بعدما عاصَرَ 6 رؤساء حكومات، واستقبل زعماء العالم عند الباب الأسود الشهير رقم 10 في داونينغ ستريت، يستعد القطّ «لاري»، كبير صائدي الفئران في مقرّ رئاسة الوزراء البريطانية، لاعتلاء صدارة المشهد مجدّداً من خلال سلسلة وثائقية جديدة على قناة «تشانل 4»، تستعرض علاقة البريطانيين الخاصة بالقطط.
وعلى مدى 15 عاماً من التحوّلات السياسية الدراماتيكية، ظلَّ «لاري» الثابت الوحيد في قلب السياسة البريطانية، رمزاً للطمأنينة والاستمرارية في مواجهة التبدّلات السريعة. وقد باتت شعبيته تفوق في بعض الأحيان شعبية ساكني المقر من السياسيين، وفق «الغارديان».
يقول أحد المصادر في «ويستمنستر» إنّ «لاري هو الشخص الذي ينبغي مقابلته في مقرّ رئاسة الوزراء»، مؤكداً أن رجال الشرطة المتمركزين أمام المقرّ يفتحون له الباب متى شاء، كونه «صاحب البيت الحقيقي».
وُلدت قصة «لاري» من المصادفة، حين جرى تبنّيه من مأوى «باترسي» للكلاب والقطط عام 2011 لمعالجة مشكلة الفئران في المقر، مع بداية حكومة الائتلاف بين ديفيد كاميرون ونيك كليغ. وكان كاميرون قد حرص على نفي شائعات الخلاف معه قائلاً في إحدى جلسات البرلمان: «يقال إنني لا أحب (لاري)... لكني أحبه بالفعل».

مع مرور السنوات، أصبح «لاري» جزءاً من المشهد السياسي البريطاني، لا يتأثَّر بتبدُّل الحكومات ولا تعاقب الوزراء. وغالباً ما يظهر في البثّ المباشر جالساً أمام باب المقرّ في مشهد اعتاده البريطانيون، حتى بات مصدر إزعاج للبستاني الذي يشكو من زيارته المتكرّرة لأحواض الزهور الأمامية.
ووفق صفحته الرسمية على موقع الحكومة البريطانية، يقضي «لاري» (18 عاماً) أيامه في «استقبال الزوار، وتفقُّد الإجراءات الأمنية، واختبار الأثاث العتيق للنوم»، بينما تتمثَّل مَهمّته اليومية في «التفكير في حلّ نهائي لمشكلة الفئران».
ويقول أستاذ الجغرافيا بجامعة كامبريدج، فيليب هاول، إنّ «الاستقرار عنصر أساسي في جاذبية (لاري)، فهو يمنح البريطانيين شعوراً بالاستمرارية بعيداً عن الانقسام السياسي».
ويصفه المُصوّر جستن نغ، الذي اعتاد التقاط صوره خارج المقرّ، بأنه «رمز للثبات والقدرة على الظهور في اللحظة المناسبة أمام الكاميرات»، وأضاف أحد العاملين في المقرّ: «في كلّ مناسبة رسمية، يظهر فوراً كأنه يعرف أنّ السجادة الحمراء فُرشَت لأجله».

ولم تخلُ مسيرة «لاري» من معارك، أبرزها مع القط «بالمرستون» الذي كان يقيم في وزارة الخارجية قبل تقاعده عام 2020، إذ كان الاثنان يتقاتلان أمام أنظار المارّة. وقال أحد رجال الشرطة مُبتسماً: «لا أحد يتدخَّل في شجار قطط!».
ويتمتَّع «لاري» بقاعدة جماهيرية واسعة، إذ يتابعه أكثر من 868 ألف شخص على منصة «إكس» عبر حسابه الشهير «Number10Cat»، كما يتلقّى رسائل وهدايا من معجبين حول العالم. وقد خُلّد اسمه في كتاب الصحافي بيتر كاردويل «الحيوانات السياسية».
وبينما تتبدَّل الحكومات والوجوه في داونينغ ستريت، يبقى «لاري» سيد المكان بلا منازع، يستقبل ضيوف بريطانيا من عتبة التاريخ، وينام قرير العين على حافة النافذة المُطلّة على أكثر الأبواب شهرة في العالم.



