جزاء سنمار... من هي المدعية العسكرية التي انقلبت عليها حكومة إسرائيل؟

غموض يكتنف قصتها... اختفاء مفاجئ ثم إعلان أنها «سالمة وبصحة جيدة»

المدعية العسكرية الإسرائيلية المُقالة الجنرال يفعات تومر يروشالمي (وسائل إعلام إسرائيلية)
المدعية العسكرية الإسرائيلية المُقالة الجنرال يفعات تومر يروشالمي (وسائل إعلام إسرائيلية)
TT

جزاء سنمار... من هي المدعية العسكرية التي انقلبت عليها حكومة إسرائيل؟

المدعية العسكرية الإسرائيلية المُقالة الجنرال يفعات تومر يروشالمي (وسائل إعلام إسرائيلية)
المدعية العسكرية الإسرائيلية المُقالة الجنرال يفعات تومر يروشالمي (وسائل إعلام إسرائيلية)

هجوم ضارٍ تشهده إسرائيل منذ أيام على المرأة الوحيدة التي تحمل درجة جنرال في قيادة الجيش، يفعات تومر يروشالمي، والتي انقلبت عليها الحكومة، واكتنف الغموض قصتها بعد اختفائها المفاجئ، الأحد، ثم إعلان الشرطة العثور عليها «سالمة وبصحة جيدة».

أطيح بالجنرال يروشالمي من منصبها رئيسة للنيابة العسكرية العامة، وباتت الحكومة تصورها على أنها شخصية «أجرمت» بحق منظومة القضاء الإسرائيلية. ورغم محاكمة بدأت منذ نحو عام بتهمة تسريب أسرار أمنية لصحيفة ألمانية، يصور المسؤولون يروشالمي كمن سربت «أخطر الأسرار» في الجيش.

وقد شارك في الحملة ضدها ليس فقط وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، بل أيضاً وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، ورئيس أركان الجيش إيال زامير؛ ويتفق عليها اليمين والوسط الليبرالي، والحكومة والمعارضة، على السواء.

وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس خلال اجتماع مع رئيس الأركان إيال زامير وقادة الجيش (قناته عبر تلغرام)

فمن هي هذه الجنرال؟ وما هو ذنبها الحقيقي؟ وماذا وراء هذه الحملة التي دفعتها للاستقالة يوم الجمعة الماضي؟

«جزاء سنمار»

يروشالمي كانت من أركان الحرب على غزة. عمرها 51 عاماً، أمضت منها 23 عاماً في «خدمة العَلَم» في الجيش. درست القانون في إسرائيل، كما درست في جامعة فرجينيا بالولايات المتحدة.

منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2002، وهي تعمل على تبييض صفحة الجيش الإسرائيلي والقيادة السياسية، وتعطي مبررات قانونية للممارسات ضد الفلسطينيين. وقد أجازت كل ممارسات الجيش والاستيطان في الضفة الغربية. وكل ما نفذه الجيش الإسرائيلي من غارات وتفجيرات بقطاع غزة في الحرب الأخيرة وجدت له تفسيرات وفق القانون الدولي.

فلسطينيون يسيرون وسط الركام بمدينة غزة يوم الأحد (رويترز)

وعنها قال الكاتب اليساري جدعون ليفي في صحيفة «هآرتس»، الأحد، إنها «دافعت عن جرائم الجيش طوال حياتها العسكرية».

فما الذي جرى حتى انقلبوا عليها وجعلها تنال «جزاء سنمار»؟

في الظاهر، ارتكبت يروشالمي خطأً فادحاً حين سرَّبت إلى الصحافة تسجيلاً مصوراً يوثق واحدة من مئات الحالات التي يظهر فيها جنود إسرائيليون وهم يعذبون أسيراً فلسطينياً جسدياً وجنسياً داخل أحد مقرات الاعتقال.

الحادثة وقعت في بداية الحرب على غزة، في معتقل «سدي تيمان» في النقب؛ وهو معتقل أُغلق لسوء ظروفه، لكن أُعيد فتحه تحديداً بعد الحرب، واعتُقل فيه ألوف الفلسطينيين بتهمة المشاركة في هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

فلسطينيون معتقلون في قاعدة «سدي تيمان» العسكرية بجنوب إسرائيل (أرشيفية - أ.ب)

وقد اتهم الفلسطينيون إسرائيل بارتكاب جرائم حرب خطيرة في سجونها، أدت إلى مقتل 80 أسيراً خلال الحرب. وتم ضم ملف الأسرى هذا إلى محكمة لاهاي لجرائم الحرب ومحكمة العدل الدولية.

وتدخلت يروشالمي في الموضوع لمساعدة إسرائيل وجيشها على التملص من مقتضيات المحكمة الدولية؛ إذ إنه بحسب قوانين هذه المحكمة، تبطُل تهمة ارتكاب جرائم حرب في حال حققت الدولة المعنية مع مرتكبي الجرائم وحاسبتهم في محاكمها؛ لذلك قررت يروشالمي تقديم 5 جنود إلى المحاكمة.

«الوحش الذي لا يعرف الشبع»

هنا، قامت قيامة اليمين الإسرائيلي، فأقاموا المظاهرات أمام السجن مطالبين بإطلاق سراح المتهمين وإلغاء محاكمتهم، وشارك في المظاهرات وزراء ونواب، هجموا على السجن، وضربوا عدداً من السجانين من الشرطة العسكرية.

وحاولت يروشالمي عبثاً إقناعهم بأن هذه المحاكمة في مصلحة إسرائيل حتى تتملص من المحكمة الدولية، لكنهم نقلوا المظاهرات إلى بيتها، ووجهوا لها تهديدات بالقتل؛ ما اضطر المخابرات إلى فرض حراسة مشددة عليها.

وكي تبرر يروشلمي تصرفها، سمحت بتسريب مقطع التقطته كاميرا أمنية ويوثق جانباً ضئيلاً من تعذيب الأسير الفلسطيني.

وعلم جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) بهذا التصرف، وأعد ملفاً خاصاً به. وعندما أطيح برئيس الجهاز، وتقرر تعيين رئيس جديد مقرب من نتنياهو، تم تسريب نبأ للصحافة بأن يروشالمي هي التي أمرت بتسريب التسجيل في أغسطس (آب) 2024؛ لهذا استدعاها رئيس الأركان زامير، وطلب منها الخروج إلى عطلة، وسط حملة تحريض شرسة عليها.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مكتبه بالقدس 22 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)

وقال نتنياهو خلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء الإسرائيلي، الأحد، إن التسريب ربما ألحق «أكبر ضرر على العلاقات العامة» تتعرض له إسرائيل منذ تأسيسها.

وكتب جدعون ليفي في «هآرتس»، موجهاً للمدعية العسكرية المُقالة: «الوحش الذي لا يعرف الشبع لا يمكن إشباعه. دافعي أيتها الجنرال عن الإبادة الجماعية، تستَّري على كل الجرائم، اطمسي وغطي كل التحقيقات، شرعني جرائم جنود الجيش الإسرائيلي، تملقي قادتك، وعند أول عثرة سيحاسبك هذا الوحش».

وأضاف: «هل كان الأمر يستحق، أيتها الجنرال، أن تخدمي بهذا الخضوع جيش الإجرام، فيكون مصيرك بهذا البؤس؟ ألم يكن من الجدير أن تقومي بدورك، وأن تسمعي صوتك بشجاعة وصدق؟ على الأقل كنت ستُطردين بكرامة».

فلسطينية تطهو طعاماً وسط ركام المباني المحطمة بمدينة غزة يوم الأحد (رويترز)

ومضى قائلاً: «جلستِ سنوات في المحاكم العسكرية التي ليست لها صلة بما تعلمتِه في الجامعة. كنت مدعية وقاضية. أنتِ كنتِ المدعية العامة للإبادة الجماعية... والآن المنظومة تمنحكِ المكافأة التي تستحقينها».

اختفاء مفاجئ ثم إعلان غامض

أعلنت الشرطة الإسرائيلية أنه تم العثور على يروشالمي «سالمة وبصحة جيدة» بعد جهود بحث مكثفة أعقبت اختفاءها المفاجئ، الأحد.

ولم تُدْلِ الشرطة بمزيد من التفاصيل حول أسباب اختفائها أو ملابسات العثور عليها.

وكان الجيش قد قال في وقت سابق من اليوم إن رئيس الأركان زامير أصدر تعليمات باستخدام كل الوسائل المتاحة لدى الجيش من أجل تحديد موقع يروشالمي.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تندد بالعقوبات الأميركية على قاضيين بالجنائية الدولية

الولايات المتحدة​ مقر «المحكمة الجنائية الدولية»... (أ.ف.ب) play-circle

الأمم المتحدة تندد بالعقوبات الأميركية على قاضيين بالجنائية الدولية

نددت الأمم المتحدة بالعقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على قاضيين في المحكمة الجنائية الدولية بسبب تحقيقات تتعلق بإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)

«الوحدة» الليبية تتابع ملف الهيشري الموقوف لدى «الجنائية الدولية»

قالت سفارة ليبيا في هولندا إن «القسم القنصلي سينظم زيارات دورية للمحتجز الهيشري، ضمن اختصاصاته ومسؤولياته القنصلية تجاه المواطنين الليبيين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصافح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بالقدس 23 أكتوبر 2025 (رويترز) play-circle

عقوبات أميركية على قاضيين إضافيين في «الجنائية الدولية»

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قاضيين إضافيين بالمحكمة الجنائية الدولية، في خطوة دعم لإسرائيل، التي يواجه رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو مذكرة توقيف.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

المحكمة الجنائية الدولية ترفض طلب إسرائيل وقف تحقيق في حرب غزة

رفض قضاة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية، اليوم (الاثنين)، طعناً آخر قدمته إسرائيل لوقف تحقيق المحكمة في طريقة إدارتها الحرب على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (لاهاي )
شمال افريقيا علي كوشيب خلال جلسة النطق بالحكم الثلاثاء (أ.ف.ب) play-circle 01:53

«الجنائية الدولية» تقضي بسجن زعيم جنجويدي سابق 20 عاماً

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي الثلاثاء حكما بالسجن 20 عاما، على محمد علي عبد الرحمن المعروف بـ"علي كوشيب" أحد أبرز قادة "مليشيا الجنجويد" في السودان.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

إيران تعرب عن دعمها لفنزويلا في نزاعها مع الولايات المتحدة

صورة مركبة لوزير الخارجية الفنزويلي إيفان خيل ونظيره الإيراني عباس عراقجي (ا.ف.ب)
صورة مركبة لوزير الخارجية الفنزويلي إيفان خيل ونظيره الإيراني عباس عراقجي (ا.ف.ب)
TT

إيران تعرب عن دعمها لفنزويلا في نزاعها مع الولايات المتحدة

صورة مركبة لوزير الخارجية الفنزويلي إيفان خيل ونظيره الإيراني عباس عراقجي (ا.ف.ب)
صورة مركبة لوزير الخارجية الفنزويلي إيفان خيل ونظيره الإيراني عباس عراقجي (ا.ف.ب)

أعلنت فنزويلا، السبت أن إيران عرضت تعاونها «في جميع المجالات» لمكافحة «القرصنة والإرهاب الدولي» اللذين تمارسهما الولايات المتحدة، وذلك خلال مكالمة هاتفية بين وزيري خارجية البلدين.

وتعد إيران من أبرز حلفاء الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الذي يتهم واشنطن بتدبير مؤامرة للإطاحة به.

ونشرت الولايات المتحدة أسطولاً عسكرياً ضخماً في منطقة الكاريبي زعمت أن هدفه مكافحة تهريب المخدرات.

ومنذ بداية الشهر، احتجزت القوات الأميركية ناقلتين تحملان نفطا فنزويليا في إطار «حصار شامل» أعلنه الرئيس دونالد ترمب.

وقال وزير الخارجية الفنزويلي إيفان خيل في بيان، إن المحادثة مع نظيره الإيراني ركزت على «الأحداث الأخيرة في منطقة الكاريبي، ولا سيما التهديدات وأعمال القرصنة التي تمارسها الولايات المتحدة وسرقة السفن التي تحمل النفط الفنزويلي».

وأكد خلال المحادثة أن «فنزويلا تلقت دليلاً قاطعاً على تضامن حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الكامل، فضلا عن عرضها التعاون في جميع المجالات لمكافحة القرصنة والإرهاب الدولي اللذين تسعى الولايات المتحدة إلى فرضهما بالقوة».

وسبق لإيران أن قدمت مساعدات لفنزويلا شملت الوقود والغذاء والدواء.

كما أعربت الصين وروسيا، وهما حليفتان أخريان لفنزويلا، عن تضامنهما مع الرئيس مادورو في مواجهة الانتشار العسكري الأميركي.


إيران تنفذ الحكم بإعدام طالب بتهمة «التجسس لصالح إسرائيل»

لافتة ضد الإعدام في إيران خلال احتجاج عقب وفاة مهسا أميني... الصورة في برلين يوم 10 ديسمبر 2022 (رويترز)
لافتة ضد الإعدام في إيران خلال احتجاج عقب وفاة مهسا أميني... الصورة في برلين يوم 10 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

إيران تنفذ الحكم بإعدام طالب بتهمة «التجسس لصالح إسرائيل»

لافتة ضد الإعدام في إيران خلال احتجاج عقب وفاة مهسا أميني... الصورة في برلين يوم 10 ديسمبر 2022 (رويترز)
لافتة ضد الإعدام في إيران خلال احتجاج عقب وفاة مهسا أميني... الصورة في برلين يوم 10 ديسمبر 2022 (رويترز)

أعلنت السلطة القضائية الإيرانية تنفيذ حكم الإعدام بحق عقيل كشاورز، طالب «الهندسة المعمارية» في جامعة شاهرود، بتهمة «التجسس لصالح إسرائيل».

وأجرت عائلة كشاورز آخر زيارة له يوم الجمعة 19 ديسمبر (كانون الأول) في سجن أرومية.

وذكرت وكالة أنباء «ميزان»، التابعة للسلطة القضائية، أن الإعدام نُفذ، صباح السبت 20 ديسمبر، «بعد تأييد الحكم الصادر عن المحكمة العليا واستكمال الإجراءات القانونية».

وقبل ساعات من تنفيذ الإعدام، أفادت بعض وسائل الإعلام الطلابية والحقوقية بتصاعد المخاوف من تنفيذ حكم الإعدام بحق كشاورز.

ونقلت شبكة حقوق الإنسان في كردستان أن عائلة كشاورز استُدعيت يوم الخميس 18 ديسمبر من أصفهان «لإجراء الزيارة الأخيرة».

وحسب المصدر، حضرت العائلة عصر الخميس أمام سجن أرومية، إلا أنها أُبلغت بأن ابنها نُقل إلى طهران. وأضاف أن العائلة تمكنت أخيراً من إجراء الزيارة الأخيرة ظهر الجمعة 19 ديسمبر، مشيراً إلى أن «الزيارة كانت حضورية، وقد أُغمي على والدته بسبب الضغوط العصبية».

وكان كشاورز قد اعتُقل في شهر يونيو (حزيران) الماضي، بالتزامن مع حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل، وصدر بحقه حكم بالإعدام من قِبل السلطة القضائية الإيرانية بتهمة «التجسس لصالح إسرائيل».

وفي المقابل، أعلنت وكالة «ميزان» أن تاريخ اعتقال كشاورز يعود إلى شهر مايو (أيار) الماضي، دون تحديد اليوم، وذكرت أنه اعتُقل على يد عناصر دورية الحماية التابعة للجيش الإيراني.

وكانت شبكة حقوق الإنسان في كردستان قد أفادت سابقاً بأن الجهة التي اعتقلت كشاورز هي منظمة استخبارات «الحرس الثوري».

ووصفت وكالة «ميزان» كشاورز بأنه «عميل للموساد (الإسرائيلي)»، واتهمته بـ«التجسس والتواصل والتعاون الاستخباراتي» مع إسرائيل، و«تصوير مواقع عسكرية وأمنية».

وأضافت الوكالة التابعة للسلطة القضائية الإيرانية أن «أفراد عائلته لديهم ميول مؤيدة للنظام الملكي، وأن عمه لديه سوابق عضوية أو تعاطف» مع منظمة «مجاهدي خلق» الإيرانية المعارضة.

كما ذكرت «ميزان» أن «كشاورز قام في عام 2022 عبر تطبيق (تلغرام) بالتواصل والتعاون مع إحدى المجموعات التابعة لمنظمة (مجاهدي خلق)، وقام بإرسال صور وكتابة شعارات وفق توجيهات مديري تلك المجموعات».

صورة أرشيفية نشرتها وكالة «ميزان» التابعة للقضاء الإيراني من محاكمة قاتل رجل دين أدين بالإعدام

استجواب وتعذيب

كانت شبكة حقوق الإنسان في كردستان قد أفادت سابقاً بأن كشاورز، وهو طالب عمارة في جامعة شاهرود ومن أهالي أصفهان، تعرّض بعد اعتقاله «لمدة أسبوع» للاستجواب والتعذيب في مركز احتجاز تابع لاستخبارات الحرس الثوري في أرومية «بهدف انتزاع اعتراف قسري بالتجسس لصالح إسرائيل».

وحسب هذا التقرير، فقد نُقل لاحقاً إلى سجن «إيفين» في طهران، وكان موجوداً هناك أثناء قصف السجن من قِبل إسرائيل، خلال الحرب، ثم جرى نقله إلى مركز احتجاز آخر.

وأضافت المنظمة الحقوقية أن كشاورز «نُقل بعد انتهاء مرحلة التحقيق إلى السجن المركزي في أرومية، وصدر بحقه في أواخر الصيف حكم بالإعدام من قِبل الفرع الأول لمحكمة الثورة في أرومية، برئاسة القاضي سجاد دوستي، بتهمة التجسس لصالح إسرائيل».

وأشار التقرير إلى أنه «بسبب تهديدات المحققين الأمنيين، امتنع هو وعائلته عن الإعلان عن هذه القضية».

وأثار إعلان خبر إعدام كشاورز موجة واسعة من الانتقادات والإدانات من قِبل مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي.

وكتبت منظمة «هنغاو» المعنية بحقوق الإنسان في إيران، يوم الجمعة 19 ديسمبر، أنه «منذ بداية عام 2025 وحتى الآن، تم إعدام 17 شخصاً في إيران بتهمة التعاون مع إسرائيل، 15 منهم أُعدموا بعد اندلاع الحرب في يونيو الماضي».

وفي السياق نفسه، أعلنت السلطات الإيرانية أنه بعد حرب الـ12 يوماً، جرى اعتقال أكثر من 700 شخص بتهمة التجسس أو التعاون مع إسرائيل.

وحسب تقارير حقوقية، يوجد حالياً، إلى جانب سجناء الجرائم العامة، نحو 70 سجيناً بتهم سياسية في السجون الإيرانية يواجهون خطر تأييد أو تنفيذ أحكام الإعدام، كما يواجه أكثر من 100 شخص آخرين، بتهم مشابهة، خطر صدور حكم الإعدام بحقهم.


تركيا: سنفعل ما يلزم لحماية المنشآت الاستراتيجية بالبحر الأسود دون استشارة أحد

السلطات التركية فرضت طوقاً أمنياً في موقع سقوط المسيرة الروسية في كوجا إيلي في شمال غربي البلاد في 19 ديسمبر (أ.ف.ب)
السلطات التركية فرضت طوقاً أمنياً في موقع سقوط المسيرة الروسية في كوجا إيلي في شمال غربي البلاد في 19 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

تركيا: سنفعل ما يلزم لحماية المنشآت الاستراتيجية بالبحر الأسود دون استشارة أحد

السلطات التركية فرضت طوقاً أمنياً في موقع سقوط المسيرة الروسية في كوجا إيلي في شمال غربي البلاد في 19 ديسمبر (أ.ف.ب)
السلطات التركية فرضت طوقاً أمنياً في موقع سقوط المسيرة الروسية في كوجا إيلي في شمال غربي البلاد في 19 ديسمبر (أ.ف.ب)

أعلنت تركيا اتخاذ تدابير لحماية المنشآت ذات الأهمية الاستراتيجية في البحر الأسود دون التشاور مع أحد، وذلك وسط ارتفاع حدة التوتر في المنطقة على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، الذي انعكس في هجمات على سفن تركية، وإسقاط مسيّرات دخلت مجالها الجوي في الأيام الأخيرة.

وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر،: «نتخذ التدابير اللازمة لحماية منشآتنا الحيوية السطحية وتحت الماء في البحر الأسود. سفن الحفر التابعة لنا ذات أهمية بالغة، وضعنا ونفذنا تدابير ضد الطائرات المسيّرة التي تنحرف عن مسارها أو تخرج على السيطرة، وضد التهديدات التي قد تأتي من تحت الماء».

وأكد غولر، في لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام التركية، السبت، لتقييم عمل وزارة الدفاع خلال عام 2025، أن تركيا «ستفعل ما يلزم دون استشارة أحد»، لافتاً إلى أن الطائرات المسيّرة والمركبات المائية غير المأهولة تُستخدم بكثافة من قبل كلا الجانبين في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وأن هذا الوضع يُشكل خطراً كبيراً على السفن التجارية والطائرات المدنية في المنطقة.

إجراءات احترازية

وذكر أنهم اتخذوا على الفور إجراءات احترازية لحركة الطيران عقب إسقاط طائرات «إف-16» التركية طائرة مسيرة «مجهولة حتى الآن» خرجت عن السيطرة في منطقة البحر الأسود في 15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

غولر متحدثاً خلال لقائه مع الصحافيين الأتراك السبت (الدفاع التركية)

ولفت غولر إلى أن الطائرة كان يصعب رصدها بسبب الأحوال الجوية، وعلى الرغم من ذلك فقد نجحت الطائرات التركية في تتبعها، وأصابتها بصاروخ جو - جو في الموقع الأنسب والأكثر أماناً بعيداً عن المناطق المأهولة بالسكان، وأنه بسبب إصابتها بصاروخ دُمرت بالكامل، ولا تزال جهود البحث عن حطامها جارية، وسيتم إطلاع الجمهور على التفاصيل بعد الانتهاء من فحص الحطام.

وتسبب هذا الحادث في جدل كبير وتساؤلات من جانب المعارضة التركية حول تفعيل نظام الرادارات في البلاد وما إذا كان كافياً لرصد المسيّرات، لافتة إلى أن الطائرة أسقطت بالقرب من قرية «كاراجا أسان، «على مسافة خطوات من منشآت شركة «روكيتسان» للصناعات العسكرية الواقعة خارج العاصمة أنقرة مباشرة، وفق ما أعلن نائب حزب «الشعب الجمهوري» عن مدينة إسطنبول الدبلوماسي السابق، نامق تان، الذي تم تحويل مسار طائرته عندما كان متجهاً من إسطنبول إلى أنقرة بالتزامن مع حادث الطائرة المسيّرة.

ودافع المتحدث باسم وزارة الدفاع التركية زكي أكتور، خلال إفادة للوزارة الخميس، عن نظام الدفاع الجوي، مؤكداً أنه لم يكن مسؤولاً عن الحادث، وأن الطائرة المسيّرة كان من الصعب رصدها من حيث الارتفاع والسرعة والحجم، داعياً أوكرانيا وروسيا إلى توخي مزيد من الحذر.

حوادث متصاعدة

وفي حادث هو الثاني من نوعه في أقل من أسبوع، أعلنت تركيا، الجمعة، تحطم طائرة مسيرة روسية الصنع من طراز «أورالان-10″ سقطت بمنطقة ريفية بالقرب من مدينة إزميت التابعة لولاية كوجا إيلي، شمال غربي البلاد، على مسافة نحو 30 كيلومتراً جنوب البحر الأسود.

وأفادت وزارة الداخلية التركية التي أعلنت عن فتح تحقيق في هذا الخصوص أنّه يُعتقد أن المسيّرة تُستخدم لأغراض الاستطلاع والمراقبة وفقاً للنتائج الأولية. تقع تركيا على الضفة الجنوبية من البحر الأسود قبالة سواحل أوكرانيا وروسيا، وهما في حالة حرب. والاثنين، أسقطت الدفاعات التركية مسيّرة «خارجة عن السيطرة» آتية من البحر الأسود في المجال الجوّي التركي، من دون أن تحدّد السلطات مصدرها أو موقع اعتراضها. وأفاد عدّة مراقبين بأن العملية نُفّذت فوق الأراضي التركية وليس البحر الأسود. وبعد هذه الحادثة، دعت وزارة الدفاع التركية، الخميس، أوكرانيا وروسيا إلى «توخّي مزيد من الحذر».

مواطنون أتراك يلتقطون صوراً لمسيّرة روسية سقطت في شمال غربي تركيا في 19 ديسمبر (أ.ف.ب)

ودخلت تركيا على خط الصراع، بعد تعرض ناقلتي نفط تابعتين لـ«أسطول الظل » الروسي كانتا تبحران في مياهها الإقليمية في البحر الأسود في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لهجمات بالمسيّرات من جانب أوكرانيا.

واستدعت «الخارجية التركية» في 4 ديسمبر السفير الأوكراني والقائم بالأعمال الروسي، لتحذيرهما من التصعيد في منطقة البحر الأسود. وقال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إن «الأحداث تشير إلى تصعيد مقلق في البحر الأسود، لا يمكننا التغاضي عن هذه الهجمات التي تهدد الملاحة والحياة والسلامة البيئية، لا سيما في منطقتنا الاقتصادية الخالصة».

تصاعد النيران والدخان الكثيف من ناقلة النفط «كايروس» التي هاجمتها أوكرانيا في المياة الاقتصادية لتركيا بالبحر الأسود في 28 نوفمبر الماضي (رويترز)

وأعقب ذلك تعرض سفينة تجارية تركية لأضرار في غارة جوية روسية بالقرب من مدينة أوديسا الساحلية الأوكرانية، في 12 ديسمبر بعد ساعات فقط من لقاء بين إردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على هامش «منتدى السلام والثقة الدولي» في عشق آباد.

تحذيرات ودعوات للسلام

وقال إردوغان، في تصريحات لصحافيين رافقوه في طريق عودته من تركمانستان عقب المشاركة في المنتدى، إنه «لا ينبغي النظر إلى البحر الأسود بوصفه ساحة حرب، مثل هذا الوضع لن يضر سوى روسيا وأوكرانيا، ولن يفيدهما بأي شكل من الأشكال، الجميع بحاجة إلى ملاحة آمنة في البحر الأسود، ويجب ضمان ذلك». وغداة إسقاط الطائرة المسيرة المجهولة، حذر إردوغان، في 16 ديسمبر، مجدداً، من الهجمات في البحر الأسود، لكنه لم يتطرق إلى حادث الطائرة.

جانب من مباحثات إردوغان وبوتين في عشق آباد في 12 ديسمبر (الرئاسة التركية)

وتوقع مراقبون ألا تؤدي هذه التطورات، على الرغم من كونها مؤشراً سلبياً على التصعيد في منطقة البحر الأسود، إلى توتر في العلاقات بين تركيا وكل من أوكرانيا وروسيا، لافتين إلى أن العلاقات التركية الروسية مرت باختبار أصعب، عندما أسقطت روسيا طائرة عسكرية تركية على الحدود مع سوريا عام 2014، وتمكنت أنقرة وموسكو من تجاوز الحادث دون تأثير سلبي على العلاقات التي واصلت تطورها بشكل ثابت.

وتواصل تركيا، التي استضافت 3 جولات من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول بين شهرَي مايو (أيار) ويوليو (تموز) الماضيين، لم تسفر عن نتائج ملموسة باستثناء تبادل للأسرى، مساعيها من أجل استئناف المفاوضات بغية التوصُّل إلى وقف لإطلاق النار، وتحقيق السلام الشامل.

وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، إن الأحداث الأخيرة في المنطقة الاقتصادية الخالصة (الهجمات الأوكرانية على سفن تابعة لأسطول الظل الروسي) وإسقاط الطائرة المسيرة في 15 ديسمبر يظهران أنه حتى لو قللنا الفوضى الأمنية في البحر الأسود، فإن بيئة مستقرة وآمنة تتطلب إرساء سلام دائم».