ليبيا: سلطات بنغازي تتجاهل مطالب حقوقية بالتحقيق في قتل «أفراد من التبو»

«العفو الدولية» تتهم كتيبة تابعة لـ«الجيش الوطني» بـ«ارتكاب انتهاكات»

تجمع من سكان الكفرة في افتتاح فاعليات مهرجان الكفرة للتراث 16 أكتوبر (بلدية الكفرة)
تجمع من سكان الكفرة في افتتاح فاعليات مهرجان الكفرة للتراث 16 أكتوبر (بلدية الكفرة)
TT

ليبيا: سلطات بنغازي تتجاهل مطالب حقوقية بالتحقيق في قتل «أفراد من التبو»

تجمع من سكان الكفرة في افتتاح فاعليات مهرجان الكفرة للتراث 16 أكتوبر (بلدية الكفرة)
تجمع من سكان الكفرة في افتتاح فاعليات مهرجان الكفرة للتراث 16 أكتوبر (بلدية الكفرة)

تجاهلت سلطات بنغازي في شرق ليبيا مطالب منظمات حقوقية دولية ومحلية بالتحقيق في «مقتل عدد من أفراد مكون التبو»، الذين سقطوا إثر أحداث شهدتها مدينة الكفرة (جنوب شرق) خلال الشهرين الماضيين.

وتعيش الكفرة حالة من الاحتقان والغضب، بعد حوادث أودت بحياة عدد من المواطنين خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وفق سكان بالمدينة، غير أن السلطات الأمنية سارعت إلى التدخل لاحتواء الموقف، من خلال إجراء تغييرات في صفوف بعض المسؤولين الأمنيين.

ودخلت «منظمة العفو الدولية» على خط الأزمة، وقالت إنه «ينبغي على النائب العام الليبي إجراء تحقيقات عاجلة وشاملة ومستقلة وحيادية وشفافة في جرائم القتل، التي طالت أفراداً من مجموعة التبو خلال الأشهر الثلاثة الماضية في الكفرة»، كما دعت إلى «الكشف الفوري عن مصير ومكان رجال من التبو تعرضوا للاختفاء القسري».

«العفو الدولية» طالبت النائب العام الليبي بإجراء تحقيقات عاجلة وشاملة في جرائم قتل أفراد من التبو (مكتب النائب العام)

وتخضع الكفرة لسيطرة «الجيش الوطني»، وقد شهدت المنطقة حروباً قبلية دامية بين مكون التبو، وقبيلة الزوية خلال السنوات الممتدة من 2012 إلى 2015، أسفرت عن سقوط نحو 700 قتيل من الجانبين.

وقالت المنظمة في بيان، مساء الخميس، إنها «وثقت سلسلة من انتهاكات حقوق الإنسان ارتكبتها بين أغسطس (آب) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين (كتيبة سبل السلام)، التابعة لـ(الجيش الوطني)، وشرطة الكفرة التابعة لحكومة شرق ليبيا، ضد أفراد من التبو على أساس الأصل الإثني»، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات شملت «عمليات قتل غير مشروعة، واعتقالات تعسفية، واختفاءات قسرية».

وفي السابع من أكتوبر الماضي، قتل مواطن في الكفرة خلال مشاجرة مع دورية أمنية، فأقدمت أسرته على إضرام النار في عدد كبير من سيارات جهاز البحث الجنائي في المدينة.

وقالت «منظمة العفو الدولية» إن الانتهاكات تضمنت حادثتين قتل فيهما رجلان من التبو على يد شرطة الكفرة، وحالة ثالثة توفي فيها رجل من التبو، عقب تعرضه لهجوم من جماعة مسلحة في منطقة تسيّر فيها (كتيبة سبل السلام) دورياتها، كما وثقت استمرار الاختفاء القسري لثلاثة آخرين من التبو، بعدما أطلق أفراد من الكتيبة النار عليهم.

«العفو الدولية» قالت إنها «وثقت سلسلة من انتهاكات حقوق الإنسان ارتكبتها (كتيبة سبل السلام) التابعة للجيش الوطني» (الجيش الوطني)

وتحدث المحلل السياسي الليبي، أسامة الشحومي، عن «حالة من الاحتقان تشهدها الكفرة منذ أسابيع»، بعد حوادث وصفها بـ«المؤسفة» راح ضحيتها عدد من أبناء مكون التبو. وسلط الشحومي الضوء، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، على «تعقيدات أزمة التبو وقدمها في ليبيا، ولا سيما خلافها مع قبيلة الزوية»، لكنه أكد أنه «من الضروري معالجة أي تجاوزات فردية بحزم وعدالة، حفاظاً على سمعة المؤسسة العسكرية وثقة المواطنين بها».

وأشار الشحومي إلى أن السلطات الأمنية في الكفرة سارعت، عقب الأحداث التي شهدتها المدينة، إلى اتخاذ خطوات عملية لاحتواء التوتر، فغيرت عدداً من القيادات الأمنية، من بينها مدير فرع البحث الجنائي، «في إطار مساعٍ لتهدئة الأوضاع وضبط الانفلات»، مبرزاً أن كثيراً من أبناء المدينة «يؤكدون وجود جهود محلية جادة من الأعيان والعقلاء لاحتواء الأزمة، والحفاظ على السلم الاجتماعي».

وإلى جانب منظمة «العفو الدولية»، طالب حقوقيون ليبيون بضرورة «كشف ملابسات ما يحدث في الكفرة، ومعاقبة المتورطين في التوتر، وإثارة الفتين بين سكان المدينة».

وفي السادس من يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلن وزير الداخلية بحكومة أسامة حماد، المكلفة من مجلس النواب، عصام أبو زريبة، «دخول اتفاق المصالحة المبرم بين التبو وقبيلة الزوية حيز التنفيذ العام الحالي»، مشيراً إلى «لقاءات وجلسات متعددة مع مختلف أطراف النزاع، تم خلالها تحقيق نتائج مرضية، تمت الموافقة عليها لدخول مرحلة التنفيذ خلال هذا العام».

أسامة حماد رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان (الاستقرار)

وذهب الشحومي إلى أن «قوات الجيش الليبي تتحمل عبئاً كبيراً في حماية حدود شاسعة ومعقدة، تمتد بين ليبيا والسودان وتشاد، وهي تواجه تحديات أمنية حقيقية تتطلب الحزم والانضباط».

وفيما يرى الشحومي أن «منظمة العفو الدولية» تميل عادة إلى «تضخيم الأمور»، أعرب عن أمله في «ألا تنزلق الكفرة إلى مسار تصعيد، شبيه بما حدث في السودان، وأن تتضافر الجهود الأمنية والاجتماعية لضمان الاستقرار والعدالة».

واختتم الشحومي قائلاً إن مكون التبو «جزء أصيل من النسيج الوطني الليبي، وأي استهداف أو تهميش له يضر بوحدة الجنوب والبلاد بأكملها»، مضيفاً أن الكفرة «تحتاج اليوم إلى الحكمة وضبط النفس، وإرادة صادقة لتجاوز هذه المرحلة الحساسة، بما يحفظ كرامة الجميع».

وكانت اشتباكات قد وقعت بين قبيلة الزوية ومكون التبو في الكفرة خلال السنوات، التي تلت إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، لكنهما توصلا لاحقاً إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد معارك استمرت قرابة ثلاثة أشهر.


مقالات ذات صلة

«الوحدة» الليبية تبحث مع بريطانيا تعزيز قدرات قواتها القتالية

شمال افريقيا جانب من زيارة وفد عسكري بحكومة «الوحدة» الليبية لمؤسسات تعليمية عسكرية عليا ومتوسطة بالجيش البريطاني (رئاسة الأركان بغرب ليبيا)

«الوحدة» الليبية تبحث مع بريطانيا تعزيز قدرات قواتها القتالية

التقى وفد عسكري بحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، قيادات مسؤولة عن مؤسسات تعليمية عليا ومتوسطة بالجيش البريطاني.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الصديق الصور (مكتب النائب)

تزوير «الأوراق الوطنية»... تهديد مباشر للأمن القومي في ليبيا

يتابع الليبيون بقلق كبير ما ستكشفه تحقيقات النيابة العامة حول توسع عمليات التزوير داخل منظومة السجل المدني.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة يستعرض رؤيته لأسباب ما يعانيه بلده خلال «منتدى طرابلس للاتصال الحكومي» (الشرق الأوسط)

الدبيبة يتهم نظام القذافي بإهدار أموال ليبيا على «الوحدة العربية»

دافع رئيس «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة عن حكومته، في مواجهة الأزمات التي تعاني منها قطاعات واسعة من الشعب.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة وعضو البرلمان الليبي قبل مشادتهما الكلامية (الوحدة)

ليبيا: مشادة «كلامية عنيفة» بين الدبيبة وبرلماني في طرابلس

شهدت العاصمة طرابلس توتراً غير مسبوق بعد اندلاع مشادة كلامية حادّة بين رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة وعضو مجلس النواب جلال الشويهدي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا وقفة احتجاجية نسائية مناهضة للعنف ضد المرأة في ليبيا (الوكالة الألمانية للتعاون الدولي في ليبيا)

«العنف الإلكتروني»... سلاح يهدد الطموح السياسي لليبيات

أثار تقرير رسمي ليبي حديث حول العنف الرقمي ضد المرشحات في الانتخابات البلدية صدمة واسعة داخل الأوساط السياسية والحقوقية.

علاء حموده (القاهرة)

مصر وأنغولا لتعزيز «الشراكة الاستراتيجية» والتشاور بشأن القضايا الأفريقية

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره الأنغولي تيتي أنطونيو أثناء المشاركة في «منتدى الأعمال» الخميس (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره الأنغولي تيتي أنطونيو أثناء المشاركة في «منتدى الأعمال» الخميس (الخارجية المصرية)
TT

مصر وأنغولا لتعزيز «الشراكة الاستراتيجية» والتشاور بشأن القضايا الأفريقية

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره الأنغولي تيتي أنطونيو أثناء المشاركة في «منتدى الأعمال» الخميس (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره الأنغولي تيتي أنطونيو أثناء المشاركة في «منتدى الأعمال» الخميس (الخارجية المصرية)

تواصل مصر تعزيز علاقاتها بدول غرب القارة الأفريقية عبر فتح آفاق جديدة للتعاون في مجالات اقتصادية وسياسية وأمنية في ظل تحديات تعانيها دول القارة، ما انعكس على الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى أنغولا، والتي تستهدف «دفع الشراكة الاستراتيجية» بين البلدين.

وافتتح عبد العاطي، الخميس، «منتدى الأعمال المصري - الأنغولي» المنعقد في لواندا؛ وذلك على هامش أعمال الدورة الأولى للجنة المشتركة بين البلدين، بحضور ممثلي عدد من الشركات المصرية العاملة في مجال الطاقة والتشييد والبناء وتكنولوجيا المعلومات.

وأكد وجود «إرادة سياسية مشتركة لقيادتي البلدين للارتقاء بالتعاون الاقتصادي ليصبح ركيزة رئيسية للشراكة الثنائية»، مشدداً على ضرورة تعزيز حجم التبادل التجاري والاستثمارات المتبادلة واستغلال الإمكانات والفرص المتاحة.

ونوه خلال مشاركته في منتدى الأعمال إلى «جاهزية الشركات المصرية للعمل في السوق الأنغولية، مستعرضاً خبراتها الواسعة في مشروعات البنية التحتية داخل مصر والقارة الأفريقية، وقدرتها التنافسية في مجالات البناء والتشييد والبنية التحتية».

وعززت مصر أخيراً علاقاتها بدول غرب أفريقيا؛ وفي يوليو (تموز) الماضي دشنت «منتدى الأعمال المصري - البوركيني» أثناء زيارة لوزير الخارجية إلى بوركينا فاسو، كما نظمت فعاليات تجارية في نوفمبر (تشرين الثاني) هدفت لتعزيز التبادل في غانا.

وأكد عبد العاطي على تعزيز التبادل التجاري مع كوت ديفوار خلال لقائه وزير الخارجية الإيفواري، ليون كاكو آدوم، الشهر الماضي، وتطرقت المحادثات حينها إلى التعاون الأمني في مجالات مكافحة الإرهاب.

وقال عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، إن العلاقات بين مصر وأنغولا تاريخية وهناك شراكة استراتيجية تتمثل في التعاون بشأن المحاور الأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولدى مصر دور مهم في بناء القدرات في مجالات البنية التحتية، وهناك تنسيق ومشاورات مشتركة بشأن الأوضاع في منطقة «البحيرات العظمى» والتحديات التي تواجهها، وكذلك بشأن الأوضاع في غرب القارة الأفريقية.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن مصر تعزز علاقاتها مع دول غرب أفريقيا بما لديها من أهمية كبيرة بشأن استقرار الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي وهي منطقة مشتركة مع البحر الأحمر، وتعمل على تطوير العلاقات في جميع مجالات التعاون المشترك.

«ويعد ترأس أنغولا للاتحاد الأفريقي فرصة مواتية للتنسيق بين البلدين بشأن جملة من القضايا على المستوى الأفريقي؛ في مقدمتها حرب السودان واستقرار الصومال والأمن في البحر الأحمر والتنسيق بشأن مجابهة انتشار الجماعات الإرهابية في غرب أفريقيا»، وفقاً لحليمة.

جانب من توقيع وزير الدفاع المصري ونظيره الأنغولي اتفاقية تعاون في مجال الدفاع في نوفمبر 2024 (المتحدث العسكري المصري)

وفي فبراير (شباط) الماضي، تسلم الرئيس الأنغولي جواو لورينسو رئاسة الاتحاد الأفريقي، وذلك خلال القمة الـ38 للاتحاد الأفريقي، بحضور رؤساء الدول والحكومات للدول الأعضاء في الاتحاد، التي انعقدت في إثيوبيا.

وبحسب بيان صادر عن «الخارجية المصرية»، مساء الخميس، فإن عبد العاطي من المقرر أن يعقد خلال الزيارة «سلسلة من اللقاءات الثنائية مع عدد من كبار المسؤولين الأنغوليين على هامش أعمال (اللجنة المصرية - الأنغولية المشتركة) لبحث فرص الارتقاء بالتعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية».

وأوضح البيان أن الزيارة تهدف إلى «توسيع مجالات الشراكة بين البلدين، وتبادل الرؤى حول أبرز القضايا الإقليمية والدولية، وتنسيق المواقف تجاه الملفات محل الاهتمام المشترك، بما يعزز من دور البلدين في دعم الأمن والاستقرار والتنمية في القارة الأفريقية والمحافل الدولية».

الباحث في الشأن الأفريقي، رامي زهدي، أشار إلى توافق مصري - أنغولي بشأن قضايا القارة الداخلية والخاصة بالأمن والسلم والأمن المائي، كما أن العلاقات على المستوى الثنائي لديها فرص مهمة للتطور في قطاعات اقتصادية وتنموية مختلفة، بينها مشاريع الطاقة المتجددة والتعدين والاستفادة من الخبرات المصرية في المجال الصحي والمجالات الزراعية.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «البلدان لديهما تعاون في توطين الصناعات المتقدمة والتكنولوجيا الدفاعية والاستفادة من القدرات المصرية بتوطين تلك الصناعات أخيراً».

وقبل عام تقريباً وقّعت مصر وأنغولا اتفاقية تعاون في مجال الدفاع والتقنيات العسكرية، في إطار تعزيز علاقات التعاون العسكري بين البلدين، وذلك في أثناء زيارة قام بها قام بها وزير الدفاع الأنغولي، جواو إرنيستو دوس سانتوس، إلى القاهرة.

وأكد وزير الخارجية المصري خلال مشاركته في منتدى الأعمال المشترك، الخميس، «ضرورة توسيع التعاون في ممر لوبيتو وتطوير البنية اللوجيستية المرتبطة به، فضلاً عن تعزيز التعاون في مجال الطاقة، استناداً إلى خبرة مصر في الصناعات التحويلية والبتروكيماويات، بالإضافة إلى فرص التعاون في الطاقة الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر باعتبارها مجالات استراتيجية للمستقبل».


لافروف يعرض وساطة بلاده لتيسير تسوية سياسية في السودان

طفل سوداني يتيم يأكل في مخيم للاجئين في شرق تشاد 22 نوفمبر 2025 (رويترز)
طفل سوداني يتيم يأكل في مخيم للاجئين في شرق تشاد 22 نوفمبر 2025 (رويترز)
TT

لافروف يعرض وساطة بلاده لتيسير تسوية سياسية في السودان

طفل سوداني يتيم يأكل في مخيم للاجئين في شرق تشاد 22 نوفمبر 2025 (رويترز)
طفل سوداني يتيم يأكل في مخيم للاجئين في شرق تشاد 22 نوفمبر 2025 (رويترز)

جدد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عرض وساطة بلاده لدفع عملية سياسية تنهي الصراع الدائر في السودان.

وقال لافروف إن موسكو مستعدة إذا وافقت الحكومة السودانية على «تسهيل البحث عن حلول عملية»، داعياً في الوقت ذاته إلى «وقف توجيه الإدانات إلى أي طرف والعمل على دفع الحوار السياسي».

وكان الوزير الروسي يتحدث خلال لقاء مع عدد من السفراء خصص لطرح وجهات نظر موسكو حول الجهود الجارية لتسوية الصراع في أوكرانيا. وتطرق خلال المناقشات إلى عدد من الملفات الإقليمية الساخنة وبينها الوضع في السودان.

وأكد لافروف أن موسكو «مستعدة لمواصلة المساعدة في إيجاد خطوات عملية لتسوية الأزمة الداخلية في السودان».

علما السودان وروسيا (أرشيفية)

وفي معرض رده على سؤال حول الأزمة في السودان، أشار لافروف إلى أن روسيا حثت بشدة على إطلاق حوار ومفاوضات بين الأطراف المتنازعة. وزاد أن «بعض المقترحات قُدّمت في وقت سابق، من بعض الدول المهتمة بإيجاد حل لهذا النزاع».

وقال الوزير الروسي مخاطباً ممثل السودان الذي كان حاضراً خلال اللقاء: «كانت هناك مقترحات لحكومتكم للدخول في حوار مع من وصفتموهم بالقوى الخارجية. للأسف، لم ينجح هذا المسعى، إذ لم يُعقد أي حوار فعلي».

وزاد أنه على الرغم من ذلك تم تقديم مقترحات محددة، و«قمنا بنقلها. وأنا على ثقة بأنه يجب علينا الآن أيضاً التركيز ليس على مواصلة توجيه الإدانات العلنية ضد أي طرف، بل على البحث عن حلول عملية لهذه القضية». وشدد على أن روسيا «مستعدة لتيسير هذا البحث عن الحلول العملية، ولديها بالفعل إمكانيات للقيام بذلك».

وأضاف لافروف: «إذا كانت حكومتكم موافقة، فسنحاول انتهاز هذه الفرصة».

في الوقت ذاته دعا لافروف سلطات السودانَ إلى مطالبة الحكومة الأوكرانية بوقف إرسال المرتزقة إلى أراضي القارة السمراء.

عناصر من «قوات التدخل السريع» يقومون بدورية في بلدة شمال السودان (أرشيفية - أ.ب)

وتتبادل موسكو وكييف الاتهامات بشأن إرسال وحدات من المرتزقة إلى عدد من بلدان القارة الأفريقية، وتقول جهات غربية إن موسكو دعمت «قوات الدعم السريع» بالسلاح والخبرات.

وكان لافروف كرر عرض بلاده تقديم جهود للوساطة، في أكثر من مناسبة خلال العام الحالي، وقال خلال استقباله نظيره السوداني في فبراير (شباط) الماضي، إن بلاده على استعداد لـ«التعاون مع اللاعبين الخارجيين الآخرين، في مجال المساعدة بتطبيع الوضع في السودان».

وأشار في حينها إلى أن «استئناف التعاون الثنائي مع السودان، يعتمد بشكل كامل على الظروف الأمنية».

كما التقى الوزيران مجدداً على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي أواسط أبريل (نيسان) الماضي، وقالت الخارجية الروسية في بيان أصدرته بعد اللقاء إنه «تم إيلاء اهتمام كبير لتطورات الوضع في السودان، والتركيز على آفاق تسوية الأزمة العسكرية السياسية ».

وأكد البيان على «ضرورة الوقف السريع للمواجهة المسلحة بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع وإطلاق حوار وطني واسع لإرساء السلام الدائم في السودان».

أفراد من الجيش السوداني يسيرون بجوار مركبات عسكرية مدمرة في الخرطوم أرشيفية - (رويترز)

وأضافت الوزارة أن الجانبين بحثا إلى جانب الأزمة المستعصية في البلاد «سبل تعزيز التعاون الروسي السوداني في مختلف المجالات، وأعربا عن تأييدهما لمواصلة الحوار السياسي المكثف، وتعزيز التنسيق في الأمم المتحدة وعلى المنصات الدولية الأخرى».

كما وجهت موسكو إشارة جديدة، إلى الحكومة السودانية الشهر الماضي، عندما أكدت إدانة «الجرائم التي شهدتها مدينة الفاشر» وجاء ذلك، خلال استقبال نائب وزير الخارجية الروسية سيرغي فيرشينين سفير السودان في موسكو، محمد السراج.

ووفقاً لبيان الخارجية الروسية، فقد أكد الطرفان على ضرورة وقف إراقة الدماء بسرعة في السودان.

وجاء في البيان: «تركز الحديث بشكل رئيسي خلال اللقاء، على تطورات الوضع في السودان، مع التأكيد على ضرورة وقف إراقة الدماء بسرعة وإطلاق عملية سياسية شاملة لتحقيق تسوية مستدامة للأزمة في هذه الدولة».

وزاد أن فيرشينين «أكد أن روسيا تدين الجرائم التي ارتكبت في مدينة الفاشر ضد المدنيين بعد أن أصبحت تحت سيطرة قوات الدعم السريع». كما أكد نائب الوزير أيضاً «موقف روسيا المبدئي المؤيد للحفاظ على وحدة وسيادة وسلامة أراضي جمهورية السودان».

على صعيد آخر، أفادت السفارة الروسية في السودان لوكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية نقلاً عن مصدرين عسكريين، بأنه لم يكن هناك أي مواطن روسي ضمن طاقم طائرة النقل العسكرية من طراز «إيليوشن 76» التي تحطمت قبل يومين شرق السودان.

وكانت طائرة الشحن العسكرية الروسية الصنع، تحطمت، الثلاثاء، في أثناء محاولة هبوط في قاعدة جوية، ما أسفر عن مقتل جميع أفراد الطاقم.

وأشارت السفارة إلى أن «الطائرة، بحسب معلوماتنا، تحطمت في بورتسودان إما بسبب خطأ من الطيار أو عطل فني. وتشير البيانات الأولية إلى عدم وجود أي مواطن روسي على متنها».


«الوحدة» الليبية تبحث مع بريطانيا تعزيز قدرات قواتها القتالية

جانب من زيارة وفد عسكري بحكومة «الوحدة» الليبية لمؤسسات تعليمية عسكرية عليا ومتوسطة بالجيش البريطاني (رئاسة الأركان بغرب ليبيا)
جانب من زيارة وفد عسكري بحكومة «الوحدة» الليبية لمؤسسات تعليمية عسكرية عليا ومتوسطة بالجيش البريطاني (رئاسة الأركان بغرب ليبيا)
TT

«الوحدة» الليبية تبحث مع بريطانيا تعزيز قدرات قواتها القتالية

جانب من زيارة وفد عسكري بحكومة «الوحدة» الليبية لمؤسسات تعليمية عسكرية عليا ومتوسطة بالجيش البريطاني (رئاسة الأركان بغرب ليبيا)
جانب من زيارة وفد عسكري بحكومة «الوحدة» الليبية لمؤسسات تعليمية عسكرية عليا ومتوسطة بالجيش البريطاني (رئاسة الأركان بغرب ليبيا)

يبحث وفد عسكري بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة في بريطانيا سبل التعاون العسكري لـ«تعزيز القدرات القتالية» للقوات الموجودة في العاصمة طرابلس، وذلك بالتزامن مع عودة «التوتر المسلح» إلى مدينة الزاوية بغرب البلاد.

وقالت رئاسة الأركان العامة بحكومة «الوحدة»، الخميس، إن معاون رئيس الأركان، الفريق صلاح النمروش»، والوفد المرافق له زارا «المؤسسات التعليمية العسكرية العليا والمتوسطة» بالجيش البريطاني، والتقيا قيادات هذه المؤسسات.

جانب من زيارة وفد عسكري بحكومة «الوحدة» الليبية لبريطانيا (رئاسة الأركان بغرب ليبيا)

وأضافت رئاسة الأركان أن النمروش ناقش في بريطانيا سبل التعاون مع رؤساء تلك المؤسسات لـ«الارتقاء بمستوى التدريب بالجيش الليبي لرفع مستوى القدرات والكفاءة القتالية للضباط وضباط الصف، خصوصاً حديثي التخرج، علاوة على دراسة إمكانية تبادل الخبرات الطبية لتوطين العلاج المتطور في المستشفيات العسكرية الليبية».

ويتألف الوفد الليبي من ممثلي وزارة الدفاع، وإدارة التدريب برئاسة الأركان العامة، حيث عقد اجتماعات عدة مع المسؤولين والاختصاصيين بتنفيذ برامج التدريب بها.

تأتي زيارة الوفد العسكري الليبي لبريطانيا على خلفية مباحثات أجراها في طرابلس، مطلع الشهر الجاري، سفير المملكة المتحدة الجديد لدى ليبيا مارتن رينولدز، والملحق العسكري للدفاع البريطاني، تناولت بحث آليات التعاون المشترك بين البلدين، وتقديم الدعم العسكري في مختلف المجالات.

جانب من زيارة وفد عسكري بحكومة «الوحدة» الليبية لمؤسسات تعليمية عسكرية عليا ومتوسطة بالجيش البريطاني (رئاسة الأركان بغرب ليبيا)

وبدا أن بريطانيا تعزز علاقاتها بسلطات غرب ليبيا. علماً بأن رئيس «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة، سبق أن بحث الصيف الماضي مع وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هاميش فولكنر، ملفات التعاون الثنائي، من بينها مشاريع تطوير القطاع التعليمي، ومبادرة الدبيبة لتجويد تعليم اللغة الإنجليزية في مختلف أنحاء البلاد، بوصفها «خطوة أساسية لتمكين الأجيال القادمة».

كما تمت مناقشة سبل تعزيز التنسيق مع الشركاء الدوليين في الملفات ذات الاهتمام المشترك، وفق رؤية ليبية مستقلة تحترم السيادة الوطنية.

تزامن ذلك مع عودة التوترات المسلحة للمرة الثالثة إلى الزاوية، مما يلقي بظلاله على المواطنين بسبب إغلاق الطرق، وبث الرعب في نفوسهم بسبب دوي أصوات الرصاص والقذائف.

وأمضت مناطق عدة في مدينة الزاوية ليلتها على وقع اشتباكات مسلحة بين تشكيلين محسوبين على حكومة «الوحدة الوطنية»، خلّفت قتلى وجرحى. وفي الرابع من الشهر الجاري وقعت اشتباكات في المدينة، التي تعاني من تغول الميليشيات، بين «الكتيبة 103 مشاة»، المعروفة بـ«كتيبة السلعة» بـ«إمرة عثمان اللهب»، وتشكيل آخر تابع لقوة «الإسناد الأولى - الزاوية»، بقيادة محمد بحرون، الملقب بـ«الفأر».

وتتبع قوة «الإسناد الأولى» مديرية أمن مدينة الزاوية، التابعة لوزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»، فيما تتبع «كتيبة السلعة» منطقة الساحل الغربي العسكرية.