وفود قبائلية ليبية تواصل طَرق باب حفتر وتُربك حسابات «الخصوم»

احتجاجات في غرب البلاد على الزيارات المتكررة إلى بنغازي

حفتر خلال استقباله في بنغازي وفداً من مشايخ وحكماء الزاوية بغرب ليبيا (القيادة العامة)
حفتر خلال استقباله في بنغازي وفداً من مشايخ وحكماء الزاوية بغرب ليبيا (القيادة العامة)
TT

وفود قبائلية ليبية تواصل طَرق باب حفتر وتُربك حسابات «الخصوم»

حفتر خلال استقباله في بنغازي وفداً من مشايخ وحكماء الزاوية بغرب ليبيا (القيادة العامة)
حفتر خلال استقباله في بنغازي وفداً من مشايخ وحكماء الزاوية بغرب ليبيا (القيادة العامة)

كسرت زيارات وفود مشايخ وأعيان وحكماء قبائل من أنحاء ليبية إلى مقر القيادة العامة لـ«الجيش الوطني»، برئاسة المشير خليفة حفتر في بنغازي، حاجز «القطيعة القديمة» إلى حد كبير، وأبقت، في الوقت نفسه، حسابات «الخصوم مرتبكة».

جانب من لقاء مشايخ وأعيان وحكماء مدينة الزاوية المشير خليفة حفتر (القيادة العامة)

فخلال الأسابيع المنصرمة، زارت وفود قبائلية عدة من غرب وجنوب وشمال ليبيا، ممن كانوا يحسبون على سلطات طرابلس، مقر القيادة العامة بشرق البلاد، طارقين باب حفتر، وبدوا مُحملين بخطابات مُشابهة مضمونها «البحث عن الأمان في مواجهة الفوضى».

وظلّت العلاقة بين جبهة شرق ليبيا؛ ممثلة في قائد «الجيش الوطني»، وأطراف سياسية واجتماعية عدة، ولا سيما في غربه وجنوبه وشماله، متوترة، على خلفية الحرب التي شنها على طرابلس في أبريل (نيسان) 2019.

وينظر متابعون إلى زيارات الوفود المتكررة إلى مقر حفتر على أنها بمثابة «اختراق للقوى الاجتماعية الداعمة والمحسوبة على سلطات طرابلس»، كما يرون أنها خطوات «تحمل أبعاداً سياسية واستراتيجية» في الأيام المقبلة لجهة أي «ترتيبات أمنية أو عسكرية» محتملة.

غير أنه على الجانب الآخر، وفي المدن نفسها التي تَوافد منها عدد من ممثلي القبائل لطَرق أبواب حفتر، وجُد مَن اعترض على هذه الزيارات، وعدَّ مَن ذهب إلى شرق ليبيا «غير ممثلين لجموع المواطنين بغرب ليبيا».

ورغم ذلك، يرى مسؤول سياسي بشرق ليبيا أن تلك الزيارات، التي بدأت بوفد من ترهونة، ثم الزاوية، وبني وليد، وهي مدن تكاد تكون محسوبة، إلى حد ما، على سلطات طرابلس، ولها قدم بها، «أحدثت تغيراً كبيراً في المعادلة السياسية والأمنية».

ويتحدث المسؤول المقرَّب من حكومة أسامة حماد، لـ«الشرق الأوسط»، عن «تفاعل قبائلي غير معهود، على الأقل منذ حرب طرابلس، يعكس قدرة حفتر على الاحتفاظ بشبكة تحالفات محلية قوية، ما يمنحه ورقة ضغط إضافية في مواجهة خصومه السياسيين والعسكريين».

ويبدو أن الولاءات القبَلية، التي يعدُّها البعض «آفة ليبية»، لا تزال تشكّل عامل توازن مهماً في الصراعات الداخلية، خصوصاً في مناطق شرق ليبيا وغربها التي شهدت تصاعداً في التوترات، خلال السنوات الماضية.

جانب من لقاء مشايخ وأعيان وحكماء الساحل الغربي (القيادة العامة)

وتَشابه خطاب وفد مشايخ وأعيان وحكماء قبائل مناطق الساحل الغربي، الذي التقى حفتر، منتصف الأسبوع الحالي، مع خطابات أخرى لبقية الوفود التي زارت مقر القيادة العامة.

وفي كلمات مباشرة جرى بثها على الهواء مباشرة، وبحضور رئيس أركان «الجيش الوطني» الفريق خالد، نجل حفتر، خلال اللقاء الذي عُقد في «مدينة المشير»، عبّر ممثلون عن وفد مناطق الساحل الغربي، عن «بالغ تقديره لجهود القيادة العامة في ترسيخ الأمن والاستقرار، ودعمه مساعيها في بناء الوطن وإعماره وحمايته».

كما أكد الوفد، وفق ما نقله مكتب حفتر، «دعمه للقيادة العامة واستعداده لأداء دور فعّال في الحفاظ على تماسك المجتمع، والتصدي لكل ما يمسّ استقرار البلاد ووحدتها».

وفي اللقاء الذي جمع حفتر بوفد من مشايخ وأعيان مدينة الزنتان في مدينة بنغازي، تطرّق الدكتور حمد بالعيد، أحد أعضاء الوفد، إلى هذا «المتغيّر الجديد» في العلاقة عندما قال: «جئنا إلى هنا تلبيةً لاحتياج الوطن واستجابة لنداء الواجب».

وردّ حفتر على هذه المواقف قائلاً إن «عمق الأزمة التي تمر بها ليبيا هو نتاج الفشل السياسي والصراعات القائمة، وانتشار الفساد والسلاح خارج مؤسسات الدولة»، وأن «الخلل الذي أصاب كيان الدولة لا يمكن معالجته إلا بإرادة الليبيين أنفسهم، بوصفهم أصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير والمسؤولين عن تحديد مسار الحل الذي لا يأتي إلا بقرار شعبي حر».

جانب من لقاء مشايخ وأعيان وحكماء مدينة الزاوية المشير خليفة حفتر (القيادة العامة)

وعقب زيارة وفد من الزاوية بـغرب ليبيا مقر القيادة العامة في بنغازي، سارع عدد من مواطني المدينة إلى التعبير عن رفضهم لما سمّوه «عسكرة الدولة وحكم العائلة»، وقالوا إن «مَن التقوا حفتر لا يمثلون إلى أنفسهم».

وأمام هذه المستجدّات، سعت القيادة العامة إلى إحداث «اختراق وخلخلة» في معادلة القوة مع معسكر غرب البلاد، عبر فتح قنوات اتصال مع محسوبين عليه.

وبالنظر إلى هذا المتغيّر، بات «يتحتم» على خصوم حفتر في غرب ليبيا، وفقاً لمتابعين، «التحرك السريع لمراجعة استراتيجياتهم في مواجهة تكتيك مدروس من قائد الجيش الوطني؛ لتعزيز النفوذ القبلي في المشهد الليبي».

وأشاروا إلى أن «ما يجري راهناً بين معسكريْ شرق ليبيا وغربها ربما يقلب موازين القوى، في الأيام المقبلة، مع اتساع الظهير الشعبي لحفتر في مناطق غرب ليبيا، المحسوبة على سلطات طرابلس، العدو التقليدي له».


مقالات ذات صلة

«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

العالم العربي صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل

«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

أظهر تقرير أممي تفضيلاً واسعاً بين الليبيين لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع حفتر مع حمّاد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فى بنغازي (القيادة العامة)

حفتر: قوت المواطن الليبي «خط أحمر لا يمس»

شدد المشير حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي خلال اجتماعه مع رئيس الحكومة أسامة حمّاد، على ضرورة معرفة الأسباب الحقيقية وراء أزمتي نقص السيولة والوقود.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من جلسات «الحوار المهيكل» الذي ترعاه البعثة الأممية في طرابلس الاثنين (البعثة الأممية)

ليبيا: تضارب وشكوك تلاحق «الحوار الأممي المهيكل»

يرى محللون سياسيون وأحزاب ليبية في آلية اختيار الأعضاء «سرية وتخبطاً وتكراراً لوجوه سابقة، واتهامات بإعادة إنتاج الأزمة بدلاً من حلها».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من مظاهرات سابقة خرجت في طرابلس للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة 22 مايو الماضي (إ.ب.أ)

ليبيا: حراك شعبي في مصراتة يطالب بـ«إسقاط» حكومة الدبيبة

حضّ حراك شعبي جميع أطياف الليبيين على المشاركة في «اعتصام مفتوح في طرابلس للمطالبة بإسقاط حكومة الدبيبة بعيداً عن الحزبية والجِهوية والقبلية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من «جهاز مكافحة التهديدات الأمنية» (أرشيفية)

استنفار أمني في صبراتة الليبية بعد مقتل «العمو»

هيمنت أجواء الاستنفار الأمني على مدينة صبراتة، الواقعة على بعد 70 كيلومتراً غرب طرابلس، بعد مقتل الميليشياوي أحمد الدباشي المعروف بـ«العمو»، المطلوب دولياً.

خالد محمود (القاهرة )

الأمم المتحدة: أكثر من ألف قتيل في هجوم «الدعم السريع» على مخيم للاجئين في أبريل

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم «الأفاد» للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم «الأفاد» للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة: أكثر من ألف قتيل في هجوم «الدعم السريع» على مخيم للاجئين في أبريل

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم «الأفاد» للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم «الأفاد» للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الخميس، أنّ أكثر من ألف مدني قُتلوا في هجوم شنّته «قوات الدعم السريع» خلال أبريل (نيسان) الماضي في مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور السودانية.

وأشارت المفوضية، في تقرير، إلى «مجازر وعمليات اغتصاب وأعمال عنف جنسي أخرى وتعذيب وخطف» ارتُكبت خلال الهجوم الذي نفذته «قوات الدعم السريع» من 11 إلى 13 أبريل. وبحسب المفوضية «قُتل ما لا يقل عن 1013 مدنياً»، وفق ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». وانقطعت الكهرباء عن مدن رئيسية في السودان، بينها الخرطوم وبورتسودان، ليل الأربعاء الخميس، إثر قصف جوي بمسيّرات استهدف محطة توليد كهرباء رئيسية في جنوب البلاد، وفق ما أفاد شهود عيان «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مسؤول في محطة توليد الكهرباء إن اثنين من عناصر الدفاع المدني قُتلا في أثناء محاولتهما إخماد حريق اندلع عقب الغارة الأولى التي اتهم «قوات الدعم السريع» بتنفيذها.

عائلات سودانية نازحة من الفاشر تتواصل مع عمال الإغاثة خلال توزيعهم الإمدادات الغذائية بمخيم العفد الذي أُنشئ حديثاً في الضبعة بولاية شمال السودان (أ.ب)

كما أفاد شهود برؤية ألسنة اللهب والدخان تتصاعد من مدينة عطبرة بولاية نهر النيل في شرق السودان، الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني، الذي يخوض معركة مستمرة ضد «قوات الدعم السريع».

وأمس، قُتل 8 أشخاص بضربة نفّذتها طائرة مسيّرة في قرية في جنوب السودان، وذلك خلال فرارهم من كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» منذ 18 شهراً، ووقع الهجوم في قرية الكوركل على بعد نحو 50 كيلومتراً إلى الشمال من كادوقلي.

وقال شاهد عيان فرَّ مع النازحين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «قصفت مسيّرة نازحين من كادوقلي في أثناء محاولتهم مغادرة المدينة عند وصولهم لقرية الكوركل». بعدما أحكمت سيطرتها على إقليم دارفور في غرب البلاد، تتركّز عمليات «قوات الدعم السريع» على إقليم كردفان الذي يضم 3 ولايات غنية بالنفط والذهب والتربة الخصبة. ومن شأن توسُّع سيطرة «قوات الدعم السريع» في مناطق دارفور وكردفان تقسيم السودان فعلياً إلى محورين شرقي وغربي، إذ تسيطر هذه القوات على غرب السودان وقسم من الجنوب، بينما يحتفظ الجيش بسيطرته على شمال البلاد وشرقها.

وتعاني كادوقلي من توقف شبكة الاتصالات وضعف الإنترنت. وقال مصدر في برنامج الأغذية العالمي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الوضع «سيئ للغاية»، مشيراً إلى أن كثيراً من السكان يحاولون مغادرتها، إلا أن الأوضاع الأمنية تجعل ذلك محفوفاً بالمخاطر. بين يومي الاثنين والثلاثاء، غادر 460 شخصاً كادوقلي وفق المنظمة الدولية للهجرة. ووصل نحو 1850 نازحاً من جنوب كردفان، غالبيتهم نساء وأطفال، في الأيام الـ10 الأخيرة إلى ولاية النيل الأبيض المجاورة الخاضعة لسيطرة الجيش، بعدما «فرّوا من هجمات قوات الدعم السريع على مناطق مدنية»، وفق ما أفاد مسؤول محلي، الأربعاء. أدّت هذه الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 إلى سقوط عشرات آلاف القتلى ونزوح الملايين، وتسبّبت بـ«أسوأ أزمة إنسانية في العالم»، وفق الأمم المتحدة.


تحديث مصري لنماذج التنبؤ ورصد المياه المقبلة من منابع النيل

وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
TT

تحديث مصري لنماذج التنبؤ ورصد المياه المقبلة من منابع النيل

وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

تواصل الحكومة المصرية إجراءات متابعة تدفقات مياه نهر النيل بعد أن تعرضت أراضٍ زراعية للغرق خلال الأشهر الماضية؛ بسبب ما وصفته بـ«الإدارة غير المنضبطة لسد النهضة الإثيوبي»؛ وقررت وزارة الري والموارد المائية تحديث نماذج التنبؤ والرصد بدول منابع النيل.

وبين مصر وإثيوبيا توترات متصاعدة بسبب «سد النهضة» الذي دشنته أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل دون التنسيق مع دولتَي المصب، مصر والسودان.

وناقش اجتماع عقده وزير الموارد المائية والري، هاني سويلم، الأربعاء، إجراءات «تحديث نماذج التنبؤ والرصد بدول منابع النيل لتقدير كميات المياه الواصلة لبحيرة السد العالي» بجنوب البلاد.

ولجأت مصر، الشهر الماضي، إلى فتح «مفيض توشكى» لتصريف كميات المياه الزائدة خلف «السد العالي» عقب شكواها من إدارة «غير منضبطة» للسد الإثيوبي، و«تصريفات عشوائية» لمياه النيل الأزرق، الذي يعد المنبع الرئيسي لنهر النيل في السودان ومصر.

متابعة مصرية يومية لتدفق مياه نهر النيل (وزارة الري المصرية)

وقال أستاذ الموارد المائية بالمركز القومي للبحوث، أحمد فوزي دياب، إن نماذج التنبؤ بالأمطار وتدفقات المياه إلى نهر النيل تشكل جزءاً رئيسياً من السياسة المائية للدولة، ويزداد الاهتمام بها «نظراً لعدم إبلاغ إثيوبيا دولتَي المصب بتصريفات المياه من سد النهضة، ما يجعل التحديث المستمر في تقنياتها أمراً مطلوباً».

وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن نماذج التنبؤ «تقوم على معادلات رياضية من خلال حساب كميات الأمطار المتوقعة والمياه الواردة من دولة المنبع (إثيوبيا) إلى السودان، ومنها إلى مصر، وقياس إيراد النيل حسب الطبيعة الجغرافية واستخدامات الدول وحركة الفيضان للتعرف على كميات المياه القصوى والدنيا التي يمكن أن تصل إلى مصر».

وعددّت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة فيضانات النيل بعد أن تعرّضت أراضٍ زراعية ومنازل للغرق في عدد من المناطق بدلتا النيل في شمال البلاد، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقالت إنها أولت اهتماماً بعمليات تطهير الترع وإزالة التعديات على أراضي «طرح النهر» إلى جانب إقدامها على فتح «مفيض توشكى» لاستيعاب كميات المياه حال زيادة منسوب مياه النيل.

ووجهت الحكومة المصرية الشهر الماضي اتهامات لإثيوبيا بالقيام بـ«تصرفات متتابعة في سد النهضة في غياب للضوابط الفنية والعلمية في تشغيله، مع استمرار النهج العشوائي في إدارته، بما يعرض نهر النيل لتقلبات غير مأمونة التأثير»، وأكدت أن «الإدارة الأحادية للسد تُمثل تهديداً لحقوق ومصالح دولتَي المصب، وتؤثر على تشغيل السدود الواقعة خلف سد النهضة».

لكن دياب أكد أن أي مخاطر سلبية من سد النهضة يمكن التعامل معها عبر منظومة إدارة المياه في مصر، وأن السد العالي إلى جانب مفيض توشكى لديهما القدرة على استيعاب تدفق كميات كبيرة من المياه على المدى القريب أو البعيد.

وركز اجتماع وزير الري، الأربعاء، على تعزيز التعاون بين مصر ودول حوض النيل، وذلك من خلال «تنفيذ مشروعات لخدمة المواطنين بهذه الدول مثل إنشاء آبار جوفية تعمل بالطاقة الشمسية لأغراض الشرب، وخزانات أرضية، ومراسٍ نهرية، ومشروعات لمكافحة الحشائش، وإنشاء مراكز للتنبؤ بالفيضان، ومركز لنوعية المياه، وتنفيذ دراسات فنية للإدارة المتكاملة للموارد المائية بدول حوض النيل».

ويؤكد أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن مصر تمتلك مراكز لمتابعة حالة الأمطار والتنبؤ بها عن طريق الأقمار الاصطناعية وتتبع السحب وسرعتها وكثافتها وزمن وصولها إلى مناطق منابع النيل باستخدام نماذج رياضية لتحديد الكميات الواردة، وأن التحديث المستمر فيها ضروري في ظل وجود متغيرات تمثلت في تدفقات المياه من سد النهضة، ووجود إدارة مائية منفردة عليه من جانب إثيوبيا.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن مصر تحسب إيراد النيل وفقاً لتقديرات سنوية للتعرف على منسوب المياه في المعدلات الطبيعية، «لكن ما حدث بعد تشغيل سد النهضة أن وصول المياه يُمكن أن يختلف من شهر إلى آخر بسبب غلق بوابات السد وفتحها بتوقيتات غير معروفة وغير منتظمة».

وتضع مصر سياسة مائية تبدأ مع العام المائي في مطلع أغسطس (آب) الذي ينتهي في يوليو (تموز)، وفقاً لشراقي الذي أكد أنه «لا مخاوف من تراجع إيراد النيل، ولكن يمكن أن تتدفق كميات كبيرة من المياه في شهر وتنخفض في آخر بسبب فتح توربينات سد النهضة أو غلقها».

وقال وزير الموارد المائية المصري في تصريحات إعلامية، الاثنين الماضي: «النمط الإثيوبي في إدارة الأنهار الدولية يعتمد على افتعال الأزمات»، محذراً من «سوء إدارة سد النهضة في الجفاف والفيضان، وهو ما يترك تبعات خطيرة على دولتَي مصب نهر النيل».


آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
TT

آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)

خرج الآلاف من أهالي مدينة قابس، جنوبي تونس، الأربعاء، في مسيرة جديدة، مطالبين الرئيس قيس سعيد، والسلطات المحلية بتفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث البيئي، حسبما ذكر تقرير لوكالة الصحافة الألمانية.

وهذا أحدث تحرك احتجاجي في المدينة، الواقعة على جنوب الساحل التونسي، بعد مسيرات سابقة، وإضراب عام في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، للضغط على السلطة.

وخلال المظاهرة ردَّد المحتجون بشكل خاص «الشعب يريد تفكيك الوحدات»، ورفعوا شعار «أنقذوا قابس».

وعلى مدار الأشهر الأخيرة شهدت قابس حالات اختناق جماعية متكررة بين أطفال في مدرسة «شط السلام»، القريبة من المجمع الكيميائي، مما أثار غضب الأهالي.

وتصنَّف قابس من بين الواحات البحرية النادرة في البحر الأبيض المتوسط، لكنَّ التلوث الممتد لعقود، ومنذ تأسيس المجمع الكيميائي عام 1972، أضر كثيراً بالبيئة والهواء والشواطئ والثروة السمكية، ووضع المنطقة أمام مستقبل قاتم.

وتسعى الحكومة على الأرجح إلى استكمال مشاريع سابقة للحد من التلوث المنبعث من المجمع الكيميائي، لتفادي التكلفة الاقتصادية والمالية للتفكيك، وهو ما يرفضه الأهالي والمجتمع المدني في قابس.

ومنذ إنشاء المجمع الكيميائي عام 1972، تحول «خليج قابس» إلى واحد من أكثر المواقع تلوثاً في البحر الأبيض المتوسط، حيث يمكن ملاحظة سواد المواد السامة وهي تطفو على سطح مياه الخليج.

ويحوِّل المجمع الكيميائي الفوسفات القادم من مناجم ولاية قفصة إلى حمض فوسفوري ومواد كيميائية، مثل «الأمونيتر» و«فوسفات الأمونيوم»، ثم يصب نفاياته الصناعية في البحر دون معالجة، بمعدل يصل إلى 14 ألف طن من مادة «الفوسفوجيبس» يومياً، وهي كميات كفيلة بتحويل البحر إلى مقبرة للثروة السمكية، التي كانت تتباهى بها الولاية قبل عقود، حسب خبراء.

ويُنتج المجمع أيضاً سماد DAP 18-46 المعروف بسمّية تصنيعه، وهو نفس السماد، الذي أوقفت فرنسا تصنيعه وظلت تستورده من تونس، غير آبهة بمطالبات داخلية بوقف استيراده بسبب تكلفته البيئية والصحية.