال الفترة الماضية «باطلة ومنعدمة لصدورها من غير ذي صفة».

كما رفض النائبان اعتماد عبارة «التشاور» مع بعض النواب لتبرير القرارات المنفردة، مؤكدين أن هذا الاستحداث «لا وجود له في اللائحة»، وأن أي قرار مبني عليه «واجب الإلغاء الفوري».

واتهما صالح بتعطيل اجتماعات هيئة رئاسة المجلس «عمداً، ما يؤدي قانوناً إلى بطلان كل قرار يصدر خارج الإطار الجماعي»، وعدّا أن كل من تولى منصباً بموجب قرارات عقيلة المنفردة «مغتصب للسلطة» وأعماله «باطلة»، مع إمكانية مساءلته قضائياً.

وحذّر النائبان، من «اللجوء إلى الإجراءات القانونية والإدارية إذا استمرت المخالفات»، وأكدا أن رد صالح السابق ليس تفسيراً للنصوص، بل «محاولة لإعادة توزيع الاختصاصات خلافاً للقانون».

وبحث صالح، الثلاثاء، في بنغازي مع قائد «الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، المستجدات السياسية على الساحتين المحلية والدولية، وتبادلا وجهات النظر حول عدد من الملفات الوطنية.

ويأتي هذا التصعيد، في سياق الخلاف المتصاعد منذ أشهر بين صالح - الذي امتدت رئاسته للمجلس دون تغيير منذ 2014 - ونائبيه حول تفسير اللائحة الداخلية لمجلس النواب وحدود صلاحيات الرئيس، مع ظهور محاولات مباشرة لإقالة صالح، مدعومة بحوالي 70 نائباً من أصل 200، عبر تعديل آلية انتخاب الرئيس ونائبيه.

وفي شأن آخر، استنكرت «لجنة الدفاع والأمن القومي» بمجلس النواب، توقيع بعثة الأمم المتحدة اتفاقية مع تمويل «خريطة الطريق» الأممية، عادّةً أن الخطوة تُمثل «تجاوزاً خطيراً» لمهام البعثة واختصاصاتها.

هانا تيتيه الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا (غيتي)

وأبدت اللجنة استغرابها من «انخراط تمويل خارجي في مسار سياسي يخص الليبيين وحدهم»، مُحذّرة من تداعيات هذه الخطوة التي «تجهض العملية السياسية، وتنسف فرص الوصول إلى حل حقيقي للأزمة».

بدورها حمّلت حكومة أسامة حماد بشرق ليبيا، البعثة الأممية مسؤولية «زعزعة الثقة وتقويض العملية السياسية وإضاعة الفرص المتاحة لتحقيق مسار وطني حقيقي»، مشيرة إلى رفضها «الاعتراف بشرعية أي عملية سياسية ممولة من الخارج».

وقالت إن «أي مبادرة سياسية أو (خريطة طريق) أو عملية حوارية لن تكون معترفاً بها ولا شرعية لها، ما لم تكن خالصة من الداخل، وبعيدة تماماً عن التمويل الخارجي أو التأثيرات غير المشروعة»، معلنة «تجميد علاقتها» مع البعثة الأممية.

وكانت البعثة الأممية، أعلنت عن توقيع اتفاقية تمويل من الحكومة القطرية، لصالح «مشروع دعم الحوار السياسي» المرتقب.

يُشار إلى أن البعثة أعلنت عزمها عقد لقاء مفتوح الأسبوع المقبل عبر «الإنترنت» مع الليبيين حول «خريطة الطريق» السياسية، التي تيسرها، و«الحوار المُهيكل» المزمع إطلاقه خلال الفترة المقبلة.


مقالات ذات صلة

السعودية مقر إقليمي لبرنامج بناء القدرات في المنافسة

الاقتصاد جانب من توقيع الهيئة العامة للمنافسة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لاستضافة السعودية البرنامج الإقليمي لبناء القدرات في مجال المنافسة بالمنطقة (الشرق الأوسط)

السعودية مقر إقليمي لبرنامج بناء القدرات في المنافسة

أعلنت الهيئة العامة للمنافسة استضافة السعودية، بالشراكة مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، البرنامج الإقليمي لبناء القدرات بمجال المنافسة لمنطقة الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد عامل يسير أمام لافتة تحمل شعار شركة «فانكي» العقارية في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)

«فيتش» تخفض تصنيف «فانكي» الصينية مع تصاعد مخاوف التعثر

عمّقت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني الضغوط على شركة «تشاينا فانكي» العقارية الصينية، بعدما خفّضت تصنيفها الائتماني.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد عملة «بتكوين» أمام شاشة تعرض سعر صرفها مقابل الدولار الأميركي (رويترز)

انهيار العملات المشفرة يثير الحذر ويعزز الابتكار في استراتيجيات الاستثمار

أحدث الانهيار الأخير في سوق العملات المشفرة موجة من الحذر والترقب لدى المستثمرين، بعد أن طال تأثيره أعمق قطاعات الصناعة وأكثرها رسوخاً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد يمشي أشخاص خارج متجر «كاوفهاوس ديس فيستنز» خلال موسم عيد الميلاد في برلين (رويترز)

تراجع غير متوقع لمعنويات الأعمال في ألمانيا خلال ديسمبر

أظهر استطلاع نُشر يوم الأربعاء، انخفاضاً غير متوقع في معنويات قطاع الأعمال الألماني خلال شهر ديسمبر (كانون الأول)، مع استمرار صعوبة تعافي الاقتصاد الألماني.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد رئيسة وزراء اليابان ساناي تاكايتشي في مؤتمر صحافي بمكتبها بالعاصمة طوكيو (أ.ب)

رئيسة وزراء اليابان تؤكد على ضرورة اتباع نهج إنفاق استباقي لتحقيق النمو

قالت رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي الأربعاء على اليابان اتباع نهج إنفاق استباقي بدلاً من التقشف المالي المفرط.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

تحديث مصري لنماذج التنبؤ ورصد المياه المقبلة من منابع النيل

وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
TT

تحديث مصري لنماذج التنبؤ ورصد المياه المقبلة من منابع النيل

وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

تواصل الحكومة المصرية إجراءات متابعة تدفقات مياه نهر النيل بعد أن تعرضت أراضٍ زراعية للغرق خلال الأشهر الماضية؛ بسبب ما وصفته بـ«الإدارة غير المنضبطة لسد النهضة الإثيوبي»؛ وقررت وزارة الري والموارد المائية تحديث نماذج التنبؤ والرصد بدول منابع النيل.

وبين مصر وإثيوبيا توترات متصاعدة بسبب «سد النهضة» الذي دشنته أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل دون التنسيق مع دولتَي المصب، مصر والسودان.

وناقش اجتماع عقده وزير الموارد المائية والري، هاني سويلم، الأربعاء، إجراءات «تحديث نماذج التنبؤ والرصد بدول منابع النيل لتقدير كميات المياه الواصلة لبحيرة السد العالي» بجنوب البلاد.

ولجأت مصر، الشهر الماضي، إلى فتح «مفيض توشكى» لتصريف كميات المياه الزائدة خلف «السد العالي» عقب شكواها من إدارة «غير منضبطة» للسد الإثيوبي، و«تصريفات عشوائية» لمياه النيل الأزرق، الذي يعد المنبع الرئيسي لنهر النيل في السودان ومصر.

متابعة مصرية يومية لتدفق مياه نهر النيل (وزارة الري المصرية)

وقال أستاذ الموارد المائية بالمركز القومي للبحوث، أحمد فوزي دياب، إن نماذج التنبؤ بالأمطار وتدفقات المياه إلى نهر النيل تشكل جزءاً رئيسياً من السياسة المائية للدولة، ويزداد الاهتمام بها «نظراً لعدم إبلاغ إثيوبيا دولتَي المصب بتصريفات المياه من سد النهضة، ما يجعل التحديث المستمر في تقنياتها أمراً مطلوباً».

وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن نماذج التنبؤ «تقوم على معادلات رياضية من خلال حساب كميات الأمطار المتوقعة والمياه الواردة من دولة المنبع (إثيوبيا) إلى السودان، ومنها إلى مصر، وقياس إيراد النيل حسب الطبيعة الجغرافية واستخدامات الدول وحركة الفيضان للتعرف على كميات المياه القصوى والدنيا التي يمكن أن تصل إلى مصر».

وعددّت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة فيضانات النيل بعد أن تعرّضت أراضٍ زراعية ومنازل للغرق في عدد من المناطق بدلتا النيل في شمال البلاد، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقالت إنها أولت اهتماماً بعمليات تطهير الترع وإزالة التعديات على أراضي «طرح النهر» إلى جانب إقدامها على فتح «مفيض توشكى» لاستيعاب كميات المياه حال زيادة منسوب مياه النيل.

ووجهت الحكومة المصرية الشهر الماضي اتهامات لإثيوبيا بالقيام بـ«تصرفات متتابعة في سد النهضة في غياب للضوابط الفنية والعلمية في تشغيله، مع استمرار النهج العشوائي في إدارته، بما يعرض نهر النيل لتقلبات غير مأمونة التأثير»، وأكدت أن «الإدارة الأحادية للسد تُمثل تهديداً لحقوق ومصالح دولتَي المصب، وتؤثر على تشغيل السدود الواقعة خلف سد النهضة».

لكن دياب أكد أن أي مخاطر سلبية من سد النهضة يمكن التعامل معها عبر منظومة إدارة المياه في مصر، وأن السد العالي إلى جانب مفيض توشكى لديهما القدرة على استيعاب تدفق كميات كبيرة من المياه على المدى القريب أو البعيد.

وركز اجتماع وزير الري، الأربعاء، على تعزيز التعاون بين مصر ودول حوض النيل، وذلك من خلال «تنفيذ مشروعات لخدمة المواطنين بهذه الدول مثل إنشاء آبار جوفية تعمل بالطاقة الشمسية لأغراض الشرب، وخزانات أرضية، ومراسٍ نهرية، ومشروعات لمكافحة الحشائش، وإنشاء مراكز للتنبؤ بالفيضان، ومركز لنوعية المياه، وتنفيذ دراسات فنية للإدارة المتكاملة للموارد المائية بدول حوض النيل».

ويؤكد أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن مصر تمتلك مراكز لمتابعة حالة الأمطار والتنبؤ بها عن طريق الأقمار الاصطناعية وتتبع السحب وسرعتها وكثافتها وزمن وصولها إلى مناطق منابع النيل باستخدام نماذج رياضية لتحديد الكميات الواردة، وأن التحديث المستمر فيها ضروري في ظل وجود متغيرات تمثلت في تدفقات المياه من سد النهضة، ووجود إدارة مائية منفردة عليه من جانب إثيوبيا.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن مصر تحسب إيراد النيل وفقاً لتقديرات سنوية للتعرف على منسوب المياه في المعدلات الطبيعية، «لكن ما حدث بعد تشغيل سد النهضة أن وصول المياه يُمكن أن يختلف من شهر إلى آخر بسبب غلق بوابات السد وفتحها بتوقيتات غير معروفة وغير منتظمة».

وتضع مصر سياسة مائية تبدأ مع العام المائي في مطلع أغسطس (آب) الذي ينتهي في يوليو (تموز)، وفقاً لشراقي الذي أكد أنه «لا مخاوف من تراجع إيراد النيل، ولكن يمكن أن تتدفق كميات كبيرة من المياه في شهر وتنخفض في آخر بسبب فتح توربينات سد النهضة أو غلقها».

وقال وزير الموارد المائية المصري في تصريحات إعلامية، الاثنين الماضي: «النمط الإثيوبي في إدارة الأنهار الدولية يعتمد على افتعال الأزمات»، محذراً من «سوء إدارة سد النهضة في الجفاف والفيضان، وهو ما يترك تبعات خطيرة على دولتَي مصب نهر النيل».


آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
TT

آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)

خرج الآلاف من أهالي مدينة قابس، جنوبي تونس، الأربعاء، في مسيرة جديدة، مطالبين الرئيس قيس سعيد، والسلطات المحلية بتفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث البيئي، حسبما ذكر تقرير لوكالة الصحافة الألمانية.

وهذا أحدث تحرك احتجاجي في المدينة، الواقعة على جنوب الساحل التونسي، بعد مسيرات سابقة، وإضراب عام في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، للضغط على السلطة.

وخلال المظاهرة ردَّد المحتجون بشكل خاص «الشعب يريد تفكيك الوحدات»، ورفعوا شعار «أنقذوا قابس».

وعلى مدار الأشهر الأخيرة شهدت قابس حالات اختناق جماعية متكررة بين أطفال في مدرسة «شط السلام»، القريبة من المجمع الكيميائي، مما أثار غضب الأهالي.

وتصنَّف قابس من بين الواحات البحرية النادرة في البحر الأبيض المتوسط، لكنَّ التلوث الممتد لعقود، ومنذ تأسيس المجمع الكيميائي عام 1972، أضر كثيراً بالبيئة والهواء والشواطئ والثروة السمكية، ووضع المنطقة أمام مستقبل قاتم.

وتسعى الحكومة على الأرجح إلى استكمال مشاريع سابقة للحد من التلوث المنبعث من المجمع الكيميائي، لتفادي التكلفة الاقتصادية والمالية للتفكيك، وهو ما يرفضه الأهالي والمجتمع المدني في قابس.

ومنذ إنشاء المجمع الكيميائي عام 1972، تحول «خليج قابس» إلى واحد من أكثر المواقع تلوثاً في البحر الأبيض المتوسط، حيث يمكن ملاحظة سواد المواد السامة وهي تطفو على سطح مياه الخليج.

ويحوِّل المجمع الكيميائي الفوسفات القادم من مناجم ولاية قفصة إلى حمض فوسفوري ومواد كيميائية، مثل «الأمونيتر» و«فوسفات الأمونيوم»، ثم يصب نفاياته الصناعية في البحر دون معالجة، بمعدل يصل إلى 14 ألف طن من مادة «الفوسفوجيبس» يومياً، وهي كميات كفيلة بتحويل البحر إلى مقبرة للثروة السمكية، التي كانت تتباهى بها الولاية قبل عقود، حسب خبراء.

ويُنتج المجمع أيضاً سماد DAP 18-46 المعروف بسمّية تصنيعه، وهو نفس السماد، الذي أوقفت فرنسا تصنيعه وظلت تستورده من تونس، غير آبهة بمطالبات داخلية بوقف استيراده بسبب تكلفته البيئية والصحية.


«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
TT

«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)

قامت «قوات الدعم السريع» السودانية بتدمير وإخفاء أدلة على عمليات قتل جماعي، ارتكبتها بعد اجتياحها مدينة الفاشر في إقليم دارفور بغرب البلاد، وفق ما كشف تقرير جديد.

وقال «مختبر الأبحاث الإنسانية» بجامعة ييل، الذي يستخدم صوراً للأقمار الاصطناعية لرصد الفظائع منذ بدء الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، الثلاثاء، إن هذه الأخيرة «دمرت وأخفت أدلة على عمليات القتل الجماعي واسعة النطاق، التي ارتكبتها» في عاصمة ولاية شمال دارفور.

وأثارت سيطرة «قوات الدعم السريع» العنيفة على آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، غضباً دولياً بسبب تقارير تحدثت عن عمليات إعدام خارج إطار القضاء، واغتصاب ممنهج واحتجاز جماعي. وأكد «مختبر الأبحاث الإنسانية» أنه حدد في أعقاب سيطرة «الدعم السريع» على المدينة 150 أثراً يتطابق مع رفات بشرية. وتتطابق عشرات من هذه الآثار مع تقارير عن عمليات الإعدام، كما تتطابق عشرات أخرى مع تقارير تفيد بأن «قوات الدعم السريع» قتلت مدنيين أثناء فرارهم.

وأضاف المختبر، حسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنه في غضون شهر اختفى ما يقرب من 60 من تلك الآثار، بينما ظهرت 8 مناطق حفر قرب مواقع القتل الجماعي، لا تتوافق مع ممارسات الدفن المدنية. وخلص التقرير إلى أن «عمليات قتل جماعي، وتخلص من الجثث على نطاق واسع ومنهجي قد حدثت»، مقدراً عدد القتلى في المدينة بعشرات الآلاف. وطالبت منظمات إغاثة والأمم المتحدة مراراً بالوصول الآمن إلى الفاشر، حيث لا تزال الاتصالات مقطوعة، ويُقدر عدد الناجين المحاصرين بعشرات الآلاف، وكثير منهم محتجزون لدى «قوات الدعم السريع».

وأمس الثلاثاء، أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها إزاء تقارير تفيد باحتجاز أكثر من 70 من أفراد طواقم صحية، ونحو خمسة آلاف مدني بشكل قسري في نيالا بجنوب غربي السودان.

وأسفرت الحرب المتواصلة في السودان، منذ 15 أبريل (نيسان) 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو، عن مقتل عشرات الآلاف. ودفعت الحرب نحو 12 مليوناً إلى النزوح داخل البلاد أو اللجوء إلى خارجها، وأدت إلى تدمير البنية التحتية، مما جعل السودان يعاني «أسوأ أزمة إنسانية» في العالم، حسب الأمم المتحدة.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، على «إكس»: «نشعر بالقلق إزاء التقارير الواردة من نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور السودانية، التي تفيد باحتجاز أكثر من 70 عاملاً في مجال الرعاية الصحية، بالإضافة إلى نحو خمسة آلاف مدني». مضيفاً أن المعتقلين «محتجزون في ظروف غير صحية، كما هناك تقارير عن تفشي الأمراض».