«السيادي» السعودي يضع بصمته في الاقتصاد الأميركي باستثمارات تفوق 170 مليار دولار

مختص في شؤون الخليج لـ«الشرق الأوسط»: العلاقة تتجه لأقوى نمو بفضل بيئة الأعمال في المملكة

محافظ «صندوق الاستثمارات العامة» ياسر الرميان خلال جلسة حوارية في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» في الرياض (رويترز)
محافظ «صندوق الاستثمارات العامة» ياسر الرميان خلال جلسة حوارية في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» في الرياض (رويترز)
TT

«السيادي» السعودي يضع بصمته في الاقتصاد الأميركي باستثمارات تفوق 170 مليار دولار

محافظ «صندوق الاستثمارات العامة» ياسر الرميان خلال جلسة حوارية في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» في الرياض (رويترز)
محافظ «صندوق الاستثمارات العامة» ياسر الرميان خلال جلسة حوارية في مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» في الرياض (رويترز)

في وقتٍ تتجاوز فيه استثمارات «صندوق الاستثمارات العامة» السعودي في الولايات المتحدة حاجز 170 مليار دولار، تترسخ ملامح شراكة استراتيجية تُعد الأكبر من نوعها بين الرياض وواشنطن.

ومع استعداد العاصمة الأميركية لاستقبال ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، في الثامن عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، يزداد الاهتمام بالدور المحوري الذي يلعبه الصندوق، بوصفه قوة دافعة في الاقتصاد العالمي، وأحد الأعمدة الرئيسية في التحول الاقتصادي الذي تشهده المملكة في إطار «رؤية 2030».

فالصندوق الذي يتوقع أن تصل أصوله تحت الإدارة إلى تريليون دولار بنهاية العام الجاري، يسعى إلى تقديم عوائد مالية مستدامة، بالتوازي مع قيادة التحول الاقتصادي للمملكة، والمساهمة في رسم ملامح المستقبل الاقتصادي العالمي.

ووفق ما يؤكد الصندوق على موقعه الرسمي، فإن الغرض الأوسع لـ«السيادي» السعودي يدعم نموه السريع ووجوده العالمي؛ إذ أطلق أكثر من 100 شركة جديدة، وخلق ما يزيد على 1.1 مليون وظيفة داخل المملكة وخارجها، خلال السنوات السبع الماضية.

وكان وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، التقى الأسبوع الماضي، محافظ «صندوق الاستثمارات العامة»، ياسر الرميان، في العاصمة الأميركية؛ حيث جرى بحث سبل تعزيز استثمارات الصندوق في الولايات المتحدة.

وكتب بيسنت في منشور على حسابه في منصة «إكس»: «سعدتُ باستقبال معالي ياسر الرميان وفريقه في وزارة الخزانة الأميركية. ناقشنا فرص صندوق الاستثمارات العامة السعودي لزيادة استثماراته بشكل كبير في الولايات المتحدة، مما يعزز النمو الاقتصادي، ويبني علاقات طويلة الأمد بين بلدينا».

ويؤكد هذا اللقاء متانة العلاقة بين الرياض وواشنطن رغم تقليص الصندوق انكشافه على الأسهم الأميركية في الربع الثالث من العام الحالي، وذلك بسبب تخارجه من 9 شركات مدرجة وفق ما نشرته «بلومبرغ» نقلاً عن بيانات هيئة الأوراق المالية والبورصات في الولايات المتحدة.

نمو مستقبلي قوي

قال الزميل الزائر في «معهد دول الخليج العربية» بواشنطن، تيم كالين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والسعودية تشهد مؤشرات على عودة تعزيزها، موضحاً أن الصادرات الأميركية إلى المملكة تنمو، وأن هناك عدداً من الصفقات الاستثمارية والتجارية قيد التنفيذ.

وأضاف كالين أن الشراكة بين البلدين ستتعزز خلال السنوات الخمس المقبلة، مدفوعة بتوافق المصالح الاقتصادية الاستراتيجية، والعلاقة الجيدة بين الرئيس الأميركي وولي العهد السعودي. وأشار إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى توسيع صادراتها، وزيادة الاستثمارات السعودية في الشركات الأميركية، في حين تعمل المملكة على تعزيز فرص الوصول إلى التكنولوجيا والابتكار الأميركيين، لدعم إصلاحاتها الطموحة ضمن «رؤية 2030».

وأكد أن الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة ومشترياتها من المنتجات الأميركية مرشحة للزيادة، لافتاً في المقابل إلى أن الاستثمارات الأميركية في المملكة قد تشهد أقوى نمو لها في السنوات المقبلة، بفضل تحسن مناخ الاستثمار السعودي، وتنوع الفرص التي تتيحها «رؤية 2030»، وتوفر الطاقة المنخفضة التكلفة، ووفرة الأراضي الداعمة لتوسع قطاعات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.

الشريك الاستثماري الأكبر

تُعد الولايات المتحدة أكبر شريك استثماري لـ«صندوق الاستثمارات العامة» خارج المملكة. فمنذ عام 2017، ضخ الصندوق نحو 170 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي، عبر استثمارات مباشرة وغير مباشرة، شملت شراء السلع والخدمات، وأسهمت في خلق أكثر من 172 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة في مختلف القطاعات الأميركية.

ويظهر هذا التأثير في صناعات أميركية رئيسية، أبرزها قطاع الطيران؛ حيث قدمت شركة «طيران الرياض» المملوكة للصندوق، طلبية شراء تصل إلى 72 طائرة من طراز «بوينغ»، ما دعم صناعة الطيران الأميركية.

كما يمتد التعاون إلى قطاع التكنولوجيا السحابية، عبر شراكات مع شركات كبرى، مثل: «أمازون لخدمات الويب»، و«مايكروسوفت»، و«أوراكل»، و«غوغل كلاود»، لتعزيز الروابط التكنولوجية، وبناء بنى تحتية رقمية متقدمة.

ويمضي الصندوق في تأسيس شراكات مالية عميقة مع كبرى شركات إدارة الأصول والمؤسسات المالية الأميركية، من بينها: «غولدمان ساكس»، و«بروكفيلد»، و«بلاك روك».

وفي عام 2024، أعلن الصندوق عن شراكة بقيمة 5 مليارات دولار كاستثمار أولي مع «بلاك روك»، لإطلاق شركة «بلاك روك الرياض لإدارة الاستثمارات»، بهدف جذب رؤوس أموال جديدة إلى المملكة، وفتح فرص استثمارية فريدة أمام الشركات الأميركية الراغبة في التوسع بالمنطقة.

خلال توقيع مذكرة التفاهم لتأسيس «منصة بلاك روك الرياض لإدارة الاستثمارات» (صندوق الاستثمارات العامة)

وكان العضو المنتدب في «بلاك روك» بمنطقة الشرق الأوسط، ومدير منصة «بلاك روك الرياض لإدارة الاستثمارات»، كاشف رياض، قد قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن الهدف من تأسيس المنصة هو إتاحة الفرصة للمستثمرين في المملكة وحول العالم للوصول إلى الاقتصاد السعودي، مضيفاً أن السوق المحلية تشهد تحولاً واضحاً مع دخول مكاتب العائلات والمنصات الرقمية كمحركات جديدة في سوق المال.

قيادة الابتكار في الاستدامة والرياضة العالمية

لا يقتصر تأثير «صندوق الاستثمارات العامة» على التمويل التقليدي؛ بل يمتد إلى تشكيل مستقبل الابتكار في قطاعات حيوية، مثل الرياضة والتكنولوجيا والاستدامة. ففي مجال الرياضة، يدعم الصندوق فعاليات بطولة ميامي المفتوحة، و«إنديان ويلز» في الولايات المتحدة، بالشراكة مع رابطة محترفي ومحترفات التنس، كما أطلق برنامجاً هو الأول من نوعه في العالم، يمنح إجازة أمومة مدفوعة الأجر للاعبات التنس المحترفات.

وفي قطاع الألعاب الإلكترونية، قاد الصندوق تحالفاً استثمارياً بقيمة 55 مليار دولار للاستحواذ على شركة «إلكترونيك آرتس» في صفقة وُصفت بأنها أكبر عملية استحواذ بالديون على الإطلاق في هذا القطاع.

كما يواصل التزامه بقطاع النقل المستدام عبر شراكته مع «فورمولا إي»، بما في ذلك سباق «ميامي إي بري» مسلطاً الضوء على التطورات في السيارات الكهربائية وسباقات الطاقة النظيفة.

وفي إطار دعم الابتكار العلمي، أطلق الصندوق تحت مظلة برنامج «إي 360» والشراكة الأميركية مبادرة «درايفنغ فورس ستيم» التي تستقطب حالياً 54 ألف طالب في الولايات المتحدة وعدة دول أخرى، بهدف تعزيز الخبرات العملية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وإلهام المبتكرين في المستقبل.

وفي كلمته خلال «منتدى الأعمال الأميركي» في ميامي منذ أيام، أوضح رئيس الإدارة العامة لاستراتيجية الاستثمار والدراسات الاقتصادية، ورئيس الإدارة العامة للتمويل الاستثماري العالمي في السيادي السعودي، فهد السيف، أن صناديق الثروة السيادية لم تعد تقتصر على إدارة الأصول فحسب؛ بل أصبحت منظمات فاعلة في إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي.

وقال: «لقد تطور دور صناديق الثروة السيادية من كونها صناديق أجيال ذاتية الإدارة إلى استثمارات موضوعية أكثر نشاطاً؛ خصوصاً في قطاعات البنية التحتية للذكاء الاصطناعي والتقنيات الحيوية».

وأشار السيف إلى أن إطلاق «رؤية 2030» غيَّر مهمة صندوق الاستثمارات العامة جذرياً، ليؤدي ثلاثة أدوار رئيسية: بناء الاقتصاد الوطني، وتعظيم الأصول، والمحافظة على ثروة الأجيال القادمة. وقال إن الصندوق يختتم الشهر المقبل استراتيجيته الخمسية الممتدة من 2021 إلى 2025، لينتقل إلى مرحلة جديدة للسنوات الخمس المقبلة، مؤكداً تفاؤله بمستقبل الاستثمار طويل الأجل.

وأوضح أن الصندوق ركَّز خلال السنوات الماضية على 13 قطاعاً رئيسياً، ويعمل حالياً على دمجها في ستة أنظمة بيئية، تشمل: السياحة والسفر والترفيه، والتصنيع المتقدم، والصناعة والخدمات اللوجستية، والطاقة المستدامة، والبنية التحتية، وصولاً إلى مشروع «نيوم» الذي يشكل مظلة لهذه المنظومات.

وأكد السيف أن بلاده تمكنت من رفع مساهمة الناتج المحلي غير النفطي إلى أكثر من 55 في المائة، بينما نما الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 37 في المائة على أساس سنوي، وبلغت الإيرادات غير النفطية من إجمالي الإيرادات 49.7 في المائة حتى الربع الثاني من العام الجاري.

في الختام، تؤكد الأرقام المعلنة -ولا سيما ضخ 170 مليار دولار في شرايين الاقتصاد الأميركي- أن «صندوق الاستثمارات العامة» لم يعد مجرد مستثمر؛ بل هو شريك استراتيجي فعَّال يُعيد تشكيل الروابط الاقتصادية العالمية.


مقالات ذات صلة

ترمب «عرَّاب» اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

خاص ترمب يعرض النسخة التي وقَّع عليها لاتفاق غزة في شرم الشيخ (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle

ترمب «عرَّاب» اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

في قطاع غزة كان لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب دور بارز في إقناع «حماس» وإسرائيل بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وإعلان انتهاء الحرب التي استمرت عامين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض يوم 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)

خاص نتنياهو لا يزال يدرس «ترمب الجديد»

الخبراء بتل أبيب يلفتون الانتباه إلى «أزمة خطيرة بمكانة إسرائيل لدى واشنطن لدرجة الحديث عن تشكيل تهديد استراتيجي» وترمب يثق في أنه يعرف مصلحة إسرائيل أكثر منها

نظير مجلي (تل أبيب)
خاص صورة لاجتماع ترمب والرئيس السوري أحمد الشرع في واشنطن بتاريخ 10 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب) play-circle

خاص كيف غيَّرت قرارات ترمب وجه سوريا؟

بعد سنوات من سياسات أميركية اتسمت بالتردد وتضارب الأجندات، تتجه واشنطن اليوم بخطى ثابتة نحو سياسة أكثر مباشرة و«براغماتية» عنوانها تحقيق النتائج على الأرض.

سلطان الكنج
الاقتصاد علم الولايات المتحدة، ونموذج طلب تأشيرة "إتش - 1بي"، وشعارات شركات معروضة في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

القضاء يرفض الطعن ضد رسم ترمب 100 ألف دولار على تأشيرات «إتش- 1 بي»

رفضت قاضية المحكمة الجزئية الأميركية، بيريل هاول، في واشنطن العاصمة، حجج غرفة التجارة الأميركية التي قالت إن الرسم يتعارض مع قانون الهجرة الاتحادي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ أحد المؤيدين لترمب يحمل لافتة مكتوباً عليها «ترحيل المهاجرين غير الشرعيين الآن» خلال تجمع انتخابي العام الماضي (أ.ف.ب)

واشنطن تبحث نقل رعايا دول ثالثة إلى بالاو

قالت الولايات المتحدة إن نائب وزير الخارجية كريستوفر لانداو أجرى اتصالاً هاتفياً مع سورانغيل ويبس، رئيس بالاو، بحثا خلاله نقل رعايا دول ثالثة إليها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

القضاء يرفض الطعن ضد رسم ترمب 100 ألف دولار على تأشيرات «إتش- 1 بي»

علم الولايات المتحدة، ونموذج طلب تأشيرة "إتش - 1بي"، وشعارات شركات معروضة في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
علم الولايات المتحدة، ونموذج طلب تأشيرة "إتش - 1بي"، وشعارات شركات معروضة في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
TT

القضاء يرفض الطعن ضد رسم ترمب 100 ألف دولار على تأشيرات «إتش- 1 بي»

علم الولايات المتحدة، ونموذج طلب تأشيرة "إتش - 1بي"، وشعارات شركات معروضة في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)
علم الولايات المتحدة، ونموذج طلب تأشيرة "إتش - 1بي"، وشعارات شركات معروضة في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

رفض قاضٍ اتحادي أميركي يوم الثلاثاء طعناً تقدمت به أكبر جماعة ضغط لقطاع الأعمال في الولايات المتحدة، ضد الرسم البالغ 100 ألف دولار الذي فرضه الرئيس دونالد ترمب على التأشيرات الجديدة من فئة «إتش- 1 بي» المخصصة للعمال الأجانب ذوي المهارات العالية، معتبراً أن الإجراء يندرج ضمن الصلاحيات الواسعة للرئيس في تنظيم شؤون الهجرة.

ورفضت قاضية المحكمة الجزئية الأميركية بيريل هاول في واشنطن العاصمة حجج غرفة التجارة الأميركية، التي قالت إن الرسم يتعارض مع قانون الهجرة الاتحادي، وسيؤدي إلى قيام كثير من الشركات والمستشفيات وأرباب العمل الآخرين بتقليص الوظائف والخدمات المقدمة للجمهور، وفق «رويترز».

وكتبت هاول: «إن الجدل الحاد بين الأطراف حول الحكمة النهائية لهذا القرار السياسي لا يقع ضمن اختصاص المحاكم. وما دامت الإجراءات التي يفرضها القرار السياسي والمبيَّنة في الإعلان الرئاسي تقع ضمن حدود القانون، فيجب الإبقاء على الإعلان».

وهاول مُعيَّنة من قبل الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما.

وقال داريل جوزيفر، نائب الرئيس التنفيذي وكبير المستشارين القانونيين لغرفة التجارة، إن كثيراً من الشركات الصغيرة والمتوسطة لن تكون قادرة على تحمُّل هذا الرسم. وأضاف في بيان: «نشعر بخيبة أمل من قرار المحكمة، وندرس خيارات قانونية إضافية لضمان أن يعمل برنامج تأشيرات (إتش- 1 بي) كما أراده الكونغرس».

ويتيح برنامج «إتش- 1 بي» لأرباب العمل في الولايات المتحدة توظيف عمال أجانب تلقوا تدريباً في مجالات تخصصية، وتعتمد عليه شركات التكنولوجيا بشكل خاص. ويوفر البرنامج 65 ألف تأشيرة سنوياً، إضافة إلى 20 ألف تأشيرة أخرى لحاملي الشهادات العليا، وتُمنح لفترات تتراوح بين 3 و6 سنوات.

ومن شأن قرار ترمب أن يرفع بشكل حاد تكلفة الحصول على تأشيرات «إتش- 1 بي» التي كانت رسومها تتراوح عادة بين نحو ألفين و5 آلاف دولار، حسب عوامل مختلفة.

وقالت غرفة التجارة في دعواها إن الرسم الجديد سيجبر الشركات التي تعتمد على برنامج «إتش- 1 بي» على الاختيار بين زيادة تكاليف العمالة بشكل كبير أو توظيف عدد أقل من العمال الأجانب ذوي المهارات العالية.

كما رفعت مجموعة من الولايات الأميركية التي يقودها ديمقراطيون، إلى جانب ائتلاف من أرباب العمل والمنظمات غير الربحية والهيئات الدينية، دعاوى قضائية أخرى للطعن في هذا الرسم.

وكان ترمب قد استند في قراره فرض الرسم إلى صلاحياته بموجب قانون الهجرة الاتحادي، لتقييد دخول بعض الرعايا الأجانب الذين قد يشكل دخولهم ضرراً لمصالح الولايات المتحدة.

وقالت القاضية هاول إن ترمب دعم بشكل كافٍ ادعاءه بأن برنامج «إتش- 1 بي» يزاحم العمال الأميركيين، مشيرة إلى أمثلة لشركات سرَّحت آلاف الأميركيين في الوقت الذي كانت تتقدم فيه بطلبات للحصول على تأشيرات «إتش- 1 بي».


الدولار الأميركي يتجه نحو أسوأ أداء سنوي منذ 2003

يعرض أحد مكاتب الصرافة في مومباي أوراق نقدية من فئة 100 دولار أميركي (إ.ب.أ)
يعرض أحد مكاتب الصرافة في مومباي أوراق نقدية من فئة 100 دولار أميركي (إ.ب.أ)
TT

الدولار الأميركي يتجه نحو أسوأ أداء سنوي منذ 2003

يعرض أحد مكاتب الصرافة في مومباي أوراق نقدية من فئة 100 دولار أميركي (إ.ب.أ)
يعرض أحد مكاتب الصرافة في مومباي أوراق نقدية من فئة 100 دولار أميركي (إ.ب.أ)

يتجه الدولار الأميركي نحو أسوأ أداء سنوي له منذ أكثر من عقدين، مع توقعات المستثمرين بخفض «الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة العام المقبل، في حين يتوقع عدد من البنوك المركزية الأخرى رفعها.

وظلّ الدولار تحت ضغط التداولات الآسيوية، حيث لم تُغيّر قراءة قوية للناتج المحلي الإجمالي الأميركي من توقعات خفض أسعار الفائدة، ما يجعل المستثمرين يراهنون على خفضين إضافيين تقريباً من قِبل «الاحتياطي الفيدرالي» في 2026. وقال ديفيد ميريكل، كبير الاقتصاديين الأميركيين في «غولدمان ساكس»: «نتوقع أن تُوافق لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية على خفضين إضافيين بمقدار 25 نقطة أساس إلى ما بين 3 في المائة و3.25 في المائة، لكن المخاطر انخفضت مع تباطؤ التضخم»، وفق «رويترز».

وانخفض الدولار مقابل سلة من العملات إلى أدنى مستوى له في شهرين ونصف الشهر عند 97.767، متجهاً نحو خسارة 9.9 في المائة، هذا العام، وهو أكبر انخفاض سنوي منذ 2003. وقد تأثر الدولار، خلال العام، بالتعريفات الجمركية الفوضوية التي فرضها الرئيس ترمب، مما أثار أزمة ثقة في الأصول الأميركية، إلى جانب المخاوف من نفوذ سياسي على استقلالية «الاحتياطي الفيدرالي».

وأشار محللو بنك «إتش إس بي سي» إلى أن ضعف الدولار يعكس مخاوف متزايدة بشأن استقلالية «الاحتياطي الفيدرالي»، وليس فقط توقعات السياسة النقدية. وأضافوا: «مع ميل (الاحتياطي الفيدرالي) نحو سياسة نقدية أكثر تيسيراً وبقاء عدد من البنوك المركزية الأخرى على موقف تصاعدي، تميل توقعات الدولار نحو الانخفاض».

في المقابل، ارتفع اليورو إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر عند 1.1806 دولار، مسجلاً مكاسب تزيد قليلاً عن 14 في المائة منذ بداية العام، في طريقه لتحقيق أفضل أداء له منذ 2003. ورفع البنك المركزي الأوروبي توقعاته للنمو والتضخم، مما يقلل احتمالات التيسير النقدي، في المستقبل القريب.

كما سجل الدولار الأسترالي أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر عند 0.6710 دولار، بعد ارتفاعه بنسبة 8.4 في المائة منذ بداية العام، في حين بلغ الدولار النيوزيلندي أعلى مستوى له في شهرين ونصف الشهر عند 0.58475 دولار، بعد صعوده بنسبة 4.5 في المائة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي. وحقق الجنيه الإسترليني أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر عند 1.3531 دولار، مع مكاسب تزيد على 8 في المائة منذ بداية العام، وسط توقعات بخفض محتمل للفائدة من بنك إنجلترا في 2026.

ويبقى التركيز على الين الياباني، مع ترقب المتداولين احتمال تدخُّل السلطات لوقف تراجع العملة. وأوضحت وزيرة المالية ساتسوكي كاتاياما أن اليابان تتمتع بحرية التصرف في مواجهة تحركات مُفرطة للين، ما أوقف تراجع العملة عند مستوى 155.60 ين للدولار، بعد ارتفاعه بنسبة 0.4 في المائة خلال الجلسة السابقة. وقال كيت جوكس، كبير استراتيجيي العملات الأجنبية في «سوسيتيه جنرال»: «مع ظروف التداول المنخفضة في نهاية العام، يزيد خطر تدخل السلطات، خلال موسم العطلات».

ورفع بنك اليابان سعر الفائدة، يوم الجمعة الماضي، وهو قرار متوقع، لكن تصريحات المحافظ كازو أويدا خيّبت آمال بعض المستثمرين الذين كانوا يتوقعون لهجة أكثر تشدداً، ما جعل الأسواق تترقب أي عمليات شراء رسمية للين، خصوصاً مع انخفاض أحجام التداول مع اقتراب نهاية العام.


الروبية الهندية ترتد بعد إعلان البنك المركزي عن مقايضة الدولار

موظف يعد أوراقاً نقدية بالروبية الهندية داخل مكتب صرافة خاصة في نيودلهي (رويترز)
موظف يعد أوراقاً نقدية بالروبية الهندية داخل مكتب صرافة خاصة في نيودلهي (رويترز)
TT

الروبية الهندية ترتد بعد إعلان البنك المركزي عن مقايضة الدولار

موظف يعد أوراقاً نقدية بالروبية الهندية داخل مكتب صرافة خاصة في نيودلهي (رويترز)
موظف يعد أوراقاً نقدية بالروبية الهندية داخل مكتب صرافة خاصة في نيودلهي (رويترز)

تراجعت علاوات العقود الآجلة للروبية الهندية يوم الأربعاء من أعلى مستوياتها في عدة سنوات، بعدما استقبل المتداولون بارتياح إعلان بنك الاحتياطي الهندي عن تنفيذ مقايضة شراء/بيع للدولار مقابل الروبية، في وقت ساد فيه الهدوء السوق الفورية مع استقرار العملة المحلية.

وكانت وفرة سيولة الدولار، إلى جانب قيود الميزانيات العمومية في نهاية العام، قد دفعت علاوات العقود الآجلة إلى الارتفاع الحاد خلال الجلسات الأخيرة، ما دفع المصرفيين إلى مطالبة البنك المركزي بالتدخل عبر تنفيذ مقايضات شراء/بيع للحد من التقلبات، وفق «رويترز».

وعقب إغلاق السوق يوم الثلاثاء، أعلن بنك الاحتياطي الهندي عن عزمه إجراء مقايضة شراء/بيع للدولار الأميركي مقابل الروبية الهندية لأجل 3 سنوات بقيمة 10 مليارات دولار الشهر المقبل، وذلك ضمن مجموعة أوسع من الإجراءات الرامية إلى إدارة السيولة في النظام المصرفي.

وأسهمت هذه الخطوة، إلى جانب مؤشرات على قيام البنوك الحكومية بالحصول على علاوات آجلة نيابةً عن البنك المركزي يوم الثلاثاء، في تهدئة السوق ودفع علاوات العقود الآجلة إلى الانخفاض يوم الأربعاء.

وتراجعت علاوة العقود الآجلة لزوج الدولار/الروبية لتسليم نهاية يناير (كانون الثاني) إلى 41 بيساً، بعد أن بلغت ذروتها عند 58 بيساً في جلسة الثلاثاء، كما انخفضت علاوة العقود الآجلة لتسليم نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) إلى 240 بيساً، مقارنة بذروة بلغت 278 بيساً.

وقال أميت باباري، المدير الإداري لشركة الاستشارات المالية «سي آر فوريكس»، إن هذه الإجراءات ستؤدي إلى ضخ سيولة بالروبية، وسحب فائض الدولارات، بما يُحقق توازناً يهدف إلى تخفيف حدة ظروف السوق والحد من الارتفاع الحاد في علاوات العقود الآجلة.

وفي السوق الفورية، تراجعت الروبية بنسبة 0.1 في المائة لتُسجل 89.70 روبية مقابل الدولار خلال تعاملات اليوم. ويتوقع المتداولون أن تشهد الأسواق هدوءاً نسبياً مع اقتراب نهاية العام، بعدما أدّت تحركات حادة في الأسبوعين الأولين من ديسمبر (كانون الأول) إلى هبوط العملة إلى مستوى قياسي بلغ 91.0750 روبية، قبل أن تستعيد جزءاً من خسائرها بدعم من تدخل قوي للبنك المركزي الهندي.

وخلال تعاملات الأربعاء، حدّ ارتفاع طفيف في الطلب على شراء الدولار عند السعر المرجعي اليومي من تأثير ضعف الدولار عالمياً، إذ استقر مؤشر الدولار عند 97.9 نقطة، بالقرب من أدنى مستوياته في شهرين.

ومنذ بداية العام، فقدت الروبية نحو 5 في المائة من قيمتها، لتُصبح أسوأ العملات الآسيوية أداءً في عام 2025، متأثرة بضعف تدفقات الاستثمار وتداعيات الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة.

ارتفاع أسعار السندات

ارتفعت أسعار السندات الحكومية الهندية في التعاملات المبكرة يوم الأربعاء بعد أن إعلان البنك المركزي عن ضخ سيولة كبيرة للشهر المقبل، ما خفّف المخاوف بشأن المعروض من الديون على المدى القريب.

وسجّل عائد السندات القياسية لأجل 10 سنوات 6.5679 في المائة بحلول الساعة 9:50 صباحاً بتوقيت الهند، بعد أن أغلق عند 6.6328 في المائة يوم الثلاثاء، علماً بأن عوائد السندات تتحرك عكسياً مع أسعارها.

وأعلن بنك الاحتياطي الهندي أنه سيضخ نحو 2.90 تريليون روبية (32.42 مليار دولار) في النظام المصرفي من خلال شراء السندات في السوق المفتوحة، وإجراء مقايضة الدولار بالروبية.

وسيشتري البنك سندات حكومية بقيمة تريليوني روبية على 4 دفعات بين 29 ديسمبر و22 يناير، كما سيجري عملية مقايضة بين الدولار والروبية لمدة 3 سنوات بقيمة 10 مليارات دولار في 13 يناير.

وقال أحد المتداولين في بنك حكومي: «هذا ما كانت السوق بحاجة إليه؛ جدول زمني لشراء السندات يوضح مسار السوق، ويُساعد أيضاً على تحسين الطلب في المزادات».

وكان عائد السندات لأجل 10 سنوات قد انخفض بنحو 7 نقاط أساسية عن أعلى مستوى له في جلسة الثلاثاء، وسط تكهنات بأن البنك المركزي كان يشتري سندات في السوق الثانوية. وأظهرت بيانات فئة «أخرى»، التي تشمل نشاط البنك المركزي، صافي مشتريات بقيمة 47.4 مليار روبية، ما يُعزز هذا الرأي.

وقد اشترى البنك المركزي بالفعل سندات بقيمة تريليون روبية، وأجرى عملية مقايضة عملات أجنبية بقيمة 5 مليارات دولار هذا الشهر. وبلغ إجمالي مشتريات البنك حتى عام 2025 نحو 6.5 تريليون روبية، وهو رقم قياسي، وسط قلق الأسواق من ارتفاع تكاليف الاقتراض؛ حيث قدّر المحللون إجمالي المعروض من الديون بنحو 8.1 تريليون روبية بين يناير ومارس (آذار).

وشهدت أسعار مقايضة الفائدة لليلة واحدة في الهند ارتفاعاً، رغم استمرار انخفاض أحجام التداول. ولم يتم تداول سعر مقايضة الفائدة لليلة واحدة لمدة عام أو عامين، في حين انخفض سعر المقايضة لمدة 5 سنوات إلى 5.93 في المائة، بعد أن سجل أعلى مستوى له في أكثر من 9 أشهر عند 6.0150 في المائة يوم الثلاثاء.

ارتفاع طفيف للأسهم الهندية

وارتفعت مؤشرات الأسهم الهندية الرئيسية بشكل طفيف في التعاملات المبكرة يوم الأربعاء، متأثرة بأداء نظيراتها الآسيوية بعد صدور بيانات نمو أميركية أقوى من المتوقع، رغم أن خسائر أسهم قطاع تكنولوجيا المعلومات حدّت من المكاسب.

وسجل مؤشر «نيفتي 50» ارتفاعاً بنسبة 0.15 في المائة ليصل إلى 26,216.35 نقطة، في حين ارتفع مؤشر «بي إس إي سينكس» بنسبة 0.12 في المائة، ليصل إلى 85.627.91 نقطة، حتى الساعة 10:10 صباحاً بتوقيت الهند.

وشهدت 10 من أصل 16 قطاعاً رئيسياً ارتفاعاً، لكنها كانت مكاسب متواضعة. وسجلت أسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة ارتفاعاً بنسبة 0.4 في المائة و0.2 في المائة على التوالي.