تواجه أسعار تذاكر كأس العالم 2026 موجة انتقادات واسعة من جماهير كرة القدم، التي وصفتها بأنها مرتفعة إلى حد «الإقصاء»، في ظل مخاوف من أن تتحول مدرجات البطولة إلى مساحة مخصصة للأثرياء على حساب المشجعين الأكثر شغفاً باللعبة، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».
ورغم تصاعد الغضب الجماهيري، يرى مراقبون أن الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» ليس الجهة الوحيدة المسؤولة عن هذا الواقع، في ظل طبيعة سوق إعادة بيع التذاكر غير المنظمة في الولايات المتحدة، التي لعبت دوراً رئيسياً في تضخيم الأسعار، بغضّ النظر عن السعر الأصلي الذي يحدده الاتحاد الدولي.
ففي حال اعتمد «فيفا» الأسعار نفسها التي طُبقت في كأس العالم 2022، لكانت القرعات قد شهدت ملايين الطلبات، مع حصول نسبة محدودة فقط من الجماهير على التذاكر، بينما يُجبر الباقون على اللجوء إلى سوق إعادة البيع بأسعار باهظة، وهو السيناريو ذاته القائم حالياً.
وتُعد سوق إعادة البيع في الولايات المتحدة أحد أبرز أسباب الأزمة، إذ تسمح القوانين بانتشارها دون قيود تُذكر، على عكس دول أخرى مثل المكسيك، حيث تُفرض تشريعات صارمة تحدّ من نشاط السماسرة. ونتيجة لذلك، أصبحت التذاكر الرخيصة هدفاً للمضاربين، الذين يعيدون بيعها بأضعاف سعرها، سواء عبر منصات إلكترونية أو وسطاء أفراد.
وتشير بيانات السوق إلى أن أسعار إعادة البيع لجميع مباريات مونديال 2026 باتت أعلى من أسعار «فيفا» الرسمية، حيث قفزت بعض التذاكر من نحو 150 دولاراً إلى أكثر من 1000 دولار في السوق الثانوية. ويرى «فيفا» أن هذا الواقع يطرح تساؤلاً جوهرياً حول أحقية العوائد: هل تذهب أرباح المضاربة إلى أفراد، أم تُعاد توظيفها في تطوير كرة القدم عالمياً؟
ويرى بعض المحللين أن «فيفا» يستفيد من القوة الشرائية العالية في السوق الأميركية لإعادة توزيع الموارد على دول أقل دخلاً، غير أن هذا التبرير يفقد وجاهته بحسب منتقدين عند نقطة أساسية، تتمثل في غياب سياسات واضحة لمكافأة المشجعين الأكثر ولاءً والتزاماً.
فلا يعترض كثيرون على بيع جزء من التذاكر بأسعار مرتفعة، لكن الاعتراض الأكبر يتركز على تعميم هذه الأسعار على جميع الفئات، بمن فيهم من دعموا اللعبة لسنوات، وأسهموا في بنائها جماهيرياً ومجتمعياً. وفي هذا السياق، عبّرت روابط مشجعين عن استيائها من تجاهل «فيفا» لدور القاعدة الشعبية في إنجاح البطولة.
ورداً على الانتقادات، أعلن «فيفا» تخصيص عدد محدود من التذاكر منخفضة السعر للمشجعين المرتبطين مباشرة بمنتخباتهم، غير أن هذه الخطوة وُصفت بأنها غير كافية، إذ طالبت منظمات جماهيرية بتوسيع نطاق المبادرة، واعتماد معايير توزيع لا تقوم على القدرة المالية وحدها، بل على الشغف والمشاركة الفعلية في دعم اللعبة.
ويرى مختصون أن هناك بدائل متعددة لتوزيع مورد نادر مثل تذاكر كأس العالم، من بينها تخصيص حصص لمن حضروا مباريات تصفيات، أو دعموا الأندية المحلية، أو شاركوا في مبادرات تطوير كرة القدم القاعدية. غير أن «فيفا» بحسب القراءة السائدة اختار مساراً يركز على العائد المالي أولاً، ما عزز الانطباع بأن البطولة باتت أقل شمولاً.
ورغم اعتراف «فيفا» الضمني بالحاجة إلى تصحيح المسار عبر تخصيص عدد محدود من التذاكر المدعومة، فإن الغالبية العظمى من الجماهير لا تزال مطالبة بدفع مبالغ مرتفعة، حتى لمباريات لا تُصنّف ضمن القمم الكبرى.
ومع اقتراب انطلاق مونديال 2026، يبقى الجدل مفتوحاً حول التوازن بين تعظيم الإيرادات وضمان عدالة الوصول، وسط مخاوف من أن تترك البطولة، مهما كان نجاحها التنظيمي، شعوراً بالمرارة لدى ملايين المشجعين الذين وجدوا أنفسهم خارج المدرجات.