«أسباب عقائدية أم سياسية»… لماذا تتمسك إسرائيل بجثث قتلاها؟

حكومة الاحتلال تحتجز جثامين فلسطينية من الضفة وغزة منذ سنوات

TT

«أسباب عقائدية أم سياسية»… لماذا تتمسك إسرائيل بجثث قتلاها؟

عناصر من «كتائب القسام» الجناح العسكري لـ«حماس» يبحثون عن جثث رهائن جنوب غزة الثلاثاء (أ.ب)
عناصر من «كتائب القسام» الجناح العسكري لـ«حماس» يبحثون عن جثث رهائن جنوب غزة الثلاثاء (أ.ب)

أعادت أزمة تسليم حركة «حماس» بقايا جثمان أسير أُعيد إلى إسرائيل، إلى الواجهة من جديد أزمة الجثامين الإسرائيلية، والتي ما زال 13 منها في غزة، وتتمسك إسرائيل باستعادتهم.

وخلال الكثير من صفقات تبادل الأسرى التي جرت ما بين إسرائيل وأطراف أخرى. ورغم أن إسرائيل فقدت الكثير من جنودها والعاملين في أجهزتها الأمنية لسنوات طويلة؛ فإنها ما زالت تعمل على استعادة رفاتهم مثل حالة الطيار رون آراد الذي فُقد أثره في جنوب لبنان عام 1986، وكذلك مع الجاسوس إيلي كوهين الذي أعدم في سوريا عام 1965، وغيرهما.

ملف الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين لدى أجهزة الأمن السورية قبل نقله لإسرائيل (لقطة من فيديو)

وبعد المفاوضات الأخيرة التي أثمرت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، قبل 3 أسابيع تقريباً، ما زالت إسرائيل تربط المضي إلى المرحلة الثانية من الاتفاق باستعادة جميع جثامين الأسرى، وذلك على الرغم من الصعوبات التي تكتنف العثور السريع عليهم، والإشارات من «حماس» ومسؤولين أميركيين؛ أبرزهم نائب الرئيس جي دي فانس، الذي قال، خلال زيارته إلى إسرائيل، الأسبوع الماضي، إن «أماكن بعض جثث الرهائن المتوفين في غزة غير معروفة»، مضيفاً أن القضية «صعبة» ولن يتم حلها بين عشية وضحاها.

«بين الدين والسياسة»

لكن ثمة أسباباً بين الدين والسياسة تقف وراء الإصرار الإسرائيلي على التمسك بالتوصل إلى الجثامين. من الناحية العقائدية، فإن الديانة اليهودية تشدد على أهمية دفن الميت؛ إذ «تنص الشرائع اليهودية على ضرورة مواراة جثمان الميّت الثرى وإهالة التراب عليه. وترتبط عادات الدفن في اليهودية بعقيدة الإيمان بمجيء المسيح، حيث يقول هذا التصور إن الموتى سيُبعثون عند وصول المسيح»، وفق مقال تعريفي عن عادات الحداد اليهودية نشره موقع خدمات الدوائر الحكومية الإسرائيلية.

ومع ذلك، فإن هناك بعض المتغيرات التي طرأت على المجتمع الإسرائيلي بشأن نسبة المتدينين أو مدى الالتزام الحرفي بتلك التصورات، مقارنة بغلبة أسباب رسمية تتعلق بحقوق الميراث وترتيب الأوضاع العائلية.

متظاهر إسرائيلي (يسار) يطالب بالمساواة في التجنيد يواجه متديناً يهودياً يدعو إلى إعفاء طلاب المدارس الدينية من الخدمة بالقدس 26 فبراير 2024 (رويترز)

أما على المستوى السياسي، فإن هناك ما يمكن عدَّه «عقداً اجتماعياً وسياسياً» بين المواطنين والحكومة، يقوم على أن انضمام ابن عائلة إلى صفوف الجيش الإسرائيلي أشبه بعهدة يتسلمها ويعيدها، وأنه من واجب المسؤولين في المستويين السياسي والعسكري، إعادة أبنائهم من أي معركة أحياء، وفي حال قُتلوا، تجب استعادة جثامينهم، وهذا ينطبق أيضاً على المدني الإسرائيلي الذي يُختطف أو يُقتَل بسبب عمل قومي.

وفضلاً عن ذلك، فإن التأخر في استعادة الجثث بالنسبة لأي حكومة يُضر بصورتها وشرعيتها، ويفتح باباً للمعارضة للانقضاض عليها واتهامها بالفشل في مهمة حفظ حقوق المواطنين.

ماذا تغير؟

خلال جولات التفاوض السابقة لإسرائيل بشأن الأسرى، كانت إسرائيل تسلم مئات وأحياناً آلاف الأسرى الفلسطينيين أو العرب مقابل جندي أو جنديين أحياء، أو حتى في بعض الأحيان جثة أو جثتين. لكن بعد صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط مع «حماس» عام 2011، تغيّرت في إسرائيل الكثير من المعايير بسبب مشاركة وقيادة عدد من المحررين الفلسطينيين، وأبرزهم قائد «حماس» الراحل، يحيى السنوار، في سلسلة هجمات خطيرة ضد الإسرائيليين.

لافتات في القدس تحمل صورة زعيم «حماس» الراحل يحيى السنوار وأخرى لزعيم «حزب الله» الراحل حسن نصر الله (أ.ف.ب)

وقد يُفسّر ما جرى سابقاً خلال صفقة شاليط، كثيراً من أسباب حكومة نتنياهو وأجهزتها الأمنية في تعمد الإفراج عن شخصيات أقل أهمية بين رموز الفصائل الفلسطينية والتي كان يمكن أن يُحسب إطلاق سراحها إنجازاً لـ«حماس».

اللافت، أن ذلك المعنى المتمثل في حرمان «حماس» من إظهار إنجاز أو تفوق، محل توافق بين المتدينين مثل أحزاب الحريديم (شاس – يهدوت هتوراه)، أو اليهود من الصهيونية الدينية مثل الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، وأيضاً لدى العلمانيين أو اليمنيين أو اليساريين، بينما تأتي مسألة دفن الجثامين في أولوية لاحقة.

«جثامين الفلسطينيين»

وعلى الجانب الآخر، فبينما تصر إسرائيل على استعادة جميع جثامين مختطفيها، ترفض إعادة جثامين قيادات من «حماس» اختطفتهم من داخل القطاع بعد أن قتلتهم.

وتقول مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، إن المفاوضات التي سبقت إعلان اتفاق وقف إطلاق النار «لم تتضمن الخوض في تفاصيل كبيرة بشأن عملية تبادل الجثامين، لكنها تضمنت رسائل إسرائيلية واضحة برفض الإفراج عن جثث بعض قادة الحركة ممن اختطفت جثامينهم من داخل القطاع، من بينهم الشقيقان يحيى ومحمد السنوار، وأحمد الغندور (القيادي الراحل من «كتائب القسام») وقيادات أخرى، ممن اغتيلوا برفقته واستولت إسرائيل على جثامينهم من داخل إحدى المقابر في جباليا شمال قطاع غزة بعد اقتحامها».

وأعادت إسرائيل جثامين نحو 80 فلسطينياً احتجزتهم بعدما نقلت جثامينهم من مقبرة جباليا، في حين احتفظت بما لا يقل عن 7 جثث لقيادات ونشطاء في «كتائب القسام» بينهم قائد لواء الشمال أحمد الغندور.

وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2023، اتهم المكتب الإعلامي الحكومي بغزة التابع لحكومة «حماس»، إسرائيل بسرقة أعضاء من جثامين فلسطينيين من شمالي القطاع، داعياً حينها إلى «تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة».

وخلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، تعمدت إسرائيل اختطاف مئات الجثامين بحجة البحث عن جثث قتلاها واستعادتهم، وقد تمكنت بشكل جزئي في ذلك.

«يحدث في الضفة أيضاً»

لكن ملاحقة إسرائيل جثامين الفلسطينيين، لم تتوقف عند الأسماء الكبيرة في «حماس»، ولم تبدأ بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ولعقود طويلة اتهمت جهات فلسطينية، إسرائيل، بسرقة أعضاء من جثامين المعتقلين الفلسطينيين الذين تقتلهم وتحتجزهم، وكان بعض الاتهامات مصحوباً بإخضاعهم الجثامين أو الأعضاء لأبحاث قسرية.

وفي عام 2008 تأسست «الحملة الوطنية الفلسطينية لاسترداد جثامين الشهداء» ذات الطابع الحقوقي المستقل؛ بهدف إلزام حكومة إسرائيل وسلطاتها الاحتلالية بـ«الإفراج عن جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب المحتجزة لديها في (مقابر الأرقام) وثلاجات حفظ الموتى، ولأجل تمكين ذويهم من تشييعهم ودفنهم وفقاً للتقاليد الوطنية الفلسطينية والشعائر الدينية».

فلسطينيون يشاركون في مظاهرة بمدينة رام الله أغسطس 2024 للمطالبة بالإفراج عن جثامين ذويهم بالسجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتنشط هذه الحملة بشكل أساسي في الضفة الغربية، وقال، بيان عنها، الشهر الحالي، إن إسرائيل «تواصل احتجاز 735 جثماناً فلسطينياً، بينهم 67 طفلاً، ومن مجمل الضحايا 256 تحتجز جثامينهم في مقابر الأرقام (مناطق إسرائيلية يدفن فيها فلسطينيون بأرقام ومن دون أسماء)».

وذكرت اللجنة أن إسرائيل تحتجز منذ بداية عام 2025، جثامين 479 فلسطينياً، من بينهم 86 من المعتقلين، و67 من الأطفال، و10 نساء.

ووفقاً لصحيفة «هآرتس» العبرية في تقرير نشرته في يوليو (تموز) الماضي، فإن ما يقرب من 1500 جثمان فلسطيني من قطاع غزة محتجزون في معسكر سدي تيمان.


مقالات ذات صلة

ملعب يعدّ متنفساً لأطفال مخيم بالضفة الغربية يهدده قرار هدم إسرائيلي

المشرق العربي أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

ملعب يعدّ متنفساً لأطفال مخيم بالضفة الغربية يهدده قرار هدم إسرائيلي

في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة، كان أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم غير مكترثين بالإسمنت الشاهق.

«الشرق الأوسط» (مخيم عايدة)
خاص فلسطينيون يتسوقون وسط الدمار في خان يونس بجنوب قطاع غزة فبراير الماضي (د.ب.أ)

خاص «أوراق بالية وضرائب على التدخين»... كيف تدفع «حماس» رواتب عناصرها؟

بعد أكثر من شهرين على بدء اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل و«حماس»، استعادت الحركة سيطرتها النسبية في بعض المناطق، لكن كيف تعالج الأزمات الاقتصادية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص وزير الخارجية المصري: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»... ونعوّل على ترمب لإنفاذه

خاص وزير الخارجية المصري لـ«الشرق الأوسط»: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»

حاورت «الشرق الأوسط» وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي، بمكتبه بالعاصمة الإدارية الجديدة، حول عدد من الملفات التي تضطلع بها القاهرة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
العالم العربي السيسي يلتقي نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)

صفقة الغاز الكبرى «لا تكفي وحدها» لعقد لقاء السيسي - نتنياهو

فتحت موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على أكبر صفقة غاز مع مصر، بعد أشهر من تحفظه، الباب لتسريبات إسرائيلية عن قمة بينه وبين السيسي.

محمد محمود (القاهرة)
شؤون إقليمية موظف في مطار بن غوريون الدولي يجلس في صالة الوصول في يونيو 2025 (رويترز)

لأول مرة في تاريخ إسرائيل... عدد الأكاديميين المهاجرين أكبر من القادمين

كشفت معطيات «دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية» عن أن هجرة الأدمغة تتفاقم بشكل كبير منذ اندلاع الحرب على غزة، وبلغت حداً يشكل تهديداً استراتيجياً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تشييع 6 أشخاص قضوا بقصف إسرائيلي على مدرسة للنازحين في غزة

خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)
خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)
TT

تشييع 6 أشخاص قضوا بقصف إسرائيلي على مدرسة للنازحين في غزة

خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)
خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)

تجمّع عشرات الأشخاص، السبت، في مدينة غزة لتشييع 6 أشخاص قضوا بالأمس في قصف إسرائيلي على مدرسة تؤوي نازحين، فيما عدته «حماس» «خرقاً واضحاً ومتجدداً لوقف إطلاق النار».

وكان الجيش الإسرائيلي قد قال، مساء الجمعة، ردّاً على استفسارات بشأن هذه الضربة إنه «خلال نشاط عملياتي في منطقة الخط الأصفر شمال قطاع غزة، تم رصد عدد من الأفراد المشبوهين في مراكز قيادة غرب الخط الأصفر»، مشيراً إلى أن قواته أطلقت النار على المشتبه بهم «للقضاء على التهديد».

وهو أقرّ بأنه «على علم بالادعاء المتعلق بوقوع إصابات في المنطقة، والتفاصيل قيد المراجعة»، معرباً عن أسفه «لأي ضرر لحق بالأفراد غير المتورطين»، وهو «يعمل على تخفيف الضرر قدر الإمكان».

خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين في غزة (أ.ب)

أما حركة «حماس»، فوصفت القصف المدفعي على مدرسة تؤوي نازحين في حيّ التفاح شرق مدينة غزة «وما أسفر عنه من استشهاد عددٍ من المواطنين، معظمهم من الأطفال» بأنه «جريمة وحشية تُرتكب بحقّ المدنيين الأبرياء، وخرق فاضح ومتجدّد لاتفاق وقف إطلاق النار».

وأشارت في بيان أصدرته، السبت، إلى أن «الاحتلال لا يكتفي باستهداف المدنيين، بل يُمعن في تعميق الكارثة الإنسانية عبر منع سيارات الإسعاف والطواقم الطبية من الوصول إلى أماكن الاستهداف لإسعاف المصابين، وعرقلة عمليات الإنقاذ».

وطالبت «الوسطاء الضامنين للاتفاق والإدارة الأميركية بالاضطلاع بمسؤولياتهم تجاه هذه الانتهاكات».

السبت، أمام مشرحة مجمّع «الشفاء»، وقف رجل يحمل بين ذراعيه جثّة طفل ملفوفة بكفن أبيض، بحسب صور التقطتها كاميرا «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت 5 جثث أخرى مكفّنة مصفوفة على الأرض. وأقام رجال صلاة الجنازة قبل دفن الضحايا.

وكان الدفاع المدني في غزة قد أبلغ بدايةً «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، عن «انتشال 5 شهداء جراء القصف الإسرائيلي لمركز إيواء مدرسة شهداء غزة» في حيّ التفاح شرق مدينة غزة.

والسبت، قال الناطق باسمه محمود بصل إن الحصيلة ارتفعت إلى 6 قتلى، في حين ما زال هناك شخصان مفقودان تحت الأنقاض.

فلسطيني يبكي شقيقه البالغ من العمر 5 أشهر الذي قُتل بقصف إسرائيلي أصاب مركز إيواء للنازحين بغزة (أ.ف.ب)

ومن بين الضحايا رضيع في شهره الرابع وفتاة في الرابعة عشرة من العمر وسيّدتان، وفق محمد أبو سلمية مدير مستشفى «الشفاء».

وقال نافذ النادر من أمام المستشفى: «هذه ليست هدنة، بل حمّام دماء نريده أن يتوقّف»، في إشارة إلى وقف إطلاق النار الساري منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) في غزة بين إسرائيل و«حماس».

وصرّح عبد الله النادر الذي فقد أقرباء له في الغارة الإسرائيلية: «كانت منطقة آمنة، مدرسة آمنة وفجأة بدأوا بإطلاق مقذوفات من دون سابق إنذار، مستهدفين نساءً وأطفالاً ومدنيين».

لا يزال وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر، هشّاً مع تبادل الجانبين الاتهامات بانتهاكه.

مقاتلون من «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

وبموجب الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين إسرائيل و«حماس» في غزة، انسحبت القوات الإسرائيلية إلى مواقع شرق ما تسميه «الخط الأصفر»، وهو خط غير محدد، داخل القطاع.

والسبت، أعلنت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس» في القطاع عن مقتل 401 فلسطيني على الأقلّ بنيران الجيش الإسرائيلي منذ سريان وقف إطلاق النار.

وقضى مذاك 3 جنود إسرائيليين في غزة.


رئيس المخابرات التركية ناقش مع «حماس» المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة

عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

رئيس المخابرات التركية ناقش مع «حماس» المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة

عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)

ذكرت مصادر أمنية تركية ​أن رئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم كالين التقى اليوم السبت مع رئيس حركة «حماس» في ‌قطاع غزة ‌وكبير ⁠مفاوضيها ​خليل ‌الحية، وناقشا الإجراءات اللازمة للانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة.

مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

وأوضحت المصادر، التي ⁠طلبت عدم الكشف عن ‌هويتها، أن ‍كالين التقى ‍بوفد «حماس» في ‍إسطنبول في إطار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ،وأن الجانبين ​ناقشا الخطوات اللازمة لمنع ما وصفوها ⁠بانتهاكات إسرائيل لوقف إطلاق النار.

وأضافت، دون الخوض في التفاصيل، أنهما بحثا أيضاً الإجراءات اللازمة لحل القضايا العالقة تمهيداً للانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة.


«حزب الله» محشور بـ«حصرية السلاح»... وحواره مع عون يراوح مكانه

كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)
كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)
TT

«حزب الله» محشور بـ«حصرية السلاح»... وحواره مع عون يراوح مكانه

كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)
كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)

تبقى الأنظار الدولية واللبنانية مشدودة إلى «حزب الله» لمعرفة مدى استعداده للتجاوب مع الخطة التي أعدّتها قيادة الجيش لاستكمال تطبيق حصرية السلاح، على أن يبدأ ذلك من شمال نهر الليطاني فور الانتهاء من تنفيذ عملية سحب السلاح في منطقة جنوب النهر، وبمواكبة من قيادة قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» ولجنة «الميكانيزم»، التي ستُعاود عقد اجتماعها في السابع من يناير (كانون الثاني) المقبل؛ حيث سيُدرج على جدول أعمالها تقويم مستوى الإنجاز الذي حققته الوحدات العسكرية عبر إحكام سيطرتها على جنوب النهر.

فـ«حزب الله» لا يزال يحتفظ بسلاحه، ولا يستخدمه التزاماً بوقف الأعمال العدائية، وحواره مع رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون يراوح مكانه، وهذا ما ينسحب أيضاً على تواصله بفرنسا ومصر.

وأشار مصدر وزاري إلى أن «حزب الله» يمتنع عن كشف أوراقه، ويصر، عبر تصريح أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، على رفع سقوفه السياسية، متهماً حكومة الرئيس نواف سلّام بارتكاب خطيئة لموافقتها على حصرية السلاح، رغم تأييده بيانها الوزاري الذي نصّ على احتكار الدولة للسلاح، ومشاركته في الحكومة بوزيرين على هذا الأساس.

وكشف المصدر أن القيادة الإيرانية لم تستجب لوساطة فرنسا ومصر بالتدخل لدى «حزب الله» لإقناعه بإعادة النظر في موقفه بتسهيل استكمال حصرية السلاح.

وقال إنه ترتب على موقفها خفض منسوب التواصل، سواء معها أو مع الحزب، الذي لم يتجاوب مع الوساطة التي قام بها مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، والذي اقترح عليه الموافقة على خطة قيادة الجيش لتطبيق حصرية السلاح، بوصفها الممر الإلزامي لبسط سلطة الدولة على أراضيها تنفيذاً للقرار «1701».

قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل يتفقّد موقع تفجير منشأة «حزب الله» في الجنوب (مديرية التوجيه)

ورأى المصدر أن هناك مبالغة في الحديث عن استمرار التواصل بين الحزب ومصر، مؤكداً أنه أقل من المطلوب في ضوء عدم تجاوب الحزب مع الأفكار التي طرحها اللواء رشاد خلال زيارته إلى بيروت.

وأوضح أن أحمد مهنا، العضو في الفريق الذي يرأسه رئيس كتلة الحزب النائب محمد رعد، والمكلّف بالحوار مع رئيس الجمهورية ميشال عون، التقى مسؤول الأمن في السفارة المصرية على هامش زيارة رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي إلى بيروت.

وأكد أن اللقاء لم يدم طويلاً؛ نظراً لأن الحزب لم يبدل موقفه تجاوباً مع إصرار الحكومة على حصرية السلاح وعدم العودة عن قرارها في هذا الخصوص.

وقال إن مهنا هو مَن يتواصل مع العميد رحال، الذي يلتقي عند الضرورة برعد، وإن كان الحوار بدا متقطعاً في الآونة الأخيرة، لأن الحزب يمتنع عن كشف أوراقه، وأن ما يُنقل إلى رحال يبقى محصوراً بمواقفه العلنية التي اعتاد قاسم طرحها، ما يعني، من وجهة نظر رسمية، أن الحزب يرفض التقاط الفرص للانخراط في مشروع الدولة بتخليه عن سلاحه.

الرئيس اللبناني جوزيف عون لدى اجتماعه برئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في قصر بعبدا أمس (الرئاسة اللبنانية)

وكشف أن رشاد موجود حالياً، وبتكليف من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في واشنطن لحث الإدارة الأميركية على الضغط على إسرائيل، ومنعها من توسعة الحرب وإلزامها بوقف الأعمال العدائية.

وأكد أن تواصل عون مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري مستمر، ويكاد يكون تعويضاً عن المراوحة التي طغت على حواره بالحزب. علماً بأن العميد رحال مكلف بتكثيف تواصله مع بري، ليس لأنه يحمل تفويضاً من «حزب الله» الذي كان وراء التوصل، مع الموفدين الأميركيين، إلى اتفاق لوقف النار برعاية واشنطن وباريس فحسب، بل لأنه الأقدر على استيعاب موقف الحزب وضبط أدائه، وقيادة عملية احتضانه التسوية من أجل إعادة الاستقرار إلى الجنوب. كما أنه يلتقي الموفدين الدوليين والعرب إلى لبنان، على عكس الحزب الذي لم يعد له حليف سوى إيران، واضعاً كل أوراقه في سلتها.

وفي هذا السياق، قال مصدر سياسي إن على قيادة «حزب الله» أن تُدرك جيداً أن هدر الوقت ليس لمصلحتها، ولم يعد أمامها أي خيار سوى الانخراط في مشروع الدولة، مشروطاً بتسليم السلاح، لأنها لا تملك، على الأقل في المدى المنظور، القدرة على استخدامه.

وتساءل المصدر: ما الجدوى من إيداع السلاح بعهدة طهران لاستخدامه لإعادة الاعتبار لمفاوضاتها مع واشنطن، كونها وحدها القادرة على تقديم الثمن لها، في مقابل تسليمها السلاح لأنها صاحبة الحق فيه وأمنت وصوله للحزب؟

وأكّد المصدر أن لدى أصدقاء لبنان قناعة راسخة بامتناع الحزب عن التجاوب مع الوساطات؛ لأنه ماضٍ في وضع سلاحه بخدمة إيران ليكون في وسعها تحسين شروطها في حال أبدت واشنطن استعدادها لمعاودة المفاوضات. وقال إن موقفها يؤدي حتماً إلى حشر الدولة، ويزيد من الإرباك الذي تتخبط فيه قيادة الحزب، ولا تأخذ بالنصائح لإنزالها من أعلى الشجرة.

ومع أن المصدر لم يستبعد مجيء وزير خارجية إيران عباس عراقجي إلى بيروت، فإنه يؤكد أن لقاءاته لن تُقدّم أو تؤخر، وأنه لا مجال أمامه للإمساك بالورقة اللبنانية لتسييلها، بالمفهوم السياسي للكلمة، لفتح ثغرة في الحائط المسدود الذي يقف عائقاً أمام استئناف مفاوضاتها مع واشنطن.

وعليه، يقف لبنان حالياً على مشارف حسم موقفه بإعداد جدول زمني لاستكمال حصرية السلاح، في ضوء فترة السماح التي أُعطيت له من قبل الدول التي شاركت في الاجتماع التحضيري الذي رعته باريس لانعقاد المؤتمر الدولي لدعم الجيش في فبراير (شباط) المقبل.

الدخان يتصاعد بعد غارات إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان هذا الأسبوع (أ.ف.ب)