هل أواني الطهي «غير السامة»... سامة؟

تحتوي على مركبات تتسبب في السرطان وأمراض الكبد وتأخر النمو لدى الأطفال

شظايا صغيرة تتطاير عند التسخين الزائد للمقالي غير اللاصقة
شظايا صغيرة تتطاير عند التسخين الزائد للمقالي غير اللاصقة
TT

هل أواني الطهي «غير السامة»... سامة؟

شظايا صغيرة تتطاير عند التسخين الزائد للمقالي غير اللاصقة
شظايا صغيرة تتطاير عند التسخين الزائد للمقالي غير اللاصقة

إذا كنت تبحث عن قدر أو مقلاة جديدة هذه الأيام، فاستعد لسماع مصطلحات مثل منتج «غير سام» و«خالٍ من الكيميائيات الأبدية PFAS» و«خالٍ من بولي رباعي فلورو الإيثيلين PTFE».

أحابيل وادعاءات

هذه الملصقات لا تعني بالضرورة ما قد تظنه. في عام 2023، رفعت مجموعة من المستهلكين دعوى قضائية ضد العلامة التجارية الشهيرة لأواني الطهي «هيكس كلاد» لهذا السبب. وادعت المجموعة أن العديد من أواني الشركة تحمل علامة «غير سامة» لكنها تحتوي على مادة كيميائية تسمى «بولي رباعي فلورو الإيثيلين»، التي تُسوّق عادةً باسم «تفلون» Teflon الشائع، والتي قد تُطلق أبخرة سامة عند ارتفاع درجة حرارتها. وأنكرت «هيكس كلاد» ارتكاب أي مخالفات، لكنها وافقت على دفع تسوية بقيمة 2.5 مليون دولار.

فما مدى قلقك بشأن أواني الطهي الخاصة بك؟ وماذا تعني الملصقات المُطمئنة فعلياً؟ إليك ما يجب أن تعرفه، كما تكتب ميشيل توه(*).

«الكيميائيات الأبدية» قد تدخل في صناعة أواني الطهو

مخاطر بعض أنواع الأواني والمقالي

تدور المخاوف المتعلقة بسلامة أواني الطهي حول فئة من المواد الكيميائية تُعرف باسم «الكيميائيات الأبدية»؛ لأنها قد تبقى في البيئة وأجسامنا لسنوات. وقد رُبط تغلغل بعض هذه المواد بالسرطان وأمراض الكبد وتأخر النمو لدى الأطفال.

تنتشر اليوم آلاف هذه المواد الكيميائية حولنا. لكن أول مادة اكتسبت الشهرة كانت التفلون الذي اكتُشف بالصدفة عام 1938، وأصبح يُعرف باسم «طلاء أواني الطهي غير اللاصقة»، نظراً لقابلية انزلاقه وثباته. فمثلاً، بعد قلي البيض في مقلاة التفلون، يتحرر البيض ويبقى التفلون، أو على الأقل كانت هذه هي الفكرة، إلا أن الأواني المعدنية المستخدمة لسنوات تتعرض للتآكل والتلف؛ ما يقود إلى خدشها وتشققها، وتسرب بعض الطلاء إلى طعامك، حتى لو لم تتمكن من رؤيته.

«إنفلونزا التفلون»

والتفلون آمن فقط حتى درجات حرارة معينة - تُقدر غالباً بنحو 500 درجة فهرنهايت (260 درجة مئوية) أو أكثر - يمكن أن يُطلق أبخرة، وفي حالات نادرة، يُسبب مرضاً يُطلق عليه غالباً «إنفلونزا التفلون Teflon flu»، مع أعراض مثل القيء والحمى الشديدة.

تم الإبلاغ عن أكثر من 220 حالة مشتبه بها في الولايات المتحدة عام 2024، وفقاً لمراكز السموم الأميركية.

وتقول شركة كيمورز، الشركة المصنعة للتفلون، على موقعها الإلكتروني إن طلاءاتها تتوافق مع اللوائح العالمية. وإذا ابتلع شخص ما رقائق من طلاء التفلون عن طريق الخطأ، «فإن البيانات تشير إلى عدم وجود آثار صحية».

التفلون تسبب في إصابات «إنفلونزا التفلون» في أميركا

لم تعد مادة «بولي رباعي فلورو الإيثيلين» محمية ببراءة اختراع، وتستخدمها معظم المقالي غير اللاصقة. ويعتقد الخبراء أن هذه المادة الكيميائية آمنة نسبياً عند استخدامها بشكل صحيح، ولكن هناك مخاوف بشأن مواد كيميائية أخرى دائمة الاستخدام في بعض الطلاءات.

تخلص من المقالي القديمة الصنع

تم التخلص تدريجياً من أكثر هذه المواد الكيميائية إثارة للقلق، والتي تُسمى حمض بيرفلورو الأوكتانويك PFOA، من المنتجات الجديدة، ولكنها استُخدمت في عملية تصنيع التفلون لعقود.

إذا كان لديك مقلاة غير لاصقة بيعت قبل عام 2014، فمن المحتمل أن تحتوي على بعض بقايا حمض بيرفلورو الأوكتانويك، ويجب عليك التفكير في استبدالها.

أما بالنسبة للمواد الكيميائية الأخرى، فمن الصعب تحديد مدى خطورتها. تقول كاتي بيلش، عالمة بارزة في مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية: «نعلم أن استخدام مواد كيميائية ضارة مثل (الكيميائيات الأبدية) في أواني الطهي يزيد من خطر العواقب الصحية. لكن هذا لا يضمن تعرض أي شخص لهذه الأضرار».

ويقول بعض الخبراء، بمن فيهم بعض الطهاة، إن المخاطر الصحية مبالغ فيها؛ لأن الطهي اليومي لا يتطلب درجات حرارة عالية كهذه. لكن آخرين يشيرون إلى أن إتلاف أواني الطهي لا يتطلب جهداً كبيراً.

ويقول كيث فورست، أستاذ مشارك في علوم الأغذية ومدير اتحاد البوليمرات وحماية الأغذية في جامعة ولاية أيوا: «لا أعرف أحداً لم يخدش مقلاة أو يسخنها أكثر من اللازم».

مصطلح «غير سام»... تسويقي وغير علمي

تُسوّق العديد من الشركات أواني طهي مطلية بالسيراميك كبديل للتفلون. تتميز هذه الأواني بالنعومة والمتانة، ويصنع طلاؤها من الرمل أو الطين. لكنها قد تحتوي أيضاً على مواد كيميائية أخرى، بما في ذلك المواد الكيميائية الدائمة.

ومن الصعب تحديد مكونات هذه الطلاءات بدقة. ويقول فورست إن معظم ماركات أواني الطهي يُعهد بتصنيعها إلى موردين خارجيين؛ لذا قد لا يعرفون ذلك بأنفسهم؛ إذ إنهم يلجأون إلى مختبرات خارجية لاختبار منتجاتهم والتحقق من ادعاءات خلوها من سموم معينة.

ولكن نظراً لوجود آلاف أنواع «الكيميائيات الأبدية»، يكاد يكون من المستحيل اختبارها جميعاً، كما أضاف. كما أن ما يُعتبر من «الكيميائيات الأبدية» في كندا قد لا يُصنّف كذلك في الولايات المتحدة، وفقاً لكيفن جولوفين، الأستاذ المشارك في الهندسة الميكانيكية بجامعة تورنتو.

كل هذا يُذكّر بأن مصطلح «غير سام» هو في الواقع مصطلح تسويقي وليس ضماناً مطلقاً، كما قال فورست. وأضاف: «لا وجود لما يُسمى خالياً من السموم».

كيف تبحث عن منتجات أكثر أماناً؟

إذا كنت تحاول تجنب المواد الكيميائية بشكل دائم، فإن أفضل طريقة هي استخدام أواني طهي غير مطلية مثل أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر، أو الفولاذ المقاوم للصدأ، أو الفولاذ الكربوني، أو الأواني والمقالي المصنوعة بالكامل من السيراميك. يمكنك استخدام الأواني الزجاجية للخبز. مع ذلك، قد يكون تنظيف المقالي غير المطلية أصعب، وتتطلب زيتاً أو زبدة لمنع الالتصاق، وغالباً ما تكون أغلى من البدائل غير اللاصقة.

إذا كنت تشتري أواني طهي غير لاصقة، فابحث عن المنتجات التي يُعلن عنها على أنها خالية من «الكيميائيات الأبدية» أو خالية من الفلور.

يوصي المصنعون باستبدال أواني الطهي المطلية كل سنتين إلى خمس سنوات، أو بمجرد أن يبدأ الطلاء بالتقشر. حتى شركة Le Creuset، المعروفة بمنتجاتها من الحديد الزهر المتين والمطلي بالمينا، تُصرّح بأن ضمانها مدى الحياة لا يشمل الأواني المطلية بطلاء غير لاصق أو القطع غير المصنوعة من الحديد الزهر.

وأضاف جولوفين أن جميع أواني الطهي المطلية تحتوي على ملوثات محتملة، ويمكن لأي سطح مخدوش أن يُطلق شظايا صغيرة، حتى لو لم تتمكن من رؤيتها. إذن، لا تُسخّن أبداً الأواني أو المقالي المطلية الفارغة، واغسلها يدوياً كلما أمكن.

حتى بالنسبة للخبراء، قد يكون من الصعب معرفة ما يُعتمد عليه. قال بيلش: «جميعنا نريد فقط إعداد طعام صحي ومغذٍّ لإطعام عائلاتنا وأنفسنا». ولكننا لا نعرف المكونات؛ إذ «لا يُفصح الكثير من المصنعين عن مكونات أواني الطهي».

* خدمة «نيويورك تايمز»

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

«أبل ووتش» تتيح خاصية التنبيه المبكر لارتفاع ضغط الدم في السعودية والإمارات

تكنولوجيا خاصية إشعارات ارتفاع ضغط الدم في «أبل ووتش» تستند إلى مستشعر نبضات القلب البصري في الساعة (الشرق الأوسط)

«أبل ووتش» تتيح خاصية التنبيه المبكر لارتفاع ضغط الدم في السعودية والإمارات

قالت شركة «أبل» إنها أتاحت خاصية إشعارات ارتفاع ضغط الدم على ساعات «أبل ووتش» لمستخدميها في السعودية والإمارات.

«الشرق الأوسط» (دبي)
تكنولوجيا أطلقت «يوتيوب» أول ملخص سنوي يمنح المستخدمين مراجعة شخصية لعادات المشاهدة خلال عام 2025

«ملخص يوتيوب»: خدمة تعيد سرد عامك الرقمي في 2025

يقدم الملخص ما يصل إلى 12 بطاقة تفاعلية تُبرز القنوات المفضلة لدى المستخدم، وأكثر الموضوعات التي تابعها، وكيفية تغيّر اهتماماته على مدار العام.

نسيم رمضان (لندن)
علوم الصين تبني أول جزيرة عائمة مقاومة للأسلحة النووية في العالم

الصين تبني أول جزيرة عائمة مقاومة للأسلحة النووية في العالم

مشروع مثير للإعجاب لا مثيل له في العالم

جيسوس دياز (واشنطن)
تكنولوجيا الأوتار الاصطناعية قد تصبح وحدات قابلة للتبديل لتسهيل تصميم روبوتات هجينة ذات استخدامات طبية واستكشافية (شاترستوك)

أوتار اصطناعية تضاعف قوة الروبوتات بثلاثين مرة

الأوتار الاصطناعية تربط العضلات المزروعة بالهياكل الروبوتية، مما يرفع الكفاءة ويفتح الباب لروبوتات بيولوجية أقوى وأكثر مرونة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يعدّ «بلاك هات - الشرق الأوسط وأفريقيا» أكبر حدث من نوعه حضوراً في العالم (الاتحاد السعودي للأمن السيبراني)

بمشاركة دولية واسعة وازدياد في المحتوى... «بلاك هات 25» ينطلق بأرقام قياسية جديدة

أكد متعب القني، الرئيس التنفيذي لـ«الاتحاد السعودي للأمن السيبراني»، أن مؤتمر «بلاك هات - الشرق الأوسط وأفريقيا» يحقق هذا العام أرقاماً قياسية جديدة.

غازي الحارثي (الرياض)

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟
TT

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

في سباق محتدم لنشر نماذج اللغات الكبيرة والذكاء الاصطناعي التوليدي في الأسواق العالمية، تفترض العديد من الشركات أن «النموذج الإنجليزي ← المترجم» كافٍ لذلك.

اللغة- ثقافة وأعراف

ولكن إذا كنتَ مسؤولاً تنفيذياً أميركياً تستعد للتوسع في آسيا أو أوروبا أو الشرق الأوسط أو أفريقيا، فقد يكون هذا الافتراض أكبر نقطة ضعف لديك. ففي تلك المناطق، ليست اللغة مجرد تفصيل في التغليف: إنها الثقافة والأعراف والقيم ومنطق العمل، كلها مُدمجة في شيء واحد.

وإذا لم يُبدّل نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بك تسلسل رموزه الكمبيوترية فلن يكون أداؤه ضعيفاً فحسب؛ بل قد يُسيء التفسير أو يُسيء المواءمة مع الوضع الجديد أو يُسيء خدمة سوقك الجديدة.

الفجوة بين التعدد اللغوي والثقافي في برامج الدردشة الذكية

لا تزال معظم النماذج الرئيسية مُدربة بشكل أساسي على مجموعات النصوص باللغة الإنجليزية، وهذا يُسبب عيباً مزدوجاً عند نشرها بلغات أخرى. وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أن اللغات غير الإنجليزية والمعقدة لغويا غالباً ما تتطلب رموزاً أكثر (وبالتالي تكلفةً وحساباً) لكل وحدة نصية بمقدار 3-5 أضعاف مقارنةً باللغة الإنجليزية.

ووجدت ورقة بحثية أخرى أن نحو 1.5 مليار شخص يتحدثون لغات منخفضة الموارد يواجهون تكلفة أعلى وأداءً أسوأ عند استخدام نماذج اللغة الإنجليزية السائدة.

والنتيجة: قد يتعثر نموذج يعمل جيداً للمستخدمين الأميركيين، عند عمله في الهند أو الخليج العربي أو جنوب شرق آسيا، ليس لأن مشكلة العمل أصعب، ولكن لأن النظام يفتقر إلى البنية التحتية الثقافية واللغوية اللازمة للتعامل معها.

«ميسترال سابا» نظام الذكاء الاصطناعي الفرنسي مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا

مثال «ميسترال سابا» الإقليمي جدير بالذكر

لنأخذ نموذج «ميسترال سابا» (Mistral Saba)، الذي أطلقته شركة ميسترال للذكاء الاصطناعي الفرنسية كنموذج مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا (التاميلية والمالايالامية... إلخ). تشيد «ميسترال» بأن «(سابا) يوفر استجابات أكثر دقة وملاءمة من النماذج التي يبلغ حجمها 5 أضعاف» عند استخدامه في تلك المناطق. لكن أداءه أيضاً أقل من المتوقع في معايير اللغة الإنجليزية.

وهذه هي النقطة المهمة: السياق أهم من الحجم. قد يكون النموذج أصغر حجماً ولكنه أذكى بكثير بالنسبة لمكانه.

بالنسبة لشركة أميركية تدخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو سوق جنوب آسيا، هذا يعني أن استراتيجيتك «العالمية» للذكاء الاصطناعي ليست عالمية ما لم تحترم اللغات والمصطلحات واللوائح والسياق المحلي.

تكاليف الرموز والتحيز اللغوي

من منظور الأعمال، تُعدّ التفاصيل التقنية للترميز أمراً بالغ الأهمية. تشير مقالة حديثة إلى أن تكاليف الاستدلال في اللغة الصينية قد تكون ضعف تكلفة اللغة الإنجليزية، بينما بالنسبة للغات مثل الشان أو البورمية، يمكن أن يصل تضخم عدد الرموز إلى 15 ضعفاً.

هذا يعني أنه إذا استخدم نموذجك ترميزاً قائماً على اللغة الإنجليزية ونشرتَه في أسواق غير إنجليزية، فإن تكلفة الاستخدام سترتفع بشكل كبير، أو تنخفض الجودة بسبب تقليل الرموز. ولأن مجموعة التدريب الخاصة بك كانت تركز بشكل كبير على اللغة الإنجليزية، فقد يفتقر «نموذجك الأساسي» إلى العمق الدلالي في لغات أخرى.

أضف إلى هذا المزيج اختلافات الثقافة والمعايير: النبرة، والمراجع، وممارسات العمل، والافتراضات الثقافية، وما إلى ذلك، وستصل إلى مجموعة تنافسية مختلفة تماماً: ليس «هل كنا دقيقين» بل «هل كنا ملائمين».

التوسع في الخارج

لماذا يهم هذا الأمر المديرين التنفيذيين الذين يتوسعون في الخارج؟

إذا كنت تقود شركة أميركية أو توسّع نطاق شركة ناشئة في الأسواق الدولية، فإليك ثلاثة آثار:

-اختيار النموذج ليس حلاً واحداً يناسب الجميع: قد تحتاج إلى نموذج إقليمي أو طبقة ضبط دقيقة متخصصة، وليس فقط أكبر نموذج إنجليزي يمكنك ترخيصه.

-يختلف هيكل التكلفة باختلاف اللغة والمنطقة: فتضخم الرموز وعدم كفاءة الترميز يعنيان أن تكلفة الوحدة في الأسواق غير الإنجليزية ستكون أعلى على الأرجح، ما لم تخطط لذلك.

-مخاطر العلامة التجارية وتجربة المستخدم ثقافية: فبرنامج الدردشة الآلي الذي يسيء فهم السياق المحلي الأساسي (مثل التقويم الديني، والمصطلحات المحلية، والمعايير التنظيمية) سيُضعف الثقة بشكل أسرع من الاستجابة البطيئة.

بناء استراتيجية ذكاء اصطناعي متعددة اللغات واعية ثقافياً

للمديرين التنفيذيين الجاهزين للبيع والخدمة والعمل في الأسواق العالمية، إليكم خطوات عملية:

• حدّد اللغات والأسواق كميزات من الدرجة الأولى. قبل اختيار نموذجك الأكبر، اذكر أسواقك ولغاتك ومعاييرك المحلية وأولويات عملك. إذا كانت اللغات العربية أو الهندية أو الملايوية أو التايلاندية مهمة، فلا تتعامل معها كـ«ترجمات» بل كحالات استخدام من الدرجة الأولى.

• فكّر في النماذج الإقليمية أو النشر المشترك. قد يتعامل نموذج مثل «Mistral Saba» مع المحتوى العربي بتكلفة أقل ودقة أكبر وبأسلوب أصلي أكثر من نموذج إنجليزي عام مُعدّل بدقة.

• خطط لتضخم تكلفة الرموز. استخدم أدوات مقارنة الأسعار. قد تبلغ تكلفة النموذج في الولايات المتحدة «س» دولاراً أميركياً لكل مليون رمز، ولكن إذا كان النشر تركياً أو تايلاندياً، فقد تكون التكلفة الفعلية ضعف ذلك أو أكثر.

• لا تحسّن اللغة فقط، بل الثقافة ومنطق العمل أيضاً. لا ينبغي أن تقتصر مجموعات البيانات المحلية على اللغة فحسب، بل ينبغي أن تشمل السياق الإقليمي: اللوائح، وعادات الأعمال، والمصطلحات الاصطلاحية، وأطر المخاطر.

صمم بهدف التبديل والتقييم النشطين. لا تفترض أن نموذجك العالمي سيعمل محلياً. انشر اختبارات تجريبية، وقيّم النموذج بناءً على معايير محلية، واختبر قبول المستخدمين، وأدرج الحوكمة المحلية في عملية الطرح.

المنظور الأخلاقي والاستراتيجية الأوسع

عندما تُفضّل نماذج الذكاء الاصطناعي المعايير الإنجليزية والناطقة بالإنجليزية، فإننا نُخاطر بتعزيز الهيمنة الثقافية.

كمسؤولين تنفيذيين، من المغري التفكير «سنترجم لاحقاً». لكن الترجمة وحدها لا تُعالج تضخم القيمة الرمزية، وعدم التوافق الدلالي، وعدم الأهمية الثقافية. يكمن التحدي الحقيقي في جعل الذكاء الاصطناعي مُتجذراً محلياً وقابلاً للتوسع عالمياً.

إذا كنت تُراهن على الذكاء الاصطناعي التوليدي لدعم توسعك في أسواق جديدة، فلا تُعامل اللغة كحاشية هامشية. فاللغة بنية تحتية، والطلاقة الثقافية ميزة تنافسية. أما التكاليف الرمزية وتفاوتات الأداء فليست تقنية فحسب، بل إنها استراتيجية.

في عالم الذكاء الاصطناعي، كانت اللغة الإنجليزية هي الطريق الأقل مقاومة. ولكن ما هي حدود نموك التالية؟ قد يتطلب الأمر لغةً وثقافةً وهياكل تكلفة تُمثل عوامل تمييز أكثر منها عقبات.

اختر نموذجك ولغاتك واستراتيجية طرحك، لا بناءً على عدد المعاملات، بل على مدى فهمه لسوقك. إن لم تفعل، فلن تتخلف في الأداء فحسب، بل ستتخلف أيضاً في المصداقية والأهمية.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
TT

الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي

في مدينةٍ لا تهدأ، وتحديداً في مركز «جاڤِتس» على ضفاف نهر هدسون، اختتمت أمس أعمال اجتماعات نيويورك السنوية لطبّ الأسنان، التي استمرت 5 أيام، أحد أكبر التجمعات العالمية للمهنة، بمشاركة نحو 50 ألف طبيب وخبير من أكثر من 150 دولة.

لم يكن الحدث مجرد مؤتمر، بل منصّة حيّة لمستقبل طبّ الأسنان؛ فبين أروقته تتقدّم التكنولوجيا بخطى ثابتة: من الروبوتات الجراحية إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على قراءة الأشعة في ثوانٍ، وصولاً إلى تجارب التجديد الحيوي التي قد تغيّر شكل العلاج خلال سنوات قليلة.

الذكاء الاصطناعي نجم المؤتمر بلا منافس

كان الذكاء الاصطناعي العنوان الأبرز لهذا العام، إذ جاء المؤتمر في لحظةٍ تتسارع فيها التحوّلات العلمية بسرعة تفوق قدرة المناهج التقليدية على مواكبتها. وقد برزت تقنيات محورية: أنظمة تحليل الأشعة الفورية، والمساعد السريري الذكي، والتخطيط الرقمي للابتسامة. وعلى امتداد القاعات، كان واضحاً أن هذه التقنيات لم تعد تجارب مختبرية، بل هي حلول جاهزة تغيّر طريقة ممارسة المهنة أمام أعيننا.

الروبوتات تدخل غرفة العمليات

شكّلت الجراحة الروبوتية محوراً لافتاً هذا العام، بعد أن عرضت شركات متخصصة أنظمة دقيقة تعتمد على بيانات الأشعة ثلاثية الأبعاد وتتكيف لحظياً مع حاجة الإجراء. وقد أظهرت العروض قدرة هذه الروبوتات على تنفيذ خطوات معقدة بثباتٍ يفوق اليد البشرية، مع تقليل هامش الخطأ ورفع مستوى الأمان الجراحي.

التجديد الحيوي... من الخيال إلى التجربة

عرضت جامعات نيويورك وكورنيل أبحاثاً حول بروتينات مثل «BMP-2»، وهو بروتين ينشّط نمو العظم، و«FGF-2» عامل يساعد الخلايا على الانقسام والتئام الأنسجة خصوصاً الألياف، إلى جانب تقنيات الخلايا الجذعية لإحياء الهياكل الدقيقة للسن.

في حديث مباشر مع «الشرق الأوسط»

وأثناء جولة «الشرق الأوسط» في معرض اجتماع نيويورك لطبّ الأسنان، التقت الدكتورة لورنا فلامر–كالديرا، الرئيس المنتخب لاجتماع نيويورك الكبرى لطب الأسنان، التي أكدت أنّ طبّ الأسنان يشهد «أكبر تحوّل منذ ثلاثة عقود»، مشيرة إلى أنّ المملكة العربية السعودية أصبحت جزءاً فاعلاً في هذا التحوّل العالمي.

وأضافت الدكتورة لورنا، خلال حديثها مع الصحيفة في أروقة المؤتمر، أنّ اجتماع نيويورك «يتطلّع إلى بناء شراكات متقدمة مع جهات في السعودية، أسوة بالتعاون القائم مع الإمارات ومؤسسة (إندكس) وجهات دولية أخرى»، موضحة أنّ هناك «فرصاً واسعة للتعاون البحثي والتعليمي في مجالات الزراعة الرقمية والذكاء الاصطناعي والعلاجات المتقدمة»، وأن هذا التوجّه ينسجم بطبيعة الحال مع طموحات «رؤية السعودية 2030».

العرب في قلب الحدث

شارك وفود من السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين ومصر والعراق في جلسات متقدمة حول الذكاء الاصطناعي والزراعة الرقمية، وكان حضور الوفود لافتاً في النقاشات العلمية، ما عكس الدور المتنامي للمنطقة في تشكيل مستقبل طبّ الأسنان عالمياً.

نيويورك... حيث يبدأ الغد

منذ بدايات اجتماع نيويورك قبل أكثر من قرن، بقيت المدينة مرآةً لتحوّلات المهنة ومختبراً مفتوحاً للمستقبل. وعلى امتداد 5 أيام من الجلسات والمحاضرات والورش العلمية، رسّخ اجتماع نيويورك السنوي مكانته كأكبر تجمع عالمي لطبّ الأسنان، وكمنصّة تُختبر فيها التقنيات التي ستعيد رسم ملامح المهنة في السنوات المقبلة. كما يقول ويليام جيمس، مؤسس الفلسفة البراغماتية الأميركية، إنّ أميركا ليست مكاناً، بل تجربة في صناعة المستقبل... وفي نيويورك تحديداً، يبدو مستقبل طبّ الأسنان قد بدأ بالفعل.


دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)

أدت الزيادة الكبيرة في أعداد الأقمار الاصطناعية المتمركزة في مدار منخفض حول الأرض إلى تطورات في مجال الاتصالات، منها توفير خدمات النطاق العريض في المناطق الريفية والنائية في أنحاء العالم.

لكنها تسببت أيضا في زيادة حادة في التلوث الضوئي في الفضاء، ما يشكل تهديدا لعمل المراصد الفلكية المدارية. وتشير دراسة جديدة أجرتها إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) وتركز على أربعة تلسكوبات فضائية، منها تلسكوبان يعملان حاليا وآخران يجري العمل عليهما، إلى أن نسبة كبيرة من الصور التي سيجري التقاطها بواسطة هذه المراصد على مدى العقد المقبل قد تتأثر بالضوء المنبعث أو المنعكس من الأقمار الاصطناعية التي تشترك معها في المدار المنخفض.

وخلص الباحثون إلى أن نحو 40 بالمئة من الصور التي يلتقطها تلسكوب «هابل» الفضائي ونحو 96 بالمئة من تلك التي يلتقطها مرصد «سفير إكس»، يمكن أن تتأثر بضوء الأقمار الاصطناعية. وقال الباحثون إن «هابل» سيكون أقل تأثرا بسبب مجال رؤيته الضيق.

والتلسكوبات المدارية عنصر أساسي في استكشاف الفضاء، نظرا لما تمتلكه من قدرة على رصد نطاق أوسع من الطيف الكهرومغناطيسي مقارنة بالتلسكوبات الأرضية، كما أن غياب التداخل مع العوامل الجوية يمكنها من التقاط صور أكثر وضوحا للكون، مما يتيح التصوير المباشر للمجرات البعيدة أو الكواكب خارج نظامنا الشمسي.

وقال أليخاندرو بورلاف، وهو عالم فلك من مركز أميس للأبحاث التابع لوكالة ناسا في كاليفورنيا وقائد الدراسة التي نشرت في مجلة نيتشر «في حين أن معظم تلوث الضوء حتى الآن صادر من المدن والمركبات، فإن زيادة مجموعات الأقمار الاصطناعية للاتصالات بدأ يؤثر بوتيرة أسرع على المراصد الفلكية في جميع أنحاء العالم».

وأضاف «في الوقت الذي ترصد فيه التلسكوبات الكون في مسعى لاستكشاف المجرات والكواكب والكويكبات البعيدة، تعترض الأقمار الاصطناعية في كثير من الأحيان مجال الرؤية أمام عدساتها، تاركة آثارا ضوئية ساطعة تمحو الإشارة الخافتة التي نستقبلها من الكون. كانت هذه مشكلة شائعة في التلسكوبات الأرضية. ولكن، كان يعتقد، قبل الآن، أن التلسكوبات الفضائية، الأكثر كلفة والمتمركزة في مواقع مراقبة مميزة في الفضاء، خالية تقريبا من التلوث الضوئي الناتج عن أنشطة الإنسان».

وفي 2019، كان هناك نحو ألفي قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض. ويبلغ العدد الآن نحو 15 ألف قمر. وقال بورلاف إن المقترحات المقدمة من قطاع الفضاء تتوقع تمركز نحو 650 ألف قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض خلال العقد المقبل.