ليبيا تواجه تحديات تجارة المخدرات وانتشار شبكات التهريب

اختصاصيون وأكاديميون يحذِّرون من «ازدياد عمليات غسل الأموال»

مواد مخدرة ضُبطت في مدينة القطرون جنوب ليبيا (جهاز مكافحة المخدرات)
مواد مخدرة ضُبطت في مدينة القطرون جنوب ليبيا (جهاز مكافحة المخدرات)
TT

ليبيا تواجه تحديات تجارة المخدرات وانتشار شبكات التهريب

مواد مخدرة ضُبطت في مدينة القطرون جنوب ليبيا (جهاز مكافحة المخدرات)
مواد مخدرة ضُبطت في مدينة القطرون جنوب ليبيا (جهاز مكافحة المخدرات)

أعادت عملية ضبط 250 ألف قرص من عقار «الترامادول» في شرق ليبيا «قبل تهريبها إلى مصر»، إلى الواجهة، النقاش حول استمرار مخاطر تجارة المخدرات، وتغول شبكاتها في البلاد؛ حيث تحوَّلت -حسب اختصاصيين- إلى اقتصاد موازٍ عابر للحدود، تُعَد ليبيا إحدى محطاته الرئيسية.

عناصر من «اللواء 444 قتال» تضبط متهماً بالاتجار في المخدرات (اللواء)

العملية الأمنية التي وصفها خبراء بأنها نوعية، داهم خلالها «جهاز مكافحة المخدرات» في شرق ليبيا، مخزناً في منطقة أمساعد الحدودية مع مصر، كان يُستخدم لتجميع «الأقراص المهلوِسة» تمهيداً لتهريبها، كاشفاً أنها نُفِّذت بناءً على معلومات أمنية دقيقة.

ويُنظَر إلى ضبط هذه الكمية الضخمة من الأقراص على أنه «تحسُّن ملموس في الجهد الاستخباراتي»، وهي رؤية الباحث الليبي المتخصص في شؤون الأمن القومي، فيصل أبو الرايقة، الذي قال إن «حجم الكمية المعدة للتهريب يضع البلاد في حالة إنذار مبكر، ذات ضوء برتقالي»، عادّاً أن تهريب المخدرات «يشكِّل تهديداً مباشراً للأمن القومي، الليبي والمصري على حد سواء».

ويحذِّر أبو الرايقة -في تصريح لـ«الشرق الأوسط»- من أن هذه التجارة «تُدار عبر شبكات متطورة، وجماعات تستثمر الفراغ الأمني ومصادر التمويل غير المشروعة».

وتكشف سلسلة من العمليات خلال الأشهر الأخيرة عن اتساع المسارات والطرق المستخدمة في التهريب، بعد الكشف عن محاولات تهريب مشابهة في ميناء بنغازي، داخل حاوية شحن قادمة من الخارج، وأخرى في سبها أسفرت عن ضبط آلاف «الأقراص المهلوِسة».

ويعتمد المهربون على شبكات لوجستية معقدة، تمتد من ميناءي طبرق وبنغازي شرقاً إلى زوارة والخمس غرباً، ومنها إلى معابر صحراوية غير رسمية نحو مصر وتشاد والسودان؛ حسب «المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية».

ويتواكب ذلك مع تطور مستمر في حيل وأساليب التهريب داخل ليبيا؛ حيث لجأت الشبكات إلى وسائل متخفية غير تقليدية، مثل استخدام سيارات إسعاف لأغراض نقل المخدرات وترويجها، وهو ما جرى الكشف عنه، السبت، في طبرق، شرق البلاد.

ويستفيد المهربون من الانقسام السياسي والأمني في ليبيا؛ حيث يتقاسم جهازان مختلفان في الشرق والغرب مهمة مكافحة المخدرات، في ظل غياب تنسيق فعَّال.

شحنة مخدرات ضبطتها السلطات الأمنية في شرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

ويبرز تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في يونيو (حزيران) الماضي، أن «الانقسام السياسي يؤدي إلى تكرار الجهود وغياب التنسيق الميداني؛ خصوصاً في المناطق الحدودية، مع غياب قاعدة بيانات موحدة لمكافحة هذه الظاهرة»؛ مشيراً إلى أن مساحات شاسعة من الجنوب الليبي والصحراء الكبرى تقع خارج السيطرة الفعلية للدولة.

في المقابل، يبرز الجانب الاقتصادي لشبكات الاتجار بالمخدرات التي تتخذ من ليبيا إحدى محطاتها؛ حيث التشابك العميق مع شبكات غسل الأموال.

ولا توجد تقديرات رسمية موثوقة عن حجم هذا النشاط الإجرامي. ويذهب الخبير الاقتصادي خالد بوزعكوك، رئيس «منتدى بنغازي للتنمية الاقتصادية»، إلى القول إن هذه التجارة تُدر ملايين الدولارات سنوياً، ضمن اقتصاد غير رسمي يتقاطع مع تهريب الوقود والسلاح والبشر.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن أرباح تجارة المخدرات «تُغذي أنشطة غسل الأموال، وتشوه الدورة المالية المشروعة، ما يؤدي إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية، نتيجة تدفق السيولة الضخمة لدى المهربين الذين يشترون العملة الصعبة من السوق المحلية».

ويشير بوزعكوك إلى أن هذه الظاهرة «تسهم كذلك في ارتفاع معدلات الجريمة وازدياد الإنفاق الأمني، وتراجع الإيرادات العامة، مثل الرسوم الجمركية، فضلاً عن انكماش الاقتصاد المحلي وتدهور الصناعة الوطنية».

وعلى مدار الأسبوع الماضي، تمكنت السلطات من ضبط 28 متهماً في قضايا اتجار في المخدرات وتعاطٍ لها، 18 في غرب ليبيا و10 في شرقها، وضُبطت بحوزتهم كميات من «الحشيش» و«الأقراص المهلوِسة» و«الترامادول»، إلا أن محللين يشيرون إلى أن هذه، تمثل «قدراً ضئيلاً» من حجم النشاط الفعلي لشبكات التهريب في البلاد.

وفي السياق، تكشف نقاشات سياسيين وناشطين ليبيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن قلق من أن نشاط تجارة المخدرات «بدأ يترك آثاراً غير مباشرة على السوق المحلية».

ولا تقتصر التداعيات على الاقتصاد والأمن؛ إذ يرى خبراء اجتماعيون أن «المخدرات باتت تجارة بديلة في مناطق تعاني الفقر والبطالة».

وحسب بلال المسلاتي، الباحث الاجتماعي وعضو هيئة التدريس بـ«جامعة المرقب» الليبية، فإن انتشار عقاقير مثل «الترامادول» واستمرار نشاط شبكات تهريبها، لا يعكسان فقط ازدياد حالات الإدمان محلياً؛ بل «يُظهران أن بعض الشباب يلجأ للانضمام إلى تلك الشبكات هرباً من الضغوط الاقتصادية والأزمات المعيشية، ما يجعلهم عرضة للاستغلال والتحول إلى حلقة في سلسلتها العابرة للحدود».

ويضيف المسلاتي أن تغول هذه التجارة غير المشروعة «يرتد بآثار بالغة الخطورة على المجتمع الليبي؛ إذ تلجأ شرائح مختلفة لتعاطي هذه المواد كوسيلة للهروب من الواقع الاقتصادي الصعب. وتترافق هذه الظاهرة مع ارتفاع معدلات الجريمة بكافة أشكالها».

ومع تصاعد نشاط الشبكات العابرة للحدود، لا يجد فيصل أبو الرايقة خياراً سوى «ضرورة تجفيف المنابع المالية لهذه الأنشطة المحرَّمة، عبر تكثيف تتبع الحسابات المصرفية، وتعزيز الجهود الاستخباراتية، إلى جانب تشديد الرقابة على الحدود، وتفعيل آليات التعاون الإقليمي لمواجهة هذا التحدي السيادي الخطير».

وبينما يرى مراقبون أن ضبط ربع مليون قرص «خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح»، فإن استمرار الانقسام وغياب استراتيجية وطنية موحدة قد يجعل من هذه النجاحات «إنذارات متكررة في حرب طويلة ضد اقتصاد يزداد تغولاً».


مقالات ذات صلة

ليبيا: أزمة السيولة واحتياجات المواطنين تفجّران جدلاً حول «مشاريع التنمية»

شمال افريقيا الدبيبة خلال افتتاح «المتحف الوطني» في طرابلس الذي أثار انتقادات عدد كبير من الليبيين (رويترز)

ليبيا: أزمة السيولة واحتياجات المواطنين تفجّران جدلاً حول «مشاريع التنمية»

هيمنت أزمة نقص السيولة على المشهد الليبي؛ في ظل اصطفاف المواطنين أمام المصارف لساعات طويلة، إلى جانب نقاشات موسعة مع خبراء ومسؤولين حول سبل المعالجة.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا افتتاح «الحوار المهيكل» في ليبيا (أرشيفية - البعثة الأممية)

مصراتة تنتفض لـ«حل الأجسام المسيطرة» على المشهد الليبي

دافعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، مجدداً، عن «الحوار المهيكل» الذي ترعاه في العاصمة طرابلس، رغم الجدل المثار حول إمكانية نجاحه.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)

«الوحدة» الليبية تتابع ملف الهيشري الموقوف لدى «الجنائية الدولية»

قالت سفارة ليبيا في هولندا إن «القسم القنصلي سينظم زيارات دورية للمحتجز الهيشري، ضمن اختصاصاته ومسؤولياته القنصلية تجاه المواطنين الليبيين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)

تيتيه تتهم الزعماء الليبيين بـ«التقاعس» عن تنفيذ «خريطة الطريق»

اتهمت هانا تيتيه، أصحاب المصلحة السياسيين الرئيسيين في ليبيا بـ«التقاعس» عن تنفيذ موجبات العملية السياسية المحددة من المنظمة الدولية.

علي بردى (واشنطن)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري أشاد بزيارته الأخيرة إلى الجزائر للمشاركة في أعمال الآلية الثلاثية حول ليبيا (إ.ب.أ)

الجزائر ومصر تؤكدان «دعمهما الكامل» لمسار الحل الليبي - الليبي

تبادل وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج بدر عبد العاطي مع نظيره الجزائري أحمد عطاف، الرؤى حول الأزمة الليبية، وسبل تعزيز العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

روبيو يكثّف الدعوات لهدنة في السودان

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)
روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)
TT

روبيو يكثّف الدعوات لهدنة في السودان

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)
روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)

وضع وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، مدى زمنياً من 10 أيام لتثبيت هدنة إنسانية في السودان، مع بداية العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تضع فيها واشنطن مواقيتَ أمام طرفي النزاع، الجيش و«قوات الدعم السريع».

وذكر روبيو في تصريحات، الجمعة، أنَّ «هدف واشنطن الفوري وقف الأعمال القتالية في السودان قبل بداية العام الجديد»، في تكثيف للتحرك الأميركي من أجل الوصول إلى هدنة إنسانية.

وقال إنَّ بلاده منخرطة «بشكل مكثف» مع أطراف إقليمية عديدة، لافتاً إلى محادثات أجرتها واشنطن مع مسؤولين في السعودية والإمارات ومصر، بالتنسيق مع المملكة المتحدة، للدفع نحو هدنة إنسانية تسمح بتوسيع عمليات الإغاثة.

وقال روبيو: «99 في المائة من تركيزنا ينصب على هذه الهدنة الإنسانية والتوصل إليها في أسرع وقت ممكن». وأضاف: «نعتقد أنَّ العام الجديد والأعياد المقبلة تُمثل فرصة عظيمة لكلا الجانبين للاتفاق على ذلك».


10 أيام فاصلة... ما ملامح خطة أميركا لوقف حرب السودان؟

TT

10 أيام فاصلة... ما ملامح خطة أميركا لوقف حرب السودان؟

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)
روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)

وضع وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، مدى زمنياً من 10 أيام لتثبيت هدنة إنسانية في السودان، مع بداية العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تحدد فيها الإدارة الأميركية مواقيت زمنية أمام طرفي النزاع؛ الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ إعلان تدخل واشنطن بقوة في هذا الملف.

وذكر روبيو في تصريحات صحافية، الجمعة، أن «هدف واشنطن الفوري وقف الأعمال القتالية في السودان قبل بداية العام الجديد». وقال إن بلاده منخرطة «بشكل مكثف» مع أطراف إقليمية عديدة، لافتاً إلى محادثات أجرتها واشنطن مع مسؤولين في السعودية والإمارات ومصر، بالتنسيق مع المملكة المتحدة، في إطار الدفع نحو هدنة إنسانية تسمح بتوسيع عمليات الإغاثة.

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)

وأكد روبيو في مؤتمر صحافي أن «99 في المائة من تركيزنا ينصب على هذه الهدنة الإنسانية والتوصل إليها في أسرع وقت ممكن». وأضاف: «نعتقد أن العام الجديد والأعياد المقبلة تمثل فرصة عظيمة لكلا الجانبين للاتفاق على ذلك، ونحن نبذل قصارى جهدنا في هذا الصدد».

وقال روبيو إن كلا الجانبين انتهك التزاماته، وأعرب عن قلقه إزاء التقارير الجديدة التي تفيد بتعرض قوافل مساعدات إنسانية لهجمات. وأضاف: «ما يحدث هناك مروع، إنه فظيع». وتابع: «سيأتي يوم تُعرف فيه القصة الحقيقية لما حدث هناك، وسيبدو كل من شارك في الأمر بمظهر سيئ».

ضغوط على السودان

وفي هذا الصدد، قال مصدر سوداني مطلع لــ«الشرق الأوسط»، إن رئيس «مجلس السيادة»، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، اطلع خلال زيارته الأخيرة إلى الرياض على دعوة عاجلة للامتثال لخريطة الرباعية للموافقة على تهدئة القتال، وإنه طلب أسبوعاً للرد عليها بعد إجراء مشاورات مع حلفائه في الداخل.

وأوضح المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن الخطة التي طرحت على البرهان، لا تخرج عن إطار خريطة الرباعية المتفق عليها بين الدول الأربع؛ الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر. وفي حين لم يشر وزير الخارجية الأميركي إلى أي خطة جديدة، لكنه ألمح إلى أن الإدارة الأميركية قد تلجأ لممارسة المزيد من الضغوط من أجل الوصول إلى المرحلة الأولى، التي تشمل الهدنة الإنسانية، وربطها في الوقت نفسه بإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في مناطق النزاع.

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

وربط المصدر السوداني حديث روبيو في هذا التوقيت، بزيارة البرهان إلى السعودية، وتزامنها مع وجود كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، الذي عاد إلى واشنطن بعد جولة طويلة شملت السعودية والإمارات ومصر.

تدخل سعودي حاسم

وصعد ملف الحرب في السودان إلى سلم أولويات الإدارة الأميركية، بعد التدخل السعودي الحاسم، وطلب ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان من الرئيس دونالد ترمب التدخل لوقف الحرب. ووفقاً لوزارة الخارجية السودانية، أكد البرهان خلال زيارته إلى الرياض الأسبوع الماضي، حرصه على العمل مع السعودية والرئيس دونالد ترمب ومبعوثه للسلام مسعد بولس لوقف الحرب في السودان.

وبحسب المصدر نفسه، تعكس تصريحات البرهان تحولاً كبيراً في موقف الحكومة السودانية التي سبق أن رفضت مقترح «الآلية الرباعية» بهدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، مشيراً إلى أن دول الرباعية أكدت مراراً وتكراراً التزامها بالعمل في إطار هذه المبادرة لوقف الحرب عبر الحل السلمي المتفاوض عليه.

من جهته، قال مستشار «قوات الدعم السريع»، محمد المختار، إن «موقفنا المبدئي هو الترحيب بأي مبادرة لوقف الحرب ومعالجة جذور الأزمة في السودان». وأضاف أن «الدعم السريع وتحالف تأسيس (المرجعية السياسية لحكومة السلام) في نيالا، على اتفاق تام بالتعاطي مع أي جهود أو تسوية تؤدي إلى إحلال السلام في البلاد... وظللنا منذ اندلاع الحرب نستجيب لكل المساعي الإقليمية والدولية في هذا الصدد».

التحركات الأميركية

وقال دبلوماسي سوداني سابق، إن الإدارة الأميركية لا تلجأ في العادة لتحديد سقف زمني لأي ملف تتحرك فيه دون مؤشرات واضحة أو حصولها على ضوء أخضر، مضيفاً: «صحيح أن القيد الزمني الذي وضعته ضيق جداً، لكنها قد تنجح في اقتلاع موافقة نهائية من طرفي الحرب بخصوص الهدنة الإنسانية في الأيام القليلة المقبلة».

وأشار الدبلوماسي السوداني إلى أن وقف إطلاق النار يتوقف على كلا الجانبين، من حيث الوفاء بالتزاماتهما في تنفيذ المقترح المطروح من قبل «الآلية الرباعية». وأضاف الدبلوماسي، الذي طلب أيضاً عدم ذكر اسمه، أن إدارة ترمب تركز في الوقت الحالي على جمع الطرفين في مفاوضات مباشرة للاتفاق على تنفيذ المرحلة الأولى للهدنة الإنسانية التي تمهد الانتقال إلى مرحلة إيقاف دائم لإطلاق النار، يعقب ذلك تنفيذ الرؤية المضمنة في خريطة الرباعية بخصوص العملية السياسية والانتقال إلى الحكم المدني.وتوقع الدبلوماسي أن تتسارع وتيرة تحركات الرباعية بكثافة في الأيام المقبلة، بعد حديث روبيو، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مع طرفي الصراع للالتزام بتنفيذ الهدنة فوراً دون تأخير.

وتنص خريطة «الرباعية» على التنفيذ السريع لمقترح الهدنة الإنسانية لمدة 3 أشهر، وإيقاف فوري لإطلاق النار دون قيد أو شرط، وتطويره إلى وقف إطلاق نار دائم، ثم البدء في مفاوضات سياسية.

ترحيب إماراتي

من جهته، جدّد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، التأكيد على أن الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، وضمان وصول إنساني آمن من دون عوائق إلى المدنيين، يمثلان أولوية قصوى في ظل تفاقم الاحتياجات الإنسانية واتساع دائرة المعاناة في السودان.

ورحّب الشيخ عبد الله بن زايد بتصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بشأن السودان، التي شدد فيها على أن الهدف العاجل لواشنطن يتمثل في وقف الأعمال العدائية مع دخول العام الجديد بما يسمح للمنظمات الإنسانية بإيصال المساعدات إلى مختلف أنحاء البلاد.

الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي (وام)

وأثنى وزير الخارجية الإماراتي على ما تضمنته التصريحات الأميركية من تركيز على دفع مسار التهدئة الإنسانية والتخفيف من وطأة الأزمة، مؤكداً أن أي تقدم عملي يبدأ بوقف إطلاق النار على نحو عاجل، بما يوفر حماية للمدنيين ويؤسس لتهيئة بيئة سياسية أكثر قابلية للحل.

كما رأى أن تثبيت الهدنة الإنسانية وفتح الممرات أمام الإغاثة «يمهدان الطريق» لمسار سياسي يفضي إلى انتقال مدني مستقل يحقق تطلعات السودانيين إلى الأمن والاستقرار والسلام.

وفي هذا السياق، أكد الشيخ عبد الله بن زايد التزام دولة الإمارات بالعمل مع المجموعة الرباعية بقيادة الولايات المتحدة، ضمن جهود تستهدف دعم مسار سياسي مدني مستدام يضع مصلحة الشعب السوداني فوق كل اعتبار.

إدريس إلى نيويورك

من جهة ثانية، توجّه رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إلى نيويورك، السبت، للاجتماع بالأمين العام للأمم المتحدة ومسؤولين آخرين ومناقشة سبل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية ووقف محتمل لإطلاق النار، وفق ما أفاد مصدران في الحكومة السودانية.

وتأتي هذه الزيارة في ظلّ احتدام المعارك بين الجيش السوداني و«قوّات الدعم السريع» في جنوب كردفان، ما يثير مخاوف من فظائع جديدة شبيهة بتلك التي ارتكبت في مدينة الفاشر في أواخر أكتوبر (تشرين الأول). وترافقت سيطرة «قوّات الدعم السريع» على آخر معقل للجيش في إقليم دارفور (غرب) مع تقارير عن عمليات قتل جماعي واغتصاب واختطاف.


مصر: رفع اسم علاء عبد الفتاح من قائمة «منع السفر»

علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
TT

مصر: رفع اسم علاء عبد الفتاح من قائمة «منع السفر»

علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)

رفع النائب العام المصري، محمد شوقي عياد، السبت، اسم الناشط علاء عبد الفتاح من قوائم «منع السفر»، استجابةً لطلب قدمه محاميه في وقت سابق.

وبموجب قرار النائب العام الذي ستجري مخاطبة الجهات المختصة به، سيكون من حق علاء عبد الفتاح، الحاصل على الجنسية البريطانية بجانب جنسيته المصرية، القدرة على مغادرة البلاد بعد نحو 3 أشهر من الإفراج عنه بعفو رئاسي استجابة لمناشدات عدة قدمتها أسرته، ومخاطبة قدمها «المجلس القومي لحقوق الإنسان» في مصر.

وصدر حكم قضائي على علاء عبد الفتاح في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بالسجن 5 سنوات بتهمة «الانضمام إلى جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، ونشر وبث أخبار وبيانات كاذبة داخل وخارج البلاد، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها».

وجاء الحكم بعد أكثر من عامين على توقيف الناشط، الذي أُلقي القبض عليه في سبتمبر (أيلول) 2019.

وكانت محكمة جنايات القاهرة قد قررت رفع اسم علاء عبد الفتاح من «قوائم الإرهاب» في القضية رقم 1781 لسنة 2019 في يوليو (تموز) الماضي، مستندة إلى التحريات التي أفادت بـ«عدم استمراره في أي نشاط لصالح جماعة إرهابية»، وهو القرار الذي ترتّب عليه إنهاء جميع الآثار القانونية المترتبة على الإدراج، بما في ذلك المنع من السفر وتجميد الأموال وغيرهما من العقوبات.

وحصل علاء عبد الفتاح على الجنسية البريطانية خلال وجوده في السجن، بعدما تقدمت شقيقتاه بطلب للسلطات البريطانية على خلفية حصول والدته على الجنسية لولادتها هناك، وهو ما جعل موقفه القانوني محل نقاش مستمر بين المسؤولين المصريين ونظرائهم البريطانيين خلال السنوات الماضية.