الانفلات الأمني يؤرّق السوريين في «سوريا الجديدة»

7 قتلى في 3 أيام... و«صدامات عقارية» بمساكن الديماس في ريف دمشق

عنصران من الشرطة في سوريا (الشرق الأوسط)
عنصران من الشرطة في سوريا (الشرق الأوسط)
TT

الانفلات الأمني يؤرّق السوريين في «سوريا الجديدة»

عنصران من الشرطة في سوريا (الشرق الأوسط)
عنصران من الشرطة في سوريا (الشرق الأوسط)

بينما كان الرئيس السوري أحمد الشرع يناقش الوضع الميداني الأمني مع وزير الداخلية أنس خطاب وعددٍ من مديري الإدارات في الوزارة، اندلعت أعمال شغب في مساكن الديماس بريف دمشق، قالت التقارير الرسمية، إنها «بسبب خلاف على شقق سكنية فارغة»... إلا أن تقارير إعلامية تحدثت، عن هجوم لرجال يحملون العصي قدِموا من منطقة مجاورة على نحو ثلاثين دراجة نارية، وقاموا بإحراق وتكسير المحال التجارية، واعتراض المارة.

وناقش الرئيس الشرع في اجتماع وزارة الداخلية، مساء الاثنين، «واقع العمل الميداني في الوحدات والإدارات التابعة للوزارة، وسبل تعزيز كفاءة الأداء والانضباط الوظيفي، وضمان سرعة الاستجابة لاحتياجات المواطنين»، وفق بيان رسمي.

من الاجتماع الامني الذي ترأسه الشرع (سانا)

وبالتزامن مع ذلك، كانت قوى الأمن العام تفرض حالة حظر تجول مؤقت في مساكن الديماس من مساء الاثنين ولغاية صباح الثلاثاء، على خلفية أعمال عنف حصلت هناك.

وقالت مصادر أهلية، إن «أشخاصاً دخلوا على نحو ثلاثين دراجة نارية، وهم يحملون العصي، إلى منطقة مخالفات الجزيرة الخامسة في مساكن الديماس، وقاموا بإحراق وتكسير محال تجارية، واعتراض المارة قبل أن يتدخل الأمن العام لاحتواء الهجوم».

ومساكن الديماس، هي تجمع سكني عسكري كان مخصصاً لضباط الشرطة والجيش بعهد النظام البائد، وفرّت منه مئات العائلات ليلة سقوطه في 8 - 12 - 2024، ليحل مكانها، في عشرات البيوت الفارغة، نازحون ممن تم تهجيرهم إلى الشمال السوري خلال الحرب، وحصل ذلك في الأشهر الأولى بشكل عشوائي، قبل أن تبدأ وزارة الدفاع التي تملك 50 في المائة من تلك العقارات، في تسجيل المساكن وإعادة توزيعها في يونيو (حزيران) الماضي؛ الأمر الذي استنكره السكان الجدد، لا سيما من فقدوا منازلهم الأصلية وليس بمقدورهم دفع إيجار سكن بديل، بالإضافة إلى سكان العشوائيات من موظفي النظام البائد.

عنصر أمن في دمشق (وزارة الداخلية)

وأكدت قناة «الإخبارية» السورية، أن سبب النزاع الذي حصل في مساكن الديماس مساء الاثنين، هو خلاف على شقق سكنية فارغة، وهذا ما كرره مسؤول أمني بريف دمشق في تصريح إعلامي، حيث قال بأن «المشاجرة بدأت على خلفية نزاعات على عقارات في المنطقة، وتطورت لتشمل أعمال شغب محدودة»، مؤكداً، أن القوات الأمنية، عملت على «حسم الأمر وفرض النظام، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المخالفين». كما تم فرض حظر تجوال بشكل مؤقت في المنطقة؛ لضمان استتباب الأمن والأمان، ومنعاً لأي أعمال شغب قد تنشب مرة أخرى. وتوعّد «كل من يحاول الإخلال بالأمن العام، أو الاعتداء على الممتلكات أو الأشخاص، برد حازم وفقاً للقانون».

والنزاعات على ملكيات الأراضي والعقارات تعدّ من القضايا المتجددة، وواحدة من أعقد الملفات السورية الداخلية، بعد أكثر من نصف قرن من حكم حزب «البعث» وعائلة الأسد، وما شهده من قوانين استملاك جائرة، وانتهاكات للملكيات خلفت مئات الآلاف من القضايا المعلقة في المحاكم، إلى أن تحولت بعد سقوط النظام، «قنابل موقوتة» مع سعي أصحاب الحقوق لاستعادة حقوقهم.

ومع تعقد الوضع السوري، ارتبطت قضية استعادة الملكيات بملفات أخرى شائكة ذات أبعاد اجتماعية طائفية وطبقية وأيضاً أمنية وسياسية خطيرة. سيما وأنها تأتي في سياق حالة من الانفلات الأمني، وتأجج النزعة الانتقامية، لدى كثير من المتضررين من النظام السابق، بالتزامن مع انتشار للجرائم ذات الطابع الجنائي.

سيارة شرطة تابعة للحكومة السورية تعبر شارعاً بجوار «مسجد الساحة» في تدمر (أرشيفية - أ.ف.ب)

«أمر شائع»...

وعدّ الباحث المتخصص بالشؤون الداخلية محمد سليمان، «أن وجود ضعف أمني ووقوع حوادث انتقامية، بعضها يحمل طابعاً طائفياً، أمر شائع في الدول الخارجة من النزاعات، وسوريا إحدى هذه الدول».

ورد أسباب «الضعف الأمني »، إلى «عدم استكمال بناء أجهزة أمنية جديدة». وقال: «إن هذا أمر يتطلب وقتاً لإعداد الكوادر وتدريبها، بينما هناك ضعف بالإمكانات المالية التي تعيق بناء هيكل أمني فعال، خصوصاً في المناطق ذات التركيبة الطائفية أو العرقية المعقدة. أما العامل الثاني، الذي يسهم في هذا الواقع، فهو التأخر في تنفيذ برامج العدالة الانتقالية»؛ الأمر الذي يدفع «بعض الأفراد إلى اللجوء للانتقام الشخصي، وبالتالي زيادة الفوضى والانفلات الأمني».

الأمن العام السوري (وزارة الداخلية)

وأشار سليمان، إلى وجود عامل ثالث «محتمل»، هو «استمرار نشاط الأذرع التابعة لجهات خارجية، مثل بقايا الميليشيات الإيرانية التي تعمل على التخريب وزعزعة الاستقرار في سوريا». ولذلك رأى، أنه «من الضروري، إسراع الحكومة في استكمال إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، والبدء بتطبيق برامج العدالة الانتقالية، بالإضافة إلى مواجهة الإشاعات والتهويل الإعلامي».

جرائم يومية

ولا يكاد يخلو يوم من جريمة قتل على «يد مجهولين»، حيث أفيد في الأيام الثلاثة الماضية، عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة اثنين آخرين بجروح...

ففي حمص، عُثر الثلاثاء على جثتين لشابين، (عمر كل واحد منهما 19 عاماً) من أبناء قرية الغور الغربية، مقتولين بالرصاص داخل مدجنة كانا يعملان على حراستها في قرية برج قاعي في ريف المنطقة الغربي. ويوم الاثنين، عُثر على جثمان إبراهيم رجل (45 عاماً)، مقتولاً في حي جورة الشياح، بعد يوم من اختفائه أثناء توجهه إلى أحد المصارف في حي الحميدية؛ لإجراء عملية تحويل مالية.

كما قتل شُخص آخر (65 عاماً) بإطلاق نار من قِبل مجهولين يركبون دراجة نارية في حي باب السباع، وكذلك أصيبت شابة (19 عاماً) في حمص، بإطلاق نار من مجهولين يركبان دراجة نارية... وفي مدينة يبرود بمنطقة القلمون بريف دمشق، قُتلت سيدة وأصيب زوجها جراء إطلاق نار من قِبل مجهولين عليهما.

وفي جبلة على الساحل السوري، اعترضت مجموعة مسلحة شابين على طريق عين شقاق، وقتلتهما.


مقالات ذات صلة

قوة إسرائيلية تتوغل في بلدة بيت جن بريف دمشق وترهب المدنيين

المشرق العربي رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)

قوة إسرائيلية تتوغل في بلدة بيت جن بريف دمشق وترهب المدنيين

توغلت قوة إسرائيلية اليوم (السبت) في بلدة بيت جن بريف دمشق بدبابتين و7 عربات في محيط بلدة بيت جن بريف دمشق، حسبما نقل تلفزيون سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق )
الاقتصاد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (فيسبوك)

حاكم «المركزي» السوري: قرار كندا رفع العقوبات يفتح صفحة جديدة من التعاون

رحب حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، بقرار كندا رفع العقوبات عن سوريا، بما يفتح صفحة جديدة من الفرص والتعاون البنّاء بين البلدين.

المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي (رويترز)

كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب

قالت الحكومة الكندية، اليوم (الجمعة)، إنها رفعت اسم سوريا من قائمة الدول الأجنبية الراعية للإرهاب وحذفت «هيئة تحرير الشام» من قائمة الكيانات الإرهابية.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
المشرق العربي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره السوري أحمد الشرع يتصافحان بعد انتهاء مؤتمرهما الصحافي المشترك في قصر الإليزيه يوم 7 مايو الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)

فرنسا تنظر بإيجابية إلى التحولات الجارية في سوريا

بعد عام على سقوط بشار الأسد، تنظر فرنسا بإيجابية للتطورات الحاصلة في دمشق، وتعتبر أن سوريا مستقرة ضرورة للتوازن الإقليمي والدولي.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

الشيباني: نشكر كندا على رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب

شكر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني «كندا على قرارها رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب».

«الشرق الأوسط» (دمشق)

الجيش اللبناني: توقيف 6 أشخاص اعتدوا على دورية لـ «اليونيفيل» في الجنوب

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تُسيّر دوريةً برفقة قوات الجيش اللبناني في مركبات تابعة لقوة «اليونيفيل» في منطقة البويضة بمرجعيون (أ.ف.ب)
قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تُسيّر دوريةً برفقة قوات الجيش اللبناني في مركبات تابعة لقوة «اليونيفيل» في منطقة البويضة بمرجعيون (أ.ف.ب)
TT

الجيش اللبناني: توقيف 6 أشخاص اعتدوا على دورية لـ «اليونيفيل» في الجنوب

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تُسيّر دوريةً برفقة قوات الجيش اللبناني في مركبات تابعة لقوة «اليونيفيل» في منطقة البويضة بمرجعيون (أ.ف.ب)
قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تُسيّر دوريةً برفقة قوات الجيش اللبناني في مركبات تابعة لقوة «اليونيفيل» في منطقة البويضة بمرجعيون (أ.ف.ب)

أعلن الجيش اللبناني، اليوم (السبت)، القبض على 6 أشخاص اعتدوا على دورية تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بطريق الطيري-بنت جبيل جنوب البلاد.

وذكر الجيش، في بيان منشور على منصة «إكس»، أن الاعتداء على قوة «اليونيفيل» تسبب في أضرار بآلية «اليونيفيل»، من دون وقوع إصابات بين أفرادها.

وشدد الجيش على خطورة أي اعتداء على «اليونيفيل»، مؤكداً عدم التهاون في ملاحقة المتورطين.

كما أكد على دور «اليونيفيل» الأساسي في منطقة جنوب الليطاني، والتنسيق الوثيق بينها وبين الجيش، ومساهمتها الفاعلة في إعادة الاستقرار.

وكانت «اليونيفيل» أعلنت أمس في بيان أن إحدى دورياتها في جنوب لبنان تعرضت لإطلاق نار، ولكن دون وقوع إصابات.

وأوضحت أن «ستة رجال على متن ثلاث دراجات نارية اقتربوا من جنود حفظ السلام أثناء دورية قرب بنت جبيل، وأطلق أحدهم نحو ثلاث طلقات نارية تجاه الجزء الخلفي من الآلية، ولم يُصب أحد بأذى».


قوة إسرائيلية تتوغل في بلدة بيت جن بريف دمشق وترهب المدنيين

رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)
رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)
TT

قوة إسرائيلية تتوغل في بلدة بيت جن بريف دمشق وترهب المدنيين

رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)
رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)

توغلت قوة إسرائيلية اليوم (السبت)، في بلدة بيت جن بريف دمشق بدبابتين و7 عربات في محيط بلدة بيت جن بريف دمشق، حسبما نقل تلفزيون سوريا.

وأضاف التلفزيون أن القوات الإسرائيلية دخلت سرايا عسكرية سابقة في محيط بيت جن، وفجرت ذخائر قديمة.

كما توغلت القوات الإسرائيلية مجدداً اليوم (السبت)، في منطقة الكروم الغربية بمحيط بلدة بيت جن بريف دمشق الغربي.

وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن «قوة للاحتلال مؤلفة من 3 دبابات و5 آليات توغلت في التقاطع المعروف باسم مفرق باب السد وسرية الدبابات، على الطريق الواصل بين مزرعة بيت جن بريف دمشق، وكل من قرى حضر وجباثا الخشب وطرنجة بريف القنيطرة».

وأشارت إلى أن «قوات الاحتلال أطلقت النار في الهواء بشكل متقطع، بهدف ترهيب رعاة المواشي وإبعادهم عن محيط المنطقة، كما أقامت حاجزاً في الموقع ومنعت المارة من العبور».

ولفتت الوكالة إلى أن «قوات الاحتلال شنت مؤخراً عدواناً على بلدة بيت جن، ما أدى إلى استشهاد 13 مدنياً وإصابة العشرات، بينما توغلت قوات الاحتلال أمس، في بلدات صيدا الحانوت وبئر عجم وبريقة بريف القنيطرة الجنوبي».

وطبقاً للوكالة، «تواصل إسرائيل سياساتها العدوانية وخرقها لاتفاق فض الاشتباك عام 1974، عبر التوغل في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا والاعتداء على المواطنين»، مشيرة إلى أن «سوريا تطالب باستمرار بخروج الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي السورية، وتدعو المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته وردع ممارسات الاحتلال العدوانية».


سلام يلتقي الشرع وتأكيد على تطوير العلاقات الثنائية

سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)
سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)
TT

سلام يلتقي الشرع وتأكيد على تطوير العلاقات الثنائية

سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)
سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)

التقى رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، الرئيس السوري أحمد الشرع، في مستهل «منتدى الدوحة»، اليوم (السبت).

وبحسب بيان صادر عن رئاسة الحكومة، فإنه خلال اللقاء تم التركيز على سبل تعزيز التعاون وتطوير العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا.

ويأتي لقاء سلام مع الشرع ضمن جهود دبلوماسية متواصلة لتعزيز العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا.

ويُعد «منتدى الدوحة» منصة إقليمية مهمة لتبادل وجهات النظر حول القضايا الثنائية والإقليمية، حيث يشارك فيه مسؤولون كبار لمناقشة آليات التعاون المشترك وتعزيز الروابط بين الدول العربية.