في خطوة تعكس تصعيداً سياسياً في ليبيا، جدد المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» المتمركز في الشرق، دعوته لـ«حراك سلمي» يقوده الشعب لإحداث «تغيير جذري» في المشهد السياسي، محذراً من «الانقسامات التي تعصف بالبلاد».
وتزامناً مع ذلك، أكد «المجلس الأعلى للدولة» تحفظه على قرارات مجلس النواب التي وصفها بـ«الانقسامية»، بينما عقد رئيس «المجلس الرئاسي» محمد المنفي، اجتماعاً عسكرياً موسعاً في طرابلس لإعادة تنظيم الجيش، في ظل تنافس مزداد بين حكومة «الوحدة» برئاسة عبد الحميد الدبيبة ونجل حفتر، الفريق صدام، للسيطرة في الجنوب الليبي.

واعتبر حفتر، خلال لقائه الأحد مع مشايخ وأعيان وحكماء قبائل بني وليد، أن «البلاد بحاجة إلى تغيير جذري في المشهد السياسي لضمان الأمن والاستقرار ووحدة الوطن»، وأكد أن «الحل الحقيقي للأزمة الليبية يكمن في المسار الذي يقرره الشعب بنفسه».
ودعا حفتر المواطنين مجدداً، إلى «تولي زمام الأمور بأنفسهم عبر حراك سلمي منظم يعبر عن إرادتهم في بناء الدولة وتقرير مصيرهم»، كما طلب من الدول التي تسعى للسلام والاستقرار في ليبيا، إلى «الانحياز الكامل لخيار الشعب، والوقوف إلى جانبه عند اتخاذ قراره ورسم خريطة الطريق لبناء دولته».
ونقل عن الحاضرين «دعمهم الكامل لقوات الجيش ومساعيها في ترسيخ الأمن والاستقرار وبناء الوطن وحمايته وتوحيد صفه».
وكان صدام، نجل ونائب حفتر، أكد خلال زيارته إلى بلدية أوجلة مساء الأحد، حرصه على دعم مشاريع الإعمار والتنمية داخل بلديات الواحات، والعمل على توفير الاحتياجات الأساسية التي تضمن تحسين الخدمات وتعزيز فرص العمل، بما ينعكس إيجابياً على حياة المواطنين. وأدرج الزيارة ضمن «رحلة الوفاء» التي يقوم بها، وتمتد عبر مختلف مدن ومناطق البلاد.

بدوره، أكد المنفي، الذي ترأس الأحد، باعتباره «القائد الأعلى للجيش الليبي»، اجتماعاً موسعاً بالعاصمة طرابلس، بحضور الدبيبة، ضرورة «إعادة تنظيم المؤسسة العسكرية، وتعزيز الجوانب المهنية والانضباطية وتطوير الكفاءات، وتوحيد الهياكل الإدارية، تعزيزاً للدور المهم للجيش الليبي».
وقال بيان للمنفي إن الاجتماع ناقش «الأوضاع الأمنية وإعادة تنظيم هيكلة المؤسسة العسكرية على كل الأصعدة، مع التركيز على تحديد المهام وتطوير الكفاءات، والآليات التنفيذية لتفعيل قانون التقاعد العسكري»، وأشاد بما يبذله الجيش الليبي «من جهود لدعم ركائز الأمن والاستقرار على جميع الاتجاهات».
ويأتي هذا الاجتماع في سياق تنافس حاد على الجنوب الليبي بين الدبيبة وصدام حفتر، حيث يسعى الأخير إلى توسيع النفوذ العسكري والتنموي عبر مبادرات مثل «معاً من أجل الجنوب» وتفقد قواعد حدودية، بينما رد الدبيبة بزيارات ميدانية لتعزيز حرس الحدود.

ويرى مراقبون أن اجتماع المنفي «محاولة لإثبات حضوره السياسي، ووجود المجلس الرئاسي بوصفه جهة توحيدية للجهود العسكرية، وبخاصة مع سيطرة حفتر الفعلية على معظم الجنوب، وانكماش نفوذ الدبيبة خارج العاصمة طرابلس».
إلى ذلك، أكد «المجلس الأعلى للدولة» في بيان أصدره مساء السبت، أن تحفظه على بعض القوانين الصادرة عن مجلس النواب، «لا يتعلق بتحسين حياة المواطنين أو ما يخص المعاشات التقاعدية ومرتبات المعلمين وأعضاء هيئة التدريس والهيئات القضائية... بل إن الرفض أو التحفظ، كان فقط تجاه القوانين التي تكرس الانقسام السياسي أو تخالف الاتفاق السياسي، أو تلك التي تستوجب التشاور والتوافق بين المجلسين؛ مثل قانون إنشاء المحكمة الدستورية وغيرها من التشريعات التي تمس المسار الوطني التوافقي».
وجدد المجلس دعمه الثابت لحقوق المتقاعدين، مؤكداً أن «هذه الفئة تمثل رمزية وطنية كبيرة لما قدمته من جهود وتضحيات في خدمة الوطن، وأن إنصافها واجب قانوني وأخلاقي وإنساني يعزز الاستقرار والتكافل الاجتماعي».
كما شدد على رفضه محاولات ترويج «أخبار مغلوطة» حول مواقفه، مؤكداً «أن حقوق المتقاعدين، بما فيها الزيادات التي نص عليها القانون رقم (5) لسنة 2013 وتعديلاته، ليست محل خلاف أو مساومة، وأن المجلس كان ولا يزال من أشد المدافعين عنها».
ودعا الجهات التنفيذية المعنية إلى «سرعة تنفيذ إجراءات تحسين مرتبات ومعاشات المتقاعدين»، مؤكداً أن «إنصاف هذه الشريحة هو إنصاف للوطن بأسره».

في غضون ذلك، واصل الدبيبة تجاهله للجدل الذي أثارته غارات جوية شنتها قوات تابعة لحكومته على ميناء زوارة بغرب البلاد، بدعوى مكافحة التهريب، وسط تصاعد الاتهامات الموجهة إليها بـ«ترويع المدنيين وقصف قوارب مدنية».
وأكد خلال اجتماعه مساء السبت، مع عمداء بلديات وأعيان المنطقة الوسطى، أن حكومته ماضية في تنفيذ برامجها ومشاريعها بمختلف البلديات، وعلى رأسها قطاعات التعليم والصحة والكهرباء والبنية التحتية، مشيراً إلى أن المنطقة الوسطى تمثل محوراً استراتيجياً في مسار التنمية، و«ستحظى بمزيد من الاهتمام ضمن خطة الحكومة لتحقيق العدالة في توزيع المشاريع».




