«قوة الاستقرار» في غزة... خلافات التشكيل والمهام تهدد التفويض الأممي

مصدر يرجح لـ«الشرق الأوسط» إمكانية تأسيسها دون قرار من مجلس الأمن

مسلحان من «حماس» يقفان إلى جانب أعضاء من الصليب الأحمر الدولي خلال البحث عن جثث رهائن إسرائيليين بمدينة غزة (أ.ف.ب)
مسلحان من «حماس» يقفان إلى جانب أعضاء من الصليب الأحمر الدولي خلال البحث عن جثث رهائن إسرائيليين بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة الاستقرار» في غزة... خلافات التشكيل والمهام تهدد التفويض الأممي

مسلحان من «حماس» يقفان إلى جانب أعضاء من الصليب الأحمر الدولي خلال البحث عن جثث رهائن إسرائيليين بمدينة غزة (أ.ف.ب)
مسلحان من «حماس» يقفان إلى جانب أعضاء من الصليب الأحمر الدولي خلال البحث عن جثث رهائن إسرائيليين بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تتواصل المشاورات بين الوسطاء والضامنين وسط حراك أميركي بمجلس الأمن الدولي، لتمرير مشروع قرار بشأن إنشاء قوة دولية في قطاع غزة لمدة عامين على الأقل، التزاماً ببنود اتفاق وقف إطلاق النار بالقطاع الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من الشهر الماضي بوساطة مصرية قطرية أميركية تركية.

تلك المشاورات التي تحدثت عنها وسائل إعلام أميركية، الثلاثاء، سبق أن كشفها الوسيط بشارة بحبح لـ«الشرق الأوسط»، قبل يومين، لافتاً إلى وجود أربعة خلافات تتعلق بالتشكيل والمهام، وتدفع نحو إمكانية وجود صعوبة بالمجلس، لا سيما بين الدول الخمس الدائمة، بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا والصين، لتأييد مشروع قرار بشأن القوات.

واتفق رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير الخارجية الأسبق، السفير محمد العرابي، مع تلك الترجيحات، وأكدتها خبيرة استراتيجية أميركية، في حديثين منفصلين لـ«الشرق الأوسط»؛ متوقّعَين أن تأخذ الأمور بعض الوقت في ضوء العقبات.

فيما رجح مصدر مطلع من دولة وسيطة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إمكانية تشكيل تلك القوات الدولية بقرار من واشنطن دون صدور قرار من مجلس الأمن حال استمرت الخلافات، وهي الصيغة التي تفضلها إسرائيل ولا تلقى قبولاً من دول الوساطة ولا الضامنين.

ولا يزال اتفاق غزة يراوح مكانه في المرحلة الأولى مع تعثر تسليم «حماس» كل جثث الرهائن، ومساعي الوسطاء للذهاب للمرحلة الثانية المتعلقة بترتيبات أمنية منها القوة الدولية وأخرى إدارية معنية باختيار لجنة تنفيذية لإدارة قطاع غزة.

الخلافات الأربعة

نقل موقع «أكسيوس» الإخباري عن مسؤول أميركي، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة أرسلت مشروع قرار إلى عدد من أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإنشاء قوة دولية في غزة لمدة عامين على الأقل، مع إمكانية التمديد، على أساس المفاوضات التي ستُعقد خلال الأيام المقبلة بين أعضاء مجلس الأمن، بهدف نشر أولى القوات في غزة بحلول يناير (كانون الثاني).

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يجري البحث فيها عن جثث رهائن إسرائيليين في مدينة غزة بمساعدة الصليب الأحمر (أ.ف.ب)

وسبق وكشف بحبح في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، الأحد، عن تفاصيل المشاورات الجارية بين أطراف اتفاق غزة، قائلاً: «الحديث منذ أسبوعين يجري حول إدراج مشروع قرار بشأنها في مجلس الأمن، ويواجه تعقيدات بسبب وجود خلافات»، متوقعاً «طرح مشروع القرار في مجلس الأمن الأسبوع الحالي أو الذي يليه».

وأشار بحبح إلى وجود أربعة خلافات بشأن مشروع القرار، موضحاً أن «الخلاف الأول بشأن دور القوات هو أن إسرائيل لا تحبذ أن تكون هذه القوات أممية لحفظ السلام، ولكن تريدها فقط بموافقة من مجلس الأمن؛ وخلاف ثانٍ بشأن إدراج خطة ترمب للسلام التي قام عليها اتفاق غزة ضمن مشروع القرار، وإسرائيل لا تريد ذلك، ولا تريد منح الخطة صفة أممية؛ بجانب خلاف ثالث بشأن رفض إسرائيل إرسال قوات تركية لغزة. أما الخلاف الرابع فيتعلق برغبة البعض في أن تشمل مهام تلك القوات نزع السلاح من (حماس)، وتضمين هذا في مشروع القرار، وذلك يُقابل برفض من (حماس) وآخرين».

ومشروع القرار الذي نقله موقع «أكسيوس»، الثلاثاء، يبدو أنه تجاوب مع بعض مطالب إسرائيل، إذ يتضمن أن تكون القوة الأمنية الدولية «قوة تنفيذية وليست قوة لحفظ السلام»، وأن تسهم في «استقرار البيئة الأمنية في غزة من خلال ضمان عملية نزع السلاح من قطاع غزة، بما في ذلك تدمير ومنع إعادة بناء البنى التحتية العسكرية والإرهابية والهجومية، بالإضافة إلى نزع أسلحة الجماعات المسلحة غير الحكومية بشكل دائم».

ووفقاً للمشروع، ستُكلَّف القوة الأمنية الدولية بتأمين حدود غزة مع إسرائيل ومصر، وحماية المدنيين والممرات الإنسانية، وتدريب قوة شرطة فلسطينية جديدة تُشاركها في مهمتها، وتوفير الأمن في غزة خلال فترة انتقالية تنسحب خلالها إسرائيل تدريجياً من أجزاء إضافية من غزة؛ «وعلى السلطة الفلسطينية إجراء إصلاحات تُمكّنها من السيطرة على غزة على المدى الطويل».

وستضم القوة الأمنية قوات من عدة دول مشاركة، وسيجري تشكيلها بالتشاور مع «مجلس السلام» في غزة، الذي أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه سيرأسه.

«النجاح يتطلب تحولاً»

أوضح رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير الخارجية الأسبق، السفير محمد العرابي، أن طرح مشروع في مجلس الأمن يستلزم موافقة الدول الخمس دائمة العضوية. وحسب ما سُرب من المشروع فإنه من الصعب أن يحصل على توافق كامل لمجلس الأمن، والأقرب حتى الآن أن يلقى تأييد بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة.

وشدد العرابي على أهمية أن يكون انتشار أي قوة عسكرية ببلد ما مدعوماً بقرار من مجلس الأمن، وأعرب عن خشيته أن تدفع بعض النقاط الخاصة بعمل مثل هذه القوة في قطاع غزة أعضاء دائمين لاستخدام حق النقض (الفيتو)، خصوصاً تلك المتعلقة بتفاصيل الوجود العسكري والتكوين والتفويض، وبقدرتها على الاشتباك أم المراقبة، مما قد يمثل «عقبة في تشكيل القوة».

وتتوقع الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان، أيضاً، أن يواجه مشروع قرار واشنطن المقدم إلى مجلس الأمن عراقيل مع احتمال تأييد فرنسا وبريطانيا، ومعارضة روسيا والصين؛ ناهيك عن كون «حماس» عقبة أمام هذا الاختيار باعتبار أنه سيكون بداية لتهمشيها.

وأكدت تسوكرمان أن «النجاح العملي يتطلب تحولاً في المواقف الإقليمية وسلوك (حماس)؛ وهو تحول لا يزال، حتى الآن، بعيداً عن متناول واشنطن».

اجتماع إسطنبول

ووسط أنباء الرفض الإسرائيلي لمشاركة قوات تركية بقوات الاستقرار، أفاد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في مؤتمر صحافي عقب اجتماع عدة دول لبحث اتفاق غزة والقوات الدولية، بأن العمل لا يزال جارياً على قرار الأمم المتحدة لإرسال قوة لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، مشيراً إلى أن تركيا وعدداً من الدول ستقرر بناءً على مضمون هذا التعريف ما إذا كانت سترسل قوات أو لا، وفق ما ذكرته «رويترز».

وأوضح العرابي أن اجتماع إسطنبول أيضاً كان له موقف رافض لأي وصاية دولية ويتمسك بقوة فلسطينية تكون لها صلاحيات واضحة، وهذا قد يدفع بإحدى الدول الخمس للاعتراض على المشروع من هذا الباب، بخلاف أن إسرائيل ترفض مشاركة تركيا في هذه القوة ولا تريد تلك القوات من الأساس، مما «سيعقّد الأمور».

ويرجح العرابي أن يأخذ ملف القوات الدولية في مجلس الأمن أو بشكل عام وقتاً للوصول لتوافقات بشأنه، لافتاً إلى أن مصر «تفضّل بكل تأكيد» أن تصدر تلك القرارات بقرار أممي.

وحسب تسوكرمان، فإنه في ظل اعتراضات إسرائيل وتخوفات «حماس» سيحاول الوسطاء، ومنهم مصر وقطر وتركيا، سد هذا الخلل من خلال اقتراح نماذج مُختلطة، لكن كل اقتراح يُقابل بالريبة من جانب أو آخر، وهذا ما سيطيل أمد التوافق بعض الوقت.

وخلُصت إلى أنه إذا تمّ نشر القوة الدولية بنجاح في غزة، فسيكون ذلك بمثابة بداية للمرحلة الثانية من اتفاق غزة، شريطة تفويض القوة وقبول الجهات الفاعلة المحلية.


مقالات ذات صلة

«تفاهمات» جديدة لـ«إعمار غزة» أمام الوسطاء

العالم العربي منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة (أ.ف.ب)

«تفاهمات» جديدة لـ«إعمار غزة» أمام الوسطاء

بدأ وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مناقشات دراسة أولية بشأن إعادة الإعمار في القطاع، في أعقاب تأخر عقد مؤتمر القاهرة بشأن التعافي المبكر.

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم (الأحد)، إن حركة «حماس» الفلسطينية لا تعمل على نزع سلاحها.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري عناصر من «حماس» وأعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر وسط الأنقاض في مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري نزع سلاح «الخط الأصفر»... ورقة ضغط تهدد المرحلة الثانية من «اتفاق غزة»

ترقب جديد لتطورات مشاورات ستمتد لـ«أسابيع مقبلة» بين وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حسب مخرجات لقاء رباعي بمدينة ميامي الأميركية.

محمد محمود (القاهرة )
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل في خان يونس خلال عمليات البحث عن جثامين ضحايا الحرب على غزة يوم السبت (إ.ب.أ)

انهيار مبانٍ على رؤوس قاطنيها... أحد جوانب حرب غزة القاتمة

انهار 20 مبنى ومنزلاً على الأقل بمدينة غزة في غضون 10 أيام؛ ما تسبب بوفاة ما لا يقل عن 15 فلسطينياً، بينهم أطفال ونساء.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي أطفال ينتظرون الحصول على نصيبهم من الطعام بمخيم النصيرات في غزة (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: ندعو لدخول الإمدادات والمعدات الطبية الأساسية لغزة

رحب مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأحد، بالتقدم الذي أُحْرِزَ بشأن المجاعة في غزة، لكنه أوضح أن هذا التقدم لا يزال هشاً للغاية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
TT

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)
أفراد مسلحون من الشرطة العسكرية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يشاركون في مظاهرة تحت شعار «بإرادتنا سنحمي ثورتنا» في القامشلي السورية الأربعاء الماضي (رويترز)

أفادت مصادر في واشنطن للشرق الأوسط، بأن المبعوث الأميركي توم برّاك وقائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، يجريان اتصالات لتهدئة الاشتباكات التي اندلعت مجدداً، الاثنين، بين «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) والجيش السوري في حيي الشيخ مقصود والأشرفية عند مدخل حلب الشمالي، بهدف منع تصعيد تستفيد منه «داعش»، وتستفيد منه قوى إقليمية معادية.

واندلعت الاشتباكات بعد استهداف قناصة قوات (قسد) للمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية في انتهاك لاتفاقيات وقف إطلاق النار المبرمة بين الجانبين حيث يقاوم الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة خطط الاندماج في الحكومة الانتقالية في دمشق خوفاً من فقدان الحكم الذاتي شمال شرقي سوريا.

ويخيم شبح التدخلات الإيرانية على هذه الاشتباكات التي تستهدف تقويض سيطرة الحكومة السورية الجديدة، حيث كشفت تقارير استخباراتية أميركية، أن إيران تقوم بتكثيف جهودها للحفاظ على تدفق الأسلحة إلى سوريا وإلى ميليشياتها في المنطقة، والتكيف مع الإجراءات التي اتخذتها دمشق لتفكيك الطرق غير المشروعة لتهريب الأسلحة.

كما أشارت عدة تقارير إلى قيام «قسد» بتعزيز علاقاتها مع «حزب الله» في لبنان، وعقدت اجتماعاً سرياً في بيروت مع ممثلين من «حزب الله» برئاسة عمار الموسوي بهدف تقييم التحديات الأمنية في سوريا وسط الخلافات بين «قسد» وحكومة أحمد الشرع مع تجدد الاشتباكات العسكرية بين الجانبين.

دبلوماسيون عاينوا نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني خلال جولة برفقة الجيش اللبناني بجنوب لبنان (مديرية التوجيه)

3 ممرات للتهريب

قال تقرير بمعهد دراسات الحرب (isw) إن إيران تعيد إحياء طرق التهريب، ومساعدة تنظيم «داعش» لشن هجمات داخلية لتقويض ثقة الولايات المتحدة بالشريك السوري، محذراً من تصاعد صراعات بالوكالة وانتشار شبكات التهريب في ظل حالة عدم الاستقرار التي تمر بها سوريا خلال المرحلة الانتقالية.

وكشفت التقارير أن تهريب الأسلحة الإيرانية إلى سوريا يتخذ مزيجاً من المسارات التقليدية وأخرى جديدة، لكن الطرق البرية والشاحنات تظل هي الأساسية في المسارات التي تتخذها طهران لتهريب الأسلحة عبر 3 ممرات أساسية، الأول من بغداد إلى دمشق عبر الرمادي والبوكمال ودير الزور وتدمر، والثاني من طهران عبر البصرة وبغداد والتنف إلى دمشق، أما الأقل نشاطاً فهو الطريق الثالث من إيران عبر الموصل والحسكة إلى اللاذقية؛ ما يسهل نقلها لاحقاً إلى «حزب الله» في لبنان. وتولي إيران أهمية كبيرة لشمال شرقي سوريا الذي تسيطر عليه «قوات سوريا الديمقراطية».

ضبط صواريخ من نوع «سام - 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

وكشفت التقارير أن الشحنات تشمل عبوات ناسفة وقذائف «هاون» وألغاماً مضادة للدبابات ومتفجرات بلاستيكية وصواريخ مضادة للطائرات وأنظمة دفاع جوي وقاذفات قنابل يدوية وطائرات من دون طيار. وتسربت تقارير عن شبكة أنفاق تحت الأرض بالقرب من الحدود السورية العراقية في البوكمال يرجح أن «الحرس الثوري» الإيراني أنشأها منذ عام 2018، وكان يستخدمها لنقل الأسلحة عبر سوريا إلى «حزب الله».

وتشير التقارير إلى أن الحكومة السورية الجديدة لا تملك قدرات واضحة لفرض السيطرة على جميع أراضيها، وأنها تحتاج إلى سنوات؛ كي تتمكن من ضبط الحدود، ومنع التهريب عبر أراضيها.

إحباط المحاولات

تجتهد السلطات السورية في التصدي لمحاولات التهريب الإيرانية، وفي ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أشادت القيادة المركزية الأميركية بالقيادة في دمشق، لاعتراضها شحنات متجهة إلى «حزب الله».

الخبير بشؤون الشرق الأوسط عطا محمد تبريز، ذكر أنه «لا توجد تقارير موثقة حول تصرفات إيران، لكن وسائل إعلام مختلفة نشرت تقارير حول جهود طهران لإعادة بناء قوات موالية لها في سوريا»، مضيفاً، أنها «تحاول التعاون مع القوات المعارضة لحكومة الشرع، وتضخيم أصواتها»، مؤكداً أنه لا إمكانية لقبول نفوذ إيران مرة أخرى في سوريا.

مراسم إعادة جثامين الجنود الأميركيين الذين قُتلوا في هجوم لتنظيم «داعش» في (أ.ب)

ويقول مايكل نايتس، الباحث الأول بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إنه على الرغم من أن انهيار نظام بشار الأسد أمر مشجع، فإن هذا لا يعني أن إيران، الداعم السابق لنظام الأسد، ستتخلى ببساطة عن استخدام سوريا لإعادة تشكيل «حزب الله» في لبنان.

ويشير نايتس إلى أنه مع رفع العقوبات عن سوريا، من المفترض أن تشهد تدفقاً من المركبات والأموال والمساعدات الإنسانية ومواد إعادة الإعمار والسلع الاستهلاكية، ومعظمها يتم عبر النقل بالشاحنات من الدول المجاورة. ويمكن لإيران بسهولة استخدام هذا التدفق لإعادة إمداد أذرعها في سوريا والعراق ولبنان بالسلاح.

ويحذر نايتس من أن إيران ليس لديها أي تردد في إبرام ترتيبات تكتيكية مع الجماعات الجهادية السنية - مثلما حدث في الماضي مع تنظيم «القاعدة» و«طالبان» - وقد تتبنى هذا التكتيك في سوريا مع تنظيم «داعش».


ائتلاف السوداني يطرح «مبادرة شاملة» لحسم ملف رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
TT

ائتلاف السوداني يطرح «مبادرة شاملة» لحسم ملف رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

أعلن ائتلاف «الإعمار والتنمية»، الذي يقوده رئيس الوزراء بحكومة تصريف الأعمال محمد شياع السوداني، الاثنين، أنه بصدد طرح «مبادرة سياسية شاملة» لحسم منصب رئاسة الوزراء وإنهاء حالة الانسداد.

وذكر إعلام «تيار الفراتين»، الذي يتزعمه السوداني، في بيان، أن الأخير ترأس اجتماعاً دورياً للائتلاف في مكتبه، خُصص لمناقشة التطورات المتسارعة في المشهد السياسي، ومراجعة نتائج الحوارات المكثفة التي أجراها الائتلاف مع القوى السياسية والوطنية خلال المرحلة الماضية، فضلاً عن تثبيت ملامح رؤيته لإدارة الدولة في الاستحقاق المقبل.

وأشار البيان إلى أن ائتلاف «الإعمار» يعمل على «بلورة مبادرة سياسية متكاملة» تهدف إلى كسر حالة الانسداد السياسي، وإنهاء المراوحة التي عطّلت حسم ملف رئاسة مجلس الوزراء، من خلال طرح معالجات «واقعية» تستند إلى التوافق الوطني والاستحقاق الدستوري.

وأكد أن المبادرة تمثل خطوة سياسية مسؤولة لإعادة تحريك العملية السياسية ووضعها على مسارها الصحيح، مشيراً إلى أن تفاصيلها ستُطرح أمام قوى «الإطار التنسيقي» في اجتماعه المرتقب، بما يفتح الباب أمام تفاهمات سياسية جادة تفضي إلى تشكيل حكومة مستقرة وقادرة على إدارة المرحلة المقبلة.

وشدد البيان على أن المبادرة «تنطلق من قناعة راسخة لدى قيادة (تيار الفراتين) وائتلاف (الإعمار والتنمية) بضرورة حسم الخيارات السياسية بعيداً عن التسويف، والعمل على تشكيل حكومة قوية وفاعلة تعبّر عن تطلعات الشارع العراقي، وتضع أولويات الإصلاح والاستقرار السياسي والاقتصادي في صدارة برنامجها الحكومي».

إلى ذلك، قال العضو في ائتلاف «الإعمار والتنمية»، قصي محبوبة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المبادرة ستكون عبارة عن شروط الائتلاف لاختيار رئيس الوزراء».

ولم يدلِ محبوبة بتفاصيل أخرى حول المبادرة، مكتفياً بالقول إن «تفاصيلها ستُعلن كاملة في اجتماع قوى (الإطار) المتوقع مساء اليوم (الاثنين)».

ويرجّح مصدر مسؤول في قوى «الإطار التنسيقي» أن تتمحور مبادرة السوداني حول «اختيار شخصية أخرى من داخل ائتلاف (الإعمار والتنمية) لشغل منصب رئاسة الوزراء، بالنظر إلى الممانعة التي تبديها بعض أطراف (الإطار) حيال تولّي السوداني ولاية ثانية».

ولا يستبعد المصدر، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «تتضمّن مبادرة السوداني آلية اختيار رئيس الوزراء الجديد، سواء عبر انتخابات داخلية بين الشخصيات المتنافسة داخل (الإطار)، أو من خلال اتفاق أغلبية قادة (الإطار)».

وأضاف المصدر أنه «من غير المتوقع أن يقبل قادة (الإطار) بأي شروط يطرحها تحالف السوداني؛ فهم لا يمانعون تقديم شخصية أخرى غيره للمنصب، لكن من دون إلزام أو شرط بقبولها لشغل المنصب».

ويؤكد المصدر أن رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي «لا يزال متمسّكاً بترشيحه لمنصب رئيس الوزراء، ويرفض تولّي السوداني المنصب لولاية ثانية، في مقابل وجود بعض القيادات الداعمة لبقاء السوداني، لكن وفق شروط جديدة تضمن توازنَ المصالح بين أطراف (الإطار التنسيقي) كافة».

وكان «الإطار التنسيقي» قد دعا، الأسبوع الماضي، إلى عقد جلسة مجلس النواب وانتخاب هيئة رئاسته، بعد إخفاقه في التوافق على اختيار مرشح لرئاسة الوزراء.

ويتوقع أغلب المراقبين استمرار حالة عدم الاتفاق على اسم محدد لرئاسة الحكومة، خصوصاً مع الفسحة الزمنية التي تفصل القوى السياسية عن مواعيد انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان، ثم انتخاب رئيس الجمهورية الذي سيكلّف الكتلة الكبرى بتقديم مرشحها لرئاسة الوزراء، وهي إجراءات تمتد لمدّة تصل إلى ثلاثة أشهر كحدٍّ أعلى وفق التوقيتات الدستورية.

وكان رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد قد حدّد، الأسبوع الماضي، يوم 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي موعداً لعقد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، والتي يُفترض أن يجري خلالها انتخاب رئيس المجلس ونائبَيه.


مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

حملة أمنية قرب الحدود السورية - العراقية في الصيف الماضي لملاحقة تجار المخدرات والسلاح (محافظة دير الزور)
حملة أمنية قرب الحدود السورية - العراقية في الصيف الماضي لملاحقة تجار المخدرات والسلاح (محافظة دير الزور)
TT

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

حملة أمنية قرب الحدود السورية - العراقية في الصيف الماضي لملاحقة تجار المخدرات والسلاح (محافظة دير الزور)
حملة أمنية قرب الحدود السورية - العراقية في الصيف الماضي لملاحقة تجار المخدرات والسلاح (محافظة دير الزور)

أفادت مصادر مقربة من وزارة الداخلية السورية بأن الصواريخ المضادة للطائرات من طراز «سام7»، التي ضُبطت في منطقة البوكمال بمحافظة دير الزور شرق سوريا، كان من المفترض أن تُهرّب إلى «حزب الله» في لبنان عبر الأراضي السورية.

ورجحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أنه كان يجري تهريب الصواريخ خلال سنوات الحرب السورية من إيران عبر الأراضي العراقية إلى الأراضي السورية من خلال شبكة الأنفاق التي حفرتها الميليشيات الإيرانية والأخرى التابعة لها خلال سيطرتها على منطقة البوكمال، حيث كانت تقاتل إلى جانب نظام بشار الأسد الذي أُسقط في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024 على يد فصائل سورية تقودها «هيئة تحرير الشام».

إحباط الأمن السوري تهريب كميات كبيرة من الألغام الحربية في يبرود بريف دمشق كانت متجهة إلى لبنان (أرشيفية - الداخلية)

ورجحت المصادر أن تكون الجهة التي كان من المفترض تهريب دفعة الصواريخ إليها عبر الأراضي السورية هي «حزب الله» في لبنان، الذي كان يقاتل أيضاً إلى جانب نظام الأسد خلال الحرب في سوريا.

كانت وزارة الداخلية السورية، قالت في وقت سابق الاثنين، ببيان صحافي: «وردت معلومات دقيقة إلى مديرية الأمن في البوكمال، بشرق البلاد، تفيد بإخفاء صواريخ مضادة للطيران داخل أحد المنازل، تمهيداً لتهريبها خارج البلاد».

وأضافت أنه «بناءً على هذه المعلومات، نفذت عملية مداهمة مُحكمة أسفرت عن ضبط صواريخ من نوع (سام7)»، مشيرة إلى أن الأسلحة المضبوطة صودرت. ولفتت إلى أن الجهات المختصة باشرت تحقيقاتها، لملاحقة جميع المتورطين؛ بهدف إلقاء القبض عليهم وتقديمهم إلى العدالة، مؤكدة استمرارها في التصدي لكل أعمال التهريب والأنشطة غير المشروعة، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان أمن البلاد واستقرارها.

ضبط صواريخ من نوع «سام 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

ولم تحدد الوزارة في بيانها الجهة أو الدولة التي كان من المفترض أن تهرَّب الصواريخ إليها، لكن مدينة البوكمال محاذية لحدود العراق الغربية، ويوجد فيها معبر حدودي رسمي بين سوريا والعراق يعرف باسم معبر «البوكمال - القائم».

وخلال الحرب السورية سيطرت الميليشيات الإيرانية على مدينة البوكمال وعلى الشريط الحدودي بين سوريا والعراق ونشرت عناصر ميليشياتها والأخرى التابعة لها على طوله، وحولت المنطقة، وفق مصادر محلية، شرياناً حيوياً لتزويد ميليشياتها في سوريا و«حزب الله» في لبنان بالأسلحة الإيرانية عبر الأراضي العراقية ومن ثم السورية.

كما أنشأت إيران في البوكمال خلال سنوات الحرب السورية ما عُرفت بـ«قاعدة الإمام علي» على بعد ما بين 3 و4 كيلومترات من الحدود العراقية، ونفذت عمليات تغيير ديموغرافي في المنطقة، من ضمنها إحلال سكان جدد من الميليشيات محل السكان الأصليين الذين هُجّرت غالبيتهم وجرى الاستيلاء على أملاكهم.

وتُدوولت قبل يومين مقاطع فيديو من قبل نشطاء ووسائل إعلام تظهر شبكة واسعة من الأنفاق في منطقة البوكمال، حُفرت على يد الميليشيات الإيرانية والأخرى التابعة لها خلال حكم الأسد، وذلك على بعد كيلومترات قليلة من الحدود مع العراق.

وتظهر الصور أن الأنفاق واسعة بما يكفي لعبور المركبات، ويبدو أنها كانت مساراً رئيسياً لتهريب الأسلحة للجماعات المسلحة الموالية لإيران في سوريا و«حزب الله» في لبنان. وتقع هذه الشبكة بالقرب من «قاعدة الإمام علي».

ومنذ الأيام الأولى لسقوط الأسد، فرت الميليشيات الإيرانية ومقاتلو «حزب الله» اللبناني من الأراضي السورية، لكن مصادر محلية تتحدث عن وجود أذرع لهما في بعض المناطق.

وتحدثت مصادر إعلامية في ريف دير الزور لـ«الشرق الأوسط» عن أن «شبكة الأنفاق التي حفرتها إيران في البوكمال واسعة جداً، وهي مخفية، وليس من السهل اكتشافها بالكامل»، مشيرة إلى أن «السلطات السورية الجديدة، وبعد وصولها إلى الحكم، اكتشفت عدداً من هذه الأنفاق، ودمرتها، لكن يُعتقد أن أعداداً أخرى من الأنفاق ما زالت غير مكتشفة».

ولفتت المصادر إلى أن «المنطقة لا تزال توجد فيها خلايا نائمة تابعة لإيران و(حزب الله)، وهي التي تنفذ محاولات تهريب هذه الأسلحة، بينما تعمل السلطات السورية على ملاحقتها، وقد نجحت في إلقاء القبض على بعضها».

ومنذ إسقاط نظام الأسد، تسعى السلطات السورية الجديدة إلى إحكام السيطرة على الحدود مع دول الجوار، بما يشمل ملاحقة شبكات تهريب المخدرات وبقايا نظام الأسد، ومنع عمليات تهريب الأسلحة.

وأعلنت السلطات الجديدة خلال العام الحالي بعد تحرير سوريا عن إحباط كثير من عمليات تهريب الأسلحة إلى لبنان.

ويرى مراقبون أن «حزب الله»، وبعد انتهاء وجوده ووجود إيران في الأراضي السورية، يحاول عبر خلاياه النائمة في الأراضي السورية، تهريب ما تبقى من أسلحة موجودة في مستودعاته التي لم تُضبط بعد، خصوصاً مع تراجع قدراته التسليحية بعد الحرب التي شنتها عليه إسرائيل العام الماضي، والاحتمالات التي ترد في التقارير وتتحدث عن نية إسرائيل شن حرب جديدة عليه.