تستعد الدرعية لإحياء لياليها التراثية في حي المريح، ضمن «فعاليات موسم الدرعية 2025» الذي ينطلق تحت شعار «عزّك وملفاك». وحي المريح هو أحد أبرز الأحياء التاريخية بمحافظة الدرعية، ويحتفظ بعبق الماضي وأصالة المكان، حيث ارتبط اسمه بتاريخ الدولة السعودية الأولى، ويمتد على ضفاف وادي حنيفة بموقع تتقاطع فيه الذاكرة والحياة.
وتعود فعالية «ليالي الدرعية»، التي تنطلق يوم 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، لتقدّم تجربة تجمع بين الطابعين التقليدي والحديث. وستشهد الفعالية في قلب حي المريح عروضاً حيَّة، ومأكولات حصرية من مطاعم عالمية، إضافة إلى تجارب ترفيهية تُعبِّر عن روح الضيافة السعودية.

وقال الباحث في تاريخ الدرعية، منصور الشويعر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مشروع تطوير الدرعية التاريخية يُعدّ من أبرز المشروعات الوطنية التي حظيت بمتابعة مباشرة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز»، مؤكداً أنه يمثل «نموذجاً فريداً في الحفاظ على التراث العمراني والثقافي وتحويله إلى وجهة سياحية وثقافية عالمية».
واستعاد الشويعر محطات من تاريخ الدرعية، مشيراً إلى أن المدينة كانت واحة تاريخية ذات موقع استراتيجي على ضفاف وادي حنيفة في قلب نجد، «وقد رسَّخت مكانتها عندما أصبحت عاصمة الدولة السعودية الأولى تحت حكم الإمام محمد بن سعود. وارتبط اسم حي المريح برأيين تاريخيين؛ الأول أنه كان مربطاً لخيول حُكام آل سعود لقربه من حي الطريف، والثاني أنه كان مكاناً لحفظ البهائم والأنعام، ثم اختُصر لاحقاً إلى اسم (المريح) وفق عادة أهل نجد في تصغير الأسماء».

ويقع الحي على ضفاف وادي حنيفة متصلاً بحي السهل، ويفصله عن حي البجيري الطريق المؤدية إلى الطريف، ويحده من الشمال الشرقي حي شعيب نصر الله. وقد شهدت دروبه حياة نابضة منذ عهد الدولة السعودية الأولى، وقد ازدهرت فيه الزراعة، ومن أبرز مزارعه القديمة: نخل الخريمة، ونخل السفلى، والطالعة، والقميرية، والحويطة.
وسكنت حي المريح أُسر عريقة عدّة في الدرعية، من بينها: آل شلهوب، وآل محسن، وآل هران، وآل شريان، وآل مسيند، وآل عيسى، وآل أبو حميد، إضافة إلى عائلات من الدوسري والدخيل... مما يعكس عمق الروابط والانتماء للمكان. ويحتل مسجد المريح مكانة خاصة في ذاكرة الحي؛ إذ تعاقب على إمامته مشايخ كثر من الذين عُرفوا بتعليم القرآن الكريم وغرس قيم العلم بين أبنائه.
ويرى الشويعر أن «موسم الدرعية 2025» يعكس عمق المشهد الثقافي السعودي وتنوعه، ويجسد رؤية المملكة في جعل الثقافة والسياحة رافدين أساسيين للتنمية المستدامة. في حين تواصل «هيئة تطوير بوابة الدرعية» جهودها في جعل الدرعية منصة دائمة للحراك الثقافي والسياحي، بما يعزز حضورها العالمي ويجسّد روح الهوية السعودية المتجذرة في تاريخها العريق. وتأتي فعالية «ليالي الدرعية» في حي المريح حاملة تجربة تفاعلية بروح المكان.

